وضع داكن
23-04-2024
Logo
1رمضان 1420 - خواطر إيمانية - الدرس : 41 - من سورة الزمر - القصة في القرآن.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

  الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

ضرب الأمثال من الأساليب الحكيمة في القرآن الكريم :

 أيها الأخوة الكرام؛ القرآن الكريم من أساليبه الحكيمة في توضيح الحقائق ضَرْب الأمثال..

﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً﴾

[ سورة الزمر: 29]

 مدير مؤسسة، صاحب معمل، مدير مستشفى، مؤسسة ضخمة، فيها موظف مَوْضِع ثقة، يملك من القدرات والإخلاص ما فيه الكفاية، علاقته مع شخص واحد، وهناك تفاهم شديد بينهما، هذه العلاقة مع شخص واحد مُريحة جداً، بعثه بأمر، هو يعرف حجم العمل، يأتي بالوقت المناسب، يوجد تفاهم.
 لو فرضنا معملاً توفي صاحبه، ترك خمسة أولاد، وكل ولد مدير، وعندهم موظف، هذا أعطاه أمراً، الثاني أعطاه أمراً مناقضاً، إن أرضى هذا أغضب هذا، أغضب هذا أرضى هذا، فحياته جحيم، لأنه موزع، مُشتت، مشرذم، والكل يجب أن يرضيهم معاً، وأوامرهم كلها متناقضة، وكل واحد يملك أن يفصله، وكل واحد يملك أن يعطيه عطاءً شديداً، ولا يقدر أن يقصر مع أحد.
 هذا مثل الموحِّد والمُشرك، الموحد علاقته مع الله، أوامر الله واضحة، يسعى لإرضاء الله ولا يعبأ بأحد، لأن كل ما سوى الله بيد الله، سيدنا هود:

﴿ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لا تُنْظِرُونِي* إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُمْ مَا مِنْ دَابَّةٍ إِلا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾

[سورة هود : 55-56]

النتائج النفسية للموحّد :

 أيها الأخوة؛ قد لا تصدقون النتائج النفسية للموحّد؛ عنده راحة نفسية، تماسك نفسي، عنده استقرار، هذا ينعكس على صحته، لأن الشدة النفسية وراء أكثر الأمراض؛ الضغط، التمزُّق، الصراع، مَن أرضي؟ هذا يحصل في الحياة كل يوم، شخص له أمر، أعطاك أمراً خلاف أمر الله عز وجل، إن أطعته أغضبت الله، إن أرضيت الله أغضبته، أنت تتعامل مع جهة واحدة، اعمل لوجهٍ واحد يكفك الوجوه كلها، فهذا الإله الذي بيده كل شيء، بيده مقاليد السماوات والأرض، هذا الإله يحميك قَطْعَاً مما سواه، فلو تعامَلت مع سواه على أنهم آلهة فقد أشركت، وقد ضِقْتَ ذرعاً بهم، وتمزَّقت، وعشت حياةً قاسيةً جداً، فالله عز وجل يقول:

﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ﴾

 هو عبد، وله عدد كبير من السادة، وكلهم يعطيه أمراً مناقضاً للآخر، هم فيما بينهم متشاكسون، وينعكس تشاكسهم على هذا العبد الضعيف، فهو ممزَّق،

﴿ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ ﴾

 متفاهم مع شخص واحد، لا يوجد مشكلة، أحياناً ينسجم العمل إذا كان هناك مدير واحد، وعنده أمين سر بأعلى درجة من الكفاءة، والتفاهم، والإخلاص، تجد أن الأمور تسير بشكل عجيب من الراحة النفسية.
 فلذلك أول ثمرة من ثمار التوحيد الراحة النفسية، أكبر ثمرة من ثمار التوحيد الراحة النفسية، والراحة النفسية صحة، هي نفسها صحة، جهاز المناعة المُكتسب يقوى بالحب، يقوى بالأمْن، فأنت لو فحصت حالة إنسان عنده توحيد تجد أجهزته تعمل بانتظام عجيب، حتى جهاز المناعة قادر على التهام أي خلل بالجسم؛ جرثومة فرضاً، خلية سرطانية، يلتهمها على الفور لأنه قوي، قوة هذا الجهاز من الحب والأمن، وضعف هذا الجهاز من الخوف والقلق، فلذلك:

﴿ فَلا تَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَكُونَ مِنْ الْمُعَذَّبِينَ﴾

[سورة الشعراء : 213]

 دائماً وَحِّد، دائماً تعامل مع الله وحده، أطعه وأرضه، ولا تخش في الله لومة لائم، هذه واحدة.

 

من ثمار الاستقامة أن الله يلقي في روعك أنك بأعيننا :

 أهل الدنيا دائماً يخوِّفونك بالذين هم دون الله عز وجل، المؤمنون الصادقون يخوِّفونك من الله.
 بالمناسبة - هذه حقيقة إن شاء الله قطعية - مستحيل وألف ألف مستحيل أن تخاف الله فيما بينك وبينه، ثم يخيفك من أحد، يوجد فوق كل إنسان بهذا العصر مليون سيف، هكذا، الحياة صعبة، شخص يركب بمركبته، قد يأتي إنسان نائم، يعمل حادثاً يصيب الأول بعاهة طوال عمره، هناك مليون سيف فوق الإنسان، الإنسان حينما يوَحِّد، وحينما يخاف الله فيما بينه وبينه، لا يمكن أن يخيفه من أحد أبداً، ولو كان هناك أخطار لا تعد ولا تحصى، الله المُسَلِّم، والله يشعرك..

﴿ فَإِنَّكَ بِأَعْيُنِنَا﴾

[سورة الطور:48]

 فأول ثمرة من ثمار الاستقامة أن الله يلقي في روعك أنك بأعيننا، وأنك محفوظ، وأنك بتوفيق الله، وتأييده، ورعايته، كن مع الله تر الله معك، فدائماً أهل الحق يخوّفونك من الله، أهل الباطل يخوّفونك بالذين من دونه، الذين دون الله عز وجل يُعطون هالة كبيرة جداً لو أغضبتهم لأهلكوك، لو أغضبتهم لأتلفوك، لو أغضبتهم لدمَّروك، فبين التوحيد والشِرك مسافة كبيرة جداً، فالدُعاة الصادقون يخوّفونك من الله، وغير الصادقين يخوفونك بالذين من دونه، وكأنهم يحملونك على أن ترضي ما دون الله عز وجل بمعصية الله.

﴿ أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾

[ سورة الزمر: 36]

 فإذا توهَّمت أن الله يضل، الله لا يضل، أما حينما تفهم هذه الآية على غير ما أراد الله إليك التصحيح: إذا عُزي الإضلال إلى الله فهو الإضلال الجزائي المبني على إضلالٍ اختياري..

﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾

[سورة الصف: 5 ]

 الإنسان اختار الشهوة، والشهوة قطعته عن الله عز وجل، هو اختار الضلالة، فأضله الله كتحصيل حاصل، إنسان رفض أن يدخل الفَحْص، ورفض أن يداوم، ورفض أن يدرس، وكتب لم يشتر، وجاءه أول إنذار والثاني والثالث، ولم يستجب، فصدر قرار بترقين قيده، فقال: أخي هم منعوني. هذا القرار تجسيد رغبتك، رغبتك بعدم متابعة الدراسة، ورغبتك بالتفلت، ورغبتك بالكسل، ورغبتك بالبُعد عن الجامعة، وإصرارك على كل هذا الشيء تجسد بترقين قيدك، فهذا الترقين تجسيد رغبتك، هذا إضلال جزائي مبني على ضلال اختياري..

﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾

[سورة الصف: 5 ]

 حيثما وردت كلمة الإضلال منسوبة إلى الله عز وجل فهو الإضلال الجزائي المبني على ضلال اختياري تماماً كقوله تعالى:

﴿ فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ﴾

[سورة الصف: 5 ]

من ينطلق من منطلق غير صحيح تأتيه الأحداث مفاجأة :

 دائماً إذا استمعت إلى إنسان يخوفك مِن الله، فهو على الحق، أما مِن عبد الله، فهو على باطل، إذا خوفك من الله فهو رجل صادق، خوفك من عبد الله معنى هذا أنه إنسان دنيوي، مُشرك، كل إنسان يخوفك من عبد الله إنسان مشرك، وكل إنسان يخوفك من الله موحد..

﴿ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الأَمْرُ كُلُّهُ ﴾

[ سورة هود: 123 ]

﴿ لَهُ مَقَالِيدُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ﴾

[سورة الشورى: 12 ]

﴿ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِير ﴾

[سورة العنكبوت : 22]

 هناك نقطة أن المؤمن لا يمكن أن يأتي حدث خلاف عقيدته، فالأيام لا تزيده إلا إيماناً بهذا الدين العظيم، أما غير المؤمن فيعتقد شيئاً، وتأتي الأحداث تخالف هذا الشيء.
 مرة قرأت عن رئيس وزارة بفرنسا انتحر، أكثر من مئة صحفي اجتهدوا في تفسير انتحاره، فهو من أرقى عائلات باريس، ونظيف، ولم يُتَّهم لا بسرقة ولا بخيانة، صحفي واحد اهتدى إلى السبب؛ اعتنق عقيدة، عقيدة شمولية فاسدة، الإلحاد، كان هو أميَل للإلحاد، بعد سبعين سنة من حياته اكتشف خطأ عقيدته، فاحتقر نفسه فانتحر، أنني أنا معقول مدة سبعين سنة أمشي بشكل خاطئ، فلا يمكن للمسلم أن تظهر أحداث خلاف عقيدته، أما غير المسلم فسوف يفاجأ بآلاف الأحداث خلاف عقيدته، يختل توازنه، مثلاً:

﴿ قُلْ يَا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلَى مَكَانَتِكُمْ إِنِّي عَامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ﴾

[ سورة الزمر: 39-40]

 هنا الخزي، تصورك غير صحيح، أنت قلت: إن الإنسان فعَّال. الإنسان ليس فعَّالاً، الله الفعَّال، فقد يأتي قضاء وقدر يعطِّل كل أهداف الإنسان، فالإنسان عندما ينطلق من منطلق غير صحيح تأتيه الأحداث مفاجأة..

﴿ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ * مَنْ يَأْتِيهِ عَذَابٌ يُخْزِيهِ وَيَحِلُّ عَلَيْهِ عَذَابٌ مُقِيمٌ ﴾

[ سورة الزمر: 39-40]

من بنى مجده على أنقاض الناس فقد ظلم نفسه :

 إنسان بالمفهوم المَدني خالف قانون، وعندما خالفه ربح مئة ألف، وعندما وقع تحت طائلة العدالة لو دفع مئة مليون لا ينجو من سجن ثلاثين سنة فرضاً، فهل يتناسب هذا المبلغ مع ثلاثين سنة سجناً؟ ولو عرضوا عليه أن ادفع لنا عشرة ملايين، هل يتناسب هذا المبلغ و هو مئة ألف مع عشرة ملايين؟ يكون أحمق، المكسب قليل والجزاء كبير جداً، الآية الكريمة:

﴿ وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا﴾

 إنسان ظلم، مُطلق الظلم، ظلم الناس في البيع والشراء، غشهم فحقق ربحاً كبيراً، ظلم الناس بمجال آخر، حتى يبقى بمكان عليّ بنى مجده على أنقاض الناس، ظلمهم، وحقق مكانة اجتماعية عالية، ودخلاً مفتوحاً..

﴿ وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً﴾

 قفوا عند هذه الآية:

﴿ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً﴾

 يقولون إن بالحجاز أكبر احتياطي نفط بالعالم، ثروات الألماس بالعالم، الذهب بالعالم، المطاط، الفوسفات، النحاس، القصدير، الثروات الباطنية كلها، والمعامل كلها، والمرافق كلها، وحدها قناة السويس لها دخل فلكي، لك كل الثروات، وكل المعامل الضخمة، في كل معمل ببلاد الغرب أرباحه قدر ميزانيات دول بأكملها..

﴿ وَلَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَمِثْلَهُ مَعَهُ لَافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ﴾

[ سورة الزمر: 47]

 فماذا حصّل الإنسان عندما غش الناس؟ عندما بنى مجده على أنقاض غيره ماذا حصل؟ كل ما حصلته لا يكون واحداً بالمليار من فديةٍ تتمنى أن تدفعها لتنجو من هذا العذاب، كل ما حصله الإنسان بالدنيا لن يكون واحداً بالمليار من فديةٍ تتمنى أن تقبل منك فتدفعها لتنجو من العذاب الشديد.

 

أعمال الإنسان كلها مسجلة عليه :

﴿ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ﴾

[ سورة الزمر: 47]

 الذي يغلط ويظلم الناس ماذا يظن؟ يظن أنه قوي، أو غني، واستطاع بقوته أن يجلب الخير كله له، ويحقق حياة عالية جداً، والناس أحرار، هذا منطقه أن الله لم ينتبه له، أو أن الله لن يحاسبه، أو أن الله لن يدقق، هذه الدنيا لك، يوم لك ويوم عليك، اليوم لي، يستفيد منه، لا يهمه أنه ظلم إنساناً، قهر إنساناً، أكل مال إنسان، ابتز إنساناً، أسرة أصبحت فقيرة، إنسان صار دخله قليلاً، فصار ببيته مشكلات كبيرة، كم مأساة صارت في البيوت من انخفاض الدخل؟ لو إنسان أراد أن يرفع الأسعار، عنده معمل ورفع الأسعار باحتيال شديد جداً، عندما رفع الأسعار ضعَّف القيمة الشرائية لدخل الإنسان، لم يكفه المعاش، فكل إنسان يبني مجده على أنقاض الناس، غناه على فقرهم، يظن أنه قوي، والآن غني، والآن متحكم بالأمور، ويجب أن يعيش حياة تفوق حدّ الخيال، قال:

﴿ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ﴾

[ سورة الزمر: 47]

 كل حركاته، كل سكناته، كل دخله، وكل إنفاقه، كله مسجل عليه..

﴿ فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرّاً يَرَهُ ﴾

[ سورة الزلزلة:7-8 ]

وعود الله محققة لا محالة :

﴿ وَبَدَا لَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَحَاقَ بِهِمْ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ ﴾

[ سورة الزمر: 48]

 والله هذه الآية وحدها تكفي، بدا له من الله ما لم يكن يحتسب، الله عز وجل حسيب، رقيب، بالمرصاد، يحاسب الإنسان على كل حركاته وسكناته، ثم بدا له سيئات أعمالهم، كيف بنى مجده على أنقاض الناس، كيف بنى غناه على فقر الناس، كيف استغل قوته وجَمَّع المال عنده..

﴿ وَبَدَا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مَا لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ ﴾

[ سورة الزمر: 47]

 يوجد آية أيضاً مخيفة، قال:

﴿ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا﴾

 هؤلاء السابقون:

﴿ وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا﴾

 أيْ إذا كان الله عز وجل عاقب إنساناً مُرابِياً، عاقب إنساناً ظلم، فإذا رأيت شخصاً ظالماً أمامك، أو مرابِياً، سيأتيه الدور، سيعاقبه الله عز وجل.

﴿ وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾

 أيْ لا يقدر إنسان كائناً من كان أن يتفلَّت من قبضة الله عز وجل، لا يقدر، الإنسان عندما يعرف أن عمله سيدفع ثمنه أضعافاً مضاعفة..

﴿ فَأَصَابَهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَالَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هَؤُلَاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئَاتُ مَا كَسَبُوا وَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ ﴾

[ سورة الزمر: 51]

 أفعال الله عز وجل تؤيِّد كلامه، فأنت اقرأ القرآن، تأويل هذه الآيات وقوع الوعد والوعيد.

 

باب التوبة مفتوح لمن آمن و عمل صالحاً :

 أرجى آيةٍ في القرآن الكريم:

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾

[ سورة الزمر: 53]

 هذه أرجى آيةٍ في القرآن الكريم، ليس للمذنبين، بل للذين أسرفوا على أنفسهم، أي فعلوا كل المعاصي والآثام، ومع ذلك الله عز وجل يغفر الذنوب جميعاً.
 لكن دائماً يقرأ الإنسان شطر آية وينسى الشطر الثاني..

﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾

[ سورة الزمر: 54]

 معنى هذا أن الباب مفتوح إذا رجعت، مفتوح إذا تبت، باب الرحمة مفتوح إذا أصلحت، مفتوح باب الرحمة من بعد الإيمان، والإصلاح، والعمل الصالح، أما هكذا مفتوح على إطلاقه بلا شروط فهذا مفهوم ساذج للآية:

﴿ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ﴾

[ سورة الزمر: 54]

من فتحت له أبواب التوبة فعليه أن يتوب و يستغفر :

 لكن هنا قال:

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ ﴾

[ سورة الزمر: 53]

 فإذا لم تنيبوا يوجد عذاب..

﴿ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ بَغْتَةً وَأَنْتُمْ لَا تَشْعُرُونَ ﴾

[ سورة الزمر: 55]

 معنى هذا أن هناك عذاباً يأتي ثم لا تُنْصَر، وعذاب يأتي بغتةً وأنت لا تشعر، هذا إذا لم تستفد من هذه الفرصة.

﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ﴾

 هذه فرصة، فإذا أنت لم تستفد منها هناك عذاب يأتي بغتة وأنت لا تشعر.

﴿ أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَا عَلَى مَا فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَإِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ ﴾

 أيْ أنَّ الإنسان إذا فتحت له أبواب الرحمة ينبغي أن يستفيد منها، إذا سمح الله له أن يتوب يجب أن يتوب، سمح الله له أن يستغفر يجب أن يستغفر..

﴿ أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءَتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ ﴾

[ سورة الزمر: 58-59]

تحميل النص

إخفاء الصور