وضع داكن
19-04-2024
Logo
موضوعات إسلامية عامة - الدرس : 25 - العمل الصالح.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

أهمية العمل الصالح في حياة الإنسان :

 أيها الأخوة الكرام؛ بعد أن يؤمن المؤمن بربه، ويستقيم على أمره، هناك مهمة تنتظره، أن يقدم عملاً صالحاً يتقرب به إلى الله، ويلقاه يوم يلقاه، يلقى هذا العمل يوم يلقى الله عز وجل، امرأة عمران امرأة حامل، بالمناسبة إذا قلنا: امرأة حَاملةٌ أي على ظهرها، أما إذا قلنا: امرأة حَاملٌ أي في بطنها، لأن الصفات الخاصة بالنساء تذكر، تقول: امرأة حامل، وامرأة طالق، وامرأة بكر، وامرأة ثيب، فإذا قلنا: حاملةٌ أي على ظهرها، أما إذا قلنا: حامل ففي بطنها، امرأة حامل لا تملك من الدنيا إلا ما في بطنها، قال تعالى:

﴿ إِذْ قَالَتِ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾

[ سورة آل عمران: 35 ]

 امرأة وهبت ابنها للحق، هل هناك من إنسان على وجه الأرض ليس له ميزة؟ لا يتقن شيئاً؟ مستحيل، كيف يأكل إذاً؟ تأكل أنت من حرفة تحترفها، من اختصاص تختص به، من شيء تتقنه، من تجارة تمارسها، من زراعة تزرعها، من صناعة تصنعها، من اختصاص عالٍ تمارسه، طبيب، مهندس، مدرس، بائع، تاجر، صانع، إلى آخره، لا يوجد إنسان إلا وله اختصاص، ميزة، فإذا استهلك هذا الاختصاص في الدنيا، ولقي الله عز وجل صفر اليدين ماذا فعل؟ أما إذا وهب لله عز وجل اختصاصه، أو حرفته، أو بعضاً منها، أو بعضاً من وقته، أو بعضاً من جهده، أو بعضاً من ماله كامرأة عمران إذ قالت:

﴿ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّراً فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾

[ سورة آل عمران: 35 ]

 النبي عليه الصلاة والسلام خاطب أحد أصحابه بشر قال: يا بشر لا صدقة ولا جهاد فبم تلقى الله إذاً؟ تصور أنك بين يدي الله عز وجل، ماذا فعلت يا عبدي في الدنيا؟ ماذا فعلت من أجلي؟ أما جهدك فقد تعجلت فيه الراحة لقلبك، وأما استقامتك فقد نلت بها السلامة، ولكن ماذا فعلت من أجلي؟ تقول: يا ربي ماذا أفعل من أجلك؟ يقول: هل واليت في ولياً؟ هل عاديت في عدواً؟
 أي بعد رمضان، بعد هذا الصيام لك عمل لا علاقة له بمصالحك أبداً، ولا بمنافعك، ولا بمكاسبك، ولا بسمعتك، لك عمل تبتغي به وجه الله، فيما بينك وبينه، قلت لكم قبل يومين أو ثلاثة: إن خطيب أحد المساجد - قبل ستين عاماً أو سبعين- جامع الورد في سوق ساروجة رأى النبي عليه الصلاة والسلام قال له: قل لجارك فلان إنه رفيقي في الجنة، بشارةٌ كبيرة، كبيرة، كبيرة، وهذا الذي يخطب على المنبر، ويصلي بالناس، عجب من أمر هذا الجار، قصة بليغة جداً ومؤثرة جداً، طرق بابه وقال: يا فلان عندي بشارة كبيرة ولكني والله لن أقولها لك إلا إذا حدثتني ماذا فعلت مع ربك حتى نلت هذه البشارة؟ فامتنع فلما ألح عليه قال: أنا تزوجت امرأة بعد خمسة أشهر من زواجي بها وجدتها حاملاً بالشهر التاسع، واضح ومفهوم لديكم، قال له: بإمكاني أن أفضحها، بإمكاني أن أطلقها، بإمكاني أن أسحقها، بإمكاني أن أدمرها، ولكن احتسبت هذا عند الله، وعلمت أنها أخطأت وتابت من خطئها، أردت أن أحملها على التوبة جئت لها بقابلة وولدتها، وأخذت هذا الغلام، ودخلت المسجد، بعد أن نوى الإمام صلاة الفجر وضعت الغلام وراء الباب وصليت مع المصلين، بكى هذا الغلام، فلما انتهت الصلاة تحلق المصلون حوله، وجعلت نفسي لا أعرف ماذا في المسجد، قلت: ما الخبر؟ قالوا: تعال وانظر، طفل مولود لتوه، قال: أنا أكفله، فأعطوه إياه فدفعه إلى أمه كي تربيه أمام الجيران، القضية سليمة وحملها على التوبة.
 أي الإنسان إذا ليس له عمل صالح خالص لوجه الله، مساعدة إنسان، مساعدة يتيم، تكفل طالب علم، خدمة أرملة، إطعام جائع، معالجة مريض، قال لي أحد أخواننا أطباء الأسنان: جاءتني امرأة فقيرة جداً تعمل في الحقل التعليمي، وتحتاج إلى تقويم أسنان، والمبلغ فوق طاقتها، فوق دخلها كله، نويت أن أفعل هذا لوجه الله، فلما سألتني كم يكلف؟ قلت: ليس مشكلة، مبلغ بسيط جداً، قال لي: ما أذكر أنني فعلت شيئاً انغمست فيه بالسعادة كهذا العمل الذي احتسبته عند الله.
 إني نذرت لك ما في بطني محررا، هل يوجد عندك شيء تبتغي به وجه الله؟ وقت، هل تنفق وقتك؟ هل تنفقك مالك؟ عضلاتك؟ جهدك؟ خبرتك؟ اختصاصك؟ هل يوجد إنسان ليس له اختصاص؟ مستحيل، جزء من اختصاصك في سبيل الله.

السعادة بالقرب من الله وثمن هذا القرب العمل الصالح :

 يا أيها الأخوة الكرام؛ ملخص الملخص الملخص السعادة بالقرب من الله، وثمن هذا القرب بيدك أن تعمل عملاً صالحاً، والدليل قوله تعالى:

﴿ قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً ﴾

[ سورة الكهف:110 ]

 لك عمل صالح أنت قريب، ليس لك عمل صالح أنت في جفاء، قال تعالى:

﴿ وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة التوبة:105 ]

 الحقيقة الإنسان يشده حينما يرى المؤمن كالمرجل، قصة من الصعب أن تصدق، أحد أخواننا يعمل مهندساً في وزارة الإسكان، جاء عرض من بعض الدول لإرواء ثماني عشرة قرية، وهذا العرض ينتهي خلال ستة أشهر، فإذا لم يكن هناك دراسة كافية لا يستحق هذا العرض، هذا المهندس عمل عشرين ساعة في اليوم حتى أمن دراسة لإرواء ثماني عشرة قرية في الشمال، ما الذي حمله على بذل عشرين ساعة في اليوم؟ احتسب هذا عند الله، مشروع جر مياه لقرى عطشى هذا عمل طيب، إرواء المسلمين هذا عمل طيب، فأنت حينما تؤمن بالله عز وجل يصبح ليلك نهاراً ونهارك ليلاً، وتبذل الوقت والجهد بغير حساب، لأن الله سبحانه وتعالى يرضى عنك، ويلقي في قلبك سكينة، وهي أكثر المشاعر إسعاداً، فهذا الذي نبدأه بعد العيد إن شاء الله طبعاً رمضان دورة مكثفة، ثلاثون يوماً اتصال بالله عز وجل، وصلاة تراويح، وقيام، وغض بصر، وإنفاق، وقراءة قرآن، فالذي أتمناه أن الإنسان بعد العيد يبدأ يقدم شيئاً لله عز وجل من دون أن يدري به أحد، فيما بينك وبين الله، ممكن سيدنا الصديق خليفة المسلمين كان يحلب لجيرانه العجائز الشياه، فلما صار خليفة المسلمين مستحيل أن تستمر هذه الخدمة، تفاجأت إحدى جاراته أن الباب طرق، تقول لها: يا بنيتي افتحي الباب، تقول لها: من الطارق يا بنيتي؟ قالت لها: جاء حالب الشاة، سيدنا الصديق يحلب شياه جيرانه محتسباً هذا العمل عند الله.
 سيدنا عمر قال: تعال نحرس هذه القافلة لوجه الله، قافلة مخيمة في أطراف المدينة ومعه سيدنا ابن عوف، فلما وصلا إلى القافلة بكى طفل فقام سيدنا عمر إلى أمه وقال: أرضعيه، أرضعته ثم بكى قال: أرضعيه، فبكى، سيدنا عمر عصبي المزاج قال: يا أمة السوء أرضعيه، قالت: وما شأنك بنا إني أفطمه، قال: ولم؟ قالت: لأن عمر لا يعطي العطاء إلا بعد الفطام، سيدنا عمر ضرب جبهته وقال: ويلك يا بن الخطاب كم قتلت من أبناء المسلمين! لأنه أمر بالعطاء بعد الفطام، ويلك يا بن الخطاب أهلكت نفسك كم قتلت من أطفال المسلمين؟! فلما صلى صلاة الفجر لم يسمع المسلمون قراءته في الصلاة من شدة بكائه، كان يقول: ربي هل قبلت توبتي فأهنئ نفسي أم رددتها فأعزيها؟
 نحتاج إلى عمل صالح نبتغي به وجه الله، بينك وبينه، أنا قلت: أحياناً جندي يلتحق بقطعة عسكرية، أول يوم هو جندي غر، هل يستطيع أن يقابل قائد الفرقة؟ لواء كبير، مستحيل، ملازم، قد لا يستطيع أن يقابله، أما إذا شاهد ابن هذا اللواء يغرق وأنقذه، يدخل ثاني يوم ويقول له: قل إن فلاناً على الباب، يلغي كل التسلسل ويدخل هذا الجندي الغر لعند اللواء من دون استئذان، لماذا؟ لأن معه عملاً صالحاً، أنقذ ابنه من الغرق.
 إذا أنت خدمت عباد الله، عرفتهم بالله، حملتهم على طاعته، أطعمتهم من جوع، كسوتهم، طمأنتهم، بثثت فيهم الأمن والطمأنينة، الله عز وجل شكور، أحياناً إنسان يقدم لابنك قطعة حلوى، هي لك و لكن قدمها لابنك تقرباً إليك، أليس كذلك؟ الآن المقصود من الأب إذا أنت خدمت عباد الله، الله هو المقصود، فمن دون تعقيدات، من دون بروتوكولات، عامل الله مباشرةً تجد الرد الإلهي يفوق حدّ الخيال، أي بعدما عرفت الله، واستقمت على أمره، أمامك العمل الصالح.

حجم الإنسان عند الله بحجم عمله الصالح :

 نحن الآن درجات بأعمالنا الصالحة، قال تعالى:

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة الأنعام:132 ]

 سيدنا الصديق بمحبته لله، الله جعل ترسيخ الدين الإسلامي عن طريقه، سيدنا عمر ليس من المعقول أن ترسل جيشاً للفتوح والناس ارتدوا حول المدينة؟ أي عمل غير منطقي، غير عسكري، إنسان عنده فتن داخلية يرسل جيشاً إلى خارج البلاد؟ فسيدنا عمر نقل رأي الصحابة بأدب، وسيدنا الصديق الناعم اللطيف النحيل أمسكه من لحيته وهزها هزاً كاد يخلعها وقال له: ثكلتك أمك يا بن الخطاب جبار في الجاهلية، خوار في الإسلام، أتمنعني أن أجيش جيشاً جيشه رسول الله؟ والله عز وجل جعل ترسيخ هذا الدين في صحيفته.
 لا تبتعد سيدنا صلاح الدين وضعوا تمثالاً له أمام سوق الحميدية، هل من الممكن إنسان يرد سبعة وعشرين جيشاً أوربياً؟ هو الذي استطاع أن ينتصر على الفرنجة حينما قدموا إلى هذه البلاد، لم ينتصر عليهم فقط بل كان مسلماً، حينما انتصر عليهم ما سفك دماء أبداً، الفرنجة عندما فتحوا القدس ذبحوا سبعين ألف إنسان في ليلة واحدة، الدماء تسير في الطرقات، وحينما فتحها عاملهم كمسلم رحيم، سمح لهم أن يخرجوا بما تحمل دوابهم، وسمح لهم أن يبيعوا أثاث بيوتهم، واشترى المسلمون أثاث بيوتهم بأثمانها، لذلك الأجانب حينما يأتون يحيون هذا الإنسان العظيم الذي كان مسلماً.
 هذه المذابح الجماعية في العالم يقول لك: في البوسنة والهرسك وهنا وهناك، خمسمئة ألف، أربعون ألفاً، عشرة آلاف، الناس وحوش، الإسلام رحيم، ما عرف التاريخ فاتحاً أرحم من العرب، مؤرخ قال هذا الكلام، ويقصد العرب المسلمين، ما عرف التاريخ أرحم منهم، أي بعد أن عرفت الله، واصطلحت معه، واستقمت على أمره، الآن حجمك عند الله بحجم عملك الصالح، قال تعالى:

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة الأنعام:132 ]

 ماذا فعلت؟ أحد أخواننا له رتبة عسكرية عالية تقاعد وطلب مني أن يعلم دورة للصغار، زارني قبل عدد من الأيام وقال لي: أنا تسلمت مناصب عالية جداً، ولكن ما كنت أتصور أن أسعد سعادة تفوق حدّ الخيال في تعليم الصغار القرآن الكريم، يعلم الأطفال القرآن لا يبتغي رفعةً، ولا مديحاً، ولا تعويضاً، ولا مكافأة، يبتغي وجه الله، الإنسان يخرج من بيته لوجه الله ليس له شيء، انظر الناس كيف يخرجون؟ كل واحد له موال في رأسه، هذا عنده اليوم دعوة، وهذا يريد أن يعقد صفقة، وهذا يريد أن يسافر، قال تعالى:

﴿ إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى ﴾

[ سورة الليل:4 ]

 المؤمن يخرج من بيته ابتغاء وجه الله، قد يأتي من مكان بعيد ليصلي، قد يأتي ليتعلم، المسجد لا يوجد به شيء لا ضيافة لكن فيه رحمة الله عز وجل.
 كان عليه الصلاة والسلام إذا دخل المسجد يقول: " ربي افتح لي أبواب رحمتك " وإذا خرج يقول: " افتح لي أبواب فضلك " العمل الصالح خارج المسجد، والمسجد فيه صلاة، وفي تلقي رحمات من الله عز وجل، هذه الآية على قصرها:

﴿ إِذْ قَالَتْ امْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ﴾

[ سورة آل عمران: 35]

 لك اختصاص، لك حرفة، تملك مالاً، تملك جاهاً، تملك سلطاناً، تملك علماً، أنفق من هذا الذي أعطاك الله إياه في سبيل الله، واحتسبه عند الله.
 أنا قلت قصة قبل ساعة أن شخصاً موظفاً مهمته تقبيض التعويضات، جاءه شخص وقال له: ممكن أن تذهب معنا إلى البيت تقبض والدتي المقعدة- موظف جالس في دائرته وراء طاولته، أخي أحضرها ماذا أفعل لك أو اعمل وكالة؟ والوكالة ثمن التعويض- قال له: أين العنوان؟ قال له: في المكان الفلاني، قرع الباب والدنيا رمضان قال: أين الحجة؟ هل تسمح لي أن أصلي؟ قال له: تفضل، قال له: هل من الممكن أن أوصلك؟ قال: لا، هذه أحتسبها عند الله، إنسان ركب أول باص، وثاني باص، وقرع الباب، وأعطاها التعويض الذي تستحقه، ولم يكلفه أحد بهذا العمل، ولا هو مطالب بهذا العمل.
 هل لك عمل تبتغي به وجه الله؟ لنا أخوان يعلمون الطلاب لوجه الله، يأتون والدنيا صيف بعد الظهر الساعة الرابعة وقت الراحة، يركب ويأتي إلى المسجد ليعلم قرآناً وحديثاً وتوجيهاً وما إلى ذلك، نريد عملاً لوجه الله، هذا بينك وبينه، وهذا يوم القيامة تراه كجبل أحد، الإنسان قد يطعم امرأته لقمةً لا يعبأ بها يراها يوم القيامة كجبل أحد، قلّما تجد إنساناً له عمل لوجه الله خالص، الناس يتحركون لمصالحهم، لدرجة أن الإنسان لا يتحرك حركة بدون أجرة، إذا دلّ إنساناً على شيء يقول له: أريد عمولة، كلمة قالها، لا يمرر شيئاً من دون أجر، تطبب عند الطبيب فخطر في باله سؤال للطبيب، يقول له: ادفع للسكرتيرة، يقول له: الآن كنت عندك، يقول له: أبداً، ادفع حتى أجيبك، يأتي وقت الناس انتهوا عند الله لأنهم ماديون، متصحرون، يعبدون الدرهم والدينار من دون الله، المؤمن الصادق صدقوني أيها الأخوة إذا عملت عملاً لوجه الله وإنسان عرض عليك يعطيك أجراً كأنه يسبك.
 أنا ذهبت مرة لإصلاح ذات البين بين أخوان متشاركين شراكة، سهرنا للساعة الثانية عشرة، والسهرة الثانية، والثالثة، بعد أن صار صلح وانتهينا قال أحدهم: ماذا تأمر أستاذ؟ ما شعرت بشيء فيه إهانة بحياتي كأن يقول لك أحدهم: أنا أعمل بالأجرة، أنا كنت وسيطاً في إصلاح ذات البين، وثلاث سهرات للساعة الثانية عشرة، وانتهى الأمر، ماذا تريد على العمل الصالح؟ ما شعرت بشيء فيه إهانة كأن يقول لك أحدهم: ماذا تريد على العمل الصالح؟ أنا أبتغي هذا عند الله عز وجل، نريد عملاً صالحاً لوجه الله.

من شغله ذكر الله عن مسألته أراحه الله و يسر أموره :

 الآن بعد العيد نتفاوت بين بعضنا، كلنا صلينا، وكلنا صمنا، وقمنا الليل، نتفاوت بعد العيد بالعمل الصالح، كل إنسان باختصاصه يقدم شيئاً لوجه الله، فيما بينه وبين الله.
 والله يوجد بيوت في الشام، والله تعمل ليلاً نهاراً، تصنع طعاماً لأيتام، أنا لا أصدق شيئاً أرى في دور الأيتام طعاماً يفوق حدّ الخيال، طعام درجة أولى، هذا الطعام الشامي الممتاز من يصنعه؟ بيوت في الشام، أطفال أيتام ليس لهم أحد، يصنعون هذا الطعام لوجه الله، أبواب الخير لا تعد و لا تحصى.
بالمناسبة عندما أنت تشتغل بخدمة الخلق، الله يريحك من أمورك الشخصية، إذا الإنسان ما بذل الله يشغله بحاله، غلطة واحدة في الجسم نحتاج إلى دواء ثلاثة عشر ألفاً، إيكو، تحليل، خزعة لبريطانيا، تكون في شيء تصبح بشيء، الإنسان إذا قدم الله يحبه، والذي لم يقدم حتى يرقى عند الله الله يشغله بنفسه، إما أن تخدم الخلق وأنت معافى، أمورك جيدة، أو تشتغل بنفسك، ويوجد متاهات لا تنتهي.
 والله مرة كنا في جلسة، كان يجلس إنسان متجهم بشكل غير معقول، لا ابتسامة، ولا تعبير في وجهه، لفت نظري، نزل معي في السيارة سألته: خير؟ ما تكلم ولا كلمة، مرة ثانية يوجد سهرة مشابهة لم يكن حاضراً، سألت عنه قالوا: معه ورم خبيث، وتوفي من أسبوعين رحمه الله، ما شاهد شيئاً في عينه وانتهى، إذا إنسان خدم واشتغل، من شغله ذكري عن مسألتي أعطيته فوق ما أعطي السائلين، أنا هذه الكلمة لا أنساها، هم في مساجدهم والله في حوائجهم، تنحل كل أمورك، ترى شخصين؛ الأول لا يشكو من شيء، والثاني ... مرة شكا لي أخ همومه، ما استطعت أن أمشي، ليس معقولاً من كل جهة جاءته مصيبة، تجلس مع إنسان آخر لا يوجد عنده ولا مشكلة، في بلد واحد، هذا يعيش في القمر؟ يعيش في البلد نفسها، لأنه هو شغله ذكر الله عن مسألته، الله عز وجل يريحه، والله عز وجل يشجعنا، فوراً يعطيك رد فعل، عندما تعمل عملاً طيباً فوراً تجد رد فعل سريع، أمور ميسرة، سعادة، سكينة، في البيت يوجد سرور، والأولاد ينصاعون لأوامرك، والزوجة تحسنت كثيراً، ماذا حدث؟ أعرف مكاني عند ربي من أخلاق زوجتي، أحياناً تحرن الزوجة، و أحياناً يسهل قيادها، إذا كان قيادها سلساً معنى هذا أنك جيد، وإذا حرنت يكون أنت عندك مشكلة.

تحميل النص

إخفاء الصور