وضع داكن
29-03-2024
Logo
رمضان 1421 - دراسات قرآنية - الدرس : 03 - من سورة آل عمران - من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات .
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

دين الله هو التوحيد

 أيها الأخوة الكرام ؛ يقول الله عز وجل :

﴿وَمَا مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ﴾

[سورة آل عمران الآية:144]

 هل في عالَم المسلمين إنسانٌ أعظم من رسول الله ، إنه سيد البشر ، ومع ذلك لا يمكن أن يكون الإنسان أمر من المبدأ ، فالإسلام أوسع وأشمل ، لو أن النبي عليه الصلاة و السلام توفاه الله ، المؤمن مؤمن ، والعقيدة عقيدة ، والالتزام التزام ، لذلك كأن الله عز وجل ما أراد أن يربط دينه برجل .

﴿أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ﴾

[سورة آل عمران الآية:144]

 هل في عالم المسلمين رجل يحب رجلا كحب الصديق لسيدنا محمد ؟ إطلاقا ، ومع ذلك ماذا قال الصديق يوم توفي النبي ؟ قال :

((أَمَّا بَعْدُ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ يَعْبُدُ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ مَاتَ وَمَنْ كَانَ يَعْبُدُ اللَّهَ فَإِنَّ اللَّهَ حَيٌّ لَا يَمُوتُ ))

[أخرجه الحاكم]

 لم يقل رسول الله ، قال : من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ، أصحاب الشرائع السماوية انحرافهم الخطير :

﴿اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ﴾

[سورة التوبة الآية:31]

 نحن ديننا دين التوحيد ، الله هو كل شيء ، والأنبياء نتقرب بهم إلى الله ، لكن لا نعبدهم من دون الله ، الدعاة إلى الله مشرعون ولكن لا نعبدهم من دون الله ، العبادة لله وحده ، الآية واضحة جدا :

﴿أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ﴾

[سورة آل عمران الآية:144]

 هل يُعقل أن يربط الدين بحياة إنسان ؟ الدين كالهواء ، يحتاجه الناس في كل مكان وفي كل زمان ، وهذا الهواء لا يمكن لرجل ، أو لجماعة ، أو لطائفة ، أو لإقليم ، أو لعصر، أو لمصر أن يحتكره ، إنه دين الله ، والآية واضحة جدا ، وفيها ملمَح رائع :

﴿أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئاً﴾

[سورة آل عمران الآية:144]

 لذلك النبي على عظم شأنه :
 عن عبيد الله بن عمر رحمه الله ، أَنَّ عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْعَزِيزِ خَطَبَ فَقَالَ :

((وَلَسْتُ بِمُبْتَدِعٍ وَلَكِنِّي مُتَّبِعٌ ))

[أخرجه الدرامي]

 حينما أمّر أنصاريا ذا دعابة على جماعة من أنصاره
 فعَنْ عَلِيٍّ بن أبي طالب رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ :

(( بَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَرِيَّةً فَاسْتَعْمَلَ رَجُلًا مِنْ الْأَنْصَارِ وَأَمَرَهُمْ أَنْ يُطِيعُوهُ فَغَضِبَ فَقَالَ أَلَيْسَ أَمَرَكُمْ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تُطِيعُونِي قَالُوا بَلَى قَالَ فَاجْمَعُوا لِي حَطَبًا فَجَمَعُوا فَقَالَ أَوْقِدُوا نَارًا فَأَوْقَدُوهَا فَقَالَ ادْخُلُوهَا فَهَمُّوا وَجَعَلَ بَعْضُهُمْ يُمْسِكُ بَعْضًا وَيَقُولُونَ فَرَرْنَا إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ النَّارِ فَمَا زَالُوا حَتَّى خَمَدَتْ النَّارُ فَسَكَنَ غَضَبُهُ فَبَلَغَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَوْ دَخَلُوهَا مَا خَرَجُوا مِنْهَا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ الطَّاعَةُ فِي الْمَعْرُوفِ ))

[أخرجه البخاري ومسلم]

 أرأيتم إلى هذه التربية ، كيف يربي ربنا عز وجل المؤمنين على أنهم أصحاب مبادئ ، وأن المبادئ فوق الأشخاص ، وأن الأشخاص يأتون ويذهبون ، والدين شامخ شموخ الجبال ، فيا أيها الأخوة لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ، عوّد نفسك على ألاّ تقبل إلا بالدليل ، وألاّ ترفض إلاّ بالدليل ، ولولا الدليل لقال من شاء ما شاء ، هذه نقطة ، أي أنت تحب الدعاة إلى الله ، وتجلهم ، وتشيد بفضلهم ، لكن إياك أن تعبدهم من دون الله ، إياك أن تربط دينك بشخص ، الشخص يصعد و يهبط ، لكن دين الله قائم قدم السماوات والأرض ، قال تعالى :

﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ﴾

[سورة آل عمران الآية:146]

الاعتزاز بدين الله والثقة بعظمته .

 أيها الأخوة ؛ أخطر هزيمة أن نُهزم من الداخل ، أخطر هزيمة أن نيأس ، أخطر هزيمة أن نهون على أنفسنا ، وأن نستصغر شأننا ، إننا مؤمنون ولله الحمد ، قال تعالى :

﴿فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا﴾

[سورة آل عمران الآية:146]

 مهما اشتدت المحن ، مهما ضاقت الأمور ، مهما تكالب أهل الباطل ، مهما قوي الباطل ، مهما تغطرس الباطل ، الله عز وجل يقول :

﴿ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقاً﴾

[سورة الإسراء الآية:81]

 واللهِ في تاريخ المسلمين حركات هاجمت الإسلام من أقوى الحركات ، أين هي الآن ؟ تلاشت ، وكثير من الناس في هذا الشرق الأدنى والأقصى أرادوا إنهاء الدين ، فطسوا والدين باق ، فكم جاء من الغزوات على هذه البلاد ؟ أين هي الآن ؟ رُدّت على أعقابها ، وبقي الدين شامخا ، كم من مِلل و نِحل أرادت أن تكون دليل الإسلام ، أين هي الآن ؟ تلاشت ، هذا الدين دين الله ، العبرة ألاّ نيأس من الداخل ، النبي عليه الصلاة و السلام وهو في الطائف بلغ من إيذاء أهل الطائف له أنهم كذبوه وسخروا منه ، وقيل : ضربوه ، عاد إلى مكة ، قال له زيد : كيف تعود إليها وقد أخرجتك ؟ قال : إن الله ناصر لدينه ، ومؤيد لدينه ، هذه صفة النبي ، وفي الهجرة لما أهدر دمه ، ووضعت مائة ناقة لمن يأتي به حيًّا أو ميتا ، وتبعه سراقة ، فقال له : كيف بك يا سراقة إذا لبست سواري كسرى ، الواحد قد يقرأ هذه القصة و لا ينتبه لمضمونها ، معنى ذلك إنني سأصل سالمًا ، وسأبني دولة في المدينة ، وسأحارب أقوى دولة ، وسأنتصر عليها ، وسوف تأتيني غنائمها إلى المدينة ، ويا سراقة ستلبس سواري كسرى .
 من أدقّ ما قرأت في السيرة مما يشبه وضعنا الحالي في بلاد المسلمين أن عدي بن حاتم لما أسلم قال له : يا عدي لعلك إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من حاجتهم ، أي من فقر المسلمين ، فو الله ليوشكن أن يفيض المال فيهم حتى لا تجد من يأخذه ، وقد حدث هذا ، ولعله إنما يمنعك من دخول في هذا الدين كما ترى من كثرة عدوهم ، فو الله ليوشكنّ أن تسمع بالمرأة البابلية تحج هذا البيت على بعيرها لا تخف ، ولعله إنما يمنعك من دخول في هذا الدين ما ترى من ضعفهم ، والله ليوشكن أن ترى القصور البابلية تحتهم ، وقد تحققت هذه الوعود كلها ، ووعد الله وعدٌ ، وزوال الكون أهون من ألاّ يحقق وعوده للمؤمنين ، لذلك هذه الآية :

﴿وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قَاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَمَا وَهَنُوا لِمَا أَصَابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَا ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكَانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ﴾

[سورة آل عمران الآية:146]

 كلما كنت مستقيما أكثر كنت أقرب إلى الله أكثر ، وكلما كنت أقرب إلى الله ألقى في قلبك الأمن .

 

الإنسان الملتزم مع الله يتحلى بقلب مطمئن .

 أيها الأخوة ؛ هناك شيء دقيق جدا ذكرته سابقا ، ولا مانع من إعادته ، قضية الأمن يخلقه الله وقد لا يكون له أسباب ، وقد يسلبه المخ ومعك كل أسبابه ، فقضية أن تشعر بالأمن لا علاقة لها بالواقع ، حتى تتوضح القصة ، راكب سيارة ومتجه إلى حمص ، والعجلة الاحتياطية غير صالحة ، تسير طوال الطريق بقلق شديد جدا ، لو أصاب إحدى العجلات عطب بركت ، لو ابنك أصلح العجلة الاحتياطية ولم يقل لك ، فأنت خائف بلا سبب ، هذه واحدة ، لو العكس ، لو أنك هذه العجلة لم تعلم أنها معطوبة ، وتظن أنها جيدة ، وسرت مسافة طويلة ، تنعم بأمن رائع ، ليس معك أسباب الأمن ، هذا الأمن يخلقه الله عز وجل ، يخلقه ولا تملك أسبابه ، ويأخذه منك وتملك كل أسبابه ، لذلك الأمن نعمة ، يقول الله عز وجل:

﴿ فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالْأَمْنِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ﴾

[سورة الأنعام الآية:81-82]

 بل إن هذا الأمن للمؤمنين وحدهم بنص الآية الكريمة ، ما قال : أولئك الأمن لهم ، لو قال : أولئك الأمن لهم ولغيرهم ، أما حينما قال : أولئك لهم الأمن ، عُكس الترتيب فأفاد القصر و الحصر ، لذلك لا يتمتع بالأمن إلا المؤمن ، وهذا الأمن شعور يخلقه الله في قلب المؤمن ، هو صامد كالجبال ، راسخ كالصخر ، لا تلين قناتُه ، ولا ينهار ، ولا تضعف قواه ، ولا ييأس ، إنه يعلم أن الله يحبه ، وأن الله لن يتخلى عنه ، هذا الشعور وحده مسعِد ، وهذا الشعور وحده له انعكاس على الصحة ، فكلما ارتفعت معنوياتك سلمت أجهزتك .

خصومة المؤمنين هي كفر .

 في الآيات التي قُرأت البارحة إشارة دقيقة جدا ، والله أنا أتمنى أن تكون واضحة لديكم ، كان هناك خلافات بين الأوس و الخزرج في المدينة ، ولما هداهم الله إلى الإسلام اتفقوا وتعاونوا وأحبوا بعضهم بعضا ، رجل من أهل الكتاب الحاقدين جاء بقصيدة قديمة في الجاهلية ، وأوعز إلى غلام أن يقرأها أمام الأوس ، وذكروا عداواتهم السابقة ، من كلمة إلى كلمة ، ومن حركة إلى حركة تشادوا ، سحبوا السيوف ، وكادت تقع الفتنة بين المؤمنين في المدينة ، خرج النبي عليه الصلاة و السلام غاضبا ، قال : تفعلون هذا و أنا بين أظهركم ، فنزل في هذه الحادثة آيات ، قال تعالى :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تُطِيعُوا فَرِيقاً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ يَرُدُّوكُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ كَافِرِينَ * وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾

[سورة آل عمران الآية:100-101]

 ماذا سمى الله الخصومة بين المؤمنين ؟ سماها كفرا ، لأن أقوى ما يتمتع به المؤمنون هذا الود والحب ، أقوى عامل لقوتهم حبُّهم ، ومدتهم لبعضهم بعضا ، فإذا دخلت العداوة و البغضاء بين المؤمنين انتهوا كمؤمنين ، ولا تنازعوا فتفشلوا ، فالله عز وجل سمى الخصومة بين المؤمنين كفرا ، وهذا شيء مشكلة كبيرة يعيشها المسلمون ، قد يتنازع المسلمون حتى في بلاد الغرب ، يتنازعون على موضوعات سخيفة جدا ، وقد يقتتلون ، وقد يدخل الشرطة إلى مساجدهم بأحذيتهم ، ليفرقوا بينهم ، لأسباب سخيفة جدا ، وما أضل الله قوما بعد إذا هداهم إلا أوتوا الجدل ، فهذه سفاسف ، وقضايا صغيرة جدا ، يقيمون لها النكير ، في بلاد الغرب كل فرقة تصوم في يوم ، أبدا ، ثلاثة أيام بدأ الصوم ، يوم الأحد صاموا و الاثنين و الثلاثاء ، أرأيتم مثل هذه التفرقة ، سمى الله العداوة بين المؤمنين و الخصومة بينهم سماها كفرا ، قال تعالى :

﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾

[سورة آل عمران الآية:101]

 وقال تعالى :

﴿إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ﴾

[سورة الأنعام الآية:159]

 هناك فضيلة اسمها التنازل ، الإنسان أحيانا يقول رأيا ، أو يعتقد اعتقادا ، فيظهر أنه من المصلحة التخلي عنه ، لمصلحة المجموع ، هذه فضيلة ، وما أدل على ذلك من أن النبي عليه الصلاة والسلام في موقعة بدر حجب الله عنه الموقع المناسب ، حجبه وحيًا واجتهادا وإلهاما ، وأمر أصحابه في مكان ، جاء صحابي جليل يتَّقد غيرةً ، قال : يا رسول الله إن هذا الموقع أوحاه الله إليك ، أو هو الرأي والمشورة ؟ قال له : هو الرأي والمشورة ، قال له : واللهِ يا رسول ليس بموقع ، فالنبي عليه الصلاة والسلام ببساطة ما بعدها بساطة ، بتواضع ما بعده تواضع قال : أين الموقع المناسب ؟ قال : ننتقل إلى هناك ، هذه فضيلة قلما ينتبه لها الناس ، التنازل ، تنازل لأخيك ، تنازل للمصلحة العامة ، فإذا لم نتنازل سنصطدم ، ويصبح بأسنا بيننا ، وعدونا يتفرج علينا ، وهذا حال المسلمين ، من أجل حركات لا نقدم و لا تؤخر ، من أجل درجات ، من أجل قضايا ترتيبها مليون في الإسلام ، نقتتل ، أعداؤنا يتعاونون ، في المائة خمسة قواسم مشتركة ، وينتصرون ، ونحن من المائة خمسة وتسعون بالمائة قواسم مشتركة ، ونقتتل .
 يا أيها الأخوة ؛ كلمة وكيف تكفرون حينما تقيم مع أخيك خصومة ، حينما تغاضبه ، وحينما تسخر منه ، حينما تطعنه في إيمانه ، من أجل أن تشفي غليلك أنت بهذا قد كفرت .

﴿وَكَيْفَ تَكْفُرُونَ وَأَنْتُمْ تُتْلَى عَلَيْكُمْ آيَاتُ اللَّهِ وَفِيكُمْ رَسُولُهُ وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللَّهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾

[سورة آل عمران الآية:101]

 فضيلة التنازل ، وجدت في الجامعة هناك شعارا " التنازل " من أجل المصلحة العامة هل تنازل لأخي ، أما المسلمون فيتطاحنون ، ويتضاربون ، ويؤذون بعضهم ، ولأسباب تافهة جدا ، وهذا يثلج قلوب أعدائهم ، فنحن آن الأوان أن وحدتنا أساس قوتنا ، وأن مصلحة المسلمين فوق كل مصلحة ، وأن مصلحة مجموع المسلمين تفوق مصلحة الأفراد ، وأن الإنسان كلما ارتقى تنازل لأخيه ، والنبي ضرب قدورة تنازل النبي وهو سيد الخلق لأحد أصحابه ، كان ممكنا أن ينحه جانبا ، كما يفعل بعضهم ، كان من الممكن أنْ يحطّمه لأنه اعترض عليه ، قال له : بارك الله بك هذا هو الصواب ، هذه فضيلة اسمها التنازل .
 القرآن أيها الأخوة يعلمنا الكثير ، لو تلوناه تلاوة متأنية ، أنا أخ جاء بسؤال ، واللهِ أعجبتني هذه الطريقة ، وقد كتبه على الكومبيوتر هذا السؤال ، أعجبتني هذه الطريقة ، إذا كان أحدكم يقرأ القرآن ، عنده إشكال في الآية ، يضعه في سؤال ، ونجعل في كل لقاء خمسة دقائق للإجابة عن هذا الأسئلة ، يسأل الأخ : يقول الله عز وجل :

﴿مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ﴾

[سورة الشورى الآية:20]

 السؤال : هل معنى قول الله تعالى أن الإنسان إذا طلب من الله عز وجل أن يأتيه الدنيا يؤتيه منها و يحجب عنه الآخرة ؟ لا إذا طلبت الدنيا كي تتقوى بها على طاعة الله ، لو طلبت مسكنا ، وطلبت زوجة ، وطلبت رزقا حلالا هذا ليس من الدنيا ، هذا من الآخرة ، سياق الآية يقول : من أراد الدنيا فقط ، أرادها بالمعصية ، أرادها بالعدوان ، أرادها بالاحتيال ، أرادها بغش الناس ، أرادها بسلب أموالهم ، من أرادها بطريق غير مشروع قد يؤتيه الله إياها، وما له في الآخرة من نصيب ، لكن من أراد شيئا حلالا بارك الله به ، من قال لكم إن الدنيا إطلاقا مرفوضة عند الله ؟ إذا أحب الله عبدا أكرمه ؛ أعطاه من الدنيا الشيء الحلال ، من أجمل الأدعية : اللهم ارزقني طيبا ، واستعملني صالحا ، إذا كان للإنسان عمل وله من هذا العمل رزق ، وبهذا المال يعين المؤمنين ، و يفرّج كرب المكروبين ، وينفِّس عن بعض المرضى ، هو يرقى عند الله عز وجل ، و الآخرة بالعمل ، إذًا ليس معنى هذا أنك إذا أردت الدنيا تُحرم الآخرة ، بل إن من بعض الأدعية : اللهم اجعل نِعم الدنيا متصلة بنعم الآخرة ، ما الذي يمنع أن يؤتيك الله الدنيا بطريق مشروع وأن تسخرها في الحق ، هذا يرقى بك عند الله عز وجل .
 أيها الأخوة ؛ أرجو الله سبحانه وتعالى ، أنا متأكد أنكم جميعا تقرؤون القرآن كل يوم ، فإذا كان هناك سؤال أو قضية أو إشكال اكتبه في ورقة وأتِ بها ، إن شاء الله ننتفع جميعا من هذه الأسئلة ، إضافة إلى الدرس المقرر .

 

تحميل النص

إخفاء الصور