وضع داكن
29-03-2024
Logo
قوانين القرآن الكريم - الدرس : 16 - قانون تفريج الكرب
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.
أيها الإخوة، مع درس جديد من دروس سنن الله في خلقه، والتي استنبطت من كتابه الكريم، والقانون اليوم قانون تفريج الكرب، وما أكثرها في حياة المسلمين.

الحياة الدنيا دار ابتلاء وامتحان:

 كل إنسان عنده مشكلة: شاب يبحث عن عمل، هذه مشكلة، شاب يبحث عن زوجة، هذه مشكلة، إنسان له زوجة ليست كما يتمنى، هذه مشكلة، إنسان دخله قليل، إنسان عليه ديون لا قِبَل له بوفائها، وما أكثر الهمومَ، إنسان عنده مشكلة صحية، حياة البشر هكذا أرادها الله أن تكون.
نحن في دار ابتلاء لا في دار جزاء، نحن في دار تكليف لا في دار تشريف، نحن في دار عمل لا في دار أمل، طبيعة الحياة الدنيا كما وردت في بعض الآثار:

 

(( إن هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء، ومنزل ترح لا منزل فرح، فمن عرفها لم يفرح لرخاء، ولم يحزن لشقاء، قد جعلها الله دار بلوى، وجعل الآخرة دار عقبى، فجعل بلاء الدنيا لعطاء الآخرة سببا، وجعل عطاء الآخرة من بلوى الدنيا عوضا ، فيأخذ ليعطي، ويبتلي ليجزي ))

 

[ ورد في الأثر ]


 لذلك لعلماء العقيدة رأي في أسماء الله الحسنى يجدر أن أتحدث عنه: لا يجوز أن تقول: الله ضار، مع أن الضار من أسماء الله الحسنى، يجب أن تقول: ضار نافع، أي أنه يضر لينفع، لا يجوز أن تقول: الله خافض، فقط، مع أن الخافض من أسمائه الحسنى، قل: خافض رافع، يخفض ليرفع، لا يجوز أن تقول: الله  مذل، هو مذل، لكنه مذل معز، يذل ليعز.

 

مجالات الامتحان:

 

1 – الامتحان بالعطاء:

 

 أيها الإخوة، شاءت حكمة الله أن تكون الحياة دار ابتلاء، الابتلاء هو الامتحان ، لكن ما هي بنود امتحان كل واحد منا ؟ أنت ممتحن في زمرتين، في زمرة مكنك الله منها ، أعطاك مالا فأنت ممتحن بالمال، أعطاك صحة، أعطاك عقلا راجحا، أعطاك طلاقة لسان، أعطاك شكلا وسيما، هذه الميزات، وهذه  الخصائص، وهذه الحظوظ بنود امتحانك مع الله، فقد تنجح وربما لا تنجح.

2 – الامتحان بالمنع:

 الآن: هناك بنود أخرى، زوى عنك الصحة أحياناً، عندك متاعب في جهاز الهضم مستمرة، زوى عنك الوسامة، فلا وسامة، زوى عنك المال، دخل محدود.
أنت ممتحن في زمرتين، الحظوظ التي مكنك الله منها، والحظوظ التي زويت عنك، من هنا جاء الدعاء الرائع: عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ الْخَطْمِيِّ الْأَنْصَارِيِّ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ:

(( اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي حُبَّكَ، وَحُبَّ مَنْ يَنْفَعُنِي حُبُّهُ عِنْدَكَ، اللَّهُمَّ مَا رَزَقْتَنِي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ قُوَّةً لِي فِيمَا تُحِبُّ، اللَّهُمَّ وَمَا زَوَيْتَ عَنِّي مِمَّا أُحِبُّ فَاجْعَلْهُ فَرَاغًا لِي فِيمَا تُحِبُّ ))

[ الترمذي ]

 لذلك الآية الكريمة:

 

﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾

 

( سورة القصص الآية: 77 )

 إذا آتاك الله المال فابتغِ به الدار الآخرة، إذا آتاك الصحة فاستهلكها في طاعة الله، إذا آتاك الله مالاً فأنفِقه في سبيل الله، إذا آتاك الله طلاقة لسان فكن داعية إلى الله ؛ بيّن الحق، بيّن القرآن:

 

﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾

 إذاً: عندك زمرتان من الامتحانات، الحظوظ التي مكنك الله منها، والحظوظ التي زواها عنك.
لو تصورنا إنسانان عاشا ستين عاما بالضبط، أحدُهم كان غنيًّا، والآخر كان فقيرا، لو توقعنا أن الغني لم ينجح في امتحانه، استكبر بماله، استعلى على عباد الله، أنفقه على ملذاته، وشهواته المحرمة، والفقير نجح في امتحان الفقر، تجمَّل، وصبر، وتعفف ، وأطاع الله عز وجل، الستون عاما انتهت، كم سنة بقي بعد الموت ؟ إلى أبد الآبدين، ما هو الأبد ؟
 والله أيها الإخوة، والله ما مِن عقل بالأرض يستوعب الأبد، ماذا أقول ؟ بيننا وبين الشمس 156 مليون كيلومتر، تصور رقم ( واحد ) في الأرض وأصفارا إلى الشمس، لا كل كيلومتر صفر، كلّ ميليمتر كل م صفر، ما هذا الرقم ؟! هذا رقم لا يستوعبه العقل، 156 مليون كيلومتر من الأصفار، وكل ميليمتر  صفر، هذا الرقم ضعه صورة، وضع مخرجه لا نهاية، القيمة صفر، كذلك الدنيا صفر.
عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:

 

 

(( لَوْ كَانَتْ الدُّنْيَا تَعْدِلُ عِنْدَ اللَّهِ جَنَاحَ بَعُوضَةٍ مَا سَقَى كَافِرًا مِنْهَا شَرْبَةَ مَاءٍ ))

 

[ رواه الترمذي]

 الغنى والفقر بعد العرض على الله، خذ ما شئت إنك مفارق.

 

(( عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به ))

 

[أخرجه الشيرازي عن علي ]

 لذلك العقل، والذكاء، والتوفيق، والنجاح، والتفوق في طاعة الله.

 

 

﴿ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا ﴾

( سورة الأحزاب )

 إذاً: نحن في دار ابتلاء، والابتلاء منوّع، إما إيجابي أو سلبي، لو كان الابتلاء سلبيا فأنت أمام طريق مسدود، ما من عمل، وشاب بغير زواج، ما عنده بيت، مشكلات الحياة لا تعد ولا تحصى، مرض معقد يحتاج إلى أموال طائلة، هذا كرب.
 قانون تفريج الكرب، والله الذي لا إله إلا هو، وألقى الله بهذا الكلام لزوال الكون أهون على الله من أن تتقي الله.ثم لا ترى الفرج، في أيّ مكان كنت، في أيّ زمان، بأي محيط، بأي بيئة، بأي نظام، بدولة غنية، فقيرة، شرق، غرب.

قانون الفَرَج: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا

﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾

( سورة الطلاق )

1 – وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا

 هذه شعار عظيم لكل شاب، ممَّ تشكو ؟ اتقِ الله، اتقِ الله يجعل لك مخرجا، اتقِ الله في اختيار زوجتك يجعل الله لك مخرجاً من الشقاء الزوجي، اخترها ذات دين، تربت يداك إن لم تفعل، اخترها تعرف الله، إنها أم أولادك، من يتق الله في اختيار زوجته يجعل الله له مخرجاً من الشقاء الزوجي، ومن لا يتقي الله في  اختيار زوجته تريه النجوم ظهراً، لأن المرأة جنة أو نار.

﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الآخِرَةِ حَسَنَةً ﴾

( سورة البقرة الآية: 201 )

تقوى الله في كل شيء:

 من يتق الله في تربية أولاده يجعل الله له مخرجاً من عقوقهم، فحينما تعتني بابنك صغيراً، تأخذه إلى المسجد، تحفظه كتاب الله، تهتم بأخلاقه، بأصدقائه، بدراسته، بصحته، بعاداته، بتقاليدك، هو معك يلزمك، فإذا شبّ رأيته قرّة عين لك.
 والله أيها الإخوة، ما من شيء أغلى على الأبوين من ابن صالح يدعو لهما من بعدهما، هو صدقة جارية.
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ:

 

((إِذَا مَاتَ الْإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلَّا مِنْ ثَلَاثَةٍ: إِلَّا مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ، أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ، أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ ))

 

[ مسلم ]

 لذلك يقول سيدنا عمر: << أقوم إلى زوجتي وما بي من شهوة، إلا رجاء ولد صالح ينفع الناس من بعدي >>، لأن الولد ثروة كبيرة.
يا أيها الإخوة، نحن في امتحان، عندنا مشكلة زوجية، مشكلة الأولاد، مشكلة الدخل، مشكلة الصحة:

 

﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾

 حدثني أحد علماء دمشق جاءه شاب، قال له: أنا ما معي شيء، وأنا في سن الشباب، وأنا أتمنى أن أتزوج، لا بيت، ولا عمل، ولا مهر، يعمل في محل تجاري بدخل قليل جداً، قال له: اتقِ الله، قال له: هذه أين تصرف ؟ كيف أتقي الله ؟! ما فهِم أبعادها، قال له: ما عندي غيرها، مع السلامة، هذا الرجلُ فكّر في قول العالم: اتقِ الله، مجال تقواه عمله، هو موظف بسيط جداً في محل، يبدو أنه أخذ هذا الكلام بمحمل خطير، قال بعدها: داومت دواما كاملا كأن المحل لي، غضضت بصري عن أي فتاة تدخل إلى المحل، ما كذبت أبداً، نصحت الزبائن، يذكر تفاصيل، فصاحب المحل وجد الوضع غير طبيعي، كأن هذا العامل صاحب المحل، من كثرة اهتمامه، ودوامه الكامل، الذي حصل ؛ أن صاحب المحل طمع به أن يكون زوجاً لابنته، لكن ما أخبره، وأمّن له بيتا جيد جداً، وصار يقول له: رافقني، أنا مضطر أن أكسو بيتا، أنا أحب ذوقك، هو يختار السيراميك، هو يختار البلاط، بعدما انتهى هذا البيت قال له: هذا البيت لك، أنا سأزوجك ابنتي، فدعا الشيخ إلى عقد القرآن، قال له: سيدي ما تذكرتني ؟ قال له: لا والله، قال له: أنا مرة جئت إليك، وقلت لي: اتقِ الله، أنا اتقيت الله الله فأكرمني بزوجة وبيت ودخل جيد.
أنا والله وألقى الله بهذا الكلام: لا أصدق في الأرض في القارات الخمس من آدم إلى القيامة أن شابا يتقي الله والله عز وجل لا يفرج عنه، وما أكثر المشكلات.
والله مشكلات العالم الإسلامي تنهد لها الجبال، صعوبات كثيرة، طرقٌ مسدودة، أبواب مغلقة، قهر كبير، قتل يوميّ، فقد حرية، مرض عضال، جوائح مميتة، شيء لا يحتمل، وأنتم ترون بعيونكم ماذا يجري في العالم:

 

 

﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾

 من يتق الله في اختيار زوجته:

 

﴿ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾

 من الشقاء الزوجي.
من يتق الله في تربية أولاده:

﴿ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾

 من عقوقهم.
من يتق الله في كسب ماله:

﴿ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾

من تلف المال .
من يتق الله في التوحيد:

﴿ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾

 من الشرك.
والله الذي لا إله إلا هو لو لم يكن في كتاب الله إلا هذه الآية لكفت.
مرة قال أعرابي للنبي الكريم: عظني ولا تطل، فتلا عليه قوله تعالى:

﴿ فَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَن يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ ﴾

( سورة الزلزلة )

 قال: كُفيت، أعرابي اكتفى بقسمٍ من سورة في آيتين.

 

﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾

 اتق الله تر الأمور ميسرة.

 

﴿ فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى ﴾

( سورة الليل )

 دققوا في هذه الآية، صدق أنه مخلوق للجنة لا للدنيا، وحينما تؤمن أنك مخلوق للجنة تنعكس الموازين كلها، ترى الذكاء، والفلاح، والفوز، والتفوق في العطاء لا في الأخذ، ترى النجاح، والفوز، والذكاء في بذل جهدك للآخرين لا في أخذ جهودهم، إن لم تنعكس مقاييسك بعد الإيمان بالله واليوم الآخر فإن في  الإيمان خللا.

 

﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾

 أيها الإخوة، هذه الآية هي الحل، المسلمون ماذا يعانون ؟ والله لا أعتقد أنه مرَّ في تاريخهم زمن أصعب من هذا الزمن، هم متّهمون بعقيدتهم، وبأخلاقهم، متخلفون ، إرهابيون، قتلة، جهلة، فقراء، متهمون، ما الحل ؟ الحل بكلمتين، كلمتان في كتاب الله، الدليل: قال تعالى:

 

﴿ وَقَدْ مَكَرُواْ مَكْرَهُمْ وَعِندَ اللّهِ مَكْرُهُمْ وَإِن كَانَ مَكْرُهُمْ لِتَزُولَ مِنْهُ الْجِبَالُ ﴾

( سورة إبراهيم )

وفهْمُكم كفاية.

 

2 – وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا

قال الله:

﴿ وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾

( سورة آل عمران الآية: 120 )

 هذا كلام خالق السماوات والأرض، هذا الكلام زوال الكون أهون على الله من ألا يقع، هذا الكلام:

 

﴿ وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾

 عظمة هذا الدين أيها الإخوة أن المجموع إذا طبقه قطف ثمارا يانعة، وإذا طبقه واحد وحده قطف ثمارا يانعة، فهو دين جماعي، ودين فردي، وإذا شرد الناس عن الله، ولم يستقيموا، وتنكروا لهذا الدين، وانغمسوا في الشهوات والمعاصي والآثام فدعك منهم ، الآية:

 

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ ﴾

( سورة المائدة الآية: 105 )

من علامات آخر الزمان:

 أما في آخر الزمان صعب جداً.

 

(( إِذَا رَأَيْتَ شُحّا مُطَاعاً ))

 

[أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه ابن ماجه ]

 مادية مقيتة، يبيع دينه بعرض من الدنيا قليل.

 

(( إِذَا رَأَيْتَ شُحّا مُطَاعاً، وَهَوًى مُتّبَعاً ))

 

[أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه ابن ماجه ]

 الجنس هو كل شيء في حياة الناس، نحن أمة اقرأ، يعني بشهر رمضان بشهر العبادة، بشهر التقوى، بشهر القرب، بشهر الصلة بالله ما في غير مسلسلات، هذا واقع الناس، كان شهر عبادة صار شهر فلكلوري، شهر ولائم.
 فيا أيها الإخوة.

 

(( إِذَا رَأَيْتَ شُحّا مُطَاعاً، وَهَوًى مُتّبَعاً، وَدُنْيَا مُؤْثَرَةً، وَإِعْجَابَ كُلّ ذِي رَأْيٍ بِرَأْيِهِ، فامسك لسانك، والزم بيتك، وخذ ما تعرف، ودع ما تنكر، وعليك بخاصة نفسك ودع عنك أمر العامة ))

 

[ أخرجه أبو داود والترمذي وحسنه ابن ماجه ]

 فهذا الدين عظمته إن طبقته الأمة انتصروا، ووصلوا إلى أطراف الدنيا، لأنه لو فهم الصحابة الكرام الإسلام كما نفهمه نحن والله الذي لا إله إلا هو ما خرج الإسلام من مكة، لكنه وصل إلى الصين !
 سيدنا ابن رواحة كلفه النبي عليه الصلاة والسلام أن يقيّم تمر خيبر، هناك اتفاقية بينهما، فجاء إليهم كي يقيّم تمرهم، فأغروه بحليّ نسائهم كرشوة، قال: والله جئتكم من عند أحب الخلق إلي، ولأنتم أبغض إلي من القردة والخنازير، ومع ذلك لن أحيف عليكم، فقالت اليهود: بهذا قامت السماوات والأرض، وبهذا غلبتمونا.
نحن أمة نعاني ما نعاني، والله خلاصنا بيدنا، والورقة الرابحة بيدنا، والكرة في ملعبنا، والله ينتظرنا.

 

﴿ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ ﴾

 

( سورة الأنفال الآية: 14 )

﴿ وَإِن تَصْبِرُواْ وَتَتَّقُواْ لاَ يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا ﴾

 أيها الإخوة، فنحن حينما نطبق هذا الدين تطبيقا جماعيا نقطف ثمارا يانعة.

﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا ﴾

( سورة النور الآية: 55 )

خاتمة:

 ثلاثة وعود: الاستخلاف، والتمكين، والتطمين، ونحن الآن لسنا مستخلفين ولا ممكنين، ولسنا مطمئنين، هذه الحقيقة، والأمر بيدنا، فإما أن تطبق هذا الدين ـ أيها الأخ المؤمن الكريم ـ وحدك فتقطف ثماره يانعة، أو أن يطبق المجتمع كله هذا الدين فنقطف ثماراً جماعية.
 كل إنسان يتأمل، ويدقق، ويحقق، ويرسم لنفسه خطة، يبحث عن النقاط السلبية في حياته، موضع المعاصي، موضع الآثام، موضع التقصير في أداء الواجبات ، موضع الإنفاق غير صحيح، موضع الكسب المادي فيه شبهة.
 أذكر كلمة وردت في شأن الحج: من وقف في عرفات، ولم يغلب على ظنه أن الله غفر له فلا حج له، أقيس على هذا أنه يجب أن يغلب على ظنك أن الله غفر لك، وأن الله قَبِلك، وأن الله أعتقك من النار، وأنك فتحت مع الله صحة جديدة، وأنك اصطلحت مع الله ، وأنك عدت إلى الله.

 

(( إذا رجع العبد العاصي إلى الله نادى منادٍ في السماوات والأرض أن هنئوا فلان فقد اصطلح مع الله ))

 

[ ورد في الأثر ]

 والله الذي لا إله إلا هو كلمة ( هنيئاً لك ) لا تصلح إلاّ لمن اصطلح مع الله، تهنئه ببيت سيتركه، تهنئه بمركبة سيتركها، تهنئه بمال وفير سوف يفارقه، أما أن تهنئه بالهدى فهو الأولى.
 لذلك: تمام النعمة الهدى، النعمة الحقيقية الهدى، سيدنا علي رضي الله عنه يرتب النعم ثلاثة مستويات، نعمة الهدى رقم واحد، نعمة الصحة رقم اثنان، نعمة الكفاية رقم ثلاثة.

 

(( من أصبح منكم آمنا في سربه، معافى في جسده، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ))

 

[ أخرجه الترمذيوابن ماجة عن عبد الله بن محصن ]

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور