- ندوات تلفزيونية / ٠01برنامج ويتفكرون - قناة ندى
- /
- ٠1ويتفكرون 1
التيموس من أخطر غدد الإنسان و هي من آيات الله العظيمة :
بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين .
أيها الأخوة المشاهدون ؛ لا زلنا في الآيات الدالة على عظمة الله عز وجل ، ننتقل من آيات الأكوان إلى خلق الإنسان ، قال تعالى :
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾
أحسن اسم تفضيل ، والإنسان من صنعة الله عز وجل ، وكومضة سريعة الجهة الوحيدة التي تعلم ما الذي يسعد هذا الإنسان وما الذي يشقيه هي الجهة الصانعة ، فلذلك المؤمن يتبع تعليمات الصانع ، إذا كان حريصاً حرصاً لا حدود له على سلامته ، وعلى سعادته، الآيات الدالة على عظمة الإنسان في جسم الإنسان لا تعد ولا تحصى ، ولكن غدة صغيرة صغيرة إلى جانب القلب ، لو فتحت كتب الطب قبل عشرين عاماً تفاجأ أنه كتب إلى جانبها : لا وظيفة لها ، فكيف حكم الأطباء قبل عشرين عاماً أن هذه الغدة لا وظيفة لها ؟ لأن هذه الغدة تضمر وتتلاشى بعد سنتين إذاً لا وظيفة لها ، ثم اكتشف أن هذه هي أخطر غدة في الإنسان ، إنها التيموس ، لا يزيد حجمها عن سلامية من سلاميات الأصبع، ما هي ؟
إذا دققنا في هذا الموضوع نجد أن هذه الغدة هي أخطر غدة في جسم الإنسان ، ما وظيفتها ؟ إنها مدرسة حربية ، من المسلمات أن في الدم كريات حمراء وبيضاء ، الكريات البيضاء هي جيش بكل معاني الكلمة ، جيش له قيادته ، وله خططه ، وله أدواته ، وله نتائجه، والموضوع طويل جداً ، لكن يعنينا من هذا الجيش أن الكريات البيضاء في هذا الجيش هي جنود دفاعية وهجومية في وقت واحد ، لكن هؤلاء الجنود يجهلون من هو العدو ومن هو الصديق ، كجندي في ساحة المعركة ، معه سلاح فتاك ، ولكن لا يدري من هو الصديق ومن هو العدو ، فلعله يقتل صديقاً أو يسالم عدواً ، فلا بد لهذا الجيش العرمرم من أن يخضع لدورة تدريبية ، هذه الكريات البيضاء الجنود المدافعة عن الإنسان تخضع لهذه الدورة .
تبقى الكريات البيضاء في التيموس سنتين كاملتين ، وفي هاتين السنتين الكاملتين تتعرف إلى العدو وإلى الصديق ، و حينما تتخرج لا بد من امتحان ، وهذا الذي يلفت النظر البحث دقيق جداً ، هذه الكرية البيضاء عند التخرج تعطى عنصراً صديقاً فإذا قتلته خطأً ترسب ولا تنجح بل وتقتل وتنتهي ، وتعطى كرية أخرى عنصراً عدواً فإن لم تقتله ترسب وتقتل ، الخريجات الناجحات اللواتي عرفن الصديق من العدو ، هؤلاء الكريات البيضاء الخريجات تتولى تعليم الأجيال القادمة ، أما هذه الوجبة الأولى فتعلمت بكلية حربية ، وانتهت وظيفة الكلية الحربية وأغلقت أبوابها ، الآن الأجيال المتخرجة من هذه الكلية الحربية التيموس هذه تتعرف إلى العدو والصديق ذاتياً ، وتنقل هذه المعرفة إلى الأجيال الصاعدة ، الذي يحصل أنه في آخر العمر بعد الستين تقريباً يضعف هذا التعليم ، أي يشتبه على الكرية البيضاء من هو العدو ومن هو الصديق ، فينشأ ما يسمى الآن حرباً أهلية بين الأصدقاء والأعداء ، هذا التيموس من أخطر غدد الإنسان ، وهو غدة صغيرة إلى جانب القلب .
هذا الجهاز الصغير المدرسة الحربية هي قوام حياة الإنسان ، لولا هذا الجهاز لانتهى الإنسان بوقت مبكر لمجرد إصابته بمرض واحد ، أما هذه الأمراض حينما تأتي فتتشكل لها مناعات ، هذه المناعات تحفظ في ذاكرة هذه الجهاز .
الإنسان بخلقه ووظائفه أكبر آية تدل على الله عز وجل :
لذلك أيها الأخوة الكرام ؛ كلمة التيموس تعني غدة صغيرة إلى جانب القلب ، هي في الحقيقة مدرسة حربية تتعلم بها الكريات البيضاء المقاتلة من هو الصديق ومن هو العدو ، قال تعالى :
﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾
هذا الإنسان بخلقه ، بأجهزته ، بأنسجته ، بوظائفه ، هذا أكبر آية تدل على الله عز وجل ، قال تعالى :
﴿ وَفِي أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ ﴾
لذلك أيها الأخوة الكرام ؛ التفكر في خلق السموات والأرض هو أقصر طريق وأوسع باب لمعرفة الله عز وجل .
الشعر من آيات الله الدالة على عظمته :
ومن آيات الله الدالة على عظمته هذا الشعر الذي في رؤوسنا ، والحقيقة الدقيقة أن متوسط عدد الشعرات في رأس الإنسان العادي طبعاً ثلاثمئة ألف شعرة ، من يصدق أن لكل شعرة من هذه الشعرات وريد وشريان وعصب وعضلة وغدة دهنية وغدة صبغية ، الوريد يعطيه الدم المغذي ، والشريان ، والعصب يحرك ، والعضلة أداة التحريك ، وغدة دهنية هناك دهن في الشعر ، وغدة صبغية لونه أسود ، ستة أجهزة متعلقة بكل شعرة .
قال تعالى :
﴿ هَذَا خَلْقُ اللَّهِ فَأَرُونِي مَاذَا خَلَقَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ﴾
الإنسان هو المخلوق الأول عند الله إن عرف سرّ و غاية وجوده :
وأنا أكاد أقول حينما قال الله عز وجل :
﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾
لكن إذا عرف الله ، وعرف سرّ وجوده ، وغاية وجوده ، واتبع منهج ربه ، هو المخلوق الأول عند الله ، لذلك قال سيدنا علي : " رُكِّب الملَك من عقل بلا شهوة ، وركِّب الحيوان من شهوة بلا عقل ، وركِّب الإنسان من كليهما ، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة ، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان ".
لذلك هذا الإنسان يرقى ويرقى ويرقى ويسمو ولا ترى رقيه ، يتضاءل أمامه كل عظيم، ويسقط ويسقط ويسقط ولا ترى سقوطه ، يتعاظم عليه كل حقير ، من هنا الإنسان إما أنه فوق الملائكة أو دون أحقر حيوان ، قال تعالى :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُوْلَئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ ﴾
أي خير ما برأ الله ، قال تعالى :
﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَالْمُشْرِكِينَ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أُوْلَئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ﴾
فبين أن تكون من خير البرية أو من شر البرية أن تفكر في خلق السموات والأرض، أن تبحث عن منهج الله ، أن تسأل عن سرّ وجودك ، وغاية وجودك ، ولماذا أنت في الدنيا ؟ وما الموت ؟ وماذا بعد الموت ؟ ولماذا خلقت ؟ لقد خلقت لجنة عرضها السموات والأرض ، قال تعالى :
﴿ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ ﴾
أرجو الله سبحانه وتعالى أن ينفعنا بما علمنا ، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .