وضع داكن
28-03-2024
Logo
برنامج ويتفكرون - الحلقة : 23 - المنعكسات الشرطية و بوابات الألم من آيات الله الدالة على عظمته
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

المنعكسات من الآيات الدالة على عظمة الله في خلق الإنسان :

 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وصحبه أجمعين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته، و ارضَ عنا وعنهم رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
 أيها الأخوة المشاهدون ؛ لازلنا في الآيات الدالة على عظمة الله من خلال خلق الإنسان ، هذا الإنسان هو المخلوق الأول ، قال تعالى :

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾

[ سورة التين: 4]

 إذاً كمال مطلق في خلقه ، فالإنسان حينما يريد شيئاً يحتاج إلى حركة ، الأمر يصدر من الدماغ ويسري في الأعصاب الناقلة للأمر إلى العضلات ، لكن هناك أمراً خطيراً جداً ينبغي أن يلبى سريعاً مثل هذه الأوامر تصدر من النخاع الشوكي مباشرة سماها العلماء المنعكس ، فالطفل حينما يولد ، الآن ولد لا يوجد قوة في الأرض تستطيع تعليمه شيئاً ، هل يستطيع الأب أن يخاطب ابنه الذي ولد لتوه أن يا بابا ضع شفتيك على ثدي امك ثم أحكم الإغلاق واسحب الهواء ؟ مستحيل ، الطفل الآن ولد ، لمجرد أن يضع شفتيه على حلمة ثدي أمه يحكم الإغلاق يسحب الهواء فيأتيه الحليب ، العملية المعقدة جداً سماها العلماء : منعكس المص . قد لا تصدقون أيها الأخوة ؛ أن هذا المنعكس لو لم يكن لما كانت حياة على وجه الأرض للبشر ، تنتهي حياتهم ، الطفل الآن ولد هل تستطيع أن تعلمه كيف يمص ثدي أمه ؟ مستحيل ، هل بإمكان الأب أن يعلمه ؟ لو لم يملك هذا الطفل المولود لتوه خصائص آلية تعينه على مص ثدي أمه لما عاش ، إذاً منعكس المص من خصائص هذا الإنسان حديث الولادة ، المنعكسات كثيرة .
 إنسان يمشي في الطريق لامست يده جمرة أو دخينة مشتعلة يسحبها رأساً ، الأمر لا يأتي من الدماغ يأتي من العمود الفقري مباشرة ، هذه سماها العلماء منعكسات ، استجابة سريعة جداً لأثر له نتائج خطيرة .

 

حليب الأم من آيات الله الدالة على عظمته :

 من هنا أيها الأخوة ؛ هذا من كمال خلق الإنسان ، هذا المنعكس منعكس المص لولاه لما كان حياة على وجه الأرض ، ولما عاش إنسان في وجه الأرض ، قد تستغرب أن منعكساً واحداً سبب وجود الإنسان في الأرض ، هذه من عظمة الله عز وجل ، إذاً قال تعالى :

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾

[ سورة التين: 4]

 وهناك منعكسات كثيرة جداً ؛ أهمها منعكس المص ، لذلك ثبت حديثاً أن أفضل غذاء على الإطلاق حليب الأم ، فيه معادن ، فيه فيتامينات ، من منا يصدق أن هذا الحليب ، حليب الأم تتبدل تراكيبه كل ساعة ، بل تتبدل في الرضعة الواحدة ، يبدأ الحليب في البداية ستين بالمئة ماء ، وأربعين بالمئة مواد دسمة ، في نهاية الإرضاع ستون بالمئة مواد دسمة وأربعون بالمئة ماء ، فلذلك حليب الأم من آيات الله الدالة على عظمته . شيء آخر دقيق جداً أن الذكاء في علم النفس يشير إلى أن الأطفال الذين يرضعون من ثدي أمهاتهم أشدّ ذكاء من غيرهم ، لأن هناك خطأ عبر عنه الله عز وجل بقوله : "يغيرون خلق الله" ، الأصل أن هذا الطفل يأخذ حليب أمه ، إذا أعطي حليب الزجاجات هناك مشكلة كبيرة جداً ، لذلك المرأة التي يهمها أن يكون ابنها كاملاً في خلقه ينبغي أن ترضعه وإلا وقعنا في خطأ كبير .

 

بوابات الألم :

 أيها الأخوة الكرام ؛ ومن آياته أيضاً الدالة على عظمته في خلق الإنسان ما يسمى ببوابات الألم ، ما الذي يحصل لو أن شيئاً مؤلماً مس جلد الإنسان ؟ يسحب يده فوراً ، لماذا ؟ لأن هذا الشيء المؤلم نقلته أعصاب الحس إلى العمود الفقري تمهيداً لوصوله إلى الدماغ ، لأنه مؤلم العمود الفقري يعطي الرد فيسحب يده ، هذه العملية التي تتبدى سريعاً جداً سماها العلماء المنعكسات الشرطية ، هذا من عظمة خلق الإنسان ، ولكن الذي نريد أن نقوله : قد يصيب الإنسان ألماً شديداً جداً ، ومع ذلك يكون الألم محتملاً ، والألم نفسه مع إنسان آخر لا يحتمله ، أذكر مرة أن مريضاً في مستشفى أصابته آلام لا تحتمل ، بقي صامداً وهادئاً ، وكلما دخل عليه زائر يقول له : اشهد أنني راض عن الله ، يا رب لك الحمد ، الذي يلفت النظر أن أطباء هذه المستشفى جاءهم مريض مصاب بالمرض نفسه ملأ الدنيا صياحاً وضجيجاً ، ما الذي حصل ؟ لماذا هذا بقي هادئاً ساكتاً متوازناً ؟ اكتشف العلماء أن هناك ما يسمى ببوابات الألم ، فالألم في طريق سيره من الجلد إلى النخاع الشوكي هناك بوابات إذا أغلقت ألغت تسعة أعشار الألم ، وإذا انفتحت يتضاعف هذا الألم إلى عشرة أضعاف . الشيء الدقيق في هذا الموضوع كلمة جاءت في نهاية هذا البحث العلمي ، وأنا أؤمن أن الذي كشف هذا البحث لا علاقة له بالإسلام إطلاقاً ، ولا بالقرآن أصلاً ، هناك بوابات للألم ، هو ماذا قال في نهاية البحث ؟ الذي يلفت النظر أن الحالة النفسية للمريض تتحكم ببوابات الألم ، لو أردنا ترجمتها إلى الإسلام ؛ المؤمن يعلم أن الله يحبه ، وأن هذا المرض لمصلحته ، فيستسلم لقضاء الله وقدره ، هذه الحالة النفسية الراضية لقضاء الله وقدره تعين على تخفيف الألم إلى العشر تقريباً ، تفتح بوابات الألم ، والذي هو بعيد عن الله عز وجل لا يرى حكمة الله ، ولا يرى معالجته له ، يخرج عن طوره ، تفتح هذه البوابات ، الآلام تتضاعف عشرة أضعاف ، لذلك الإيمان له علاقة جداً بحجم الآلام ، المرض نفسه يصيب إنساناً مؤمناً يراه معالجة من الله عز وجل ، إنسان آخر يراه شيئاً آخر ، كيف أن هذه المركبة صنعت لتسير، علة صنعها السير ، لماذا في المركبة مكابح ؟ هي ضمان لسلامتها ، فالإنسان خلق للسعادة أما إذا غفل عن الله فيحتاج إلى مؤدبات ، إلى معالجات ، هذه المعالجات مؤلمة ، لذلك من فضل الله على المؤمن أن هذه المعالجة المؤلمة يخف ألمها عنده بوجود بوابات الألم ، وتلك المعالجة المؤلمة يتضاعف ألمها بهذه البوابات التي فتحت على مصراعيها .
 لذلك بحث بوابات الألم من أدق الأبحاث في تأثر الإنسان بالآلام التي تصيبه .

 

تعظيم الله من خلال التفكر في أجسامنا :

 أرجو الله سبحانه وتعالى أن نلتفت إلى الله ، إذا أردت أن تعرف الله انظر إلى خلق جسمك ، قال تعالى :

﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

[ سورة الذاريات: 21 ]

 أقرب شيء إليك طعامك ، وشرابك ، ونومك ، واستيقاظك ، وراحتك ، وألمك ، كله أدلة دالة على عظمة الله عز وجل .
 أرجو الله عز وجل أن يعيننا على فهم خصائص أجسامنا كي نعظم ربنا كما قال تعالى :

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾

[سورة آل عمران: 190]

 وقال أيضاً :

﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾

[ سورة الذاريات: 21 ]

إخفاء الصور