وضع داكن
19-04-2024
Logo
الموضوعات الأدبية - درس تلفزيوني : 21 - موازين الشعر.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 أعزائنا المشاهدين، إخوتنا الطلاب، أسعدتم مساءً، وأهلا بكم ومرحبا في هذا اللقاء الأخير لهذا العام.
 الشعر أفكار وعواطف وصور وموسيقى، وربما توافرت العناصر الثلاث الأولى في النص النثري، لكن عنصر الموسيقى في الشعر هو العنصر الحاسم في الفصل بينه و بين النثر، العنصر في الفصل بين الشعر والنثر هو عنصر الموسيقى، وكما أن للّغة قواعد و مقاييس تضبطها وتجنبها الغلط والشطط، كذلك للموسيقى في الشعر موازين و قواعد من شأنها أن تميز ما صح وزنه مما اختل وزنه، وهذا موضوع لقائنا الأخير.
 موازين الشعر، العروض، فلو حللنا نصا أدبيا، من الناحية اللغوية لوجدناه يتألف فقرات، و الفقرات تتألف من جمل، والجمل تتألف من كلمات، و الكلمات تتألف من حروف، وهنا يقف التحليل، إذًا نستنج أن الحرف هو أصغر وحدة لغوية، وإذا حللنا القصيدة الشعرية عروضيا أي موسيقيا وجدناها منظومة على بحر عروضي متكرر، البحر مؤلف من عدة تفعيلات متشابهة، أو متجاوبة، وهذه التفعيلات مؤلفة من عدة مقاطع طويلة أو قصيرة، وهنا يقف التحليل ثانية، إذًا نستنج أن أصغر وحدة موسيقية في البيت الشعري هو المقطع، المقطع الموسيقي هو أصغر وحدة في البيت الشعري، فما هو المقطع الموسيقي ؟.
 المقطع الموسيقي نوعان ؛ مقطع قصر ومقطع طويل، والمقطع القصير هو حرف متحرك، كالكاف عليها فتحة، هذا مقطع قصير، (بُ) مقطع قصير، (لِ) مقطع قصير، ويرمز له في علم العروض بحركة أو بنطة، و سوف يتضح معنى هذين الرمزين بعد قليل.
وأما المقطع الطويل فيتألف من حرف متحرك وحرف ساكن (كا)، (دُو)، (لي)، حرف متحرك و حرف ساكن يؤلفان مقطعا طويلا، و ليس شرطا أن يكون الحرف الساكن حرف علة، و لا يخفى عليكم أن حروف العلة هي حركات مشبعة، أي أن الألف فتحة مشبعة، والواو ضمة مشبعة، و الياء كسرة مشبعة، و إذا أردنا تعريف الفتحة نقول: ألف مخطوفة، والضمة واو مخطوفة، والكسرة ياء مخطوفة، فحرف متحرك يشكل في علم العروض مقطعا، وحرف متحرك مع حرف ساكن يشكلان في علم العروض مقطعا طويلا، وعلم العروض يعد المقطع الصوتي القصير والطويل أصغر وحدة موسيقية فيه، لكنني أريد أن أذكركم بأن المعوّل في علم العروض على النطق فقط، وليس على الكتابة، فهناك حروف في علم العروض تُكتب ولا تُلفظ، وهذه الحروف تُهمل كليا في الميزان العروضي، تهمل كليا، من هذه الحروف مثلا كلمة ( عمرو) فيها واو، والواو لا تلفظ، إذًا تُهمل عروضيا، كلمة (واستغفر) الألف في صدر الكلمة همزة وصل، وهذه تسقط في درج الكلام، إذًا لا قيمة لها في الميزان الصرفي، وكلمة (علموا) ألف التفريق لا تُلفظ، لذلك في الميزان الصرفي تسقط، لكن هناك حروفا تلفظ ولا تُكتب، وهذه يجب أن تُدرج في الميزان العروضي، وكأنها مكتوبة، من هذه الحروف (ودّع) فيها دال مشددة، تُكتب عروضيا (وددع)، (ذائعٌ) في هذه الكلمة تنوين، والتنوين إضافة نون ساكنة إلى الكلمة، إذًا عروضيا تُكتب هكذا (ذائعنْ)، كلمة (قرآن) فيها حرف ممدود، هذا الحرف يُكتب عروضيا همزة و بعدها ألف، فهذه الحروف التي لا تُلفظ يجب أن تُدرج في الميزان الصرفي، أما الحروف التي لا تُكتب لكنها تُلفظ تُدرج في الميزان الصرفي لكن التي تُكتب ولا تُلفظ ينبغي ألاّ تُدرج في الميزان الصرفي، لأن المعوّل في علم العروض على الحروف التي ينطقها اللسان فقط، لأن علم العروض هو علم موسيقى الشعر.
والآن إلى بيت، يقول الشاعر ابن زيدون:

 

***
وَدَّعَ الصَّبْرَ مُحِبٌّ وَدَّعَكْ ذَاِئعٌ مِنْ سِرِّهِ مَا اسْتَوْدَعَكْ
***

 الكتابة الأولى هي كتابة عادية، كتابة إملائية، لكنّ الكتابة الثانية هي الكتابة العروضية، (وددع) تُكتب هكذا، والألف واللام في درج الكلام تسقطان، (وَدْدَعَ صْصَبْرَ) الصاد تكتب صادين، (محبٌّ) منونة، تُدرج نون التنوين التي تُلفظ ولا تُكتب في الأصل، (وادَّعت) تكتب دالين (وادْدَعتْ)، (ذَاِئعٌ) هنا منونة تُكتب هنا هكذا (ذائِعُنْ)، (مِنْ سِرِّهِ)، الراء هنا مشدّدة، تضاعف هنا (من سرْرِهِ)، (مَا اسْتَوْدَعَكْ)، هذه همزة الوصل لا تُلفظ، تسقط في درج الكلام، إذًا هنا نصل الميم بالسين، ونقول:

 

 

وَدْدَعَ صْصَبْرُ مُحِبُنْ وَدْدَعَكْ ذَاِعُنْ مِنْ سِرْرِهِ مَسْتَوْدَعَكْ

هذه هي الكتابة العروضية التي يجب أن تُعتمد في تقطيع البيت عروضيا.
 والملاحظ يا إخوتنا الطلاب أن هذه المقاطع الطويلة أو القصيرة تنتظم في نسق معين، المقاطع الطويلة حرف متحرك وحرف ساكن، والمقاطع القصيرة حرف متحرك، هذه المقاطع الطويلة أو القصيرة تنتظم في نسق معين، إذا انتظمت في نسق معين تشكل التفعيلة، والتفعيلة مؤلفة من عدة مقاطع موسيقية، هذا النسق المعين المتكرر نسميه كما قلت قبل قليل التفعيلة، و في الميزان الصرفي عشر تفعيلات ليس غير، من هذه التفعيلات مثلا: (فعولن)، مقطع قصير، مقطع طويل، مقطع طويل، (فعولن)، هذا نسق، مقطع قصير ومقطعان طويلان متتاليان (فعولن)، تفعيلة أخرى (فاعلن)، طويل، قصير، طويل، (فاعلن)، هذه تفعيلة ثانية، التفعيلة الثالثة (مفاعيلن)، قصير، طويل، طويل، طويل، طويل، (مفاعيلن)، التفعيلة الرابعة (مفاعلتن)، مقطع قصير، طويل، مقطعان قصيران، مقطع طويل، (مفاعلتن)، التفعيلة الخامسة (مستفعلن)، مقطعان طويلان، مقطع قصير، مقطع طويل، (مستفعلن)، التفعيلة السادسة (فاعلاتن)، طويل، قصير، طويل، طويل، (فاعلاتن)، التفعيلة السابعة (مفعولات)، هذه التفعيلة السابعة، إذًا المقاطع القصيرة والطويلة تنتظم على نحوٍ معين فتكون التفعيلات، وفي علم العروض عشر تفعيلات ليس غير، وهذه أهم التفعيلات، ولا يخفى عليكم أن أسماء هذه التفعيلات مشتقة من الميزان الصرفي المعروف الذي مرّ بكم في الصف التاسع، (فَعَلَ).
 والآن ننتقل إلى الأبحر الشعرية، والأبحر الشعرية تتألف في العادة من تفعيلات، أو أن هذه التفعيلات تنتظم أيضا بدورها على نسق معين متساوٍ أو متجاوب، وسوف نرى بعد قليل ما معنى متساوٍ أو متجاوب، هذه التفعيلات تنتظم على نسق معين متساوٍ أو متجاوب، وهذا النسق

 

المعين هو البحر، فلو قلنا مثلا: ***مستفعلن مستفعلن مستفعلن***

هذا بحر الرَّجز، أما إذا قلنا: ***مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلُ***

فهذا البحر البسيط.
 هذه التفعيلات انتظمت على نسق معين، كانت هنا - مستفعلن مستفعلن مستفعلن - متساوية، إذًا شكلت بحر الرجز، أما هنا - مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلُ - فجاءت متجاوبة، هذه جواب لهذه، وهذه جواب لهذه، مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلُ، هذه التفعيلات شكلت البحر البسيط، إذًا يتضح من هذا الشرح الموجز أن المقطع الصوتي يؤلف مع مقطع آخر، أو مع عدة مقاطع تفعيلة، و التفعيلات تؤلف فيما بينها بحرا، وقد عُرف في علم العروض ستة عشر بحر، هذه البحور سوف نمر عليها سريعا فيما بعد.
الخليل بن أحمد واضع علم العروض هو الذي اكتشف خمسة عشر بحرا، وأما الأخفش فقد أضاف إليها بحرا هو البحر السادس عشر.
والآن إلى طريقة التقطيع سأرسمها أمامكم على السبورة، البيت الذي سوف نقطعه:

***
إن كُنْتَ تَرْجُو عَنْ قَرِيبٍ وَصْلَهَا فاحذر فقد أملت ما لا يرتجى
***

يُكتفى بتقطيع الشطر الأول من هذا البيت.
 أيها الإخوة الطلاب، هذه الكتابة هي كتابة عادية، تعرفونها، و لكنك إذا أردت أن تقطّع بيتا من الشعر تقطيعا عروضيا فعليك أن تكتبه كتابة ثانية عروضية، وفق ما قدّمت لكم من قبل، فكتابة هذا البيت كتابة عروضية على الشكل التالي:
إِنْ كُنْتَ تَرْجُو عَنْ قَرِيبِنْ وَصْلَهَا
 هذه الكتابة - إِنْ كُنْتَ تَرْجُو عَنْ قَرِيبِنْ وَصْلَهَا- كتابة عروضية، وهذه الكتابة - إِنْ كُنْتَ تَرْجُو عَنْ قَرِيبٍ وَصْلَهَا - كتابة عادية، أريد أن أضبط هذا البيت بالشكل، إِنْ كُنْتَ تَرْجُو، لا تنسوا أن حروف العلة ساكنة دائما، عَنْ قَرِيبٍ وَصْلَهَا، ماذا فعلت ؟ ضبطت هذه الكتابة العروضية بالشكل، في علم العروض علم العروض لا يعنيه إلا الحركة والسكون، فسواء عنده الكسرة والفتحة والضمة، الكسرة والفتحة والضمة عنده حركة، فإذا أردنا أن ننزل هذه الحركات والسكنات مع دمج الفتحة والضمة و الكسرة بإشارة الحركة، كانت حركات هذا البيت وسكناته على الشكل التالي:

إِنْكُنْتَتَـرْ جُوعَنْقَرِي بِنْوَصْلَهَا
/././ /. /././/. /././ /.

 إذا عدنا إلى الفقرة السابقة التي تحدثنا فيها عن المقاطع الصوتية أذكركم أن المقطع الصوتي الطويل هو حرف متحرك مع حرف ساكن، فالحركة والسكون هذه مقطع طويل، أما هذه الحركة المنفردة فهي مقطع قصير، وهذا مقطع طويل، نرمز له بالنقطة، وهذا مقطع طويل، إذًا مقطع طويل، طويل، مقطع قصير، مقطع طويل، طويل، طويل، مقطع قصير، مقطع طويل.
 يلاحظ أن تفريغ هذه الحركات و السكنات على شكل مقاطع طويلة أو قصيرة يشاهد أن هناك انتظاما للمقاطع على نحوٍ معين، مقطعان طويلان، مقطع قصير، مقطع طويل، التفعيلة هذه هي: مستفعلن مستفعلن مستفعلن.
تقطيع البيت يعني أن نمد هذا الخط إلى أن يصل إلى الأعلى:

 

إِنْكُنْتَتَـــرْ جُوعَنْقَـرِي بِنْوَصْلَهَــا
/. /. / /. /././ /. /. /. / /.

 

مستفعــلن مستفعــلن مستفعــلن

 المرحلة الأولى الكتابة العادية، في المرحلة الثانية الكتابة العروضية، في المرحلة ضبطنا الكتابة العروضية بالشكل، في المرحلة الرابعة فرّغنا الحركات والسكنات وكتبناها في سطر مستقل، وفي المرحلة الخامسة فرّغنا الحركات والسكنات في مقاطع، انتظام المقاطع الطويلة والقصيرة شكلت التفعيلات، كان هذا البيت مؤلفا من تفعيلات ثلاثة متشابهة أو متساوية.
المفروض في الطالب أن يمتلك أذنا موسيقية يستطيع إذا قرأ البيت أن يقول: هذا البيت وزنه مستفعلن مستفعلن مستفعلن:

 

إِنْكُنْتَتَـــرْ جُوعَنْقَـرِي بِنْوَصْلَهَــا
مستفعــلن مستفعــلن مستفعــلن

 إذا كان الطالبُ يملك الأذن الموسيقية حيث يستطيع إذا قرأ البيت أن يقطعه موسيقيا فهذا هو الهدف الأسمى من علم العروض، فإن كان لا يستطيع فعليه بتقطيعه مع التفعيلات، فإن كان لا يستطيع فعليه استخدام المقاطع القصيرة والطويلة، فإن كان لا يستطيع فعليه باستخدام الحركات والسكنات، فإن كان لا يستطيع فعليه بكتابته كتابة عروضية، و ضبطه بالشكل، وهذا أضعف الإيمان.
هذا البيت من البحر الرجز، تفعيلاته متشابهة، إذًا بحر هذا البيت من بحر الرجز.
والآن لنأخذ بيتا آخر من بحر متجاوب، ليس متساويا، البيت الثاني، قال زهير بن أبي سلمى:

 

 

***
يا جار لا أرمين منكم بداهية لم يلقها سوقة قبلي ولا ملك
***

 يُكتفى بتقطيع الشطر الأول، نعيد كتابة البيت كتابة عروضية:

 

 

يا جار لا أرمين منكم بداهيتن

 هذه منونة قلبنا التنوين إلى نون ساكنة، نضبط الكتابة العروضية بالشكل:

 

 

يَاْ جَارِ لَاْ أُرْمَيَنْ مِنْكُمْ بِدَاهِيَتِنْ

 ما فعلت إلا أن ضبطتُ الكتابة العروضية بالشكل.
الآن أنزل الحركات والسكنات:

 

 

يَاْ جَارِلَاْ أُرْمَيَنْ مِنْكُمْبِدَا هِيَتِنْ

 نقلتُ الحركات و السكنات بشكل مستقل، والآن أقلب الحركات والسكنات إلى مقاطع:

 

 

يَاْ جَارِلَاْ أُرْمَيَنْ مِنْكُمْبِدَا هِيَتِنْ
/././/. /.//. /././/. ///.

 التفعيلة هذه مستفعلن، كالسابقة تماما، لكن هذه التفعيلة الثانية فاعلن، (أُرْمَيَنْ)، فاعلن، (مِنْكُمْبِدَا) مستفعلن، (هِيَتِنْ) فعِلُن،

 

 

يَاْ جَارِلَاْ أُرْمَيَنْ مِنْكُمْبِـدَا هِيَتِـنْ
/././ /. /.//. /././ /. / / /.

 

مستفعلن فاعلن مستفعلن فَعِلُـنْْ

 هذه التفعيلات ليست متساوية كما مر في البيت السابق، لكنها تفعيلات متجاوبة، مستفعلن فاعلن مستفعلن فَعِلُنْ، إذا رفعنا الخط لنقطع البيت:

 

يَاْ جَارِلَاْ أُرْمَيَنْ مِنْكُمْبِـدَا هِيَتِـنْ
/././ /. /.//. /././ /. / / /.

 

مستفعلن فاعلن مستفعلن فَعِلُـنْ

 هذا هو البيت الثاني، وهو من البحر البسيط، إذًا عرفنا كيف نكتب البيت، وكيف نكتبه عروضيًا، و كيف نضبطه بالشكل، وكيف نسجل حركاته وسكناته، أي ضبطه بالشكل هو حركاته وسكناته، وكيف نجعل الحركة والسكون مقطعا طويلا، والحركة وحدها مقطعا قصيرا، وكيف نكتشف أن انتظام هذه المقاطع جاء على نسق معين، مستفعلن فاعلن مستفعلن فَعِلُنْ، وكيف أن هذه التفعيلات انتظمت على نحوٍ معين فشكلت بحرًا، وهذا البحر هو البحر البسيط.
هذه الطريقة التفصيلية في تقطيع البيت يُغني عنا كما قلت قبل قليل أن تقرأ البيت وتقطعه مباشرة،

 

يَاْ جَارِلَاْ أُرْمَيَنْ مِنْكُمْبِـدَا هِيَتِـنْ
مستفعلن فاعلن مستفعلن فَعِلُـنْ

 أو أن تكتفي بالمقاطع، أو أن تستخدم الحركات والسكنات، أو أن تستخدم الكتابة العروضية.
هناك موضوع آخر يجب أن أوضحه لكم، وهو الزحافات والعلل.
لنقطِّعْ البيت التالي، قال طَرَفَة بن العَبد:

 

 

***
ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلا ويأتيك بالأخبار من لم تزود
***

 سأحاول أن أقطّع هذا البيت بطريقة مختصرة:
ستبدي لك الأيا مما كن تجاهلن
فعولن مفاعيلن فعولـن مفاعلن
 هذا التقطيع بطريقة المقاطع، وإذا أردتَ أن تضيف له طريقة الحركات والسكنات نقول:

 

 

سَتُبْدِيْ لَكَ الْأَيْيَاْ مُمَاْ كُنْ تَجَاْهِلَنْ
//./. //././. / /./. / / / /.

 هذه التفعيلات انتظمت على نحوٍ معين، و شكلت البحر الطويل:
طويل له دون البحور فضائــل فعولن مفاعيلن فعولـن مفاعلن
 هذه تفعيلات نموذجية، ولكن إذا قطعنا البيت التالي وجدنا شيئا جديدا، البيت التالي:

 

 

***
أراك عصي الدمع شيمتك الصبر أما للهوى عليك أمر ولا نهي
***

 نقطع هذا البيت:

 

 

أَرَاكَ عَصِيَّدَّمْ عِشِيْمَ تُكَصْصَبْرُوْ

فعولُ مفاعيلنْ فعولُ مفاعيلـنْ
إذا أردنا أن نوازن بين هذه التفعيلة والتفعيلة السابقة في البيت الذي قبلها، هذه التفعيلة، وهذه التفعيلة، هذه (فعولن)، لكن هذه (فعولُ)، وهذه (فعولن) لكنّ هذه (فعولُ)، فما الذي حدث ؟
 يبدو أن هناك تفعيلة طرأ عليها حذف النون، كانت (فعولن) فصارت (فعولُ)، وكذلك هذه التفعيلة طرأ عليها حذف النون، كانت (فعولن) فصارت (فعولُ)، الحقيقة أن التفعيلات قد يطرأ عليه بعض التغييرات، هذه التغييرات تسمى جوازات، أو تسمى زحافات وعلل، لكن الشيء الذي أريد أن تعرفوه هو أن هذه الجوازات لا تحدث أثرا نابيا عن السمع في الأذن الموسيقية، يبقى البيت مقبولا، و تبقى موسيقاه مقبولة:

 

 

أَرَاكَ عَصِيَّدَّمْ عِشِيْمَ تُكَصْصَبْرُوْ
فعولُ مفاعيلنْ فعولُ مفاعيلـنْ

إذًا نسمي هذه التفعيلات التي طرأ عليها بعض التغييرات جوازات، ونسميها زحافات وعللا، فما الفرق بين الزحافات وبين العلل ؟.
 إذا استمر هذا التغيير في كل أبيات القصيدة فهو العلة، أما إذا كان هذا التغيير، وهذا الطارئ على التفعيلة في بيت واحد فهذا هو الزحاف، وكلمة الجوازات تجمع كلمة الزحافات والعلل معًا، وقد نقول: جواز يلتزم كل أبيات القصيدة، وجواز لا يلتزم، إذًا عرفنا كيف نقطع، وعرفنا معنى الجوازات، أي الزحافات والعلل، طارئ يطرأ على التفعيلة فيعدلها إلى شكل آخر مقبول.
 والآن إلى بعض الجوازات الشهيرة، التي نجدها في علم العروض، هذه الجوازات (فعولن) تصبح (فعول)، و(فاعلن) تصبح (فعِلن) كما مر بنا قبل قليل، (ومفاعيلن) تصبح (مفاعلن)، و(متفاعلن) تصبح (متْفاعلن)، هذه بعض الجوازات و بعض التغييرات التي ينبغي أن تنتبهوا إليها.
 أما عن البحور التي نُظمت فيه الكثرة الكاثرة من القصائد فهي الطويل والمديد والبسيط والوافر والكامل والرجز والرمل والسريع والخفيف والمتقارب.
أعزائي الطلاب صنفتُ لكم هذه البحور بحسب التفعيلة الأولى، وهي كما يلي:
إذا كانت التفعيلة الأولى فعولن فالبيت في أحد احتمالين، إما أن يكون طويلا، وإما يكون متقاربا، فوزن البحر الطويل:

 

 

طويل له دون البحور فضائل فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلُ

هذا هو البحر الطويل.
 والاحتمال أن يكون البيت من البحر المتقارب:

 

 

عن المتقارب قال الخليل فعولن فعولن فعولن فعول

 أما إذا كانت التفعيلة الأولى مستفعلن فهناك احتمالات ثلاثة:
الاحتمال الأول أن يكون البيت من البحر البسيط، و تفعيلاته:

 

 

إن البسيط لديه يبسط الأملُ مستفعلن فاعلن مستفعلن فاعلُ

 والاحتمال الثاني أن يكون البيت من البحر الرجز:

 

 

في أبحر الأرجاز بحر يسهل مستفعلن مستفعلن مستفعلُ

 والاحتمال الثالث أن يكون البيت من البحر السريع:

 

 

بحر سريع ما له ساحلٌ مستفعلن مستفعلن فعل

 أما إذا كانت التفعيلة الأولى هي فاعلاتن، فهناك احتمالات ثلاثة:
إما أن يكون البيت من البحر الخفيف:

 

 

يا خفيفًا خفت بها الحركات فاعلاتن مستفعلن فاعلاتُ

 وإما أن يكون من البحر المديد:

 

 

لمديد الشعر عندي صفات فاعلاتن فاعلن فاعلاتُ

 وإما أن يكون من بحر الرمل، كقول الشاعر:

 

 

رمل الأبحر ترويه الثقاتُ فاعلاتن فاعلاتن فاعلات

 أما إذا كانت التفعيلة الأولى متفاعلن، فهناك احتمال واحد هو أن يكون البيت من البحر الكامل:

 

 

كمل الجمالُ من البحور الكاملُ متفاعلن متفاعلن متفاعلُ
***
أثني عليّ بما علمتِ فإنني سمحٌ مخالقتي إذا لم أظلمِ
***

 وإما إذا كانت التفعيلة الأولى مفاعلتن فهناك احتمال أن يكون البيت من البحر الوافر:
بحور الشعر وافرها جميلُ مفاعلتن مفاعلتن فعولُ
 أعزائي المشاهدين، إخوتي الطلاب أرجو أن تكونوا قد أفدتم من هذه اللقاءات المتعددة في هذا العام الدراسي، وأتمنى لكم نجاحا وتفوقا، وكل عام وأنتم بخير، والسلام عليكم رحمة الله و بركاته

 

إخفاء الصور