- أحاديث رمضان
- /
- ٠08رمضان 1422 هـ - موضوعات قرآنية
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .
سقوط جميع الاستنباطات أمام تصريح الله عز وجل وكلامه :
أيها الأخوة ؛ هناك قاعدة فقهية تهمنا في فهم آية واحدة ، هذه القاعدة أساسها أنك إذا دخلت إلى بيت وجلست في غرفة الضيوف وفي هذه الغرفة إبريق ماء فيه ماء صاف ، أنت استنبطت أن هذا الماء صالح للشرب ، أولاً في بيت مسلم ، أنت استنبطت أشياء كثيرة فدخل صاحب البيت وقال لك : هذا ماء نجس ، يبدو أن ابنه غمس يده فيه ولم تكن يد ابنه نظيفة ، كل استنباطاتك سقطت أمام هذا التصريح .
أنت ترى الأحداث ، لك أن تستنبط منها ما تشاء ، لكن كل هذه الاستنباطات ساقطة أمام تصريح الله عز وجل ، هذا كلام الله ، كلام الفعال ، كلام الذي بيده كل شيء ، كلام الإله ، قال تعالى :
﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ﴾
النقطة الدقيقة : أنه لا يمكن أن يكون القرآن كتاب تاريخ ، ولو تحدث الله عن فرعون لا يمكن أن يكون فرعون موسى وحده هو المقصود ، بكل عصر يوجد فرعون ، ووحيد القرن في كل عصر .
﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ﴾
﴿ مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾
﴿ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً﴾
كيف يتحرك ؟ يضرب المسلمون بعضهم ببعض أليس كذلك ؟ هذا معنى شيعاً ، كلهم مسلمون يتقاتلون .
﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ﴾
أليس كذلك ؟ ألا ترون الأطفال كيف يموتون ؟
﴿ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾
سياسة الله مع خلقه :
الآن لا عبرة للاستنباط أمام التصريح .
﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ﴾
نمن بهذا الاستضعاف :
﴿ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾
حيثما وجدت فئة مستضعفة ، وفئة مستكبرة ، الفئة المستكبرة تنكل وتقتل وتنهب وتسلب وتهدم البيوت وتستحي النساء وتقتل الأطفال وهذا يجري في كل عصر ، لكن الأدوات مختلفة ، إما أن يكون هذا بأدوات في أيدي الظلام ، أو بقصف جوي ، أو ما شاكل ذلك .
﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾
يستنبط من هذه الآية سياسة الله مع خلقه ، لو أن في خلقه فئتين ، فئة لا تعرفه وهي قوية ، وفئة تعرفه وهي مقصرة في طاعته وهي ضعيفة ، أينما ذهبت في أي مكان في العالم فئة لا تعرفه إطلاقاً وهي قوية ، وفئة تعرفه وهي مقصرة في حقه وهي ضعيفة ، ما سياسة الله مع هؤلاء ؟ قال : يقوي الذي لا يعرفه حتى يبطش ويقتل وينهب ويسلب ويقهر ، من أجل أن هذا الذي يعرفه وهو مقصر في طاعته أن يرجع إليه .
﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ * وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا مِنْهُمْ مَا كَانُوا يَحْذَرُونَ ﴾
فالله يقوي الكافر حتى يبطش ويقتل وينهب إلى أن يقول ضعيف الإيمان : أين الله ؟ ثم يظهر آياته فهذا الذي كان مستضعفاً وكان منكلاً به يقويه على هذا الذي قهره من قبل ، لعل هذا الذي قهره يعود إلى الله ، كلهم عباده ، سياسة الله مع خلقه ، فالأحداث مؤلمة ، أما إذا قرأت هذه الآية ليست مؤلمة ، شتان بين من يرجى شفائه ، وبين من كان مريضاً مرضاً عضالاً :
﴿ فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ حَتَّى إِذَا فَرِحُوا بِمَا أُوتُوا أَخَذْنَاهُمْ بَغْتَةً فَإِذَا هُمْ مُبْلِسُونَ ﴾
هذه سياسة الله .
ما من قصة في كتاب الله إلا وتمثل نموذجاً بشرياً متكرراً :
مرة ثانية : لا يمكن أن يكون القرآن الكريم كتاب تاريخ ، لأن القرآن الكريم كتاب هداية ، يبنى على ذلك أنه ما من قصة في كتاب الله إلا وتمثل نموذجاً بشرياً متكرراً ، لا تمثل أصحابها فحسب بل تمثل نموذجاً بشرياً متكرراً .
ننتقل إلى شطر من القصة قال :
﴿ وَلَمَّا تَوَجَّهَ تِلْقَاءَ مَدْيَنَ قَالَ عَسَى رَبِّي أَنْ يَهْدِيَنِي سَوَاءَ السَّبِيلِ * وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِنْ دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾
يستنبط أن المرأة يجب أن تقر في بيتها فإذا خرجت فلسبب أساسي .
﴿ لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ﴾
لماذا نحن نسقي ؟ قال :
﴿ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ ﴾
إذاً : هذا معنى قوله تعالى :
﴿ وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ﴾
﴿ فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾
سيدنا موسى عدّ هذا العمل الصالح هو طريق نحو الغنى ، والغنى الحقيقي هو غنى العمل الصالح لأن كل دنيا الإنسان تنتهي عند الموت ، فإذا اعتزّ بدنياه فدنياه فانية ، ودنياه زائلة، ما الذي يبقى ؟ هو العمل الصالح ، لذلك الغنى والفقر بعد العرض على الله .
﴿ لَا نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ * فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ ﴾
العمل الصالح ثمن الجنة :
يجب أن تعلم أن حجمك عند الله بحجم عملك الصالح ، وأن العمل الصالح هو سر وجودك على سطح الأرض ، وأن الإنسان حينما يموت لا يندم إلا على عمل صالح فاته ، لأن العمل الصالح ثمن الجنة ، وفي الدنيا ثمن اللقاء .
﴿ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً﴾
الآن :
﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ﴾
ما الذي يعجب الرجل في المرأة ؟ حياؤها ، بل إن حياءها يعني أنوثتها ، قد تكون المرأة جميلة وليس فيها أنوثة أبداً ، الأنوثة شيء والجمال شيء آخر ، فالذي يعجب الرجل في المرأة أنوثتها أي حياءها ، ومن علامات قيام الساعة أن الحياء يرفع من وجوه النساء ، وتذهب النخوة من رؤوس الرجال ، وتنزع الرحمة من قلوب الأمراء ، لا رحمة في قلب الأمير ، ولا حياء في وجه المرأة ، ولا نخوة في رأس الرجل ، من أبلغ صفات آخر الزمان .
﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾
دقق في كلام المرأة مع الرجل .
﴿ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ﴾
لو أنها قالت إن أبي يدعوك ، سيسألها ما المناسبة ؟ إن شاء الله خير ؟ أنت فضّلت علينا ، جزاك الله خيراً ، أنت إنسان محسن ، دار هناك حديث طويل سؤال وجواب ، هذا الحديث مبعث فتنة ، أجابته إجابة مختصرة لا تحتمل المناقشة ولا الحوار .
﴿ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا﴾
لذلك المرأة المؤمنة تتكلم مع الرجال عند الضرورة ، زوجها متوفى تشتري الحاجة ، لا يمكن أن تستخدم كلمة لينة ، ولا كلمة لطيفة بمعنى أن يتناسب هذا الشيء مع أنوثتها ، كلامها واضح جاد موجز لا يحتمل المناقشة .
﴿ تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ ﴾
هؤلاء الذين تمردوا وقهروا واستعلوا هؤلاء ظالمون .
﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ﴾
صفات الوالي الصالح :
الآن : ما الذي لفت نظر الفتاة في الرجل ؟ قوته وأمانته ، لذلك يقولون : قضية الجنس عند المرأة تشتهي في الرجل قوته وأمانته وكرمه ، هو يحميها وتحب أن يكون ذو شخصية فذة ، ما الذي يعجب الرجل في المرأة ؟ حياؤها وأنوثتها .
﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ﴾
هي أُعجبت به لقوته وأمانته ، أولاً قوة ثانياً مروءة ، رأى فتاتين تذوبان ويوجد ازدحام على سقاية الماء ، وما أرادتا أن تختلطا بالرجال ، المرأة الطاهرة لا تحب أن تكون بين الرجال ، تبتعد عنهم ، لا تحب أن تندمج معهم ولا تحب الاختلاط . فلذلك هذه المرأة المستحية التي وهبها الله الحياء ، بالمناسبة أية أنثى فيها حياء ، لكن طبيعة العلاقات المتفلتة تذهب عنها الحياء ، بالأصل عندها حياء وهو من لوازم جمالها ، ومن لوازم انجذاب الرجل إليها حياؤها ، لكن حينما تختلط بالرجال تسترجل تدخن وتحد النظر لك وتسبّ الدين هكذا بوقاحة ، إذا كان عملها طوال النهار خارج البيت تحتك بالرجال فتصبح ذات قلب قاس ، ونظرات حادة ، وتعليقات لاذعة ، وتتهجم :
﴿قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾
سيدنا عمر عندما عين والي قال له : خذ عهدك أي كتاب التعيين وانطلق إلى عملك واعلم أنك مصروف رأس سنتك ، سنة تجريب وأنك تصير إلى أربع خلال فاختر لنفسك ، إن وجدناك أميناً ضعيفاً ، أمين لكن ضعيف الشخصية ، استبدلناك بضعفك ، وسلمتك من معرتنا أمانتك ، لا يوجد عقوبة ، وإن وجدناك خائناً قوياً ، حازماً قوياً لكن يوجد خيانة وطمع ، استهنا بقوتك وأوجعنا ظهرك وأحسنا أدبك ، وإن جمعت الجرمين ضعف وخيانة جمعنا عليك المضرتين، وإن وجدناك أميناً قوياً زدناك في عملك ورفعنا لك ذكرك وأوطأنا لك عقبك.
من أين استنبط هذا الخليفة الراشد صفات الوالي الصالح ؟ من هذه الآية :
﴿ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾
أنت بعملك أفضل موظف عندك أعلى درجة من الولاء للحق ومن الكفاءة في عمله ، كفء ومخلص تترجم إلى قوي وأمين ، الإخلاص لمبدأ الدين ، والكفاءة والقدرة الفنية على القيام بما أوكل إليك .
الإحسان طوعي والعدل قسري :
سيدنا شعيب فهم على ابنته أنها معجبة به ، والمرأة عندها حياء ، لم تقل : يا أبت زوجني إياه ، لا ، لذلك المرأة صوتها إذنها ، إذا ذكر أبوها أن فلاناً خطبك يا بنتي ما رأيك ؟ صمتها موافقتها ، إذنها صمتها ، لأنها تستحي أن تقول أتمنى أن أتزوجه ، أما اليوم توجد وقاحة ما بعدها وقاحة ، تقيسه طولاً وعرضاً ، وترفضه لم يعجبني ، لا أريد ، فقط لأسباب شكلية .
﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ﴾
من حق الخاطب أن ينظر إلى مخطوبته .
﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾
المهر شرط أساسي في عقد الزواج ، وأي عقد زواج بلا مهر عقد فاسد ، يصحح بمهر المثل .
﴿ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ﴾
ثماني سنوات ترعى لي غنمي .
﴿ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ﴾
الإحسان طوعي والعدل قسري .
﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾
تجد الأب يأتيه خاطب جيد عندك بيت ؟ طبعاً ، أعطني أوراق الملكية ! لم يقبل كلاماً ، أحضر أوراق الملكية ، ماذا تعمل يا بني ؟ قال : عندي معمل ، أعطني السجل الصناعي ، أحضره ، هل عندك سيارة ؟ قال : نعم عندي ، قال : أعطني الميكانيك لأتأكد ، أعجبه ، عنده سيارة وبيت ومعمل .
مرة كان عنده في المحل أصدقاؤه عرفهم عليه أن هذا صهرنا ، واحد بينهم تعجب ، قال : كيف هو صهرك ؟ قال : صهري ، قال : هذا غير مسلم ! قال : أنت ألست مسلماً ؟ قال: لا ، هل سألتني عن ديني ؟ طلبت ميكانيك السيارة وسجلي الصناعي وملكية البيت لكنك لم تسألني عن ديني ، واليوم آخر ما يسأل عنه الأب عن خطيب ابنته دينه ، أهم شيء أن يكون عنده بيت ومركبة وعمل فقط.
طرق الزواج إذا أغلقناها فتحت أبواب السفاح :
قال :
﴿ قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْراً فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾
الجواب :
﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾
هذا شعار الآباء ، الأب في ستين سنة حسّن وضعه ، منزل بالشام ، ومركبة ، ودخل كبير ، يريد من صهره الذي عمره حوالي اثنتين و عشرين سنة أن يكون بنفس المؤهلات ، أين بيتك وبأي حي ؟ هذا الحي ليس جيداً ، يريد بيتاً بأرقى حي ودخلاً كبيراً ، أنت عندما كنت في الثامنة عشرة كنت لا تملك شيئاً .
العم الذي يطلب من صهره شيئاً فوق طاقته عندما كنت بسنه لم يكن عندك شيء إطلاقاً ، كما أكرمك الله يكرمه الله ، هذه علامة الإيمان ، الشروط التعجيزية تعيق عملية النكاح وتوسع السفاح ، والحقيقة المشكلة طرق الزواج مغلقة ، يلزمهم بيت بالشام ، طرق الزواج إذا أغلقناها فتحت أبواب السفاح ، تجد خمسة عشر ألف بيت دعارة أحياناً ! لأن أكثر طرق الزواج مغلقة ، فهذه قضية الآن تهدد مصير المسلمين .
غرفة بالبيت مغلقة تفتح بالشهر مرة للضيف ، هذه الغرفة ثمنها مليون ليرة مغلقة ، ممكن أن يكون بيت فيه غرفة جلوس فخمة هي غرفة ضيوف بآن واحد وغرفة نوم ، وفرنا على الشاب عشرين مليون ليرة ، إذا قبلنا ببيت ناقص غرفة يعني توفير مليون ليرة ، إذا قبلنا بأثاث متواضع وفرنا خمسمئة ألف ، إذا قبلنا بطرف المدينة وفرنا نصف ثمن البيت ، أما نريد أن يكون الوضع مثل العم كيف أنه وصل لأعلى درجة يريد صهره بنفس المستوى حتى يرضي غرور زوجته ، حتى يتباهوا به ، وهنا المشكلة .
﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾
أركان عقد الزواج :
إذا شققنا على خطاب بناتنا وقعت فتنة كبيرة .
﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ ﴾
لذلك قالوا : لك أب أنجبك ، ولك أب زوجك ، ولك أب دلك على الله ، الأب الثاني زوجك وربّى البنت عشرين سنة ، واعتنى بها ، وبأخلاقها ، وبدراستها ، وبأحوالها ، وسلمك إياها هدية تامة ، جزاؤه تكرار كلمة والدك ووالدك ، أنا لا أحب والدك ، هكذا يقول ، هل هذا الجزاء ؟ والله أنا إذا رأيت صهراً يسيء إلى عمه والله أحتقره ، مهما كان عمه يكفي أنه والدها ، هذه زوجتك ، كما أن والدك غال عليك ، أيضاً والدها غال عليها ، فكل إنسان يسيء إلى أهل زوجته بكلام كبير وقاس فهذا دليل رعونته ، إن قالت كلمة على أمه يقيم الدنيا ولا يقعدها ، أما هو كل السهرة يسخر من أمها لا يهم ، هذا واقع الأزواج ، لا يحلو له السخرية إلا من أهلها ، أهلها عاديون ، لكن يكفي أنهم أهلها ، أنها والدتها وأنه والدها .
﴿ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ * قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ﴾
أي إبقاء القصة بين الرجال سهلة جداً ، أما إذا دخلت النساء على الخط فهناك مشكلة ، تعقدت الأمور ، وكل واحدة أخذت الأمر لطرفها ، وهناك استعلاء .
﴿ قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ ﴾
لعل النبي عليه الصلاة والسلام استنبط من هذه القصة أن عقد الزواج يحتاج إلى إيجاب .
﴿ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي﴾
إيجاب وقبول ومهر وشاهدين ، هذه أركان العقد .
يقول الصهر : قبلت الزواج من ابنتك على مهر معجله كذا ومؤجله كذا والله خير الشاهدين ، ويوجد شهود تؤخذ بطاقاتهم ويوقعون . هذا عقد الزواج استنبط من هذه القصة ، يوجد استنباط لطيف :
﴿ فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ﴾
انطلق بأهله بعد أن قضى موسى الأجل ، ما لم يؤدى المهر لا ينبغي للخاطب أو للزوج أن يسافر بزوجته .
﴿ فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ آنَسَ مِنْ جَانِبِ الطُّورِ نَاراً قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَاراً لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِخَبَرٍ أَوْ جَذْوَةٍ مِنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ ﴾