وضع داكن
17-04-2024
Logo
رمضان 1420 - خواطر إيمانية - الدرس : 49 - من سورتي الممتحنة الصف - المحبة والبغض.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

المؤمن يكره عمل الكافر لا ذاته :

 أيها الأخوة؛ المؤمن له أعداء هم الكفار، ولكن هذه العداوة ليست دائمة، المؤمن لا يكره ذات الكافر، يكره عمله، والدليل أن أحد كفار قريش - صفوان بن أمية كان له صديقاً هو عُمَير بن وهب - فقال عمير لصفوان: والله يا صفوان لولا أطفالٌ صغار أخاف عليهم العَنَت من بعدي، ولولا ديونٌ لا أطيق سدادها لذهبت وقتلت محمداً وأرحتكم منه، صفوان غني وحاقد قال له: أما ديونك فهي عليّ بلغت ما بلغت، وأما أولادك فهم أولادي ما امتدَّ بهم العمر، فاذهب لما أردت.
 عُمَيْر سقى سيفه سماً، وامتطى ناقته، وتوجَّه نحو المدينة ليقتل محمداً. أما كيف يدخل؟ له ابنٌ أسير، فحجته في الدخول إلى المدينة أن يَفُكَّ ابنه الأسير، رآه عمر رضي الله عنه، فقيده بحمَّالة سيفه وساقه إلى النبي عليه الصلاة والسلام، وقال: يا رسول الله هذا عمير جاء يريد شراً، سيدنا عمر لما ساقه إلى النبي سوقاً قال النبي الكريم له: يا عمر فكه، ففكه. قال له: ابتعد عنه، فابتعد عنه، قال: ادن مني يا عمير، فدنا منه، قال له: سلِّم علينا، قال له: عِمْتَ صباحاً يا محمد، قال له: قل: السلام عليكم، كان فظاً غليظ القلب قال له: يا محمد لست بعيد عهدِ بسلام الجاهلية، هذا سلامنا نحن، قال له: ما الذي جاء بك إلينا؟ قال له: جئت أفك ابني من الأسر، قال له: وهذه السيف التي على عاتقك؟ قال له: قاتلها الله من سيوف وهل نفعتنا يوم بدر؟!ـ قال له: ألم تقل لصفوان لولا ديونٌ ما أطيق سدادها، ولولا أولادٌ أخشى عليهم العَنَتَ من بعدي لذهبت وقتلت محمداً وأرحتكم منه؟ فوقف وقال: أشهد أنك رسول الله، لأن الذي دار بيني وبين صفوان لا يعلمه أحدٌ إلا الله، وأنت رسوله وأسلم.
 النقطة الدقيق يقول سيدنا عمر الآن: " دخل عمير على رسول الله والخنزير أحب إليَّ منه، وخرج من عنده وهو أحب إليَّ من بعض أولادي ".
 المسلم ليس له عدو دائم، عدوه الانحراف، المعصية، الكفر، فالكافر لو رجع إلى الله صار أقرب الناس إليه، بل إن هذا الكافر حينما يسلم، له ما لنا، وعليه ما علينا، لا يوجد أية ميزة يمتاز بها المسلم عن كافر أسلم، هذا الكلام تحت قوله تعالى:

﴿ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الَّذِينَ عَادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً﴾

[سورة الممتحنة: 7]

(( أحبب حبيبك هونـاً مـا عســى أن يكون بـغـيضك يوماً مـا، وأبـغض بغيضك هـوناً ما عسى أن يكون حـبيـبك يـومـاً ما))

[ الترمذي عن أبي هريرة]

 لا توجد عداوة دائمة، أساسًا في عالم التجارة يختلف تاجران، أحياناً يتلاسنان، أحياناً يتحاربان، تأتي صفقة فيها مصلحة لكليهما فيتصالحان، من أجل المال يلغون العداوات، يقول لك: لا يوجد بالتجارة عداوة، يكون هناك خصومة شديدة، تأتي صفقة، يدخلون فيها شراكة يربح الاثنان، يعودون و يدعون بعضهم وتعود المودة، من أجل المال ألغينا العداوات، فمن أجل الله عز وجل ماذا نفعل؟ عداوة دائمة لا توجد بالإسلام.

 

العدل مع غير المسلم لترغيبه بالدين :

 الموقف الثاني المزعج أن مسلماً جاهلاً أحياناً ضيِّق الأفق، لأن هذا غير مسلم يعاديه بلا مبرر، فهو ما قاتلك، ولا طعن بدينك، ولا استهزأ بدينك، الإنسان قد يكون له جار غير مسلم، بالعيد سلَّم عليك، هنأك بالعيد، لم يتكلم عنك بكلمة قاسية، ما طعن بإسلامك، ما تحداك، ما تكلم بكلمة مزعجة. هذا كافر، هذا موقف غلط، موقف فيه جهل، يقول الله عز وجل:

﴿ لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ ﴾

[سورة الممتحنة: 8]

 أنا حينما أرى مسلماً يسيء لكافر بلا سبب لأنه كافر، أتَّهم دينه، ما هكذا علَّمك القرآن، أما..

﴿ إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾

[سورة الممتحنة: 9]

 يجب أن تفرِّق، هناك كافر حيادي، الكافر الحيادي بذكائك، وطيب معاملتك، وإنصافك، تجره إلى الإسلام؛ وبعصبيتك العمياء، بموقفك الأرعن تضمه إلى أعداء الإسلام، عندك عدو، وعندك إنسان حيادي، فالحيادي معاملته تحتاج إلى دقة بالغة، هذا بإحسانك وإنصافك تضمه إليك، وبعدم إحسانك وبعد إنصافك تضمه لعدوك، فربنا عز وجل أعطانا مَنْهَجاً، فكل واحد له صديق، له زميل بالعمل غير مسلم ما طعن بإسلامه، ولا استهزأ بالدين، ولم يقل كلمة قاسية، بالعكس لطيف ويسلم عليك، هناك مسلم يجب أن تعاديه، يجب أن تكون قاسياً معه، هذا الحكم واضح تماماً، الآية الكريمة:

﴿ وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلا تَعْدِلُوا﴾

[سورة المائدة: 8]

 الشنآن البغضاء، أي لا يحملنكم بغض قومٍ على ألا تعدلوا..

﴿ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى﴾

[سورة المائدة: 8]

 فأنت حينما تعدل مع غير المسلم إنك بهذا العدل تجره إلى الدين، تقربه من الله، تقربه منك، أما حينما تظلم فإنه يبتعد عن الدين بُعد الأرض عن السماء.

 

امتحان كل من أسلم بسؤالين أو ثلاثة :

 الشيء الثالث في سورة الممتحنة: أخي فلان أسلم. نفرح، لكنك يجب أن تمتحنه، لعله أحب فتاةً مسلمة، فهذا إسلام زواج، أو حينما يسلم يستدر عطف المسلمين، يبتز أموالهم بطريقة الإسلام، هناك إنسان أسلم بفرنسا، وعلى قدر احتفالنا فيه، وعلى قدر ما كرمناه وعظَّمناه، وعلى قدر ما اعتبرنا إسلامه نصراً للدين، قبل فترة كان له تصريحات بمجلة أنه لا يزال على عقيدته، ولا يزال على سلوكه، ولا يزال، و يزال.
 فإذا الإنسان أسلم هو الرابح الوحيد، لا يوجد داع لأن نعمل إسلامه نصراً كبيراً للدين، مرة رجل زار مركزاً إسلامياً بأمريكا، وهو نائب الرئيس بأمريكا، يقول له رئيس المركز: مجيئك إلينا اعترافٌ بديننا، واعترافٌ بنا. قال له: أنتم تمثلون ثلث سكان الأرض، ونبيكم أعظم قائد في البشرية، وأنتم أكبر مِن أن تحتاجوا إلى من يعترف بكم أمثالي.

﴿ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾

[سورة الممتحنة: 10 ]

 هذا مبدأ، إنسان قال لك: أنا أسلمت. لماذا أسلمت؟ المسلمون ضعاف؟ لماذا أسلمت؟ اسأله، إن لم يعرف أن يتكلم أية كلمة، معنى هذا هناك مشكلة، أما أعطاك أدلة قوية، بيَّن لك القرآن، بيَّن لك السُنَّة، بين لك أحقية هذا الدين، فوالله صحيح.

﴿ فَامْتَحِنُوهُنَّ﴾

[سورة الممتحنة: 10 ]

 أما بهذه البساطة والسذاجة، كل واحد يقول: أنا أسلمت. يطير عقلنا به، طوِّل بالك، أسلم امتحنه بسؤال، أو اثنين، أو ثلاثة.

 

النهي عن زواج امرأة مسلمة من إنسان كافر :

 طبعاً الحكم الشرعي، لا يمكن أن تكون امرأةٌ مسلمةٌ تحت كافر، العكس ممكن، ممكن مسلم تكون زوجته كتابية، أما مسلمة تكون تحت إنسان كافر فهذا مستحيل، لابد مِن أن يفرق الإسلام بينها وبين زوجها، أما عدل الإسلام فيفوق حَدّ الخيال، هذا الكافر، الذي أخذت منه زوجته، بسبب أن الإسلام فرَّق بينهما، يجب أن يعطى ما أنفق، الكافر يعدُّ عدواً للدين، أما الحق فشيء آخر.. قال شخص لسيدنا عمر: أتحبني؟ قال له: والله لا أحبك، قال له: هل يمنعك بغضك لي من أن تعطيني حقي؟ قال: لا والله، الحق ليس له علاقة بالاتجاه، مع أنه كافر يجب أن تعطيه ما أنفق على هذا الزاوج، لأن الإسلام فرَّق بينه وبين زوجته.
 طبعاً هذا يستنبط منه أشياء كثيرة، عندما ذكرت مرة أنك مكلف أن تصلي جماعةً في أثناء المعركة، في أثناء الاشتباك بالسلاح الأبيض، وجهاً لوجه، يداً بيد، يجب أن تصلي صلاة الجماعة، فلأن تصليها في السِلْم من باب أولى، فأنت في الحرب الله عز وجل شرع لنا صلاة الجماعة بتفصيل دقيق جداً، فأنت الآن بالسلم لا يوجد حرب، ولا معركة، ولا قنابل، ولا أسلحة، ولا عدو تلتحم معه التحاماً مباشراً، ما بالك بعيد عن صلاة الجمعة والجماعة.
 دائماً نحن نتوهم أن أي إنسان سافر للغرب يستطيع أن يتزوج منهن، لكن الله عز وجل قال:

﴿ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنْ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ﴾

[سورة المائدة: 5 ]

 إذا فتاة لها قبل أن تتعرف على هذا الإنسان ما يقارب العشرين صديقاً، و قد نامت معهم جميعاً، ويقول: أخي هذه كتابية. لا ليست كتابية، سمح لك الشرع بالمحصنة، المستقيمة، الكتابية، أما هذه فلا دين لها أساساً.
 وهناك شيء ثان: لعل هناك حكمة إذا كان الإنسان تزوج كتابية وقومها أقوياء جداً، في الأعم الأغلب ابنها يتبع أقوى الأبوين، فأنت حينما تقترن بكتابية، الأعم الأغلب بأي خلاف ينشب بينك وبينها، أولادها لها، وأولادها على دينها، وأولادها سيستقرون في بلاد الغرب، وليسوا مسلمين، فهناك حكم شرعي الآن مبني على سد الذرائع، على أن الاقتران بإنسانة تعيش في الغرب ليست محصنة، وقومها أقوياء هذا لا يجوز الآن، لا نقضاً لحكم الله عز وجل لا سمح الله ولكن سداً للذريعة، كما تحرَّم زارعة العنب في بلدٍ العنب كله يساق إلى معاصر الخمر، فإذا واحد كان في بلد، مثلاً بشمال الجزائر، العنب كله يساق إلى مَعاصر الخمر، أن تزرع العنب بالأصل حلال، أما بهذا الظرف الاستثنائي فهو حرام.

 

المعصية التي يحاسب عليها الإنسان هي المعصية التشريعية لا التنظيمية :

 يوجد آية صغيرة:

﴿ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ﴾

[سورة الممتحنة:12 ]

 الحرام ما حرمه الله، والحلال ما أحله الله، وعندنا أمر تنظيمي، وأمر تشريعي، وفرقٌ كبيرٌ بينهما، فالرُماةُ في أُحُد حينما عصوا أمر رسول الله، النبي صلى عليهم، العلماء قالوا: إنهم لم يعصوا أمراً تشريعاً، ولكنهم عصوا أمراً تنظيمياً، فالمعصية التي يحاسب عليها الإنسان هي معصيةٌ تشريعية، فالله شرع الحلال، والحرام حرَّمه، فحينما تقع في حرام فهذه معصية، أما إنسان قال لك: اخرج من هذا الباب، فخرجت من الباب الآخر، فهذا أمر تنظيمي، طبعاً الأولى أن تطبِّق التوجيهات، طبعاً الخروج من الباب غير شرب الخمر، هذه غير تلك، فلذلك:

﴿ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ﴾

[سورة الممتحنة:12 ]

 المعصية التي تُسَمَّى معصية عند الله فيما هو معروف، وأجمل ما في كلمة معروف أن الفِطَرَ السليمة تعرفه بداهةً، في العالم الغربي عندهم بالقضاء هيئة اسمها هيئة المحلفين، فإذا حدثت جريمة، يأخذون من الطريق عشرة أشخاص، من عامة الناس، قد يكون شخصاً أُمِّياً، قد يكون الشخص يعمل بأي حرفة، يعرضون عليهم وقائع الجريمة، هناك شيء اسمه فطرة، وشيء اسمه حِس مباشر، حاسة سادسة، فالفَطَر السليمة تعرف الحق، والعقول السليمة تعرف الحق، وقد سمعت حينما كنت في سفرتي الأخيرة، الآن صار نوع من التأمين بالعالم الغربي جديد اسمه: تأمين تعاوني، هذا هو الحق، فرضاً مئة طبيب، والطبيب هناك مُعَرَّض إذا أقيمت دعوى عليه بخطأ ارتكبه مع مريض، أن يدفع مبلغاً قد يكون خمسين مليون دولار، وهذا شيء فوق طاقته، لا بيته يكفي، ولا مركبته ولا كل ممتلكاته، فعليه خطر كبير جداً، شركات التأمين تأخذ مبالغ خيالية من الأطباء، قريباً من عشرين ألف دولار بالسنة، حتى إذا أقيمت عليه دعوى، يدفع عنه المبلغ، فإذا لم يغلط طول السنة دفع عشرين ألف دولار أي مليون ليرة بلا مقابل، فقاموا بتأسيس شركات تأمين تعاونية، مئة طبيب اتفقوا معاً أن يعملوا صندوقاً لهم، يضعون في الصندوق فرضاً كل واحد عشرة آلاف دولار، وإذا ما صار معهم أية حادثة، فالمبلغ لهم، بقي لهم، يستثمرونه، ينمّونه، يسترجعونه، مثلما يريدون، هذا التأمين حلال بالمئة مليون، بالعكس هذا التأمين نُدِبْنا أن نفعله، تأمين تعاوني..

﴿ وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى﴾

[سورة المائدة: 2]

 فالإنسان كلما كانت فطرته أَسْلَم يهتدي إلى الدين وهو لا يشعر، والآن أكثر شيء رائج هو التأمين التعاوني، أما التأمين التجاري فدفعت مبلغاً كبيراً، ولكن لم تأخذ مقابله شيئاً، هم يعتمدون على الصدَف، على الاحتمالات؛ ألف شخص أمَّنوا عندهم، كم إنسان عنده مشكلة؟ ثلاثة، يدفعون للثلاثة تعويضات، وعندهم ربح بالمئة خمسمئة، فالناس قد انتبهوا، قالوا: نحن سنعمل تأميناً تعاونياً، إن لم يحدث مشكلة فالمبلغ لنا، لذلك المعروف الله قال:

﴿ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ﴾

[سورة التوبة: 71 ]

 ما هو المعروف؟ هو الدين، لأن الفِطَر تعرفه بديهةً، والفِطَر تنكر خلافه بديهةً، فعظمة الدين أنه ينطبق مع الفطرة، ينطبق مع المنطق، ينطبق مع العقل، ينطبق مع الواقع، فالإنسان بفطرته يعرف الدين؛ الحلال حلال، والحرام حرام، إذاً:

﴿ وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ﴾

[سورة الممتحنة:12 ]

المستقبل للإسلام :

 يوجد أيضاً بشارة للمسلمين:

﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾

[سورة الصف: 33]

 يجوز إنسان يتوهم الآن أن هناك حرباً عالمية ضد المسلمين بالعالم كله، تجد مرة بالشيشان، ومرة بإندونيسيا، ومرة بالبوسنة، ومرة بكوسوفا، أبداً بالتسلسل، هناك حرب عالمية ضد المسلمين في العالم، بخطط خبيثة جداً، وذكية جداً، وإذا صار هناك أية قضية، يجب أن نتدخل كما فعلوا في قضية تيمور الشرقية بإندونيسيا، تدخل قوي جداً، أما بمكان آخر فيقولون لك: هذا شأن داخلي. لماذا بمكان تدخلون بكل قوتكم، وتمنعون، وتعملون انفصالاً، وبمكان آخر شأن داخلي، إذا كان المسلمون هم الضحية فهذا شأن داخلي، أما إذا الضحية من غير المسلمين صار عندهم حقوق إنسان، واضح؟ ومع ذلك المستقبل للمسلمين.
 أنا أذكر أخاً كريماً أجرى إحصائية في بريطانيا عن الذين دخلوا الإسلام من البريطانيين بسبب كتاب سلمان رشدي، كانوا أربعين ألف إنسان، بسبب كتابه، لأن كتابه غير معقول، إنسان منطقي تجده يتساءل: هذا الإسلام العظيم، هكذا النبي وأصحابه؟ كان بيت النبي بيت دعارة؟ يرفض، يشتري كتاباً عن الإسلام، فيسلم.
 بحرب الخليج أسلم أربعون ألفاً من الأمريكيين، والآن بالجيش الأمريكي صار هناك توجيه ديني إسلامي، وصار بكل قطعة مسجد، وعدد كبير من المسلمين، فالله عز وجل يقول:

﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾

[سورة الصف: 33]

 فالمستقبل للإسلام، ويكاد الإسلام يكون القضية الأولى في العالم كله تقريباً، وأعداء المسلمين يزوِّرون، ويفتعلون أحداثاً عنيفة، المسلمون منها بريئون، فإذا قال الطيار: توكَّلت على الله. صار مجرماً، الصندوق الأسود ذكر في التسجيل به أن الطيار قال: توكلت على الله. صار الطيار هو الذي انتحر، وقتل معه العدد الكبير. يوجد تقريباً انحياز جداً ضد المسلمين، على كل المصير للمسلمين.

 

التجارة مع الله أربح تجارة على الإطلاق :

 ثم يقول الله عز وجل:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ ﴾

[سورة الصف: 10]

 تجارة، كل إنسان سيعيش عدداً من السنوات فعليك أن تستقيم، وتلتزم الشرع، وتصلي، وتغض بصرك، وتفعل الخيرات، والربح هو الأبد، جنةٌ إلى الأبد، فهذه تجارة، الآن شخص يقول لك: رأسمالي ألف ليرة، رابح مئة مليون، فما هذه التجارة؟ ألف ليرة رأسماله، كلها عدة سنة، مع أنه بالإسلام لا يوجد حرمان، لكن يوجد فقط تنظيم، لم يحرمك الله شهوة أودعها فيك، ولكن قال لك: المال خذه بالحلال، والمرأة من الزواج، وعندك عشرة آلاف نوع من المشروبات كلها حلال عدا الخمر، تستطيع أن تأكل مئة نوع لحم عدا الخنزير..

﴿ وَكُلا مِنْهَا رَغَدًا حَيْثُ شِئْتُمَا وَلا تَقْرَبَا هَذِهِ الشَّجَرَةَ﴾

[سورة البقرة: 35 ]

 نسبة المُحَرَّمات إلى الحلال ضئيلة جداً، فبهذه السنوات المحدودة بالدنيا، لا يوجد شيء أودعه فيك إلا فيه قنوات نظيفة، والحرام قليل جداً أمام الحلال، وهذا الثمن لجنةٍ عرضها السماوات والأرض، هذه إذاً تجارة:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾

[سورة الصف: 10-11]

 فإن لم تفعلوا ذلك أنتم لا تعلمون، إن كنتم تعلمون تفعلون هذا.

﴿ يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾

[سورة الصف:12]

 الآن والدنيا ؟

﴿ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللَّهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ﴾

[سورة الصف:13]

 أيْ في الدنيا والآخرة:

﴿ وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ ﴾

[ سورة الرحمن : 46]

 جنة في الدنيا، وجنةٌ في الآخرة.

 

تحميل النص

إخفاء الصور