وضع داكن
20-04-2024
Logo
رمضان 1420 - خواطر إيمانية - الدرس : 36 - من سورتي الواقعة والقصص - الإعجاز العلمي.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم :

 أيها الأخوة الكرام؛ ربنا عز وجل يقول:

﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ * وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ ﴾

[سورة الواقعة: 75-76]

 الحقيقة بهذه الآية إعجاز مذهل، كلكم يعلم أن في الكون ما يزيد عن مئة ألف مليون مجرة، وأن مجرتنا مجرة صغيرة جداً، متواضعة، اسمها درب التبابنة، وأن المجموعة الشمسية لا يزيد قطرها عن ثلاث عشرة ساعة، وأن أقرب نجم إلينا أربع سنوات ضوئية، وأبعد نجم قريب من سبعة عشر مليار سنة، هذا النجم الذي وصلنا ضوءه، ويبعد عنا سبعة عشر مليار سنة ضوئية، بالمناسبة أربع سنوات ضوئية، لو كان هناك طريق إلى المجرة إلى هذا النجم، لاحتجنا إلى خمسين مليون عام كي نصل إليه، أربع سنوات ضوئية، فكيف بنجم القطب الذي يبعد عنا أربعة آلاف سنة؟ كيف بالمرأة المسلسلة التي تبعد عنا مليوني سنة؟ كيف ببعض النجوم التي تبعد عنا سبعة عشر مليار سنة؟ هذا شيء معروف سابقاً، وقد ذكرته كثيراً.
 الذي يعنيني من هذا اللقاء هذا النجم الذي رصدنا ضوءه أين هو الآن؟ يوم كان في هذا المكان، أي قبل سبعة عشر مليار سنة كان في هذا المكان، والآن يمشي، المجرات البعيدة سرعتها قريبة من سرعة الضوء، تقطع مئتين وأربعين كيلو متر بالثانية، فهذا النجم الذي رصدنا ضوءه حديثاً، والذي يبعد عنا سبعة عشر مليار سنة ضوئية، كان هنا، كان في هذا الموقع قبل سبعة عشر مليار سنة، أين هو الآن؟ لا يعلم إلا الله أين هو الآن، معنى ذلك أن كلمة موقع فيها إعجاز علمي، لو ربنا عز وجل قال: بيننا وبين هذا النجم مسافة طويلة، النجم تغير مكانه، إذا كل ثانية يقطع مئتين وأربعين كيلو متر، والقصة من سبعة عشر مليار سنة، أين هو الآن؟
 فالآية الكريمة:

﴿ فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾

[سورة الواقعة: 75]

 ما قال: بالنجوم، بمواقعها، كان هذا النجم في هذا الموقع قبل سبعة عشر مليار سنة، ويوم كان في هذا الموقع قبل سبعة عشر مليار سنة وصل ضوءه إلينا، أين هو الآن؟ لا يعلم إلا الله أين هو الآن، فربنا عز وجل ما قال: بين النجوم، فال: بالمسافات بين النجوم، قال: بالمسافات بين

﴿ مَوَاقِعِ النُّجُومِ ﴾

 كل إعجاز هذه الآية في كلمة

﴿ مَوَاقِعِ ﴾

 موقع، هنا كان موقع هذا النجم، الآن بقيّ يسير سبعة عشر مليار سنة، بسرعة مئتين وأربعين ألف كيلو متر في الثانية، إذاً نحن نعرف موقعه، فأنت إذا نظرت إلى نجم بعيد في السماء يتألق، تتوهم أن هذا الضوء من هذا النجم، هذا الضوء يمشي والنجم تغيّر مكانه، هذا أثر يوم كان النجم في هذا المكان، أصدر هذا الضوء، ومشى النجم، لو تتبعت الضوء لن تجد شيئاً، لو تتبعت الضوء- ضوء النجم- لن تجد شيئاً، النجم تحول إلى مكان آخر.
 لولا أن هذا القرآن كلام الله، هل بإمكان بشر أن يضع كلمة موقع؟ الآن بعد ألفي عام من ميلاد السيد المسيح تقريباً، مع التقدم الهائل، مع الأقمار الصناعية، مع المراصد العملاقة، مع المجهر الإلكتروني، بعد تقدم علمي مذهل، عرفوا أن هناك مجرات تبعد عنا سبعة عشر مليارات سنة، وأن بينها وبين أرضنا مسافات شاسعة، وأنها تحولت عن هذا المكان إلى مكانٍ آخر، فهذا الضوء الذي تراه من النجم، لو سرت نحوه ما وجدت شيئاً، لكن حكماً يوجد موقع للنجم، كان هنا موقع النجم، والآن تحول، فكلمة:

﴿ مَوَاقِعِ ﴾

 تعد من إعجاز القرآن العلمي، وأنه كلام الله عز وجل.

