وضع داكن
25-04-2024
Logo
قوانين القرآن الكريم - الدرس : 19 - قانون قبول العمل
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم، إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

مقدمة لقَبولِ العمل:

 أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس سنن الله في خلقه، الموضوع اليوم حول قبول العمل.

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ﴾

( سورة الإسراء )

1 – لكلّ إنسان حركة في الحياة:

 أنت لك عمل، لك حركة في الحياة، شئت أم أبيت، أودع فيك الشهوات، هذه الشهوات تدفعك إلى العمل، شهوة الطعام والشراب، وشهوة الجنس، وشهوة تأكيد الذات ، هذه تجعلك كائناً متحركاً، هذا العمل متى يقبل ؟ ومتى لا يقبل ؟

2 – احذرْ أن تكون من هذا الصنف:

 المصيبة الكبيرة كما قال الله عز وجل:

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾

( سورة الكهف )

ومن الناس يدري، ويدري أنه يدري فهذا عالم فاتبعوه، ومنهم من يدري، ولا يدري أنه يدري فهذا غافل فنبهوه، ومنهم من لا يدري ويدري أنه لا يدري فهذا جاهل فعلموه، ومنهم من لا يدري ويدري أنه يدري فهذا شيطان فاحذروه:

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا ﴾

3 – وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا

 الآية هنا:

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ﴾

 سعيها الخاص، ما قال الله عز وجل وسعى لها، لو قال الله عز وجل: وسعى لها، فأيّ سعي يكون مقبولا، لكنه قال:

 

﴿ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا ﴾

 كأن تقول: لكلية الطب علاماتها، لو قلت: إن لكلية الطب علامات، فأيّة علامة تدخلك هذه الكلية، أما إذا قلت: إن لهذه الكلية علاماتها، أيْ لها علامات خاصة.
لذلك:

 

 

﴿ وَمَنْ أَرَادَ الآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا ﴾

هو السعي الذي أراده الله.

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 102 )

 قال علماء التفسير: حق التقوى أن تطيعه فلا تعصيه، وأن تشكره فلا تكفره، وأن تذكره فلا تنساه .
 أيها الإخوة الكرام،

﴿ وَجَاهِدُوا فِي اللَّهِ حَقَّ جِهَادِهِ ﴾

( سورة الحج الآية: 78 )

4 – الخسارة الكبيرة: وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا

 لا بد للوصول إلى النجاح، وإلى قمة النجاح حتى تنجو، والشيء المؤلم جداً أن تنظر إلى تاجر استورد صفقة، وحتى وصلت البضاعة إلى الميناء كاد يموت من التعب والهم، والدفع، والإجراءات المعقدة، فلما وصلت جهد في بيعها، بعد أن باعها، وجمع ثمنها إذا هو خاسر فيها خسارة كبيرة، أقعدته، الخسارة مؤلمة جداً، قال تعالى:

﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُورًا ﴾

( سورة الفرقان )

عَنْ ثَوْبَانَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ:

(( لَأَعْلَمَنَّ أَقْوَامًا مِنْ أُمَّتِي يَأْتُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِحَسَنَاتٍ أَمْثَالِ جِبَالِ تِهَامَةَ بِيضًا، فَيَجْعَلُهَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ هَبَاءً مَنْثُورًا، قَالَ ثَوْبَانُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، صِفْهُمْ لَنَا، جَلِّهِمْ لَنَا، أَنْ لَا نَكُونَ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، قَالَ: أَمَا إِنَّهُمْ إِخْوَانُكُمْ، وَمِنْ جِلْدَتِكُمْ، وَيَأْخُذُونَ مِنْ اللَّيْلِ كَمَا تَأْخُذُونَ، وَلَكِنَّهُمْ أَقْوَامٌ إِذَا خَلَوْا بِمَحَارِمِ اللَّهِ انْتَهَكُوهَا ))

[ ابن ماجه ]

 يا ترى هل قَبِل الله عملنا ؟ هل قبِل الله صلاتنا ؟ هل قبل الله قيامنا ؟ هل قبِل الله أذكارنا ؟ هل قبِل الله تلاوتنا ؟ هل قبِل الله صدقاتنا ؟ متى يقبل العمل ؟ المفارقة:

 

﴿ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُم مَّشْكُورًا ﴾

أي مقبولا.
الآية الثانية:

 

 

﴿ قُلْ هَلْ نُنَبِّئُكُمْ بِالْأَخْسَرِينَ أَعْمَالًا * الَّذِينَ ضَلَّ سَعْيُهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾

 اتجه سعيهم جهة لا يقطفون منها أية ثمرة.
كنت أضرب مثلا دائماً: أن إنسانا له مبلغ كبير جداً في حلب، وركب قطارا، قد يرتكب أخطاء كثيرة، قد يقطع بطاقة من الدرجة الأولى، ويخطئ، فيركب في الدرجة الثالثة، هذا خطأ، لأنه ضيّع فرقَ التذكرة، وقد يجلس  في مكان فيه شباب ليسوا كما ينبغي فأزعجوه جداً في هذا الطريق، وقد يجلس بعكس سيرِ القطار فيصاب بالدوار، وقد يتلوى من الجوع، ولا يعلم أن في المركبة مطعما، هذه كلها أخطاء، لكن القطار في طريقه إلى حلب، وسوف يصل في الوقت المناسب، ويقبض المبلغ الذي وُعِد به، أما الخطأ الذي لا يُغتفَر أن يركب قطار مدينة درعا، وقبض المال ليس هناك، ولو جلس في الدرجة الأولى، والقطار مكيف، والطعام طيب، لكن لا شيء ينتظره.
 لذلك البطولة أن يأتي سعيك عند الله مقبولاً، أن يأتي سعيك عند الله مشكوراً ، أن تأتي حركتك عند الله مرضيا عنها، هذه البطولة.

 

 

متى يُقبل العمل ؟

 السؤال: متى يُقبل العمل ؟ قال تعالى في بعض أدعية القرآن:

 

﴿ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ ﴾
( سورة النمل الآية: 19 )

1 – أن يكون العملُ مرضِيًّا عند الله خالصا صوابا:

العمل الخالص لا يتأثر بمدح ولا بذمٍّ:

 وقف علماء التفسير عند كلمة ( ترضاه )، متى يرضى الله عن العمل ؟ قالوا: يرضى الله عن العمل إذا كان خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله.
 وقفة متأنية عند الإخلاص، دقق: إذا كان عملك لا يتأثر أبداً بالمديح ولا بالذم، لا يزداد عند المديح، ولا يقلّ أو يلغى عند الذم فأنت مخلص.

﴿ إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاء وَلَا شُكُورًا ﴾

( سورة الإنسان )

 إذا كان عملك خدماتك إنفاقك لا تتأثر بالمدح والذم فهذا هو الإخلاص.
سيدنا الصديق كان يعطي أحد الصحابة مساعدة وفيرة، هذا الذي كان يعطيه المساعدة هو الذي روّج خبر الإفك على ابنته، وهذا شيء لا يحتمل، وألم لا يحتمل، فلما أوقف هذه المساعدة جاءه عتاب من الله:

﴿ وَلَا يَأْتَلِ أُوْلُوا الْفَضْلِ مِنكُمْ وَالسَّعَةِ أَن يُؤْتُوا أُوْلِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾

( سورة النور الآية: 22 )

 بكى بكاءً شديداً، وقال: << بلى أحب أن يغفر الله لي >>.
إذا كان عملك لا يتأثر إطلاقاً لا بالمديح ولا بالذم، إن مُدِحت أو إن ذُممت فسيان، لذلك ورد في بعض الأحاديث:

 

(( إذا لم تَسْتَحِ فاصْنَعْ ما شئت ))

 

[ رواه البخاري عن ابن مسعود ]

 الحديث له ظاهر ليس هو المقصود، المعنى الدقيق: إذا كنت مخلصاً لله، وفعلت عملاً يرضي الله، وأنت واثق من أنه يرضي الله فلا تعبأ بكلام الناس، مدحوا أو ذموا.

﴿ قُلِ اللّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ ﴾

( سورة الأنعام )

لكن !!! رحم الله عبداً جبّ المغيبة عن نفسه:

 لذلك العمل يقبل إذا كان خالصاً، وعلامة الإخلاص أن العمل لا يتأثر إطلاقاً لا بالمديح، ولا بالذم، هدفك واضح، تبتغي مرضاة الله عز وجل، كلام الناس لا قيمة له إطلاقاً، ولكنني أقول: رحم الله عبداً جبّ المغيبة عن نفسه.
عَنْ صَفِيَّةَ بِنْتِ حُيَيٍّ قَالَتْ:
(( كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مُعْتَكِفًا فَأَتَيْتُهُ أَزُورُهُ لَيْلًا، فَحَدَّثْتُهُ، ثُمَّ قُمْتُ، فَانْقَلَبْتُ، فَقَامَ مَعِي لِيَقْلِبَنِي، وَكَانَ مَسْكَنُهَا فِي دَارِ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ، فَمَرَّ رَجُلَانِ مِنْ الْأَنْصَارِ، فَلَمَّا رَأَيَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَسْرَعَا، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: عَلَى رِسْلِكُمَا، إِنَّهَا صَفِيَّةُ بِنْتُ حُيَيٍّ، فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ ! قَالَ: إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ الْإِنْسَانِ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا سُوءًا ))

[ البخاري ومسلم ]

 بيّن، وضّح، لا أتمنى أن تفهموا من كلامي أنك واثق من استقامتك، ومن عملك الطيب، فلا تعبأ بكلام الناس إطلاقاً، لا، رحم الله عبداً جب المغيبة عن نفسه، وضح، بيّن، والبطولة ألا تعمل عملاً له تفسيران، أحدهما ليس في صالحك.
أنت في محل صديقك، ومعك 500 ليرة، وأنت مضطر أن تصرفها إلى خمس ورقات من فئة مئة ليرة، وصديقيك غادر المحل لدقائق، فأنت فتحت الدرج، ودفعت الـ500، وسحبت خمس ورقات من فئة مئة ليرة متفرقة، دخل وفاجأك ورآك تسحب الـ500، أنت بريء 100%، أنت صادق 100% ، طاهر 100%، لكن الذي رآه أنك تأخذ الـ500، ولم يرَ أنك وضعت الـ500 الأولى، لا تعمل عملاً يحاج إلى تفسيرين، اعمل عملاً  واضحاً.
 لذلك المقولة الرائعة: البيان يطرد الشيطان، لذلك حينما أقول: لا تعبأ بكلام الناس، لا أقصد أن تهمل سمعتك، رحم الله عبداً جب المغيبة عن نفسه، فالإخلاص يعني أن العمل لا يزيد، ولا يقل بالمديح أو الذم، هدفك  واضح، والوسيلة واضحة.

 

2 – لا يزداد العمل أمام الناس، ولا يقلّ في البيت:

 الآن العلامة الثانية: العمل لا يزداد أمام الناس، ولا يقل وحدك في البيت، هذه من علامة الإخلاص، هذه علامة ثانية.

3 – العمل الطيب يرفعه الله إليه:

 العلامة الثالثة: أن الإنسان حينما يعمل عملاً خالصاً لله، واثق من أن نيته طيبة هذا العمل رفع إلى الله، الله عز وجل كريم، لا بد من أن يثيبك عليه، ثاب بمعنى رجع، فأنت رفعت عملاً إلى الله، ثواب الله لك على هذا  العمل أنه يملأ قلبك سكينة، وتشعر براحة.
 صدقوا أيها الإخوة، هناك قصص كثيرة جداً لما تخدم إنسانا لوجه الله لا تبتغي سمعة، ولا مديحاً، ولا ثناءً، ولا شكراً، ولا بطاقة، ولا تنويها في الصحيفة، حينما تخدم إنساناً بأعلى درجة من الخدمة، وتبتغي بهذا وجه الله فلا بد من أن تسعد، لأن الله عز وجل يثيبك على هذا العمل سكينة في نفسك، هذه السكينة تسعد بها لو فقدت كل شيء، وتشقى بفقدها ولو ملكت كل شيء، هذا العمل يقبل إذا كان صواباً، إذا كان خالصاً، خالصاً فيه  إخلاص.

﴿ فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا ﴾

( سورة الزمر الآية: 2 )

﴿ أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ ﴾

( سورة الزمر الآية: 2 )

أنت لك جوارح، ولك قلب، تغض البصر بالعين، واللسان ينضبط، والأذن لا تستمع إلى غناء، والرِّجل لا تمشي إلى منكر، واليد لا تؤذي، ولا تعتدي على أحد، لك جوارح، ولك أعضاء، هذه كلها منضبطة بمنهج الله.

أربعة أدعية خطيرة:

 لذلك مرة اطلعت على كتاب في المقدمة أربعة أدعية، أول دعاء:

 

الدعاء الأول:

 " اللهم إني أعوذ بك أن يكون أحد اسعد مما علمتني مني ".
 شيء مؤلم جداً أن تشرح حديثا، أو آية، تتفنن في شرحها، وفي تحليلها، وفي إراد الأدلة عليها، ويأتي إنسان يستمع لهذا الشرح ويطبقها، ويقطف ثمارها، فيكون أسعد منك بما علمت.
 " اللهم إني أعوذ بك أن يكون أحد اسعد مما علمتني مني ".

 

 

الدعاء الثاني:

 " وأعوذ بك أن أقول قولاً فيه رضاك، ألتمس به أحداً سواك ".
 هناك كلام يرضي الله، أما حينما تقوله لا تبتغي به وجه الله، تبتغي به أحداً سوى الله.

 

 

الدعاء الثالث:

 

 " اللهم إني أعوذ بك أن أتزين للناس بشيء يشينني عندك ".
 أحينا يتزين الإنسان بثياب بيضاء، ويتعطر بعطر معين، ويمسك مسبحة، ويضع على رأسه قبعة، ومظهره مظهر صلاح، ووجهه يتلألأ نورا، لكن هو ليس كذلك.
 " اللهم إني أعوذ بك أن أتزين للناس بشيء يشينني عندك ".

الدعاء الرابع:

 آخر دعاء، وهو أخطر واحد:
" اللهم إني أعوذ بك أن أكون عبرة لأحد من خلقك ".
لا أكون أنا قصة يتناقلها الناس، ويتعظون بها.
" اللهم إني أعوذ بك أن أكون عبرة لأحد من خلقك ".
لذلك أيها الإخوة، العمل لا يقبل إلا إذا كان خالصاً وصواباً، صواباً ما وافق السنة.
قد يخلو الإنسان بفتاة كي يهديها إلى الله، هذا خلاف السنة، أنت لست واثقا من نفسك.

 

(( لَا يَخْلُوَنَّ رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ ثَالِثَهُمَا الشَّيْطَانُ ))

 

[ الترمذي]


 لا دعوة إلى الله مع خلوة، هذه الدعوة مرفوضة.
أحياناً يقال: ( يانصيب خيري )، هذا ليس خيري، وأحيانا حفلة غنائية ساهرة يرصد ريعها للأيتام، لا، ما مِن شيء من هذا القبيل، العمل لا يقبل إلا إذا كان خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق  السنة، هذا الذي يقبل عند الله عز وجل.
 فلذلك أيها الإخوة، العمل عمل، الوقت وقت، الجهد جهد، الإنسان قد يدرس ولا ينام الليل، لكنه لا ينجح، فيحترق قلبه، يقول لك: تعبت كثيرا، لكن ما نجحت، الإخفاق متعب، مؤلم، يجرح النفس، فأنت عملت عملا، أتيت إلى المسجد، وصمت، تركت الطعام والشراب، أيرضيك ألا يقبل العمل ؟ لذلك: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 

(( مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالْعَمَلَ بِهِ فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ فِي أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ ))

 

[ رواه البخاري وأبو داود والترمذي وابن ماجة ]

لذلك:

(( ترك دانق من حرام خير من ثمانين حجة بعد حجة الإسلام، دانق من حرام ))

[ ورد في الأثر ]

(( لأن أمشي مع أخ في حاجته خير لي من صيام شهر، واعتكافه في مسجدي هذا ))

[ ورد في الأثر ]

 وأقول لك بكل صراحة: أنت تعلم علم اليقين ما إذا كان عملك مقبولاً أو غير مقبول، تشعر باتصال بالله إنْ كان مقبولاً، تشعر بالسكينة، تستغني عن مديح الناس لو أن الإنسان لا يبتغي وجه الله، وعمل عملا صالحا فهو يحاول أن يتحرش بالناس حتى يسمع المديح، عنده حاجة إلى المديح، هذا نقطة ضعف في الإنسان، أن يستجدي المديح، لو دعوتَ الناس إلى وليمة، وتعبت فيها كثيرا، تقول: إن شاء الله أعجبكم الأكل ؟ ما شاء الله على هذا  الأكل، يحب من يمدحه، تستفز الناس كي يمدحوك، هذا مرض نفسي، دائماً يثير تساؤلا حتى يسمع المديح، فيكون إخلاصه ضعيفا، ولو أنك عملت عملاً يرضي الله، ولم يذكره أحد فأنت لا علاقة لك.
 لذلك العمل لا يقبل إلا إذا كان خالصاً، وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله وصواباً ما وافق السنة.

 

احرص أن يكون عملُك مقبولاً عند الله:

 عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال عليه الصلاة والسلام:

 

 

(( استحيوا من الله تعالى حق الحياء، قلنا: يا رسول الله إنا لنستحي من الله يا رسول الله، والحمد لله، قال: ليس ذلك، ولكن الاستحياء من الله حق الحياء ـ دقق ـ أن تحفظ الرأس وما وعى، والبطن وما حوى، وأن تذكر الموت والبلى، ومن أراد الآخرة ترك زينة الحياة الدنيا، وآثر الآخر على الأولى، فمن فعل ذلك فقد استحيى يعني من الله حق الحياء ((

 

[ أخرجه الترمذي ]

 اهتم بعملك أن يكون عند الله مقبولاً، اهتم بالإخلاص، واهتم أن يكون وفق السنة، فهناك أعمال صالحة الآن فيها اختلاط، فيها كشف عورات، فيها مزاح لا يرضي الله، ويقولون: هذا ضمن نطاق العمل الصالح، هذا لا  يجوز، العمل لا يقبل عند الله إلا إذا كان خالصاً وصواباً، خالصاً ما ابتغي به وجه الله، وصواباً ما وافق السنة.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور