وضع داكن
23-04-2024
Logo
رمضان 1435 - خواطر إيمانية - الدرس : 27 - ليلة القدر - معرفة الله .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آل بيته الطيبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألويته ، وارضَ عنا وعنهم يا رب العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .

معاني ليلة القدر :

 أيها الأخوة الكرام ؛ ليلة القدر تستنبط معانيها من قوله تعالى :

﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾

[ سورة الزمر الآية : 67]

 يتبين أن ليلة القدر مشتقة من معرفة الله ، وأصل الدين معرفة الله ، إنك إن عرفت الآمر ثم عرفت الأمر تفانيت في طاعة الآمر ، أما إذا عرفت الأمر ولم تعرف الآمر تفننت في معصيته، وكأنني أضع يدي على مشكلة المسلمين الأولى ، الأمر معروف ضمن مناهجنا بالتربية الدينية في الابتدائي ، والإعدادي ، والثانوي ، والجامعة ، أما الآمر فهناك ضعف في معرفته ، عندما صار هناك ضعف في معرفته صار هناك تفلت في معصيته ، وهذه المشكلة الأولى ، فلذلك :

﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ﴾

 هناك إشارة لطيفة : طريقة معرفته الأولى ، الشيء الثابت الأول هو الكون ، هذا الكون يشف عن وجوده ، وعن وحدانيته ، وعن كماله ، ويمكن أن يشف أيضاً عن أسمائه الحسنى ، اسم الرحيم ، اسم العليم ، اسم الغني ، اسم القوي ، فهذا الكون هو يشف عن أسماء الله الحسنى وصفاته الفضلى ، ويشف أولاً عن وجوده ، وكماله ، ووحدانيته ، فلذلك أنا أسمي الكون الثابت الأول لا يختلف عليه اثنان في الأرض ، من أي جنس ، من أي عرق ، من أي مذهب ، من أي تيار ، من أي خلفية ، شمس ، قمر ، نجوم ، مزروعات ، نباتات ، حيوانات ، كائنات ، هذا كله بين أيدينا ، وكل هذا الكون يشف عن إله عظيم بيده كل شيء .
 لذلك ليلة القدر ، ليلة المعرفة ، إنك إن عرفت الله عرفت كل شيء ، وإن فاتتك معرفة الله فاتك كل شيء .

(( ابن آدم اطلبنِي تجدني فإن وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحبّ إليك من كل شيء))

أنواع العلوم :

 أيها الأخوة ؛ لابد من توضيح دقيق : هناك علم بخلقه ، وهناك علم بأمره ، وهناك علم به ، أما العلم بخلقه فهذا اختصاص الجامعات ؛ فيزياء ، كيمياء ، رياضيات ، طب ، هندسة ، فلك، علم تربة ، علم جيولوجيا ، هذا علم بخلقه ، والعلم بأمره اختصاص كليات الشريعة بالعالم الاسلامي؛ الأمر ، والنهي ، والواجب ، والسنة إلى آخره ، أما العلم به فهو الأصل ، العلم به ثمنه باهظ جداً ونتائجه باهرة جداً ، ثمن العلم به المجاهدة ، قالوا : جاهد تشاهد ، يجب أن أجاهد النفس والهوى، العلم به يحتاج إلى كتاب ، إلى جامعة ، إلى مدرس ، إلى إلقاء محاضرة ، إلى تلخيص، إلى كتاب مقرر ، إلى مراجعة ، إلى حفظ ، إلى شهادة ، هذا علم بأمره ، وعلم بخلقه ، العلم بخلقه وبأمره يحتاجان إلى ما يسمى بالمدارسة ، أي إلقاء محاضرة ، سماع المحاضرة ، المتابعة، المراجعة ، التلخيص ، التدقيق ، الحفظ ، أداء الامتحان ، الشهادة ، هذه العملية اسمها المدارسة وهي تنطبق على العلوم في الكيمياء والدين ، إلا أن العلم به ثمنه ليس معلومات ، ليس نشاطاً فكرياً، ليس كتاباً تقرأه ، ليس وقتاً تمضيه في الجامعة ، العلم به جاهد تشاهد ، أنت حينما تجاهد نفسك وهواك ، تكون قد دفعت دفعةً من ثمن من العلم به .
 فلذلك أيها الأخوة ؛ أصل الدين معرفته ، وهناك علم بخلقه ؛ علوم الأرض ، الجيولوجيا ، طبقات الأرض ، والفيزياء ، والكيمياء ، والفلك ، والرياضيات ، والطب ، والهندسة هذا اختصاص الجامعات ، والعلم بأمره اختصاص كليات الشريعة في العالم الاسلامي ، أما العلم به فثمنه باهظ ونتائجه باهرة ، إنك إن عرفت الله عرفت كل شيء ، وإن فاتتك معرفة الله فاتك كل شيء .

(( ابن آدم اطلبنِي تجدني ، فإن وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء))

[ تفسير ابن كثير]

الإيمان مرتبة علمية و أخلاقية و جمالية :

 أخواننا الكرام ؛ لا يغيب عن أذهانكم أن إضافة حرف دال قبل اسمك ماذا تعني ؟ أي درست المرحلة الابتدائية ، والإعدادية ، والثانوية ، ثم لسانس فدبلوم عامة ، ودبلوم خاصة ، وماجستير ، ثم دكتوراه ، ثلاث عشرة شهادة بثلاثين سنة كي تضع كلمة دال أمام اسمك فقط ، من أجل أن تكون مؤمناً تملك الدنيا والآخرة ألا يحتاج هذا الطلب إلى بذل الجهد ؟
 لذلك قالوا : من طلب الجنة من غير عمل فهذا ذنب من الذنوب ، استخفاف ، لذلك الإيمان مرتبة علمية ، ما اتّخذ الله ولياً جاهلاً ، لو اتخذه لعلمه ، تقول : مؤمن أي هناك حدّ معقول جداً من المعرفة ، لا يوجد مؤمن غبي ، لا يوجد مؤمن جاهل ، عرف الحقيقة الأولى في الكون ، عرف الله ، أقول : مؤمن كما أراد الله ، المؤمن الذي يقبله الله عز وجل هذا عرف الحقيقة العظمى، الآن المؤمن مرتبة معرفية أول شيء مرتبة معرفية ، ثم مرتبة علمية ، ثم مرتبة أخلاقية ، لا يوجد مؤمن بالأرض يغش ، ولا يحتال ، ولا يكذب ، عنده حدّ معقول من المرتبة الأخلاقية ، فصار الإيمان مرتبة علمية ، ومرتبة أخلاقية ، والأجدر أن الإيمان مرتبة جمالية أيضاً ، والله يا أخوان إن لم تقل ليس على وجه الأرض من هو أسعد مني إلا أن يكون أتقى مني ففي إيمانك مشكلة ، أنت مع من ؟ أنت مع الخالق ، مع الغني ، مع القوي ، مع الحليم ، مع العليم ، مع القادر ، أنت مع الذات الإلهية ، أنت مع أصل الوجود كله ، فإذا عرفت الله عرفت كل شيء ، فلذلك مرتبة علمية ، مرتبة أخلاقية ، مرتبة جمالية ، ومرتبة أبدية ، ما هو الموت ؟ هو خط بياني صاعد ، موت المؤمن نقطة على هذا الخط الصاعد ، والصعود مستمر ، خط بياني صاعد صعوداً منتظماً ، الموت نقطة على هذا الخط ، لكن غير المؤمن قد يكون الصعود حاداً ، أما عند الموت فالسقوط مريع ، بين صعود منتظم مستمر ، والموت نقطة على هذا الخط الصاعد، وبين صعود حاد ، وهبوط مريع .
 فلذلك كما ورد في بعض الأدعية : " اللهم اجعل نعم الدنيا متصلة بنعم الآخرة ".
 والله سمعت عن شخص له أعمال طيبة جداً ، لا يوجد شاب إلا و زوجه وأخذ له بيتاً ، ميسور الحال لكنه كان يعيش لمن حوله ، توفي ليلة القدر وهو يقرأ القرآن الكريم ، فهناك حالات عندما أنت تعرف حقيقة الإيمان ، الإيمان لا يعطي المؤمن إلا السعادة ، والدليل :

﴿ قُلْ لَنْ يُصِيبَنَا إِلَّا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلَانَا ﴾

[ سورة التوبة الآية : 51 ]

 إذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟ ويا رب ماذا فقد من وجدك؟ وماذا وجد من فقدك ؟ الذي فقدك لم يجد شيئاً ، والذي وجدك لم يخسر شيئاً .
 مرة عن سيدنا الصديق أنه ما ندم على شيء فاته من الدنيا قط أبداً ، يعيش المستقبل، يعيش الجنة ، فلذلك هناك آيات دقيقة بهذا المعنى ، ما ندم على شيء فاته من الدنيا قط .

 

الهدى البياني أول مرحلة يعامل الله بها عباده :

 الآن : يجب أن نعلم علماً يقينياً أنك إن لم تكن على الحق فأنت قطعاً على الباطل لا يوجد طريق ثالث ـ

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾

[ سورة القصص الآية : 50 ]

 لا يوجد حل وسط .

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾

 أخواننا الكرام ؛ يوجد بالدين أشياء دقيقة جداً ، أول مرحلة الله عز وجل يعامل بها عباده أنا أسميها الهدى البياني ، أنت صحيح في بيتك ، مع أولادك ، مع زوجتك ، لا يوجد عندك مشكلة، دخلك معقول ، بيتك مرتب ، فأنت تدعى إلى الهدى البياني ، تقرأ القرآن ، تطالع كتاباً دينياً ، تطالع كتاباً بالأحاديث ، تأتيك المعلومات وأنت صحيح معافى بأحلى حالاتك ، هذه المرحلة أروع مرحلة أسميها الهدى البياني ، فأنت بهذه المرحلة مهمتك أن تستجيب .

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ ﴾

[ سورة الأنفال الآية : 24]

 معنى ذلك بنص الآية أن هناك حياة الجسم ، وحياة النفس ، حياة الجسم لا قيمة لها ، أما حياة النفس فهي الإيمان ، معرفة الواحد الديان ، أن تتخلق بأخلاق الله ، أن تسعى للآخرة .

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

[ سورة النحل الآية : 21]

 كلام ربنا وصف أهل الدنيا بأنهم :

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

 وفي بيت شعر يقول :

ليس من مات فاستراح بميت  نما الميت ميت الأحياء
***

 فبين أن يكون الإنسان حياً بالمعنى الإيماني ، أي عرف الله ، عرف من لجأ إليه ، عرف الطريق إليه ، وبين أن يكون ميتاً وهم :

﴿ أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ ﴾

 لكن النقطة الدقيقة لا يوجد حل ثالث .

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾

من يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه :

 الآن دقق :

﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ ﴾

[ سورة القصص الآية : 50]

 هناك معنى مخالف ، معنى عكسي ، أي الذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه، اشتهى المرأة تزوج ، اشتهى المال اشتغل ، ما من شهوة أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناة نظيفة تسري خلالها .
 مثل بسيط : صفيحة البنزين هذا سائل متفجر ، إذا وضعت هذه الصفيحة في المستودع المحكم بالسيارة ، وهذا البنزين سار بالأنابيب المحكمة إلى المحرك وانفجر في الوقت المناسب ، وفي المكان المناسب ولّد حركة نافعة ، أقلتك في العيد إلى مكان جميل ، ما الذي يحصل بالسيارة؟ انفجارات ، لكنها انفجارات منضبطة في وقتها المناسب ، ومكانها المناسب ، هذه الصفيحة نفسها صبها على السيارة ، أعطها شرارة تحرق المركبة ومن فيها .
 فالشهوات حيادية ، الشهوة حيادية ، والحظوظ حيادية ، كلامي دقيق ، ما هي الحظوظ؟ الغنى حظ ، الوسامة حظ ، الذكاء حظ ، الحظوظ حيادية إذا وظفتها في الحق ارتقيت بها ، وإذا وظفتها في الباطل هويت بها ، فهي حيادية ، فالبطولة أن أوظف هذه الطاقات في الجانب الإيجابي، إنسان تعلم فأراد من علمه أن يخدم أمته ارتقى عند الله .

﴿ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً ﴾

[سورة آل عمران الآية : 35 ]

 يا ترى الواحد منا إذا معه شهادة عليا هل نذرها لخدمة المسلمين ؟ إن فعل ذلك تأتيه الدنيا وهي راغمة ، أنا أقول كلمة دقيقة : المال إذا وضعته أمامك تخسره ، إن جعلته هدفاً ، إن وضعته تحت قدمك تربحه ، أنت طبيب همك الأـول شفاء المريض ، تصبح أعظم طبيب في الأرض ، همك الأول المادة تخسر كل شيء ، فهذا المال إن وضعته أمامك تخسره ، و إن وضعته تحت قدمك تربحه .
 فلذلك أيها الأخوة :

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنَ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ﴾

[ سورة القصص الآية : 50]

 المعنى المخالف : الذي يتبع هواه وفق هدى الله عز وجل لا شيء عليه ، أي لا يوجد حرمان في الإسلام ، لا أريد أن يوحي أعداء الدين إلى المؤمنين أن الإسلام قيود ، الإسلام حدود ، والفرق كبير بين القيود والحدود ، تمشي بحقل تجد لوحة مكتوب عليها : حقل ألغام ، ممنوع المرور هل تشعر لثانية واحدة أن هذه اللوحة هي حد لحريتك أما ضمان لسلامتك ؟ هكذا الدين ، حينما تفهم أن أحكام الدين ضمان لسلامتك فأنت فقيه .

 

اللذة و السعادة :

 أخواننا الكرام : عندنا لذة ، وعندنا سعادة ، اللذة حسية تحتاج إلى مال ، وصحة ، ووقت، والواقع في البدايات الصحة طيبة ، والوقت موجود ، لكن لا يوجد مال ، بمنتصف الحياة صار معك مال ، و صحة ، لكن لا يوجد وقت ، يعمل كل يوم ، تقاعد وسلم أولاده المعمل ، صار عنده وقت ، و مال ، لكن لا يوجد صحة ، اللذة تنقص واحدة دائماً لحكمة أرادها الله ، أما السعادة فاتصال بالله ، سعيد بأي لحظة ، بالليل والنهار ، بالحرب والقهر ، بالغنى والفقر ، وصلت مع أصل الحياة ، مع خالق السموات والأرض ، إذاً اللذة تحتاج إلى وقت ، وإلى صحة ، وإلى مال، فالحياة متعبة جداً ، يعمل و يعمل ، بالخامسة و الأربعين أموره انضبطت ، بيته جيد ، أثاث البيت جيد ، عنده بيت بالمصيف ، عنده العديد من السيارات ، بعدما وصل إلى القمة يشعر بنغزة بقلبه ، هناك مشكلة بالقلب ، دخل بمتاهات القلب ، والشريان التاجي ، وضاق الشريان التاجي ، يحتاج إلى توسيع دخل بمتاهة ثانية ، الحياة لا تستقيم للإنسان إلا إذا كان مع الله عز وجل ، اللذة حسية تحتاج لوقت ، وتحتاج لصحة ، وتحتاج لمال ، أما السعادة فتنبع من الداخل ، لست مفتقراً لشيء ، السعادة جاءت من صلتك بالله عز وجل ، الله معك دائماً ، وهو معكم أينما كنتم ، ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟

 

انضباط الإنسان بالأخلاق و الاتصال بالله في رمضان و بعده :

 أخواننا الكرام ؛ الحقائق هي حقائق ، يجب أن تدوم معنا طوال العام ، والله شيء رائع جداً يمتلئ المسجد في رمضان ، شيء جميل جداً ، وشيء مفرح والله ، لكن يا ترى بعد رمضان ألا يوجد عبادة أيضاً ؟ ألا يوجد طاعة لله ؟ ألا يوجد هدف ؟ الإنسان يجب ألا يكون موسمياً ، هناك حالات موسمية هذه لا تقدم ولا تؤخر ، يقولون : إن الذي يصوم رمضان ويعود بعد رمضان إلى ما كان عليه كالناقة حبسها أهلها ثم أطلقوها ، فلا تدري لا لم حبست ؟ ولا لم أطلقت ؟ فالإنسان بعد رمضان يرجع لما كان عليه ، سهرات مختلطة ، وسهر للساعة الثالثة ليلاً ، ولعب طاولة ، معنى هذا أننا لم نستفد شيئاً ، إذا لم يكن رمضان قفزة نوعية فلن ترتقي أحوالنا .
 فأنا أتمنى أن نحافظ على الأشياء التي فعلناها في رمضان بعد العيد أيضاً ، غض البصر ، ضبط اللسان ، عدم الغيبة ، هذا الانضباط الرائع انضباط الأخلاق ، الاتصال بالله ، تلاوة القرآن، الأشياء الدقيقة في رمضان ينبغي أن تستمر بعد رمضان .
 أرجو الله سبحانه وتعالى أن يجعل هذا الشهر منطلقاً لعلاقة مع الله متنامية ، منطلقاً لتوبة دائمة، منطلقاً لسعادة لا تتأثر بالظروف والأحوال ، المؤمن أكبر من أي مشكلة ، إيمانه أكبر من أي مشكلة ، إذا كان غير مؤمن فهو مفتقر لأصغر مشكلة .

 

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور