وضع داكن
29-03-2024
Logo
رمضان 1435 - خواطر إيمانية - الدرس : 06 - الحديث الشريف - يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آل بيته الطيّبين الطاهرين ، وعلى صحابته الغر الميامين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم ، إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات .

البشر جميعاً أنزلهم الله في حقلين اثنين :

أيها الأخوة الكرام ، ورد في الحديث الصحيح الشريف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :

(( يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله هباء منثوراً ، قيل: يا رسول الله جلهم لنا - أي صفهم لنا - قال: إنهم يصلون كما تصلون ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها))

[ ابن ماجه عن ثوبان]

أعمال من يظهر الدين ويبطن المعاصي تصبح هباء منثورا يوم القيامة
هذا الحديث عن ثوبان في سنن ابن ماجه ، الحديث خطير وأنا أنطلق في دعوتي إلى الله من قاعدة قانع بها وهي أن الحقيقة المُرّة أفضل ألف مَرّة من الوهم المريح ، هناك كلام كثير يريح الناس جميعاً ، يدغدغ مشاعرهم ، يرضيهم عن أنفسهم ، لكن الحقيقة المُرّة أنا أراها أفضل ألف مَرّة من الوهم المريح ، هذا الحديث خطير ، مرة ثانية :

(( يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله هباء منثوراً ، قيل: يا رسول الله جلهم لنا - أي صفهم لنا - قال: إنهم يصلون كما تصلون ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم إذا خلوا بمحارم الله انتهكوها))

[ ابن ماجه عن ثوبان]

أي هذه الحياة الدنيا محدودة وقد خلقنا للأبد ، كلمة أبد ماذا تعني ؟ الحقيقة أي رقم تتصوره إذا قيس إلى اللانهاية فهو صفر ، واحد بالأرض وأصفار للشمس ، مئة وستة وخمسون مليون كيلو متر أصفار وكل ميلمتر صفر ، إذا نسب هذا الرقم إلى اللانهاية فهو صفر الناس إما معطي مصدق بالحسنى أو بخيل مكذب بالحسنى
فالدنيا كل ما فيها من أموال ومتاع ، ومن مباهج ، ومن شهوات ، ومن مناصب إذا قيست إلى الآخرة فهي صفر ، ونحن خلقنا للجنة ، والدليل أن الله عز وجل في آية بليغة جامعة قاطعة مانعة يقول:

﴿ وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَى * وَالنَّهَارِ إِذَا تَجَلَّى * وَمَا خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى * إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾

[ سورة الليل : 1-4]

أي هناك عدد من المليارات قد تصل إلى ما فوق السبعة ، ومع ذلك هؤلاء البشر جميعاً على اختلاف مللهم ونحلهم وانتماءاتهم وأعراقهم وأنسابهم وطوائفهم وتياراتهم إلى آخره أنزلهم الله في حقلين اثنين :

﴿ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾

[ سورة الليل:5-6 ]

صدق أنه مخلوق للجنة فاتقى أن يعصي الله ، وبنى حياته على العطاء :

﴿ وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى*وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى ﴾

[ سورة الليل: 8-9 ]

كذب أنه مخلوق للجنة ، آمن بالدنيا بنى حياته على الأخذ :

(( يؤتى برجال يوم القيامة لهم أعمال كجبال تهامة يجعلها الله هباء منثورة ، قيل يا رسول الله جلهم لنا ، قال: إنهم يصلون كما تصلون ، ويأخذون من الليل كما تأخذون ، ولكنهم إذا خلو من محارم الله انتهكوها))

[ ابن ماجه عن ثوبان]

أعظم نعمة يكسبها الإنسان معرفة الله عز وجل :

