- ندوات تلفزيونية / ٠01برنامج ويتفكرون - قناة ندى
- /
- ٠1ويتفكرون 1
من آيات الله الدالة على عظمته أنه خلق لنا من أنفسنا أزواجاً :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد وعلى آله وصحبه أجمعين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، و ارضَ عنا وعنهم رب العالمين .
أيها الأخوة المشاهدون ؛ من آيات الله الدالة على عظمته أن الله سبحانه وتعالى خلق لنا من أنفسنا أزواجاً ، هذه الآية وردت في السياق التالي :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
السموات والأرض مصطلح قرآني نعني به الكون ، والكون ما سوى الله ، قال تعالى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ ﴾
الآن ندقق ، ومن آياته ، أي كما أن الكون من آياته ، وكما أن الشمس والقمر من آياته ، وكما أن الليل والنهار من آياته أيضاً قال تعالى :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا ﴾
ما العلة الأساسية في الزواج ؟ قال : لتسكنوا إليها ، علة السكنى ، ماذا تعني السكنى؟ الحقيقة أن الرجل له خصائص ، والمرأة لها خصائص ، لكن قبل هذه الخصائص المرأة و الرجل متساويان تماماً في التكليف ، وفي التشريف ، وفي المسؤولية ، ولكن إذا قال تعالى :
﴿ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى ﴾
هناك خصائص ، خصائص المرأة الفكرية والجسمية والنفسية والاجتماعية كمال مطلق للمهمة التي أنيطت بها ، وخصائص الرجل الفكرية والنفسية والاجتماعية والجسمية كمال مطلق للمهمة التي أنيطت به ، الآن الآية :
﴿ وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا ﴾
علة السكنى ؟ قال تعالى :
﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾
أي حينما تأتي المرأة موافقة لطلب الرجل ، ولطموحه في الزواج ، يسكن إليها ويرتاح فيكون قد حقق هدفه من الزواج ، والمرأة كذلك . قال تعالى :
﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾
المودة بين الزوجين من خلق الله عز وجل :
أيها الأخوة الكرام ؛ هذه المودة بين الزوجين من خلق الله عز وجل ، قال تعالى :
﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾
فالأصل في العلاقات الزوجية المودة والرحمة ، فإذا كان هناك شقاق وعداء شديد ، هذه حالة مرضية شديدة ، فالمودة و الرحمة الأصل في كل زواج ، لأن المودة والرحمة من خلق الله عز وجل ، تخلق خلقاً عند الزوج وعند الزوجة ، قال تعالى :
﴿ وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً ﴾
والحقيقة أن المودة تتأتى من تحقيق هدف الرجل من الزواج ، المودة أحبها ، بالتعبير الدقيق المودة سلوك يعبر به عن الحب ، الحب هو الأصل بين الزوجين ، لكن الذي يعبر عن الحب المودة ، الابتسامة مودة ، الهدية مودة ، طرح السلام بالدخول إلى البيت مودة ، الثناء على طبخ الزوجة مودة ، هذه كلها مودة ، أما الحب فهو حالة نفسية تعيشها الزوجة والزوج معاً ، لذلك هذه المؤسسة هي الأصل في نمو البشرية - الأسرة - وأي نظام أهمل جانب الأسرة هذا يؤدي إلى ضياع المجتمع ، وأي نظام أكد جانب الأسرة هذا النظام يرقى بالمجتمع ، لأن الله عز وجل حينما خلق الذكر والأنثى جعل نظام الأسرة ، لا يوجد علاقة بالإسلام خارج نطاق الأسرة بين الذكر والأنثى إلا و تصبح معصية ، فلذلك ضبط الأنساب ، وضبط الأشخاص ذكور وإناث في الزواج هو منهج أساسي في الدين ، بل إن الأسرة أصل في المجتمع، إن صلحت صلح المجتمع ، وإن فسدت فسد المجتمع ، والأسرة أقل مؤسسة اجتماعية في الحياة ، فكلما اعتنينا بالأسرة كلما اعتنينا بالزواج .
اتباع الشهوة وفق هدى الله سبب ارتقاء الإنسان إلى رب الأرض و السماء :
كلما بكرنا بالزواج الآن أنا أرى هذا التبكير ضماناً للمجتمع ، لأن هذه الشهوة أودعها الله بالإنسان ، وجعل لها قناة نظيفة طاهرة ، بل ما من شهوة أودعها الله بالإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ، بالدين لا يوجد حرمان ، والآية تقول :
﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ﴾
الذي يتبع هواه ، يتبع شهوته وفق هدى الله لا شيء عليه .
يجب أن نعلم علم اليقين مرة ثانية أن الشهوات ما أودعت فينا إلا لنرقى بها إلى رب الأرض والسموات ، كيف أن المركبة فيها محرك ، الشهوة محرك ، والشرع الطريق ، والعقل المقود ، فالعقل مهمته أن يبقي المركبة على الطريق المعبد ، الطريق المعبد هو الشرع ، والشهوة هي القوة المحركة ، أما هذه القوة المحركة إذا ألغينا العقل معها فهي قوة مدمرة ، ألغينا الطريق قوة مدمرة ، إذاً الشهوات محرك ، الإنسان إن لم يشتهِ شيئاً لا يفعل شيئاً ، كل حركة الإنسان في الأرض بدافع الشهوات ، لكن هذه الشهوات إذا تحركنا بها وفق منهج الله ترقى بنا إلى رب الأرض والسموات .
اتباع تعليمات الله ضمان لسلامتنا و سعادتنا و استمرارنا :
لذلك لا يوجد شيء إلا وله وظيفة كبيرة جداً ، ولا يوجد شيء يمكن أن يكون مخلوقاً لغير هدف كبير ، لذلك العقل البشري لا يقبل شيئاً إلا بسبب كما أنه لا يقبل شيئاً إلا بغاية ، غاية الزواج أن هذا النوع البشري يزداد ، الإنسان لماذا يأكل ويشرب ؟ حفاظاً على بقائه كفرد، شيء واضح جداً من دون أن يشعر لماذا يبحث عن زوجة ؟ أودع الله في الإنسان الزواج حاجة أساسية ، الزواج لبقاء النوع ، ولولا الزواج لما بقي هذا النوع واندثر ، الآن هناك حالة ثالثة ؛ أكل وشرب حافظ على بقائه كفرد ، الآن تزوج وأنجب حافظ على بقاء النوع ، عنده حاجة ثالثة اسمها تأكيد الذات ، بقاء الذكر ، هذا هو التفوق ، لولا التفوق لما كان هناك عباقرة، لما كان هناك علماء ، الله عز وجل جعل معظم الناس بوسط معقول ، أما خمسة بالمئة فعندهم طاقات كبيرة جداً هم العباقرة والعلماء والمخترعون ، وهناك طبقة مستواها أقل مما ينبغي ، إذاً هذا المنعكس كشفه عالم سوفيتي موغوس ؛ كل شيء في الحياة تسعون بالمئة وسطاً ، خمسة بالمئة تفوقاً ، خمسة بالمئة تخلفاً ، هذه لحكمة بالغة بالغة .
إذاً نحن حينما نعرف سرّ وجودنا ، وغاية وجودنا ، وعلة وجودنا ، نبحث عن خالقنا، وعن منهج خالقنا ، الإنسان أعقد آلة في الكون ، ولهذه الآلة صانع عظيم ، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة ، فانطلاقاً من حرصنا على سلامتنا ، وعلى سعادتنا، وعلى استمرارنا ، ينبغي أن نتبع تعليمات الصانع ، وأرجو الله عز وجل أن نكون قد أدينا شيئاً من تحقيق الذات في موضوع الأسرة ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .