وضع داكن
19-04-2024
Logo
قوانين القرآن الكريم - الدرس : 17 - قانون معرفة الله ومعرفة منهجه
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

معرفة الله ومعرفة أمرِه منهيه:

 أيها الإخوة الكرام، مع درس جديد من دروس سنن الله في كتابه الكريم، ومن هذه السنن:

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللّهُ ﴾

 

( سورة النحل الآية: 104 )

 هذه الآية في سورة النحل، مفادها أنه لا بد من أن تعرف الله، ثم أنه لا بد من أن تعرف أمره ونهيه، وكأن في الدين ركنين كبيرين: معرفة الله عز وجل، ومعرفة منهجه ، وأن محور ليلة القدر أن تعرف الله، أن تقدره، أن تعرف أنه خالق السماوات والأرض ، وأن  تعرف أنه رب العالمين، وأن تعرف أنه لا إله إلا هو، وأن تعرف أسماءه الحسنى اسماً اسْماً.
 هذا الذي ليس عنده وقت ليعرف الذي خلقه، ومَن إليه المصير، ليعرف أن الذي خَلَقه خَلَقَه لجنة عرضها السماوات والأرض، هذا الذي ليس عنده وقت ليعرف منهج الله عز وجل الخبير.

 

﴿ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ﴾

 

( سورة فاطر )

 كيف يستطيع أن ينجو من مزالق الحياة الدنيا، أنت كائن ممتلئ بالشهوات والشهوات قوى دافعة.

﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ﴾

( سورة آل عمران الآية: 14 )

 هذه الشهوات قوى تدفعك نحو جهة ما، فيأتي العلم، العلم بالله، والعلم بمنهجه ليرشد هذه الحركة، وكأن الإنسان عقله كالمِقود، وشهواته محرِّك، والشرع هو الطريق، مهمة الشهوة أن تتحرك، ومهمة العقل أن يبقيك على الطريق، والطريق سالك إلى جنة عرضها  السماوات والأرض.

 

من معاني قدرِ الله حق قدْرِه معرفتُه:

 فلذلك المعنى الدقيق لليلة القدر أن تعرفه، وفي الأثر:

 

 

(( ابن آدم اطلبنِ تجدني، فإذا وجدتني وجدت كل شيء، وإن فتك فاتك كل شيء، وأنا أحب إليك من كل شيء ))

 

[ ورد في الأثر ]

 يا رب، ماذا فقد من وجدك ؟ وماذا وجد من فقدك ؟ وإذا كان الله معك فمن عليك ؟ وإذا كان عليك فمن معك ؟
حينما تعرفه تستغني به عمن سواه، وحينما تعرفه تصبح حراً، وحينما تعرفه لا تكون خطيئة لأحد، وحينما تعرفه لا تنافق لأحد، وحينما تعرفه لا تخضع لأحد، لأن شرف المؤمن قيامه بالليل، وعزه استغنائه عن الناس، وحينما تعرفه لا تتضعضع أمام غني، ولا أمام قوي،  وحينما تعرفه يعزك الله عز وجل.

﴿ أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾

( سورة الشرح )

 مَن منا لا يتمنى السلامة والسعادة ؟ مَن منا لا يتمنى أن يكون له شأن في الدنيا يعينه على عمل صالح، يفضي بها إلى جنة عرضها السماوات والأرض.
أيها الإخوة، أكاد أقول: إن أصل الدين معرفة الله، الأمر والنهي بين أيدي الناس جميعاً، وأيّ إنسان نشأ في بيئة إسلامية، وسمع دروس التربية الإسلامية، وخطب الجمعة يعرف الحلال والحرام، ولكن لماذا يقترف الناس الحرام، ويمتنعون عن الحلال ؟ لأن شهواتهم  تحركهم، والسعي إلى المال يدفعهم، لأنهم ما عرفوا الله، والله الذي لا إله إلا هو لو أن الإنسان عرف الله وآمن باليوم الآخر لكان أسعدَ الناس.

 

التكذيب العملي باليوم الآخر أمرٌ واقعٌ في المسلمين:

 ذكرت قبل أيام أن الإنسان لا يجرؤ أن يقول: ليس هناك يوم آخر، وفي العالم الإسلامي ليس وارداً إطلاقاً أن يكذب المسلم باليوم الآخر، لكنّ أغلبية المسلمين في حركتهم في الحياة، وفي بيعهم، وفي شرائهم، وفي علاقاتهم يؤكدون بهذه الحركة أنهم لم يؤمنوا باليوم  الآخر، الذي يغش المسلمين كيف سيواجه الله رب العالمين، الذي من أجل مبلغ من المال يصيب بأذاه المسلمين، هذا الذي ما عرف الله إنسان ضال، أو دابة متفلتة تبحث عن شهوتها أو عن مصالحها.
لذلك أصل الدين معرفة الله:

 

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللّهُ ﴾

 لا تنظر إلى صغر الذنب، ولكن انظر على من اجترأت.

 

 

التفكر في الكون طريق إلى معرفة الله:

 

 نحن في ليلة القدر من أجل أن نعرف الله، لا بد من أن تقتطع وقتاً لمعرفة الله، لأن أصل الدين معرفة الله، هذه الليلة نبدأ بها، ونتابع على مدى الأيام، وعلى مدى الأسابيع، وعلى مدى الشهور، يجب أن تتفكر في خلق السماوات والأرض.

التفكُّر في جسم الإنسان:

 أيها الإخوة، يجب أن تقدر الله، وأن تعرفه و، الله عز وجل لا يرى بالعينين، ولا تدركه الأبصار، ولكن تصل إليه العقول، لو فكرت في جسمك، وهو أقرب آية إليك.

﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴾

( سورة البلد )

العـيـن:

 دقق في العين، فإنها تبدأ بطبقة اسمها القرنية شفافة شفافية مطلقة، وكيف كانت شفافة، لأنها نسيج وحيد يتغذى عن طريق الحلول لا عن طريق الشعريات الدموية، من أجل أن تكون الرؤية صافية، هذه يد من ؟ تقدير من ؟
في العين ماء، فإذا ذهبت إلى بلد بارد جداً، والحرارة 69 تحت الصفر يجب أن يفقد كل إنسان بصره، إذ يتجمد الماء هناك، من أودع في العين مادة مضادة للتجمد ؟
أعلى آلة تصوير احترافية رقمية في كل ميليمتر مربع عشرة آلاف مستقبل ضوئي، في الميليمتر المربع من الشبكية مئة مليون مستقبل ضوئي

 

﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴾

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللّهُ ﴾

أنت في ليلة القدر، لكن هل فكرت أن تنطلق من هذه الليلة إلى التفكر في خلق السماوات والأرض

﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴾

 لو أنها عين واحدة، ماذا ترى بالواحدة ؟ الطول والعرض فقط، ترى سطحاً ولا ترى حجماً، ترى بُعدين، ولا ترى أبعاداً ثلاثة.

 

﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴾

 وكيف ترى العين الشيء بحجمه الحقيقي ؟ قف أمام جبل قاسيون، تراه بحجمه الحقيقي، صوره بأعلى آلة تصوير تراه هكذا، كيف ترى العينُ الشيءَ بحجمه الحقيقي ؟ هذا من آيات الله الدالة على عظمته.
العين البشرية تفرق بين 8 ملايين لون

 

 

﴿ أَلَمْ نَجْعَل لَّهُ عَيْنَيْنِ ﴾

 لا تنظر إلى صِغر الذنب، ولكن انظر على من اجترأت.

 

 

الشَّعـر:

 هل تفكرت في هذا الشعر، ففي رأسك300 ألف شعرة، لكل شعرة وريد، وشريان وعصب، وعضلة، وغدة صبغية، وغدة دهنية، لماذا لم يضع في الله الأشعار أعصابَ حسٍّ ؟ لو أن في الشعر أعصاب حس لاضطررت أن تذهب إلى المستشفى، وأن تجري عملية خطيرة جداً تحتاج إلى تخدير كامل، إنها عملية الحلاقة، لكن الله سبحانه وتعالى ما أودع في الشعر، ولا في الأظافر أعصاب حس، أما في أيّ مكان آخر لو أصابه المقص لصرخت من الألم، فكر:

 

﴿ لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنسَانَ فِي أَحْسَنِ تَقْوِيمٍ ﴾

( سورة التين )

﴿ وَإِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ * عَلِمَتْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ وَأَخَّرَتْ * يَا أَيُّهَا الْإِنسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ * الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ * فِي أَيِّ صُورَةٍ مَّا شَاء رَكَّبَكَ

( سورة الانفطار )

الأنـف:

 أيها الإخوة، لو دققت في الأنف عشرين مليون عصب شمي، كل عصب ينتهي بسبع أهداب، كل هدب مغمس بمادة معينة، تتفاعل هذه الأهداب مع الرائحة، وتتشكل بشكل هندسي ينتقل إلى الدماغ، فيعرَض على ذاكرة المشمومات، والذاكرة تقريباً فيها عشرة آلاف بند، فإذا وافق هذا الرمز ذاك الرمز تقول: في بالطعام المادة الفلانية، لأنك شممتها، هذا صنع من ؟
 نحن في ليلة القدر.

﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾

( سورة الزمر الآية: 67 )

الأذن:

 تمشي في الطريق فتستمع إلى صوت مركبة، فتنزاح نحو اليسار، ما الذي حدث ؟ جهاز بالغ التعقيد في دماغ الإنسان يحسب تفاضل وصول الصوت إلى الأذنين ، المركبة هنا، دخل الصوت إلى هذه الأذن قبل هذه الأذن.
بالمناسبة: كما أن العينين معاً تدركان البعد الثالث، العمق، الحجم، الأذنان معاً تدركان جهة الصوت، ولو أنك لك أذنا واحدة لم تعرف جهة الصوت، تستمع إلى مركبة فتأتي أمامها، أما بالأذنين معًا فهناك جهاز بالغ التعقيد يحسب تفاضل وصول الصوت إلى الأذنين، والفارق واحد على 1620 جزءا من الثانية، يدرك الإنسان أن الصوت من جهة اليمين، فيعطي الدماغ أمرًا إلى الرِّجلين فينحرف الإنسان نحو اليسار، هذه يد من ؟ صنعة من ؟ هذا الإله العظيم يُعصَى ؟ هذا الإله العظيم ألا يُخطَب ودُّه ؟ ألا تُرجى جنته ؟ ألا تُخشى ناره ؟

 

النطفة:

 في اللقاء الزوجي من 300 لـ 400 لـ 500 مليون نطفة، وتحتاج البويضة إلى نطفة واحدة، كيف يقول هذا النبي الأمي الذي عاش في الصحراء، ولم يقرا كتابا من قبل:

 

 

﴿ وَمَا كُنتَ تَتْلُو مِن قَبْلِهِ مِن كِتَابٍ وَلَا تَخُطُّهُ بِيَمِينِكَ إِذًا لَّارْتَابَ الْمُبْطِلُونَ ﴾

 

( سورة العنكبوت )

 كيف يقول:

 

(( مَا مِنْ كُلِّ الْمَاءِ يَكُونُ الْوَلَدُ... ))

 

[ أخرجه مسلم وأحمد في مسنده عن أبي سعيد ]

 من نطفة واحدة، هذه النطفة لا ترى بالعين، لكن البويضة تشبه ذرة الملح ، ضع شيئاً من لعابك على طرف إصبعك، واضغط ضغطة خفيفة على الملح، تجد ذارت صغيرة، هذه الذرات هي حجم البويضة، الحوين لا يرى بالعين، والطفل يمكث في بطن أمه تسعة أشهر، له رأس، له شعر، له عينان، له أذنان، له أنف، له لسان، له جهاز هضم، له جهاز تنفس، له قلب، له أوعية، له شرايين، له أعصاب، له عضلات، له جلد، له جهاز إفراز، يد من ؟ صنعة من ؟ حكمة من ؟
نحن في ليلة القدر، من أجل أن نقدر الله عز وجل:

 

﴿ وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالْأَرْضُ جَمِيعًا قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَالسَّماوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ ﴾

 أيها الإخوة الكرام، ننطلق من هذه الليلة في التفكر في خلق السماوات والأرض ولكن الله عز وجل يقول:

 

﴿ إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾

( سورة آل عمران )

﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ ﴾

 فعل مضارع يفيد الاستمرار، كلما ازددت معرفة بالله ازددت خشية منه، كلما ازددت معرفة لله ازددت طاعة له، كلما ازددت معرفة لله وقفت عند حدوده، وكلما ازددت معرفة بالله أقمتَ أمره، وانتهيت عما عنه نهى وزجر، هذه المسافة الكبيرة بين شرود الناس ومنهجِ الله سببها ضعف في معرفة الله، فأيّ خطأ يرتكبه المسلم فهو بسبب ضعف في معرفة الله، لو عرفته حق المعرفة بشكل طبيعي لأطعتَه.
هناك مَثل نابع من حياتنا اليومية:
 لو جاءتك رسالة، أو إشارة، أو كتاب من دائرة البريد ؛ أن تعال يوم الخميس لتتسلّم رسالة مسجلة، وأنت في يوم الاثنين، قد تذهب، وربما لا تذهب لضيق الوقت، لكن لو تأتيك رسالة من جهة أخرى قوية تقول: تعال يوم الخميس راجعنا الساعة العاشرة، لا تنام ثلاثة  أيام، ما الفرق بين الورقتين ؟ الآمر.
 حينما تعرف مَن هو الله، من هو هذا الإله الذي خلقك فسواك فعدلك ؟ من هو هذا الإله الذي إليه المصير بعد موت فقد قدّرته حقّ قدْره.

 

الإنسان ضعيف، وفي لمح البصر يصبح في خبر كان:

 والله كأن الموت كُتب على غيرنا، الإنسان بلمح البصر يصبح نعيًا وخبرًا في ثانية واحدة، نرى كل يوم الأموات، الشاب يموت، إنسان في مقتبل الحياة يموت، قبل العرس يموت، بعد التخرج، قبل التعيين يموت، يشتري البيت فلا يسكنه، الإنسان كل مكانته وكل عظمته، وكل هيمنته وكل حجمه المالي، وكل مكانته الاجتماعية على قطر شريانه التاجي، ميليمتر وربع، فإذا ضاق هذا الشريان بدأت متاعب لا تحتمل، يحتاج إلى عملية قلب مفتوح، إلى تبديل شريان، إلى موسع للشرايين، وكل هيمنة الإنسان وقوته مبنية على سيولة الدم،  فإذا تجمد الدم في أي مكان في دماغه أصيب بعاهة أو عمى، أو شلل، أو في فقد ذاكرة.
 ما هذا الإنسان ؟! أنت ضعيف، خثرة دم تنهي حياة الإنسان، أو تنهي حركته ، وتنهي مكانته.
 والله أعرف أخا له صديق، يحمل أعلى شهادة بالعلوم، وصل إلى منصب قبل الوزير، منصب رفيع جداً، وله دخل كبير، وله زوجة فرنسية، فقد بصره، البريد أرسل له لشهر، ثم نُحي من عمله، يقول لصديقه: والله يا فلان أتمنى أن أجلس على الرصيف أتكفف الناس  وليس على جسدي إلا هذا المعطف، وأن يرد الله إلي بصري.

 

 

﴿ وَيَتَفَكَّرُونَ ﴾


 عندك عينان، وأذنان، وأنف، وفم، ولسان، وعقل، لك بيت، لك زوجة، لك أولاد، هذه النعم التي لا تعد ولا تحصى، هل هذا الإله العظيم يعصى ؟ أتنتهك حرماته ؟
 أيها الإخوة، القضية قضية أن نؤمن بالله الإيمان الذي يحملنا على طاعته، أن نؤمن باليوم الآخر الإيمان الذي يمنعنا أن نؤذي نملة، هذا المؤمن.
عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ:

 

 

(( حَكَيْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلًا فَقَالَ مَا يَسُرُّنِي أَنِّي حَكَيْتُ رَجُلًا، وَأَنَّ لِي كَذَا وَكَذَا، قَالَتْ: فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنَّ صَفِيَّةَ امْرَأَةٌ، وَقَالَتْ بِيَدِهَا هَكَذَا، كَأَنَّهَا تَعْنِي قَصِيرَةً، فَقَالَ: لَقَدْ مَزَجْتِ بِكَلِمَةٍ لَوْ مَزَجْتِ بِهَا مَاءَ الْبَحْرِ لَمُزِجَ ))

 

 

[ رواه الترمذي]

 نحاسب على الكلمة.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 

 

(( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَتَكَلَّمُ بِالْكَلِمَةِ لَا يَرَى بِهَا بَأْسًا يَهْوِي بِهَا سَبْعِينَ خَرِيفًا فِي النَّارِ ))

 

[ رواه الترمذي]

إلى متى أنت باللذات مشغول  وأنت عن كل ما قدمت مسؤول
***

خاتمة:

 ليلة القدر ليلة ينبغي أن نعرف الله فيها، أو أن نبدأ منها بمعرفة الله، وأن يكون التفكر سلوكاً يومياً، كل ما عرفت الله ازددت وحبة له، من أعجب العجب أن تعرفه ثم لا تحبه، ومن أعجب العجب أن تحبه ثم لا تطيعه، هذه قواعد ثابتة ؛ إن عرفته أحببته، إن أحببته  أطعته.

 

﴿ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾

 

( سورة الأحزاب )

 لذلك قانون الهداية:

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِآيَاتِ اللّهِ لاَ يَهْدِيهِمُ اللّهُ ﴾

 الطريق مغلق لأنك ما عرفته، لو عرفته لأطعته، لو أطعته لسعدت بقربه في الدنيا والآخرة.
 فيا أيها الإخوة، الإنسان ربما لا يرضى عن نفسه في رمضان، لكن بعد رمضان يمكن أن يجعل كل شهر بعد رمضان رمضان، بإتقان صلواته، بالتفكر في خلق السماوات والأرض، بأداء الصلوات في المسجد.
عَنْ جُنْدَبِ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ يَقُولُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 

 

(( مَنْ صَلَّى الصُّبْحَ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلَا يَطْلُبَنَّكُمْ اللَّهُ مِنْ ذِمَّتِهِ بِشَيْءٍ فَيُدْرِكَهُ فَيَكُبَّهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ ))

 

[ مسلم ]

 حينما تؤدي العبادات أداءً متقناً، حينما تضبط جوارحك، تضبط لسانك، تضبط عينك، تضبط يدك، تضبط دخلك، تنفق في سبيل الله، تحضر درس علم، تستمع إلى خطبة، تستوعبها، تنقلها إلى من حولك، لعل الله سبحانه وتعالى يرحمنا في هذا الشهر والذي بعده.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور