وضع داكن
19-04-2024
Logo
رمضان 1421 - دراسات قرآنية - الدرس : 10 - من سورة الأنعام - اللعب .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

دين الله في الأرض ليس طرفاً

 أيها الأخوة الكرام ؛ في قوله تعالى :

﴿قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾

[سورة الأنعام الآية:91]

 معنى هذه الكلمات القليلة في هذه الآية : أنه لا يمكن أن يكون الدين طرفاً أبداً ، الدين فوق كل الاتجاهات ، وفوق كل المذاهب والمعتقدات ، هو في السماء والأرض لها معتقداتها ومذاهبها ومواقعها ، يقول الله عز وجل :

﴿لَا شَرْقِيَّةٍ وَلَا غَرْبِيَّةٍ﴾

[سورة النور الآية: 35]

 ولكن علوية ، لذلك المؤمن لا ينبغي أن يكون محسوب على الأرض ، هو محسوب على الله عز وجل ، أحد العلماء سُئل : ما هذه المكانة التي حباك الله بها ؟ فاعتذر عن الاستجابة ، فلما أصروا عليه قال : لأنني محسوب على الله ، أنت مع الله وأنت لله ، من بعض أدعية النبي صلى الله عليه وسلم :

(( أنا بِكَ وَإِلَيْكَ ، تَبارَكْتَ وَتعالَيْتَ ))

[أخرجه مسلم وأبو داود عن علي بن أبي طالب]

 ما من دعاء جامع مانع مختصر موجز كهذا الدعاء ، أنا بك ، يعني قائم علمي بك ، حكمتي منك ، قوتي منك ، رحمتي منك وإليك ، الهدف المرتجى أنت القصد والغاية ، فالإنسان يجب أن يعلم أن الدين لا يمكن أن يكون في وحي البشر ، ولا يمكن أن يسيّس ، الدين شيء ، والسياسة شيء آخر ، هي متعلقة بالمكان والزمان والظروف والأساليب وما إلى ذلك ، أما الدين فوق .

﴿قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾

[سورة الأنعام الآية:91]

حقيقة الحياة واللعب .

 ما هو اللعب ؟
 لو أردنا أن نفهم حقيقة اللعب ؟!!!
 طفل صغير يأتي بسيارة صغيرة ، ويسيّرها على طرف الأساس ، وهو سعيد جداً جداً ، وكأنه ملك الدنيا ، فإذا كبر يستصغر عمله .
 ما هو اللعب إذاً ؟!!!
 شيء إذا ابتعدت عنه استصغرته ، ورأيته شيئاً سخيفاً ، فكل ما في الدنيا لعب بلعب ، وقد وصف الله عز وجل بأنها :

﴿لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفَاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكَاثُرٌ فِي الْأَمْوَالِ وَالْأَوْلَادِ﴾

[سورة الحديد الآية: 20]

 حقيقة الحياة الدنيا لعب ، وهذه المليارات التي تنفق من أجل اللعب ، وقد نغزو الفضاء ونصل إلى حقائق نبتغي المال والشهرة والسمعة هذا كله لعب ، فأن تكون مع الله شيء وأن تكون في الدنيا شيء آخر .

﴿قُلِ اللَّهُ﴾

[سورة الأنعام الآية:91]

 أنت هدفك الله قائم بالله ، مستعين بالله ، تبتغي وجه الله ، تسعى لخدمة الخلق ، هدفك أن تنشر الحق ، أنت إنسان علوي ، وهناك إنسان أرضي .

﴿ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾

[سورة الأنعام الآية: 91]

 يختلفون ويتقاتلون ويتنافسون ويطعن بعضهم ببعض هؤلاء بينهم متاهة ، المؤمن شيء كبير جداً ، لأنه وصل إلى الحقيقة الكبرى ، الحقيقة الأذلية الأبدية ، وصل إلى كل شيء ، يا ابن آدم اطلبني تجدني ، فإن وجدتني وجدت كل شيء ، وإن فُتَّكَ فاتك كل شيء .

﴿قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾

[سورة الأنعام الآية:91]

 لا يمكن أن يكون الدين طرفاً ، هو أرقى من أن يكون طرفاً ، هو منهج الله ، في الأرض أطراف كثيرة جداً ولها مبادئها ومعتقداتها وقيمها ومنطلقاتها وأهدافها ، هذه مذاهب أرضية ، كلها تشترك بأنها أرضية ، تحركها المصلحة ، وتنتهي أهدافها في الدنيا ، ولكن الله عز وجل منهجه أن يسعد الإنسان سعادة أبدية لا تنقطع ، فهذه الآية الأولى :

﴿قُلِ اللَّهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ فِي خَوْضِهِمْ يَلْعَبُونَ﴾

[سورة الأنعام الآية:91]

 وإذا رأيت شرحاً مطاعاً وهوى متبعاً وإعجاب كل ذي رأي برأيه فالزم بيتك ، وخذ ما تعرف ودع ما تنكر ، ودع عنك أمر العامة .

 

الدين هو استدلال ثم اعتقاد .

 ملمح آخر في قوله تعالى :

﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ﴾

[سورة الأنعام الآية:111]

 رأينا الملائكة رأي العين ، وسألناهم وأجابونا .

﴿وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى ﴾

[سورة الأنعام الآية:111]

 إنسان توفاه الله عز وجل ودُفن وجاءه الملكان وخاطباه ثم عاد إلينا فحدثنا ! هل من حجة أبلغ من هذا ؟ هل من دليل أقوى من هذا ؟

﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا﴾

[سورة الأنعام الآية:111]

 هؤلاء الذين كفروا برسول الله ، كانوا يرونه رأي العين ، ألم يروا كماله ؟ ألم يروا منطقه ؟ ألم يروا حكمته ؟ ألم يروا رحمته ؟ نستنبط من هذه الآية : أنك إن لم ترد أن تؤمن لو حُشرت لك الأدلة كلها لا تؤمن ! وإن أردت أن تؤمن تهتدي بالبعرة ، البعرة تدل على البعير ، والماء يدل على الغدير ، والأقدام تدل على المسير ، من عظمة هذا الدين أن أقل شيء يدلك على الله إن أردت الهدى ، وإن كل الأدلة مجتمعة لا تكفي كي تصرفك عن شيء ، أنت مخير ، لذلك :

﴿لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ﴾

[سورة البقرة الآية:256]

﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾

[سورة الأنعام الآية:111]

 لا يمكن أن يؤمنوا إلا إذا اتبعوا منهج الله ، الله له منهج .
 مثلاً : رجل فضّل أن يكون طبيباً ، فقرأ مجلات طبية وسهر مع الأطباء ، أشترى أدوية وتعلم استعمالاتها ، لا يمكن أن يكون طبيباً إلا إذا دخل كلية الطب ودرس سبع سنوات ودراسة منهجية صحيحة يصبح طبيب ، مهما فعل من نشاطات متعلقة بالطب لا يكون طبيباً إلا أن يسلك هذا المنهج ، فهذا معنى قوله تعالى :

﴿ مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾

[سورة الأنعام الآية:111]

 إلا أن يسلكوا الطريق التي رسمها الله عز وجل .
 لدينا قاعدة مهمة جداً : استدل ثم اعتقد ، كل من يحمل قناعات ، ورؤى سابقة ، ومنطلقات سابقة ، ويريد أن يفهم الدين وهو متمسك بهذه المنطلقات هذا لا يؤمن ! إن كنت حريصاً على معرفة الحقيقة ، يجب أن تُخلي ذهنك من كل انطباع ، ومن كل تصور ، ومن كل معتقد سابق ، ومن كل رأي شخصي ثم تستدل فتعتقد ، هذا هو المنهج ، أما أنا مصرّ على هذه الشهوة أحاول وأناقش وأجادل حتى أجر هذا الدين إلى مصلحتي ، والثاني مصر على شيء ثاني يحاور ويناقش حتى يجر هذا إليه ، لن يكون هؤلاء دينيين ، المتدين يُخلّي ذهنه من كل اعتقادٍ ، ومن كل تصور ، ومن كل رأي ، ويبحث في النصوص ويستدل بها في الحقيقة بعد إذٍ يعتقد ، أما ما يفعله معظم المسلمين اعتقد ثم استدل ، هو معتقد بشيء يبحث في النصوص عما يؤيده فيحفل بها فإن جاء نص يصطدم مع رأيه يهمله أو يكذبه ليس هذا هو ، الدين استدل ثم اعتقد لذلك :

﴿وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَا كَانُوا لِيُؤْمِنُوا إِلَّا أَنْ يَشَاءَ اللَّهُ ﴾

[سورة الأنعام الآية:111]

 ولكن أكثرهم يجهلون الطريق ، إذاً لا تحاول أن تجرّ الدين لمصلحتك ، أو إلى تصورك ، أو إلى ما تعتقد ، يجب أن تخلي نفسك من كل شيء وأن تبحث في الدليل وأن تعتقد بعد الدليل ، لذلك أهل الرأي أناس انحرفوا انحرافاً خطيراً ، لأنهم مصرّون على رأيهم ، فإذا قرءوا النصوص يبحثون على أدلة فقط تؤيدهم ويهملون مالا يؤيدهم ، إذاً هم شكلوا ديناً جديداً .

﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾

[سورة الأنعام الآية:159]

الإنسان مسير ومخير

 نقطة ثالثة في هذه الآيات المباركة : الله عز وجل له امتحانان صعبان ! بعض امتحاناته للمؤمنين الأقوياء يتصرفون وكأنهم كل شيء إلا أن يقولون : أين الله ؟ أقوياء يتخذون قرارات ويبطشون بشعوب ويضربون وينهون حياة الناس ويضيقون عليهم ، ما يجري في العالم اليوم ؟ تجد قطب واحد مستقطب العالم كله ، فالإنسان إذا ضعف إيمانه يقول : أين الله ؟ يجب أن تعلم أن خطة الله تستوعب دائماً خطة الأقوياء ، ولا يمكن أن يقع شيء في ملك الله إلا بإذن الله ، مستحيل وألف ألف مستحيل أن يقع في ملك الله شيء لا يريده الله ، ومعنى قوله تعالى:

﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ﴾

[سورة الأنفال الآية:59]

 معنى سبقوا : أنهم فعلوا شيئاً ما أراده الله ، أو أنهم تفلتوا من عقاب الله ، بسذاجة بالغة يتوهم الكافر أنه تفلت من عقاب الله ، وأنه فعل شيئاً ما أراده الله ، خطة الله تستوعب خطة كل إنسان قوي ، لذلك قال تعالى :

﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾

[سورة الأنعام الآية:129]

 لا تعتب على الله ، أنت تألم إذا أصاب مؤمن مصيبة ، وأحرص على أن تزيلها عنه ، وشاركه ، ولكن إياك أن تعتب على الله لأنه كما ورد في الحديث الصحيح القدسي ، عن أبي ذَرّ أنَّ رسولَ الله صلى الله عليه وسلم قال : - فيما روى عن الله تبارك وتعالى - أنه قال :

(( يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَتْقَى قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مِنْكُمْ مَا زَادَ ذَلِكَ فِي مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ كَانُوا عَلَى أَفْجَرِ قَلْبِ رَجُلٍ وَاحِدٍ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِنْ مُلْكِي شَيْئًا يَا عِبَادِي لَوْ أَنَّ أَوَّلَكُمْ وَآخِرَكُمْ وَإِنْسَكُمْ وَجِنَّكُمْ قَامُوا فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ فَسَأَلُونِي فَأَعْطَيْتُ كُلَّ إِنْسَانٍ مَسْأَلَتَهُ مَا نَقَصَ ذَلِكَ مِمَّا عِنْدِي إِلَّا كَمَا يَنْقُصُ الْمِخْيَطُ إِذَا أُدْخِلَ الْبَحْرَ يَا عِبَادِي إِنَّمَا هِيَ أَعْمَالُكُمْ أُحْصِيهَا لَكُمْ ثُمَّ أُوَفِّيكُمْ إِيَّاهَا فَمَنْ وَجَدَ خَيْرًا فَلْيَحْمَدِ اللَّهَ وَمَنْ وَجَدَ غَيْرَ ذَلِكَ فَلَا يَلُومَنَّ إِلَّا نَفْسَهُ ))

[أخرجه مسلم والترمذي]

 لا تحقد على أحد ، الله بيده كل شيء ، كل شيء تخافه بيد الله ، علاقتك مع الله مباشرة ، فإن كنت معه منعه منك ، وإن لم تكن معه سلطه عليك .

﴿وَكَذَلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ﴾

[سورة الأنعام الآية:129]

 في اللحظة التي تتوهم أن الإنسان مسيّر مجبور على أعماله مقهور في كل شيء من دون استثناء تكون قد أنهيت حمل الأمانة وألغيت التكليف وألغيت المسؤولية والثواب والعقاب والجنة وألغيت النار وكل شيء ! لذلك الله عز وجل بآية صارخة فاضحة جليلة محكمة قال :

﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا﴾

[سورة الأنعام الآية:148]

 أكثر العوام يقول لك : ترتيب سيدك ، يكون مرتكب مليون غلطة ومقصر ومال حرام ، عندما يأتيه التأديب يقول لك : ترتيب سيدك ، هكذا يريد الله ، أنت تقبل بالطالب الذي لم يدرس أبداً فلما رسب قال : هكذا الله يريد مثلاً ؟ هذا طالب أحمق ومزعبر .

﴿سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلَا آبَاؤُنَا وَلَا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ كَذَلِكَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ حَتَّى ذَاقُوا بَأْسَنَا قُلْ هَلْ عِنْدَكُمْ مِنْ عِلْمٍ فَتُخْرِجُوهُ لَنَا إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ أَنْتُمْ إِلَّا تَخْرُصُونَ﴾

[سورة الأنعام الآية:148]

 لا يمكن أن يكون الإنسان مسيراً في كل شيء ، أنت مخير فيما تريد ، فيما أنت مكلف به مخير، بإمكانك أن تصلي أو لا تصلي ، بإمكانك أن تطلق بصرك في الحرام أو أن تغض البصر، بإمكانك أن تكسب المال الحلال أو الحرام ، أنت مخير فيما كلفت ، وأوضح كلام قاله سيدنا عمر عندما جاءوا بشارب خمر قال : أقيموا عليه الحد ، قال : والله يا أمير المؤمنين إن الله قدر علي ذلك ، قال : أقيموا عليه الحد مرتين ، مرة لأنه شرب الخمر ، ومرة لأنه أفترى على الله ، وقال : يا هذا إن قضاء الله لن يخرجك من الاختيار إلى الاضطرار ، أنت مخير ، فبالتخيير كل شيء يقع لحساب دقيق وبمسؤولية بالغة .
 الحق لا يتعدد وله خط مستقيم واحد

 

آخر آية :

﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾

[سورة الأنعام الآية:153]

 جمع فالحق خط مستقيم ، ولا يمكن أن يأتي مستقيم آخر يبتعد عن المستقيم الأول ، مادام هناك نقطتان ، فمن بين هاتين النقطتين لا يمكن أن يمر إلا مستقيم واحد ، فالحق لا يتعدد ، والباطل يتعدد لملايين الاتجاهات ، لا يمكن أن تكون حرب بين حقين ، إن الحق لا يتعدد ، والحق بين حق وباطل لا تطول ، لأنه الله مع الحق ، أما إذا طالت فهناك إشكال من الطرفين ، بين باطلين لا تنتهي ، إذاً أهم شيء إذا كنت على حق وكان أخوك على حق ينبغي أن تلتقيا وأن تتحابا وأن تتعاونا ، فأية خصومة بين المؤمنين تعني أن أحد الطرفين على باطل ، أو أن كليهما على باطل ، أما أن كلاهما على الحق وهم مختلفون مستحيل وألف ألف مستحيل ، الحق لا يتعدد ، فإن كنت على الحق أحببت أهل الحق وكنت معهم ودعمتهم ، وأحببتهم وواليتهم ، أما إذا كان هناك انحراف ولو جزئي من خلال هذا الانحراف الجزئي تتكون مشكلة ، تتكون بغضاء وبعد ، فلو كنا على الحق جميعاً ما اختلفنا ولا تنازعنا ، أنظر إلى مؤمنين صادقين مخلصين يحبان بعضهما بعضاً إلى درجة غير معقولة لأنهما متطابقان ، أما كل خلافاتنا وكل ما بيننا من عداوة وبغضاء بسبب أن بعضنا قد انحرف فكانت هذه المسافة بين الحق ، والآية واضحة جداً .

﴿وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيماً فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ﴾

[سورة الأنعام الآية:153]

 الباطل يتعدد ، مليون خط منحني يمشي بين نقطتين ، ومليون خط منكسر أما خط مستقيم واحد فإن كنت مع الحق ، فكل أهل الحق معك ، وإن لم تكن على ذلك فأنت بعيد عن أقرب الناس إليك.
 والحمد لله رب العالمين
 بسم الله الرحمن الرحيم ، الحمد لله رب العالمين ، وأفضل الصلاة وأتم التسليم على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أعطنا ولا تحرمنا ، أكرمنا ولا تهنا ، آثرنا ولا تؤثر علينا ، أرضنا وارضا عنا ، وصلى الله على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم

 

تحميل النص

إخفاء الصور