لذلك هناك مقولة دقيقة لكن مؤلمة لبعض الناس وقد تكون مريحة لبعضهم الآخر نعمة كبيرة أن يكون باطنك كظاهرك فهذا يعكس استقامتك
من لم يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيءٍ من عمله. صار في نفاق، فعندما يكون الإنسان سلوكه ، استقامته ، اتصاله ، عبادته في خلوته كجلوته ، وفي سره كعلانيته ، وفي بيته كمسجده ، لا يوجد مسافة بين الحالين هذه نعمة كبيرة جداً ، فالإنسان مستقيم في بيته ، ضابط نفسه في بيته ، لا تنسوا يا أخوان عندنا مؤشرات رائعة جداً ، أحد المسلمين في بيته في رمضان ، وبلغ درجة من العطش لا تحتمل ، فإذا شرب كأس ماء هل هناك جهة بالأرض تعلم ذلك ؟ لماذا لا يشرب ؟ لأنه يعلم أن الله يعلم ، وهذا أعلى درجة بالإيمان ، خير إيمان المرء أن تعلم أن الله يعلم ، لا أعتقد أن هناك مسلماً مهما حاولت أن تبرر له ممكن بخلوته أن يفطر ، هناك أعذار مقبولة أما من دون عذر فلا يوجد ، هذه العبادة تؤكد لك استقامتك ، تؤكد لك ورعك ، تؤكد لك مراقبتك لله عز وجل ، تطمنئك ، لا يمكن أن أتخذ حركة تسيء لصيامي .
ما من نعمة يكسبها الإنسان تفوق أن يعرف الله
الآن تعليق لعله بعيد عن السياق ؛ بعد أسبوعين أو ثلاثة يأتي عيد الفطر السعيد ، وصار بالعيد زيارات ، و لقاءات ، وتوزيع مبالغ من المال على الصغار ، فإذا بطفل صغير زاره قريبه فقال له : أنا معي مبلغ عظيم ، فالمبلغ العظيم من طفل ماذا يساوي ؟ خمسون ديناراً، إذا كان مسؤول كبير في البنتاغون قال : أعددنا لحرب العراق مبلغاً عظيماً ، أنا أقدره بمئتي مليار دولار ، إذا ملك الملوك ومالك الملوك ورب العالمين قال :

﴿ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيماً ﴾

[ سورة النساء: 113 ]

من خلال هذه الآية ما من نعمة يكسبها الإنسان تفوق أن يعرف الله :

(( ابن آدم اطلبني تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء ))

[ تفسير ابن كثير]

ويا رب ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟ لم يجد شيئاً ، إذا كان الله معك فمن عليك ؟ لا يوجد جهة بالأرض تستطيع أن تصل إليك ، إذا كان الله معك فمن عليك؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟

 

من عرف الله و استقام على أمره فمعرفته تسعده في الدنيا و الآخرة :

أخواننا الكرام : حقائق الإيمان مسعدة العلم في كل مجال ممتع لكن لابد أن نسعى وراء العلم النافع
بالتعبير السريع هناك علم ممتع ، أنا أرى أي علم تعمقت به فهو ممتع ، و لو كان الموضوع عن الآثار ، إن كان عندك دراسة بالأوديسا والإلياذة ، أي موضوع تعمقت به فهو ممتع ، لكن ما كل شيء ممتع بنافع ، يجب أن أضيف المتعة إلى النفع ، قد يحمل إنسان دكتوراه بالذرة ، ويأخذ راتباً فلكياً أكبر بكثير من حاجته ، ويتمتع بمركز كبير ، لكن يأتي الموت ينهي قوة القوي ، وضعف الضعيف ، وعلم العالم ، وجهل الجاهل إلى آخره ، أما هذا الذي عرف الله ، وعرف الطريق إليه ، واستقام على أمره، وتقرب إليه ، فهذا العلم هو المسعد في الدنيا والآخرة ، ما كل علم ممتع بنافع ، وما كل علم نافع بمسعد ، المسعد أن تعرف الله ، أن تعرف الله ، والله عز وجل تعرفه من آياته :

﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾

[ سورة الجاثية:6]

آيات الله أنواع ثلاثة كلها قنوات نظيفة طاهرة تصل بك إليه ، خلقه الكون ، وأفعاله الحوادث ، وكلامه القرآن :

﴿ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ ﴾

[ سورة الجاثية:6]

آياته الكونية والتكوينية والقرآنية .

آيات الله الدالة على عظمته لا تعد و لا تحصى :

مدار الأرض الإهليلجي حول الشمس معجزة من معجزات الإله
أخواننا الكرام ، كلكم يعلم أن الأرض تدور حول الشمس في مسار إهليلجي ، طبعاً هناك قطر أصغر و قطر أطول ، هي الآن في القطر الطويل وصلت إلى هنا ، المسافة قلت، الجاذبية ازدادت ، احتمال أن تنجذب الأرض إلى الشمس وتتبخر في ثانية واحدة لأن حرارة الشمس عشرون مليون درجة ، قال : هنا ترفع سرعتها ، يد من رفعت سرعتها ؟ علم من ؟ قدرة من ؟ ترفع سرعتها تنشأ قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة الجديدة مع قصر المسافة تتابع قال : هنا تخفض سرعتها ، تنشأ قوة جاذبة أقل تكافئ القوة الأخرى الأقل فتبقى على مسارها ، في القرآن كلمة واحدة :

﴿ إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا ﴾

[ سورة فاطر: 41 ]

image

ثقب بوتال بين الأذينين معجزة من معجزات الإله

والله أيها الأخوة هذا الكون طافح بالآيات الدالة على عظمته :

﴿ وَفِي الْأَرْضِ آيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ ﴾

[ سورة الذاريات: 20]

أي هناك أشياء دقيقة جداً ، الله فتح بين الأذينين ثقباً ، كشفه عالم فرنسي اسمه بوتال، هذا الثقب يلغي الدورة الدموية الصغرى ، لأن في البطن لا يوجد هواء ولا تنفس ، هناك رئتان لكنهما معطلتان، عند الولادة تأتي جلطة فتغلق هذا الثقب، يد من؟ إذا طفل ثقبه لم يغلق يحتاج إلى عمل جراحي يكلف مبلغاً فلكياً لإغلاق هذا الثقب ، يد من ؟
هل يستطيع أب أن يعلم ابنه مص الحليب ؟ الآن يا بابا انتبه من أجل أن تأكل ، هو بواد وأنت بواد ، الآن ولِد ، يقوم بعملية غاية في الدقة ، سماها العلماء منعكس المص ، المنعكس عملية معقدة لكن تولد مع الطفل ، يد من ؟ منعكس المص عند حديثي الولادة معجزة من معجزات الإله
والله يا أخوان بجسمنا ، بوظائف أعضائنا، بوظائف أجهزتنا ، بتشريح الجسم آيات لا يعلمها إلا الله ، فإذا إنسان عرف الله عز وجل واستقام على أمره وأقبل عليه كسب الدنيا والآخرة معاً :

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

[ سورة الرحمن: 46]

بطولة الإنسان في بيته :

إذاً : من لم يكن له ورع يصده عن معصية الله إذا خلا لم يعبأ الله بشيءٍ من عمله. لا زلت بالحقائق المرة ، الإنسان يكون بعلمه مدير دائرة ، له منصب رفيع ، يتزين ، يلبس ، يتعطر ، يحلق ، يبتسم ، ينحني نصفين إذا كان هناك ضيف مسؤول كبير ، تجده لطيفاً و في البيت والعياذ بالله يخوف ، النبي ماذا قال ؟

((خيرُكُم خيرُكُم لأهْلِهِ، وأنا خيرُكُم لأهْلِي))

[الترمذي عن عائشة أم المؤمنين]

بطولتك في البيت ليس هناك رقيب ولا حسيب لكن الله موجود ، هذه المرأة قال النبي الكريم :

(( أكرموا النساء فوالله ما أكرمهن إلا كريم، ولا أهانهن إلا لئيم ، يغلبن كل كريم، ويغلبهن لئيم.....))

[ ابن عساكر عن علي]

لهذا الحديث زيادة :

((.... وأنا أحب أن أكون كريماً مغلوباً، من أن أكون لئيماً غالباً ))

للإنسان طريقان لا ثالث لهما الاستجابة لله أو اتباع الهوى :

الإنسان الذي يعرف الله إنسان آخر
دخل الدين في بيتك ، في كسب مالك ، دخل بوقت فراغك ، دخل بتربية أولادك ، دخل بكسب رزقك ، دخل بعلاقاتك ، دخل بهواياتك ، إنسان يعرف الله عز وجل إنسان آخر ، صدق ولا أبالغ ، أحياناً يصطلح رجل مع الله تقول زوجته كلاماً لا يصدق ، ما كان هكذا انقلب مئة وثمانين درجة ، صار لطيفاً ، صار حليماً ، صار واقعياً منطقياً ، صار محبوباً ، جذب الأسرة كلها ، الحقيقة النبي الكريم قال :

((اسْتَقِيمُوا وَلَنْ تُحْصُوا ))

[ابن ماجه وأحمد والدارمي عَنْ ثَوْبَانَ]

لكن هناك آية أخرى مخيفة :

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾

[ سورة القصص: 50]

لا يوجد غير طريقين لا ثالث لهما إما أن تستجيب لله ، وإما أنك تتبع الهوى قطعاً ويقيناً :

﴿ فَإِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءَهُمْ ﴾

[ سورة القصص: 50]

من اتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه :

الآن دقق :

﴿ وَمَنْ أَضَلُّ ﴾

[ سورة القصص: 50 ]

أي ليس على وجه الأرض إنسان أضلّ من هذا الإنسان :

﴿ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ ﴾

[ سورة القصص: 50 ]

المؤمن يرقى بالشهوات مرتين مرة صابرا ومرة شاكرا
اتبع هواه بغير هدى من الله ، بربكم من دون تعقيدات علم الأصول لو إنسان سألني الآن لو أنه اتبع هواه وفق هدى الله ، لا شيء عليه بالإسلام لا يوجد حرمان ، بالإسلام يوجد توازن ، الذي يتبع هواه وفق هدى الله لا شيء عليه ، اشتهى المرأة تزوج ، اشتهى أن يأكل طعاماً جيداً اشتغل وعمل دواماً إضافياً وكسب مالاً حلالاً ، بالإسلام لا يوجد حرمان أبداً، القصة كلها ، الشهوة صفيحة بنزين ، توضع في المركبة في المستودعات المحكَمة ، فيسيل البنزين في الأنابيب المحكَمة ، وينفجر في الوقت المناسب ، وفي المكان المناسب ، فيولد حركة نافعة تقلك أنت وأهلك إلى مكان جميل كالعيد مثلاً ، وهذه الصفيحة نفسها صبها على المركبة أعط شرارة تحرق المركبة ومَن فيها ، البنزين نفسه هذه الشهوة ، ما أودعها الله فينا إلا لنرقى بها إلى رب الأرض والسموات ، كلام دقيق ما أودعها الله فينا إلا لنرقى بها إلى رب الأرض والسموات ، بل إن هذه الشهوات التي أودعها الله فينا نرقى بها مرتين ، امرأة لا تحل لك غضضت البصر عنها ترقى إلى الله ، من غض بصره عن محارم الله أورثه الله حلاوة في قلبه إلى يوم يلقاه ، أو حدقت النظر في زوجتك وهي حلال لك ترقى إلى الله شاكراً ، أي شهوة أودعت فيك ترقى بها إلى الله مرتين ؛ إذا امتنعت عن جانب محرم ترقى إلى الله صابراً ، وإذا أخذتها من الجانب الحلال ترقى إلى الله شاكراً ، الإسلام واقعي ، الإسلام دين الفطرة ، فلذلك الذنب حركة بدافع شهوة بخلاف منهج الله ، أما لو كانت الحركة وفق منهج الله فلا شيء عليك ، لا أريد أن يقتنع الشاب أن الإسلام حرمان، كله حرام ، لا ليس كله حرام ، ، ما من شهوةٍ أودعها الله في الإنسان إلا جعل لها قناةً نظيفةً تسري خلالها .

 

أنواع الذنوب :

لكن أختم هذا اللقاء الطيب أن هناك ذنباً يغفر ما كان بينك وبين الله ، أهون ذنب ما كان بينك وبين الله ، لأن حقوق الله مبنيةٌ على المسامحة ، بينما حقوق العباد مبنيةٌ على المشاححة ، أما الذنب الذي لا يترك فما كان بينك وبين العباد ، هذا الذنب لا يغفر إلا بحالتين بالأداء أو المسامحة ، و هناك وهم خطير أن يذهب الإنسان للحج فيرجع من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، فقط فيما بينك وبين الله ، أما إذا كنت مغتصباً بيتاً فلن يغفر لك ، شركة ، تجارة ، أموالاً، ديوناً قديمة لا تسددها ، إن حججت مليون حجة فلن يغفر لك . الإنسان مسؤول عن حقوق العباد ولا يغفرها إلا الأداء والمسامحة

(( من صام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه ))

[ متفق عليه عن أبي هريرة ]

فيما بينه وبين الله ، أما حقوق العباد فالنبي الكريم كان يسأل ، أعليه دين؟ فإن قالوا: نعم، لا يصلي عليه ، يقول: صلوا على صاحبكم ، قال أحد الصحابة : يا رسول الله عليّ دينه ، فصلى عليه ، لكن في اليوم التالي سأل هذا الضامن أأديت الدين ؟ قال : لا ، في اليوم الثالث سأل هذا الضامن : أأديت الدين ؟ قال : لا، في اليوم الرابع سأل هذا الضامن أأديت الدين ؟ قال : نعم، قال عليه الصلاة والسلام : الآن ابترد جلده .
أخواننا الكرام ، رجاءً هذه حقيقة مرة : لا تربط الحج والصيام بالمغفرة المطلقة ، هناك مغفرة متعلقة فيما بينك وبين الله ، أما فيما بينك وبين العباد فلا تغفر إلا بالأداء أو المسامحة .
نحن في رمضان أنا أصوم ثلاثين يوماً ، عليه ديون ، عليه التزامات تارك كل شيء ، لا ، هذا وهم ، لذلك أخطر شيء الوهم ، أحياناً الوهم مريح ، إذا إنسان معه شيك مزور بمئة ألف دينار مسرور لكن هو مزور لو قدمه يسجن أيهما أفضل أن يعرف الحقيقة المرة قبل فوات الأوان أم بعد فوات الأوان ؟ أنا أقول : الحج والصيام هناك وهم عام عند المسلمين عندما تصوم انتهى كل شيء ، انتهى ما كان بينك وبين الله ، وما كان بينك وبين العباد فلا ينتهي إلا بإحدى حالتين إما بالأداء أو المسامحة .

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

اللغات المتوافرة

إخفاء الصور