 

الدعاء سلاح المؤمن :

 أخواننا الكرام؛ أطمئنكم أن المضطر مستجاب الدعوة، وأن المظلوم مستجاب الدعوة، ولو لم تتحقق فيه شروط الدعاء، لقول الله عز وجل:

﴿ أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ ﴾

[سورة النمل الآية: 62 ]

 فالدعاء سلاح المؤمن، ولو كنت مقصراً ادع الله عز وجل، فإذا كنت مضطراً أجابك، وإذا كنت مظلوماً أجابك.

 

من أعان ظالماً حوسب مثله :

 في آيات كثيرة يأتي ذكر فرعون وجنوده:

﴿ وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا ﴾

[سورة القصص : 6 ]

 أي ما الحكمة من ذكر الجنود مع فرعون؟ آيات كثيرة:

﴿ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعاً يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءَهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ ﴾

[ سورة القصص: 4]

 شيء لا يحتمل:

﴿ رَبَّنَا وَلَا تُحَمِّلْنَا مَا لَا طَاقَةَ لَنَا بِهِ ﴾

[سورة البقرة: 286 ]

 لكن الله يقول:

﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً ﴾

[ سورة القصص:5]

 الآن لو خُيّرت أن تكون ضعيفاً، مستضعفاً، مظلوماً، لكن الله يعدك وعداً حسناً، أو أن تكون قوياً، جباراً، تعيش حياتك ثم ترمى في النار، والله الذي لا إله إلا هو إذا كنت مستقيماً على أمر الله، لو كنت مستضعفاً، لو كنت ضعيفاً، أنت الرابح الأول، وكفاك على عدوك نصراً أنه في معصيةٍ الله، ربنا عز وجل يطمئننا قال:

﴿ وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا فِي الْأَرْضِ وَنَجْعَلَهُمْ أَئِمَّةً وَنَجْعَلَهُمُ الْوَارِثِينَ* وَنُمَكِّنَ لَهُمْ فِي الْأَرْضِ وَنُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَجُنُودَهُمَا ﴾

[ سورة القصص:5-6]

 أي في أكثر المواضع ورد فرعون مع جنوده، لأن الذي يعينه على الظلم محاسبٌ مثله:

(( مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ))

[ابن ماجه عن أبي هريرة ]

(( من أعان ظالماً سلطه الله عليه ))

[الديلمي في الفردوس بلا سند عن ابن مسعود]

 لو أعنت ظالماً ولو بهز رأس، أعطيته قلماً ليوقع، أفتيت له، طمأنته عملك جيد، أنت معك حق، تريد أن تتملق له، أو تنجو من عذابه:

 

((من أعان ظالماً سلطه الله عليه ))

 

[الديلمي في الفردوس بلا سند عن ابن مسعود]

(( مَنْ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ مُؤْمِنٍ بِشَطْرِ كَلِمَةٍ لَقِيَ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ مَكْتُوبٌ بَيْنَ عَيْنَيْهِ آيِسٌ مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ))

[ابن ماجه عن أبي هريرة ]

 فلذلك قال تعالى:

﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ ﴾

[سورة المائدة: 2 ]

 معنى ذلك أن الناس أقوياء وأنبياء، الأقوياء ملكوا الرقاب بقوتهم، والأنبياء ملكوا القلوب بكمالهم، والناس جميعاً أتباع قوي أو نبي، فإذا أنت معك شيء، عندك قدرة على الأذى فأنت من أتباع الأقوياء، وتستخدمها لابتزاز أموالهم، أنت مع الأقوياء، أما إذا عندك كمال تأسر به قلوب المؤمنين، فأنت من أتباع الأنبياء، وشتان بين أن تكون تابعاً لقوي، وبين أن تكون تابعاً لنبي، لكن هذا قانون، أناسٌ ما عرفوا الله إطلاقاً، وأناسٌ عرفوه، وقصروا في طاعته، الله يقوي الذي لم يعرفه فيضيق على الذي يعرفه لعله يتوب، ويرجع، فإذا رجع قواه على الظالم فانتقم منه، وهذه سلسلة ثابتة في حياة الناس، وفي تاريخهم.

 

توجيهات لطيفة في قصة سيدنا موسى مع سيدنا شعيب :

 في قصة سيدنا موسى مع سيدنا شعيب توجيهات لطيفة، الذي يلفت نظر المرأة في الرجل قوته، وأمانته، والذي يلفت نظر الرجل في المرأة حياؤها:

﴿ فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ ﴾

[ سورة القصص:25]

﴿ قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ ﴾

 وربنا علمنا الكلام مع النساء يجب أن يكون مختصراً، لما رأى:

﴿ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ ﴾

[ سورة القصص:23]

 ما أدار حديثاً لطيفاً:

﴿ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا ﴾

[ سورة القصص:23]

 خير إن شاء الله، لماذا أنتن هنا؟ لا:

﴿ مَا خَطْبُكُمَا ﴾

  وهي حينما عرضت عليه الدعوة لم تقل له: والله إن أبي يرغب بأن يكرمك، تفضل لعندنا، لا، قالت كلاماً لا يحتاج إلى جواب:

﴿ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾

[ سورة القصص:25]

 وانتهى الأمر، مع التعليل:

﴿ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا ﴾

[ سورة القصص:25]

 حياؤها لفت نظره فيها، و قوته و أمانته لفت نظرها فيه، لذلك في آخر الزمان يرفع الحياء من وجوه النساء، صارت هي تزورك الآن، وتسب الدين أحياناً، وتدخن، يرفع الحياء من وجوه النساء، وتنزع النخوة من رؤوس الرجال، تجد زوجته بأبهى زينة، تمشي معه، كل مفاتنها ظاهرة، يفتخر بها، ترفع النخوة من رؤوس الرجال، وينزع الحياء من وجوه النساء، لا نخوة، ولا حياء، وتنزع الرحمة من قلوب الأمراء، لا يوجد رحمة، لا يوجد رحمة بقلب الأمير، ولا حياء بوجه المرأة، ولا نخوة برأس الرجل، شخص ابنه أحب فتاة- طبعاً بأمريكا- فسأل والده أن يتزوجها، قال له: لا يا بني، إنها أختك، وأمك لا تدري، هذه أختك، هو له أخطاء كثيرة، فلما رأى فتاة ثانية، قال له: إنها أختك أيضاً، وأمك لا تدري، فلما رأى فتاة ثالثة، قال له: إنها أختك، وأمك لا تدري، فشكا إلى أمه، قالت: خذ أياً شئت، فأنت لست ابنه، وهو لا يدري، هذا مجتمع الغرب يا اخوان، هذا مجتمع الغرب واقع:

﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ ﴾

[ سورة القصص:27]

 أرأيت إلى موقف ولي الفتاة، تجد شخصاً مثلاً عمره حوالي ستين سنة، يعمل خمسين سنة بحياته، أو أربعين سنة، أي أسس وضعه، الأمور كانت رخيصة جداً، أخذ بيتاً باثني عشر ألفاً، سعره الآن ثلاثة ملايين، عشرون مليوناً، عنده معمل، عنده سيارة، عنده بيت، لا يوجد عنده شيء ناقص، يأتيه خاطب لابنته، يريد بيتاً بالشام، ويريد سيارة، الآن صارت الأمور فوق طاقة الإنسان، انظر أن بيت حميك قد زوجوك و أنت لم تكن تملك قرشاً، أنت عندما تزوجت أعطوك، لم يكن معك قرش، الآن كذلك أنت تلطف بهؤلاء الشباب:

﴿ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ﴾

  هذا منهج للآباء، بعد ذلك بيني وبينك، دعها بين الرجال أفضل لكم، إذا الأمور وصلت إلى النساء مشكلة كبيرة، ذلك بيني وبينك، دعها بينك وبينه.

 

من يستقيم على أمر الله يربح الدنيا قبل الآخرة :

 أكثر الناس ضعاف الإيمان، إذا دعوتهم إلى طاعة الله، يقول لك: يذهب رزقي، أفتقر، عندي أولاد، عجيب الإنسان وهو في المعصية يرزقه الله، فإذا تاب يخذله؟
 يقولون: إن سيدنا موسى استسقى ربه فأوحى الله إليه أن يا موسى إن فيكم عاصياً، فقال موسى لقومه: من كان عاصياً لله فليغادرنا ثم الأمطار انهمرت كأفواه القرب دون أن يغادر أحد، ففي المناجاة قال: يا رب لقد أمطرتنا، ولم يغادرنا ذلك العاصي، من هو هذا العاصي مستغرباً؟ قال: عجبت لك يا موسى أستره وهو عاصٍ، وأفضحه وهو تائب؟
 عندما كنت لا تعرف ربك إلا بالإشارة، معاص، وآثام، وسهر، وملاه، ورفاق سوء، وللساعة الثانية ليلاً، ولا تصلي، الله حافظك، ورازقك، بعدما استقمت، وتبت، ورجعت، واصطلحت مع الله، الله يفقرك، هذا كلام الشيطان:

﴿ وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ﴾

[ سورة القصص: 57 ]

 إذا عملت هذا الشيء أخسر وظيفتي، وإذا هذا الشيء عملته يقل دخلي، وإذا ما بعت بهذا المطعم خمر سأخسر مالي، لأن مطعمي خمس نجوم، أستاذ ماذا نفعل؟ مطعمه خمس نجوم إذا ما باع الخمر لا تأتيه الزبائن:

﴿ وَقَالُوا إِنْ نَتَّبِعِ الْهُدَى مَعَكَ نُتَخَطَّفْ مِنْ أَرْضِنَا ﴾

[ سورة القصص: 57 ]

 هذا كلام الشيطان، وكل من يقول لك: إذا فعلت كذا، وهو طاعةٌ لله أخسر، أفقد وظيفتي، أفقد عملي، تتوقف شركتي، هذا هو عين الضلال، إن استقمت على أمر الله تربح في الدنيا قبل الآخرة.

 

على الإنسان أن يبتغي الدار الآخرة من حظوظه في الدنيا :

 الآن الآية:

﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ ﴾

[ سورة القصص: 77 ]

 آتاك مالاً، ابتغ به الدار الآخرة، آتاك قوة إقناع، ابتغ به الدار الآخرة، آتاك علماً، ابتغ به الدار الآخرة، أيُّ حظٍ من حظوظ الدنيا آتاك الله إياه ينبغي أن تبتغي به الدار الآخرة:

﴿ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة القصص: 77 ]

 يوجد أشخاص يحفظون هذه الآية عن ظهر قلب، يقول لك:

﴿ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة القصص: 77 ]

 هو المعنى قد يكون أعمق من ذلك، إنسان ذهب إلى بلد ليأتي بدكتوراه، نقول له: لا تنس المهمة التي أنت من أجلها ذهبت إلى هذا البلد، يوجد مليون شيء يصرفك عن الدكتوراه لا تنس أنك ذهبت إلى هذا البلد للدكتوراه:

﴿ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة القصص: 77 ]

﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا ﴾

[ سورة القصص: 77 ]

 ونصيبك من الدنيا أن تحسن كما أحسن الله إليك، ليكون إحسانك ثمناً لجنة ربك:

﴿ وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ ﴾

[ سورة القصص: 77 ]

المؤمن الصادق لا يبغي فساداً ولا علواً في الأرض :

 أخواننا الكرام؛

﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾

[ سورة القصص:83 ]

 انظر كلام موجز:

﴿ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ ﴾

  الاستعلاء، والكبر:

﴿ وَلَا فَسَاداً ﴾

 بين الناس، هناك أشخاص يبنون أعمالهم على إشاعة الفساد، يبنون كل نشاطهم على العلو في الأرض، فالمؤمن الصادق لا يبغي فساداً، ولا علواً في الأرض، لأنه حجز عند الله:

﴿ مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ ﴾

[ سورة القمر:55 ]

 فكل إنسان يستجدي المديح، ويستعلي على الناس، ويحب أن يمدح، وإذا ما أكرموه التكريم اللائق، ينزعج انزعاجاً شديداً، كان عليه الصلاة والسلام يجلس حيث ينتهي به المجلس، وأبلغ من ذلك أن شخصاً دخل على رسول الله، لم يعرفه، قال: أيكم محمد؟ ليس له عرش، لا يوجد شيء يميزه عن أصحابه، لا يوجد له كرسي خاص، ولا ملابس خاصة، أبداً، لا ثياب خاصة، ولا كرسي، ولا بمكان الصدارة، أيكم محمد؟ قال له: أنا.
 مرة أعرابي آخر قال: أيكم محمد؟ قالوا له: ذاك الوضيء، أحد الصحابة، ذاك المتألق، ذاك الوضيء، هذا منهج، هكذا علمنا النبي، دخل عليه رجل، فأصابته رعدة، قال:

((هوِّن عليك فإني لست بملك، إنما أنا ابن امرأة من قريش كانت تأكل القديد ))

[الطبراني عن جرير بن عبد الله]

﴿ تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوّاً فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَاداً وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ ﴾

تحميل النص

إخفاء الصور