وضع داكن
28-03-2024
Logo
الخطبة : 1077 - الإحباط2 ، ما جاء في القرآن في إحباط العمل .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

الخــطــبـة الأولــى :

الحمد لله نحمده، ونستعين به، ونسترشده، ونعوذ به من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مُضل له، ومن يضلل فلن تجد له ولياً مرشداً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إقراراً بربوبيته، وإرغاماً لمن جحد به وكفر، وأشهد أن سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم رسول الله، سيد الخلق والبشر، ما اتصلت عين بنظر، أو سمعت أذن بخبر، اللهم صلِّ وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه، وعلى ذريته ومن والاه، ومن تبعه إلى يوم الدين، اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً، وأرنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه، وأرنا الباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه، و اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، وأدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين، أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات.

على كل إنسان أن يختار من موضوعات الدين الموضوعات المصيرية المتعلقة بسلامته:

أيها الأخوة الكرام، بدأت في الخطبة السابقة موضوعاً من أخطر الموضوعات ألا وهو موضوع الإحباط، وتحدثت عن معنى الإحباط في الخطبة السابقة و هأنذا في هذه الخطبة أتحدث عن الإحباط في القرآن الكريم، متى يحبط العمل ؟ متى يلغى ؟ متى يجعله الله هباءً منثوراً ؟
على كل إنسان أن يختار من موضوعات الدين الموضوعات المصيرية
أيها الأخوة الكرام، لا شك أن هناك ملايين الموضوعات تقرأها وتنتهي من قراءتها وتتثاءب وتنام، لكن كتيباً صغيراً أحياناً متعلقاً بالصحة يشير إلى ظواهر لمرض خطير تعاني منه تنتهي من قراءة هذه الكتيب فلا تنام الليل، فالعبرة أن تضع يدك على موضوعات مصيرية، هناك ملايين الموضوعات إن قرأتها أو لم تقرأها لا يقدم هذا ولا يؤخر، لكن هناك موضوعات يجب أن تُعلم بالضرورة، كيف أن المظلي قد يهمل مئات المعلومات عن مظلته ؛ عن شكلها، ولونها، ونوع خيوطها وحبالها، إلا أن معلومة واحدة لو جهلها نزل ميتاً، طريقة فتحها، فلذلك يجب أن نختار من موضوعات الدين التي لا تعدّ ولا تحصى الموضوعات الخطيرة المصيرية المتعلقة بسلامتنا وسعادتنا، أو بهلاكنا وشقائنا، من هذه الموضوعات موضوع الإحباط، للتقريب كم مرض يوجد ؟ يوجد ملايين الأمراض، الله عز وجل أخبر نبيه فقال لنا: إن لكل داء دواء، ملايين الأمراض ولكل مرض دواؤه، إلا أن هناك بعض الأمراض تنهي حياة الإنسان كالأورام الخبيثة، أمراض القلب، أمراض الكلية، هذا مرض خطير يسمى عضالاً، يسمى داءً، ينهي حياة الإنسان، وكذلك في الدين، هناك أعمال تشبه الأمراض الخبيثة تنهي عمل الإنسان.
السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قولوا لفلان: إنه ألغى جهاده مع رسول الله.

إحباط العمل أحد أقل نتائجه أن يكون عمل الإنسان هباء منثوراً :

والله أيها الأخوة، مئات الأعمال يفعلها المسلمون وبهذه الأعمال يلغون صلاتهم وصيامهم وحجهم وزكاتهم طوال أعمارهم، أنت حينما تبني مجدك على أنقاض الناس، أنت حينما تحقق منفعةً وتسبب مضرة للناس، أنت حينما تغش الناس:

(( لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ ))

[ مسلم والترمذي وابن ماجه واللفظ له عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

من نتائج إحباط العمل أن يكون عمل الإنسان هباءً منثوراً
على كل، أتمنى أن تأخذوا موضوع الإحباط وأن تضعوه في خانة الخطر، تحته خط أحمر، طبعاً الإحباط أحد أقل نتائجه:

 

﴿ وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاءً مَنْثُورًا (23) ﴾

( سورة الفرقان)

من منا يتمنى أن تلغى صلاته في كل عمره وحجه وزكاته ؟

(( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ وَالْمَرْأَةُ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً، ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ، فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ ))

[ سنن أبي داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

يحرم البنات وهذا يفعله المسلمون كل يوم، يكتب أملاكه للذكور فقط لئلا تنتقل الثروة إلى الأصهار ويخالف منهج الله.

(( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ وَالْمَرْأَةُ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً، ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ، فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ ))

[ سنن أبي داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

أين صلاته ؟ أين صيامه ؟ صام سبعين سنة، عمل ستاً وثلاثين حجة، ثماني وسبعين عمرة.

(( إِنَّ الرَّجُلَ لَيَعْمَلُ وَالْمَرْأَةُ بِطَاعَةِ اللَّهِ سِتِّينَ سَنَةً، ثُمَّ يَحْضُرُهُمَا الْمَوْتُ، فَيُضَارَّانِ فِي الْوَصِيَّةِ فَتَجِبُ لَهُمَا النَّارُ ))

[ سنن أبي داود عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

يعطي أناساً ويحرم آخرين وكأنه أناب نفسه عن رب العالمين، مع أن الله عز وجل ما سمح لنبيه أن يوزع التركة، تولى الله بذاته العلية توزيع تركة الإنسان.

 

أسباب إحباط العمل :

1 ـ سبب نفسي:

على كل أيها الأخوة، أول سبب لإحباط العمل سبب نفسي:

 

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(9) ﴾

(سورة محمد)

من أسباب إحباط الأعمال أن يكره الإنسان ما أنزل الله
كره تحريم الاختلاط، جلسة مشتركة مريحة، مسلية، في نساء، نمتع أعيننا بهن، كله حرام حرام حرام، هذا الذي يكره شيئاً حرمه الله، يا أخي الربا ضروري، المال معقول أن أقرضه قرضاً حسناً بلا مقابل ؟! العملة لها ثمن مع الأيام تنخفض قيمتها، أي إنسان يكره حكماً شرعياً أنزله الله عز وجل، لما الحجاب ؟ أليس من حق الفتاة أن تظهر ما عندها من جمال ؟ لماذا يخبأ هذا الجمال ؟ لماذا هذا التحريم ؟ أي إنسان كره ما أنزل الله:

 

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(9) ﴾

(سورة محمد)

هذا أول سبب، المؤمن هواه تبع لما جاء به النبي عليه الصلاة والسلام، يفرح بالعفة، يفرح بغض البصر، يفرح بعدم الاختلاط، يفرح بأداء الصلوات الخمس، يا أخي صبح ظهر عصر مغرب عشاء،عندنا عمل، عندنا مواعيد، اترك عملك وتوضأ وصلي، وارجع إلى عملك:

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(9) ﴾

(سورة محمد)

أيها الأخوة، هذا الإحباط الأول.

2 ـ اتباع ما أسخط الله:

الإحباط الثاني اتباع ما أسخط الله قال تعالى:

 

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(28) ﴾

(سورة محمد)

يعني يغش المسلمين وقد نهى النبي عليه الصلاة والسلام عن الغش، وقال:

(( لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ ))

[ مسلم والترمذي وابن ماجه واللفظ له عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

لكن بهذه الطريقة في غش المسلمين يحقق ملايين مملينة، ممكن أن تستورد بضاعة من بلد أسعاره رخيصة جداً، وأن تكتب على هذه البضاعة اسم دولة صنعتها من أكبر الدول، تبيع هذه البضاعة بخمسة أضعاف وتظن أنك ذكي وتاجر ماهر، ونسيت أنك غششت المسلمين، أعطيتهم بضاعة مصنعة في دولة صناعتها ليست راقية وأوهمتهم أن الصناعة لبلد آخر:

(( لَيْسَ مِنَّا مَنْ غَشَّ ))

[ مسلم والترمذي وابن ماجه واللفظ له عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

كلمة المسلمين ليست العليا لأن أعمالهم لا ترضي الله تعالى :

اتباع أهل الضلال سببٌ لإحباط الأعمال

 

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(28) ﴾

 

(سورة محمد)

أحياناً يقيم في بلد، يتزوج على الكتاب والسنة بإيجاب وقبول، بمهر، بولي، بشاهدين، وفي نيته بعد أن تنتهي الدراسة يطلقها، لا أحد في الأرض يكتشف حقيقة عمله:

 

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(28) ﴾

(سورة محمد)

شيء مخيف أيها الأخوة، مليار وخمسمئة مليون مسلم ليست كلمتهم هي العليا وليس أمرهم بيدهم، وللطرف الآخر عليهم ألف سبيل وسبيل، يملكون أغنى الثروات في الأرض وليست لهم لأعدائهم، ما السبب ؟ لأن أعمالهم لا ترضي الله:

 

﴿ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ اتَّبَعُوا مَا أَسْخَطَ اللَّهَ وَكَرِهُوا رِضْوَانَهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ(28) ﴾

(سورة محمد)

3 ـ اتباع أهل الضلال:

الإحباط الثالث، هذا الغرب القوي الذكي الغني أنماط سلوكه تفلت المرأة، اختلاطها، الأفلام، النموذج الغربي في الاحتفالات، في الفنادق، في السفر، في الإقامة، المرأة سلعة، تروج بها كل بضاعة، اختلاط شبه إباحية هذا الغرب نعجب به، نقدره، نهواه، نقلده، في بلاد المسلمين مصمم أزياء قد يكون يهودياً، هو يصمم لنسائنا يجب أن تكشف العورات، يجب أن تضيق الثياب، يجب ويجب ويجب والملايين المملينة يًلبسون زوجاتهم ثياباً وفق أحدث صرعات الأزياء، الإحباط الثالث اتباع أهل الضلال الآية:

 

﴿ كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ(69) ﴾

(سورة التوبة)

(( لتركبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع وباعاً بباع حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب دخلتم))

[صحيح الجامع برقم 5291 ]

التقليد الأعمى للغرب :

طبعاً شيء يدعو للعجب، قبل عدة أشهر افتتح مصرف في دمشق وأصحابه مسلمون، لكن لابدّ من كسر زجاجة خمر في حيثيات الاحتفالات، ما الذي يجبرك أن تكسر زجاجة خمر بحفل الاحتفال ؟ تقليد غربي، فندق خمس نجوم لابد من خمر، من قال هذا ؟ من قال هذا ؟ النمط الغربي، نمط الفنادق، نمط السفر، نمط شركات الطيران، يجب أن تكون المضيفة في أبهى زينة، في تفلت شديد، هكذا التقاليد، هكذا الحضارة الغربية، هكذا التقدم، هكذا الرقي:

(( لتركبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع وباعاً بباع حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب دخلتم))

[صحيح الجامع برقم 529]

مرة جاءني شاب إلى المسجد وله قضية عندي لفت نظري أن بنطاله فيه عدة ثقوب، والله تألمت أشد الألم وكتبت في مذكرتي أن أهيئ له ثياباً جديدة وسافرت إلى بلد بعيد ودعيت إلى مائدة صاحبها من أغنى المسلمين هناك فجاء ابنه وسلم عليّ، فإذا بالبنطال ثقوب عديدة فعلمت أن هذا ليس فقراً لكن موديل جديد هذا، يجب أن يكون البنطال مرقع أو غير مدروز أو كاحت هكذا الموضة الآن، شبابنا أي شيء يفعلونه نفعله نحن، هذا الحديث:

(( لتركبن سنن من كان قبلكم شبراً بشبر وذراعاً بذراع وباعاً بباع حتى لو أن أحدهم دخل جحر ضب دخلتم))

[صحيح الجامع برقم 529]

﴿ كَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ كَانُوا أَشَدَّ مِنْكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالًا وَأَوْلَادًا فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ(69) ﴾

(سورة التوبة)

أيها الأخوة، هذا الإحباط الثالث.

4 ـ الكفر والصدّ عن سبيل الله ومشاققة الرسول:

أما الإحباط الرابع هو الكفر والصدّ عن سبيل الله ومشاققة الرسول:

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ (32) ﴾

(سورة محمد)

يمنعون انتشار الدعوة، لا يسمح لابنه أن يلزم درس دين في المسجد أبداً، لا يحب أن يكون له انتماء إلى جماعة المؤمنين.

 

﴿ إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى لَنْ يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ (32) ﴾

(سورة محمد)

مع أن الحديث القدسي الصحيح من بعض فقراته:

(( يَا عِبَادِي، لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا ))

[ أخرجه مسلم عن أبي ذر]

﴿ إِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنْكُمْ وَلَا يَرْضَى لِعِبَادِهِ الْكُفْرَ (7) ﴾

(سورة الزمر)

﴿ يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لَا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلَامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ (17) ﴾

(سورة الحجرات)

5 ـ سوء الأدب مع رسول الله في حياته:

الإحباط الخامس سوء الأدب مع رسول الله في حياته:

 

﴿ أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ (2) ﴾

(سورة الحجرات)

عندما يرفع الإنسان صوته فوق سنّة رسول الله فقد حبط عمله
هذا انقضى الأمر لكن ما معنى الآية بعد انتقال النبي عليه الصلاة والسلام إلى الرفيق الأعلى ؟ أنت حينما ترفع صوتك فوق سنة رسول الله حبط عملك، حينما ترى أن هذه السنة ليست صالحة لهذه الأيام هذه صالحة لعصر الجمل وعصر الصحراء، نحن في معطيات جديدة، في علم، في تقدم، في فضائيات، في كومبيوتر، في حياة أخرى المرأة نصف المجتمع، إذا تصورت أن سنة النبي عليه الصلاة والسلام المعصوم الذي لا ينطق عن الهوى قابلة للدرس والبحث والتقييم والخطأ والصواب، هذه تصلح هذه لا تصلح، أنت رفعت صوتك فوق سنة رسول الله وهذا يحبط العمل:

 

﴿ فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (65) ﴾

(سورة النساء)

6 ـ الردة:

أيها الأخوة: والإحباط السادس الردة، كيف الردة ؟ يعني شخص رأى العالم الإسلامي متخلفاً، معظم بلاده محتلة، في أخطاء فاحشة في بلاد المسلمين، العالم الغربي قوي، متمكن، يفعل ما يقول، فظنّ أن هذا الدين لا يصلح إطلاقاً فانسلخ من الدين، انسلخ من وحي السماء، انسلخ من أمته ولم يفرق بين الدين وبين من يدّعي أنه من أهل الدين، لم يفرق بين الإسلام والمسلمين، لم يفرق بين الإيمان والمؤمنين، اختلطت عليه الأوراق، فألغى الدين من حياته هذا هو الارتداد:

﴿ وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ فَأُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (217) ﴾

(سورة البقرة)

كل أعمالهم الصالحة لا معنى لها ولا وزن لها ولا قيمة لها، لكن الله عز وجل عادل يعطيه ثوابها في الدنيا وماله في الآخرة من خلاق.

7 ـ النفاق:

الإحباط السابع هو النفاق:

 

﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ (18) ﴾

(سورة الأحزاب)

يثبط الهمم، يضعف العزائم، مالك ولهذا الدرس ؟ مالك وللتدين ؟ لما طلبتها محجبة ؟ دعك من هذه التقاليد القديمة:

﴿ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنْكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَى عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُمْ بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ أُولَئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ وَكَانَ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (19) ﴾

(سورة الأحزاب)

هؤلاء المنافقون.

 

المنافق إنسان كافر لأنه يُظهر عكس ما يبطن :

المنافق في بعض الحالات هو كافر لكن مصالحه مع المؤمنين فأظهر شيئاً وأخفى شيئاً: المنافق إنسانٌ كافر لأنه يظهر عكس ما يبطن

﴿ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ (145) ﴾

(سورة النساء)

﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ (14) ﴾

(سورة البقرة)

﴿ وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ (53) ﴾

(سورة المائدة)

﴿ وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَلِقَاءِ الْآخِرَةِ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ هَلْ يُجْزَوْنَ إِلَّا مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (147) ﴾

(سورة الأعراف)

8 ـ أراد الحياة الدنيا ولم يرد الآخرة:

تحبط الأعمال إذا أراد الإنسان الدنيا ولم يرد الآخرة
الإحباط الثامن الذي أراد الحياة الدنيا ولم يرد الآخرة:

 

﴿ مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لَا يُبْخَسُونَ (15) ﴾

(سورة هود)

﴿ كُلاًّ نُّمِدُّ هَـؤُلاء وَهَـؤُلاء مِنْ عَطَاء رَبِّكَ وَمَا كَانَ عَطَاء رَبِّكَ مَحْظُورًا ﴾

( سورة الإسراء )

﴿ أُولَئِكَ الَّذِينَ لَيْسَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ إِلَّا النَّارُ وَحَبِطَ مَا صَنَعُوا فِيهَا وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (16) ﴾

9 ـ الشرك:

الإحباط التاسع الشرك:

 

﴿ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ (65) ﴾

(سورة الزمر)

﴿ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَسَاجِدَ اللَّهِ شَاهِدِينَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي النَّارِ هُمْ خَالِدُونَ (17) ﴾

(سورة التوبة)

إحباط العمل يلغي العمل مهما بدا صالحاً و متقبلاً :

أيها الأخوة الكرام، إحباط العمل يلغي العمل مهما بدا صالحاً، مهما بدا عظيماً، مهما بدا متقبلاً، مهما احتفل به الناس، إحباط العمل شيء خطير وهناك ثمانية أسباب بنصوص قرآنية قطعية الدلالة تؤكد أن هذه الأعمال تحبط العمل الصالح الذي قام به الإنسان في حياته الدنيا، هذا من نوع المرض الخبيث يصيب دين الإنسان فالبطولة أن تتقي هذه الأسباب التي تلغي العمل.
إحباط العمل يلغي العمل مهما بدا صالحاً
مثل بسيط: لو افترضنا مريض لا يحتاج إلى عملية جراحية لكن طبيبه أشار عليه بعمل جراحي ليكسب أجرة هذا العمل، وقد يكون هذا العمل يضره، هذا الإنسان لو أنه يصلي حبط عمله، لو أنه مدرس وضع أسئلة تعجيزية حتى يعطي الطلاب أقل العلامات، ويسبب لهم مشكلات مع أهليهم من أجل بعض الدروس الخاصة، هذا غشّ المسلمين حبط عمله، لو أن محامياً أقنع موكله أن الدعوة رابحة مئة في المئة وهو يعلم علم اليقين أن الدعوة لن تربح في اجتهاد محكمة النقد، يمنع أخذ الحكم لصالح موكله وأقنع موكله أنها ستربح وأخذ منه آلافاً مؤلفة لسنوات ثمانية، هذا ألغى صلاته وصيامه وحجه وزكاته.
والله هناك أعمال أيها الأخوة، يقوم بها المسلمون بمئات الألوف كلها غش بغش، يقول لمَ لا ننتصر ؟ لمَ لا نتقدم ؟ لأنه في خطأ خطير، في خلل خطير في حياتنا.
أيها الأخوة، أسأل الله جل جلاله أن تنقلب هذه المعلومات وتلك الآيات إلى سلوك نفعله جميعاً كي نحافظ على عباداتنا، على صلواتنا وصيامنا وحجنا وزكاتنا، كي نحافظ على مستقبلنا ومستقبل أولادنا.
أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم فاستغفروه يغفر لكم، فيا فوز المستغفرين، أستغفر الله.

* * *

الخــطــبـة الثانية :

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى صحابته الغر الميامين و على آل بيته الطيبين الطاهرين.

الدين ليس في المسجد الدين في البيت و العمل و التجارة :

image
أيها الأخوة، أقول وأكرر ما أقول التدين ليس في المسجد، في المسجد تتلقى تعليمات الخالق، وفي المسجد تصلي فتقبض الثمن، التدين في بيتك، في عملك، في تجارتك، في معملك، في حقلك، في هرمونات مسرطنة، وهناك معامل تصنع المواد الغذائية تضيف إلى المادة الغذائية مادة مسرطنة كي يزداد لونها نصاعة يرتفع السعر، أنا أرى الدين في المعمل، في البيت، في الحقل، في المكتب، أنت موظف دينك بوظيفتك، يأتيك مواطن تحل قضيته بدقائق من مدينة بعيدة، أنت تدير حديثاً مع صديقك تقول له تعال غداً، حبط عملك هذا الإنسان قد لا يملك أجرة فندق، وجاء من مكان بعيد، وبإمكانك أن تؤدي له المهمة بدقائق، تعال غداً، إرجاء العمل أن تبني مجدك على أنقاض الناس، أن تبني صحته على إمراضهم، إنسان صاحب معمل عصير في جلسة خاصة قال: أنا لا أذوق منه قطرة واحدة هذا لا يُشرب، لا تذوق قطرة واحدة وتبيعه للناس تؤكد أنه عصير طبيعي.

من أراد النجاة من تأديب الله له فليستقم مع الخلق :

مشكلتنا خطيرة جداً حينما تكسب المال الحرام أحبط الله عملك، لا قيمة لا لصلاتك ولا صيامك ولا لحجك ولا لزكاتك كله التغى، السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: قولوا لفلان: إنه ألغى جهاده مع رسول الله.
من أراد النجاة من تأديب الله له فليستقم مع الخلق
والله لولا أن الوقت ضيق في معي قصص عن غش المسلمين في كل الحقول ؛ في الطب، و المحاماة، وفي التدريس، وفي الصناعة، وفي التجارة، وفي الزراعة، وفي الاقتصاد، وفي الاستيراد، وفي التصدير، أحياناً الإنسان يستورد مادة ليست صالحة للاستهلاك البشري ويقنع من بيده الموافقة بطريقة أو بأخرى لتدخل، أنت تسبب أمراضاً خبيثة للمسلمين جميعاً بهذا الطعام، يعدّ نفسه شاطراً، أنا أعده بمنتهى الغباء لأنه ما أدخل الله في حساباته.
كان عندي طالب خاله صاحب دار سينما يقول لي خالي بالخامسة والثلاثين جمع مبالغ طائلة من إفساد أخلاق الشباب، عن طريق الأفلام غير المنضبطة ، أصابه ورم خبيث في مقتبل حياته قال لي بكى أمامي، قال جمعت الأموال حتى أتمتع بها في حياتي ها قد عاجلني المرض، طبعاً الله كبير، الله عز وجل عدله مطلق، للمليار قبل أن تظلم إنساناً، قبل أن تسبب مرضاً لإنسان، قبل أن تضعف إنساناً، قبل أن تبتز أموال إنسان، قبل أن تعتدي على عرض إنسان، بعض الأمثلة، هناك بعض من تعمل في خدمة البيوت تنتحر من شدة القهر، والعمل الشاق، والضرب، والغذاء القليل، أين خوف الله ؟
والله أيها الأخوة، الله عز وجل يرحمنا لكن لو عاملنا على أعمالنا والله هناك متاعب كبيرة جداً، فإذا أردتم النجاة من تأديب الله لنا فاستقيموا مع الخلق، إياكم أن تظلموا أحداً، هذه أعمال تحبط عمل الإنسان.

الدعاء :

اللهم اهدنا فيمن هديت، وعافنا فيمن عافيت، وتولنا فيمن توليت، وبارك لنا فيما أعطيت، وقنا واصرف عنا شر ما قضيت، فإنك تقضي بالحق، ولا يقضى عليك، وإنه لا يذل من واليت، ولا يعز من عاديت، تباركت ربنا وتعاليت، ولك الحمد على ما قضيت، نستغفرك و نتوب إليك، اللهم اهدنا لصالح الأعمال لا يهدي لصالحها إلا أنت، اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، اللهم أصلح لنا ديننا الذي هو عصمة أمرنا، وأصلح لنا دنيانا التي فيها معاشنا، وأصلح لنا آخرتنا التي إليها مردنا، واجعل الحياة زاداً لنا من كل خير، واجعل الموت راحة لنا من كل شر، مولانا رب العالمين، اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، وبطاعتك عن معصيتك، وبفضلك عمن سواك، اللهم بفضلك ورحمتك أعلِ كلمة الحق والدين، وانصر الإسلام، وأعز المسلمين، انصر المسلمين في كل مكان، وفي شتى بقاع الأرض يا رب العالمين، اللهم أرنا قدرتك بأعدائك يا أكرم الأكرمين.

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور