وضع داكن
20-04-2024
Logo
رمضان 1420 - خواطر إيمانية - الدرس : 01 - من سورة البقرة - مقدمة عن شهر رمضان.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

الذنب بين الإنسان و ربه يغفر بالتوبة النصوح :

 أيها الأخوة الكرام: في سورة النساء آيةٌ دقيقة يقول الله جلَّ جلاله:

﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ﴾

[سورة النساء:27]

 فشاءت إرادة اللهِ أن يكونَ هذا الشهر شهرَ التوبة:

((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))

[البخاري عن أبي هريرة]

((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))

[البخاري عن أبي هريرة]

 مع توضيحٍ دقيق؛ هذان الذنبان في الصيام والقيام يُغفرانِ بشرط أن يكونا بينك وبين الله، ما بينك وبينَ الناس لا يُغفر إلا بالأداء أو المسامحة، ما كانَ بينكَ وبين الله رمضان يلغي هذا الذنب، بإمكانِكَ إن عقدتَ العزمَ على توبةٍ نصوح في أولِ هذا الشهرِ الكريم أن تُفتحَ لكَ صفحةٌ جديدة، وأنَّ الذنوبَ الماضية التي كانت بينكَ وبينَ الله يغفِرُها اللهُ عزّ وجل، وهذا عطاءٌ كبير، وهذا منّ عظيم، وهذا كرمٌ جزيل.

الإنسان مخير :

 أيها الأخوة الكرام؛ يقولُ الله عزّ وجل:

﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾

[سورة البقرة:148]

 أي:

﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾

[سورة الليل:4]

﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا ﴾

 الإنسان مُخيّر، إذاً لَهُ وُجهة من اختياره ومن كسبِهِ، ثمَّ يقول الله عزّ وجل:

﴿ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾

 معنى استبقوا أنَّ هناك فُرصاً قد تنتهي، إنكَ في هذهِ الحياة تعيش بِضعة أيام، كلما انقضى يومٌ انقضى بِضعٌ منك،

﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ ﴾

 جاء المعنى:

﴿ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً ﴾

 أي في أي مكانٍ كُنت، وفي أي مكانةٍ كُنت، وفي أي مكانٍ مهما كانَ بعيداً، وفي أيّة مكانة مهما كانت عاليةً،

﴿ يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً ﴾

 معنى ذلك أنَّ الله عزّ وجل حينما يأتِي بالإنسان انتهى اختيارهُ، وانتهى عمله الصالح، مادامَ القلب ينبِض أنتَ أمام فرصةٍ ذهبيةٍ للمغفرة، وللعمل الصالح، وللتقرّبِ إلى الله عزّ وجل.

رمضان شهر الطاعة و المغفرة :

 أيها الأخوة؛ الشيء البديهي أنكَ في رمضان تدع المباحات، المُباح هو الطعام والشراب والأهل، أشياء مُباحة تُمنعُ مِنها، الإنسان هل يُعقل إذا مُنِعَ من المُباح أن يقتَرِفَ المُحرّم؟ يختلُّ توازُنهُ.
 إذاً أرادَ الله عزّ وجل من هذا الشهر أن يُعيننا على طاعتِهِ التامّة، هناك نقطة دقيقة جداً، لماذا أمرَ الله الصائِم أن يدفعَ زكاةَ فِطرِهِ وقد يكونُ فقيراً؟ وقد لا يملِكُ إلا قوتَ يومِهِ؟ قالَ بعض العلماء: أرادَ الله أن يُذِيقَهُ في العام مرةً طعمَ الإنفاق، ولو كُنتَ لا تملِكُ إلا قوتَ يومِك تجِبُ عليكَ زكاة الفِطر، بل إنَّ صيامَكَ لا يُرفعُ إلا إذا أديّتَ زكاة الفِطر، من أجلِ أن يذوقَ الفقير طعمَ الإنفاق، هوَ يُنفِق ولَهُ الحق أن يأخذ لكن ليذوقَ طعمَ الإنفاق، لعلَّ هذا الشهر الاقتصادي الكريم جعلنا الله عزّ وجل فيهِ نقوى على طاعتِهِ كي نذوقَ طعمَ الطاعة، نُصلي الفجرَ في جماعة:

((مَنْ صَلَّى صَلاةَ الْفَجْرِ فَهُوَ فِي ذِمَّةِ اللَّهِ فَلا تُخْفِرُوا ذِمَّةَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ وَلا يَطْلُبَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنْ ذِمَّتِهِ))

[ أحمد عَنْ جُنْدُبٍ]

 نُصلي العشاء في جماعة:

((مَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ نِصْفِ لَيْلَةٍ وَمَنْ صَلَّى الْعِشَاءَ وَالْفَجْرَ فِي جَمَاعَةٍ كَانَ كَقِيَامِ لَيْلَةٍ ))

[أبو داود عَنْ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ]

 نصلي التراويح وهي القيام، قيام الليل، تغضُ البصر، تضبِط اللِسان، تُنفِقُ من مالِك، تُكثِرُ قراءةَ القرآن، صلاةُ الفجر في المسجد، والعشاء في المسجد، وقيامُ الليل، وكثرةُ الذِكرِ، وتلاوة القرآنِ، وإنفاقُ المال، وغضُّ البصر، هذهِ معالم الصيام تقريباً.

أنواع الصيام :

 أخواننا الكِرام؛ هناكَ صيام العوام، وهناكَ صيام المؤمنين، وهناكَ صيام المتقين، صيامُ العوام أي الطعام والشراب، ورُبَّ صائمٍ ليسَ لَهُ من صيامِهِ إلا الجوعُ والعطش، وصيام المؤمنين عن كُلِّ المعاصي والآثام، بينما صيام الأتقياء عمّا سِوى الله، فنحنُ أمام شهر، أنتَ أيها الأخُ الكريم يجبُ أن تعلم أنَّ النبي عليه الصلاة والسلام ما تكلّمَ من ثقافتِه،ِ ولا من خِبرتِهِ، ولا من اجتهادِه، النبيُ أعطانا هويّتَهُ وهوَ نبيّ:

﴿ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى ﴾

[ سورة النجم: 3-4 ]

 النبي ليسَ كما يدّعي الطرفُ الآخر عبقريّاً فقط، هو مُصلح اجتماعي، هذا الطرح لم يطرحهُ النبي عليه الصلاة والسلام، النبيُ نبيٌّ يوحى إليهِ، الذي يقولُهُ وحيٌ غيرُ متلو، الذي يقولُهُ تشريعٌ، الذي يقولُهُ من عِندِ الله، معصومٌ من أن يُخطِئَ في أقوالِهِ، وفي أعمالِهِ، وفي إقرارِهِ، يقول:

((مَنْ صَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))

[البخاري عن أبي هريرة]

((مَنْ قَامَ رَمَضَانَ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا غُفِرَ لَهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِهِ))

[البخاري عن أبي هريرة]

وصايا النبي عليه الصلاة والسلام :

 إذا شمرّنا كما قالَ النبي الكريم:

(( شمّروا فإنَّ الأمرَ جِد، وتأهبوا فإنَّ السفرَ قريب، وتزودوا فإنَّ السفرَ بعيد، وخففوا أثقالكم فإنَّ في الطريق عقبةً كؤوداً لا يجتازُها إلا المجدّون، وأخلصوا النيّة فإنَّ الناقِلَ بصير، وأكثروا الزاد فإنَّ السفرَ طويل، وجددوا السفينة فإن البحر عميق))

 هذه وصايا النبي عليه الصلاة والسلام، هذا الشهر مناسبة لترفع مستوى عباداتك، مناسبة لتقوى صِلتُكَ بالله، مناسبة لتتأهل أن تُصلي الفجرَ في جماعة، مناسبة لتُصلي العشاء في جماعة، مناسبة لتُكثِرَ من إنفاق المال، مناسبة لتُكثِرَ من تلاوة القرآن، إذاً:

﴿ وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ أَيْنَ مَا تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً ﴾

[سورة البقرة:148]

 في أيّةِ مكانةٍ كُنت، وفي أي مكانٍ كُنت، قد يأتي الأجل فيُنهي العمل.

الله عز وجل مع المؤمن بالحفظ و النصر و التأييد :

 أيها الأخوة؛ يوجد ملمح لطيف في آية ثانية قال:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾

[سورة البقرة:153]

 الصبر تحمل أمّا الصلاة فبديل، الصلاة إيجابية، أنتَ حينما تصبِر تصبِر وقد تُضعُفُ عن الصبر، أمّا حينما تُصلي فتأخذُ الإيجابيّات من الدين، الله عزَّ وجل يقول:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾

[سورة البقرة:153]

 وكلمة مع، هذهِ المعيّةُ الخاصّة، المعيّة العامة هي معيّةُ علم الله عزّ وجل:

﴿ وَهُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ مَا كُنْتُمْ﴾

[سورة الحديد: 4]

 المعيّة الخاصّة هي معيّةُ الحِفظِ، والتوفيقِ، والتأييدِ، والنصر:

﴿ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ ﴾

تكفل الله عز وجل بحفظ دينه و نصره :

 شيءٌ آخر: بربكم لو أنَّ إنساناً توجّهَ إلى الشمس وأرادَ أن ينفُخَ نفخةً ليُطفِئها بِمَ يُحكمُ عليه؟ بالجنون، يقول الله عزّ وجل:

﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾

[سورة الصف: 8]

 أيهُما أعظمُ نورُ اللهِ عزّ وجل أم نورَ الشمس؟

﴿ يُرِيدُونَ أَنْ يُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ﴾

[سورة الصف: 8]

 أي هذا الحق راسخٌ كالجبال، ولو أُعلِنت حربٌ عالميةٌ ثالثةٌ على الدين الإسلامي، ولو أُعلِنت حربٌ عالميةٌ ثالثةٌ على هذا الدين، هذا الدين دينُ الله، ولن تستطيعَ جِهةٌ في الأرض كائنةً من كانت أن تُطفِئَ نورَ الله عزّ وجل، إنّهُ دينُ الله، وإنَّ الله متكفلٌّ بِهِ، وقد ينصُرُهُ بالرجل الفاجر، بقي أنَّ الإنسان يقلقُ ما إذا سَمَحَ اللهُ لَهُ أن ينصرهُ أو لم يسمح، أي سَمَحَ لكَ أن تكونَ جندياً بالحق قال تعالى:

﴿ وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ ﴾

[سورة الصافات:173]

 سَمَحَ لكَ أن تكونَ مؤمناً كاملاً تنطبِقُ عليكَ هذهِ الآية:

﴿ إِنَّا لَنَنْصُرُ رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا﴾

[سورة غافر: 51]

من ذكره الله أعطاه الراحة و الأمن و الثقة :

 أيها الأخوة الكرام؛ هذهِ مقدمة لهذا الشهر الكريم، شهر التوبة والغفران، شهر التقوى والقرآن، شهر الإنفاق والحُب، بالمناسبة اللهُ عزّ وجل ببساطةٍ بالغة يمكن أن يحمل الناسَ جميعاً على طاعتِه، أمّا هذهِ الطاعةُ القسريّة التي فيها إكراه فلا قيمة لها عِندَ اللهِ أبداً، لأنها لا تُسعِدُ صاحِبَها أبداً، لذلك أرادَكَ أن تأتيَهُ محباً، أرادَكَ أن تأتيَهُ طائعاً، أرادَكَ أن تأتيَهُ بمبادرةٍ فردية، أرادَكَ أن تأتيَهُ راغباً، أرادَكَ أن تأتيَهُ راجياً، فلذلك الله عزّ وجل يقول:

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾

[سورة البقرة:152]

 دقق:

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾

[سورة البقرة:152]

 ما ذكرني عبدي في نفسِهِ إلا ذكرتُهُ في ملأ من ملائكتي، ولا ذكرني في ملأ من خلقي إلا ذكرتهُ في ملأٍ خير منهم، ما معنى قولِهِ تعالى:

﴿ وَأَقِمِ الصَّلَاةَ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾

[سورة العنكبوت:45]

 قال علماء التفسير: ذِكرُ اللهِ لكَ أكبرُ من ذِكرِكَ لَهُ، تذكُرُهُ أنت لكنّهُ إذا ذكرك ملأَ قلبَكَ غِنىً، وإذا ذكرك يسّرَ لكَ أمورك، وإذا ذكرك أعطاكَ أملاً كبيراً، وإذا ذكرك أعطاكَ أمناً كبيراً، نعمة الأمن، نعمة الراحة، نعمة الثقة بالمستقبل، نعمة السعادة، هذهِ إذا ذكرك اللهُ عزّ وجل:

﴿ فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ﴾

[سورة البقرة:152]

على الإنسان ألا يغفل عن نعم الله التي لا تعد و لا تحصى :

 آخر نقطة في الدرس لِئلا أُطيل عليكم؛ الإنسان قد يكون بِنعم لا تُعد ولا تُحصى ولكن قد يغفلُ عنها، يبحثُ فيما ينقُصُهُ وهذا خطأ في الإنسان، الإنسان حينما يبتعد عن بلدِهِ، وحينما يرى كيفَ تعيشُ الشعوب، شعوب بكاملها شاردةٌ غافلةٌ عن الله عزّ وجل، الإنسان لا يعرف قيمة بلدِهِ، وقيمة دينِهِ، وقيمة الإيجابيات التي هي من ثِمار الدين إلا إذا رأى مجتمعاتٍ أخرى شاردة عن الله عزّ وجل، فالإنسان عليهِ أن يشتغل بما عِندَهُ قبلَ أن يُفكر فيما ينقُصُهُ، اشتغل بِنعمٍ هي بينَ يديك، اشتغل بنعمٍ لو فُقِدت لأصبحت حياة الناسِ جحيماً.
 أيها الأخوة الكرام؛ أرجو الله سبحانه وتعالى أن يكونَ هذا الشهر فاتحةً لعطاءٍ كبير، أن يكونَ هذا الشهر عِتقاً من النار، أن يكونَ هذا الشهر مغفرةً للمؤمنين، أن يكونَ هذا الشهر صُلحاً مع الله، أن يكونَ هذا الشهر قفزةً نوعيةً تستمر طوالَ العام، أي في صلاة الفجر، في تلاوة القرآن، في غض البصر، في ضبط اللسان، فلعلَّ الله سبحانهُ وتعالى يكرِمُنا في هذا الشهر لأنّهُ كما قلتُ في أول الدرس:

﴿ وَاللَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَنْ تَمِيلُوا مَيْلاً عَظِيماً ﴾

[سورة النساء:27]

تحميل النص

إخفاء الصور