وضع داكن
28-03-2024
Logo
عطر السنة - الندوة : 15 - صلة الرحم 1- صلة الرحم تتمثل بحرص الإنسان على سلامته و سعادته .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

مقدمة :

المذيع:
أعزائي المشاهدين السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ، أرحب بكم أجمل ترحيب في حلقة جديدة من برنامجكم :" عطر السنة "، نستتشق فيه عبير النبوة الفواح من فم أستاذنا الكريم الدكتور محمد راتب النابلسي ، مرحباً بكم أستاذنا عطرت البرنامج .
الدكتور راتب :
بارك الله بكم ونفع بكم .
المذيع:
أعزائي المشاهدين حديثنا اليوم عن عبير كريم من فم النبي صلى الله عليه وسلم وهو حديث عظيم عن صلة الرحم :

(( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك]

حياكم الله أستاذنا ، النبي صلى الله عليه وسلم عظم من شأن صلة الرحم فجاء بهذا الحديث الكريم :

(( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك]

ما معنى أن ينسأ له في عمره ؟

 

العمل الصالح علة وجود الإنسان في الحياة الدنيا :

الدكتور راتب :
الحقيقة أن العمر يقيّم بحجم العمل الصالح ، لأن حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح ، لو أن إنساناً فتح دكانه ، وباع خلال ساعة بمليون ليرة ، إنسان آخر فتح عشر ساعات وباع بمئة ليرة ، الزمن لا قيمة له إطلاقاً ، العمر قيمته بمضمونه ، قيمته بالعمل الصالح الذي يحتويه ، والإنسان علة وجوده في الدنيا العمل الصالح الذي ثمنه الجنة :

﴿ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة النحل : 32]

فبين أن يظن الإنسان أنه جاء إلى الحياة ليعمل أو لا ليعمل ، وبين أن يأتي إلى الدنيا وهو يعلم علم اليقين أن علة وجوده في الدنيا العمل الصالح ، والدليل :

﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ﴾

[ سورة المؤمنون: 99-100]

فهذا المعنى حينما يفهم الإنسان سرّ وجوده ينطلق إلى العمل الصالح كل يوم ، في صلاة الفجر بالدعاء : اللهم هب لنا عملاً صالحاً يقربنا إليك .
المذيع:
هناك من يبرر صلة الرحم على أنها مبنية على المصلحة التي أخذها الإنسان من أرحامه ولكن بالمعنى الإسلامي ليس الحديث هنا عن المصالح بل الحديث عن المبادئ .

 

بناء صلة الرحم على الإنسانيّة لا على العنصريّة :

الدكتور راتب :
أولاً الآية تقول :

﴿ وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا ﴾

[سورة النساء: 21]

أي أقدس عقد في الحياة عقد الزواج ، عقد مقدس ، وهذا العقد من لوازمه أن نصل كل من ينتمي إلى أطرافه ، أطراف العقد الأب والأم ، حتى قيل لك : الآباء ثلاثة ، أب أنجبك، وأب زوجك ، وأب دلك على الله ، فالإنسان حينما يتعامل مع أهل زوجته على أنهم أهله تكون العلاقة طيبة ، فالإنسان إما أن يكون إنسانياً أو أن يكون عنصرياً ، حينما يمضي سهرة بأكملها يسخر من أم زوجته ، فإن تكلمت امرأته كلمة عن أمه أقام عليها الدنيا ، هو عنصري ، العنصرية بالإنسان صفة قبيحة جداً ، فإما أن يكون إنسانياً يرى لغيره ما له ، ويرى عليه ما على غيره ، فإذا توهم أن له ما ليس لغيره ، وأن على غيره ما ليس عليه ، مادام هناك عنصرية في الأرض الحروب لا تقف ، والنزاعات لا تقف .
المذيع:
أستاذنا الكريم ما هي الرحم ؟

 

التعريف بصلة الرحم :

الدكتور راتب :
والله أنا أفهم هذه الآية مطلق الأقارب من دون تحديد من طرف الأب أو الأم .
المذيع:
طبعاً هناك أشياء واجبة ، مستحبة ، ما المطلوب منا تجاه أرحامنا ؟

تمتين العلاقة الإنسانية تجاه أرحامنا :

الدكتور راتب :
لعلي أفهم أن المراد الإلهي إذا كان الأول غنياً والثاني فقيراً فتعني صلة الرحم أن يعطي الغني للفقير 

إن كان الأول عالماً والثاني في طريق العلم أن يعطيه من علمه ، إما من علمه ، أو من ماله ، أو من مودته ، هذه الصلة بين أطراف الرحم ، بين أصدقاء الأم أو الأب، هذه الصلة تمتن العلاقة الإنسانية ، هناك دوائر كلما أخذنا بهذا الأمر الإلهي والنبوي في آن واحد تتسع دوائر الحق ، وكلما ابتعدنا عن هذا الأمر تضيق دوائر الحق وتتسع دوائر الباطل .
المذيع:
أستاذنا الكريم النبي صلى الله عليه وسلم يقول :

(( مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ ))

[ متفق عليه عن أنس بن مالك]

هذه الرغبات فطرية سعة الرزق وطول العمر ؟

 

حرص الإنسان على سلامته و سعادته :

الدكتور راتب :
ما من إنسان إلا ويتمنى أن يعيش عمراً مديداً ، لأن في الأرض الآن سبعة مليارات ومئتي مليون ، ما منهم واحد إلا وهو حريص لا حدود له على سلامته ، وعلى كمال وجوده ، وعلى استمرار وجوده ، فالسلامة بالاستقامة والسعادة بالعمل الصالح :

﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾

[ سورة فاطر: 10]

وأما استمرار وجوده فبتربية أولاده ، الإنسان إذا ربى أولاده ، وربى من حول أولاده أولاد أخوته ، أولاد أخواته، أحفاده ، هذه الأسرة بشطريها الأم والأب ، وبأطرافها الأولاد والبنات والأصهار والكنائن ، هذا الجمع الغفير من هذه الشجرة الطيبة ، هذه مأمورة بأكملها بالتواصل ، والتواصل درجات ، قد يبدأ التواصل باتصال هاتفي ، وقد يتبعه زيارة ، وقد يتبع هذه الزيارة تفقد الأحوال ، إنسان زار أخته ، كيف حال أولادك ؟ كيف دراستهم ؟ كيف منهجهم بالجامعة ؟ أي فرع اختاروا ؟ كيف حال ابنك الذي يعمل في المتجر ؟ هل دخله كاف ؟ ما وضع زواجه ؟ الحقيقة أن المقصود من هذه الزيارة ، نحن قد نفهمها أحياناً أنك أنت تطرق بابه بالعيد لم تجده تضع له بطاقة ، هذا فهم سقيم جداً ، وضعيف جداً ، أن تحرص على ألا تجلس معه .المذيع:
أستاذنا الكريم يقال : صلة الرحم روح وليست علاقة جوفاء ، يقودنا هذا لاشك إلى أن الأرحام ليست على درجة واحدة من الحقوق ، والإنسان كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(( إنكم لن تَسَعوا الناس بأموالكم، فليسعهم منكم بَسْط الوجه وحسنُ الخلق ))

[أبو يعلى وابن أبي شيبة عن أبي هريرة ]

فلا شك أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل للأرحام حقوقاً وهم ليسوا سواء في حقوق لقربهم أو بعدهم عن الإنسان ، ما هو أوجب شيء في صلة الرحم ؟

 

على الإنسان أن يصنع المعروف مع أهله و مع غير أهله :

الدكتور راتب :
أنا أذكر هذه القاعدة : اصنع المعروف إلى من هو أهله ، وإلى غير أهله ، فإن أصبت أهله ، أصبت أهله ، وإن لم تصب أهله ، كنت أنت أهله

أنا ينبغي أن أفعل الخير مع من يستحق ومع من لا يستحق ، الذي لا يستحق قد يتألم في أعماقه كيف واجهني بهذه الجفاء عندما وصلته ؟ لكن لعله في المرة الثانية يكن في وضع أفضل ، فالحقيقة مرة إنسان دخل في الجامعة ولم ينجح فترك الدراسة ، جالس رأى نملة صعدت على حائط إلى مسافة متر ثم وقعت أعادت المحاولة عدّ المحاولات فكانت ثلاثاً وأربعين محاولة ، فاستحيا من النملة وتابع الدراسة .
المذيع:
أستاذنا الكريم في حديث النبي صلى الله عليه وسلم أو هناك أحاديث كثيرة عن صلة الرحم منها هذا الحديث يقول النبي صلى الله عليه وسلم :

((ليس الواصلُ بالمكافئ ....))

[البخاري عن عبد الله بن عمرو بن العاص]

ما معنى هذا الحديث ؟

 

أكبر نشاطات الإنسان أن يتصل بأرحامه :

الدكتور راتب :
زارك في العيد ترد له الزيارة ، هذه المكافأة ، لكن من هو صاحب الفضل الكبير ؟ من إذا قطعه أقرباؤه فوصلهم ، أن تصل من قطعك ، وأن تعطي من حرمك ، وأن تعفو عمن ظلمك .

(( أَمَرَنِي رَبِّي بِتِسْع : خَشْيَةِ الله في السِّرِّ والعلانية ، وكلمة العدل في الغضب والرضا ، والقصد في الفقر والغنى ، وأن أَصِلَ مَنْ قَطَعَنِي ، وأعطي مَنْ حَرَمَنِي ، وأعْفُوَ عَمَّنْ ظَلَمَنِي ، وأن يكون صَمْتي فِكْرا ، ونُطْقِي ذِكْرا ، ونظري عبرة ))

[زيادات رزين عن أبي هريرة]

الحقيقة أحد أكبر نشاطات الإنسان أن يتصل بأرحامه بشتى أنواع الاتصالات ، أقلها اتصال هاتفي بعدها زيارة ، بعدها تفقد ، بعدها مساعدة ، قد تكون علمية ، وقد تكون مادية ، وقد تكون اجتماعية .
المذيع:
أستاذنا لا شك أن صلة الرحم تبدأ بالمودة القلبية والمحبة الداخلية لهذه الأرحام، هناك كثير من الناس من يظن أن صلة الأرحام فقط مجرد زيارات أو تفقدات وقد يكون القلب جافياً ؟

 

الود هو التعبير المادي عن الحب :

الدكتور راتب :
أنا أعتقد يقيناً أن المودة بين الأقرباء من خلق الله تعالى :

﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمَنُ وُدّاً ﴾

[سورة مريم: 96]

والحقيقة الود هو التعبير المادي عن الحب ، في الداخل يوجد حب ، الحب ينعكس زيارة ، ينعكس هدية تقدم ، ينعكس ابتسامة ، ينعكس سلاماً حاراً ، فكل المظاهر المادية هي ود، أما هذا الود فينطوي على الحب ، لكن الحب كيف يكون ؟ يكون الحب حينما تتشابه السمات والصفات ، كلما كثر تشابهها الحب ازداد . 

خاتمة و توديع :

المذيع:
نسأل الله أن يجعل لنا ولكم وداً في قلوب المؤمنين ، جزاك الله خيراً أستاذنا ، بارك الله فيكم ، نشكركم على هذا العبير الكريم ، نسأل الله أن ينفعنا ، وأنتم أعزائي المشاهدين كذلك أشكركم على حسن المتابعة ، ألقاكم في حلقة قادمة ، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته . 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور