وضع داكن
16-04-2024
Logo
حديث + موضوع علمي - الدرس : 27 - كمال الإيمان إذا أحب لأخيه ما يحب لنفسه.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

المؤمن الكامل هو من يحب لنفسه ما يحب لأخيه :

 أيها الأخوة الكرام؛ لازلنا في صحيح البخاري رحمه الله تعالى:

(( لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ))

[ البخاري عن أنس]

 هذا الحديث الشريف الشريف الصحيح أصل في العلاقات الاجتماعية، النبي عليه الصلاة ينفي وهذه لا نافية، ينفي كمال الإيمان، أي لا يدّعي أحدكم الإيمان إن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه، لا ينبغي أن يقول: أنا مؤمن، إن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه، لا يعد كاملاً في إيمانه إن لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه.
 بالمناسبة المؤمنون هناك مراتب تنتظرهم بقدر عددهم، أي كل مؤمن له مرتبة، في الدولة يوجد عشر مراتب، وكل مرتبة ثلاث درجات، إذاً يوجد ثلاثون مكانة، يجب أن يكون هناك مليونا موظف في هذه الثلاثين مكانة، أما عند الله عز وجل فلكل مؤمن درجة من الخير، قال تعالى:

﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَمَا رَبُّكَ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة الأنعام:132]

 المؤمنون يتفاوتون تفاوتاً كبيراً جداً، والنبي عليه الصلاة والسلام يقول:

(( الإِيمَانُ بِضْعٌ وَسَبْعُونَ أَوْ بِضْعٌ وَسِتُّونَ شُعْبَةً فَأَفْضَلُهَا قَوْلُ لا إِلَهَ إِلّا اللَّهُ وَأَدْنَاهَا إِمَاطَةُ الأَذَى عَنْ الطَّرِيقِ وَالْحَيَاءُ شُعْبَةٌ مِنْ الإِيمَانِ ))

[ البخاري عن أبي هريرة]

 إنسان يسير في الطريق وجد قشرة موزة أزاحها، لماذا أزاحها؟ لأنه مؤمن، وجد حجراً في منتصف الطريق، والطريق سفر، كثير من الشاحنات تستخدم حجراً كبيراً وتمشي، هذا الحجر قد يسبب موت أسرة بكاملها، يسير بسرعة توقف وأزاح الحجر، لماذا أزاحه؟ لأنه مؤمن، ابتغى أن يرضي الله بهذا العمل، والحياء شعبة من الإيمان وأعلاها لا إله إلا الله، التوحيد، معنى هذا أن الإيمان درجات، أدناها أن تميط الأذى عن الطريق، وأعلاها أن تكون موحداً لله عز وجل، معنى موحد ألا ترى مع الله أحداً، لا ترى قوياً إلا الله، لا ترى متصرفاً إلا الله، لا ترى معزاً إلا الله، أنت حينما توحد توحد الهدف، حينما توحد لا تعبأ بأحد، طبعاً مع الأدب لا مع الوقاحة، حينما توحد لا تكون خائفاً مما سوى الله، لا ترجو غير الله، وأعلى شيء في الإيمان التوحيد، والتوحيد نهاية العلم، والدين كله توحيد، أما أدناها فأن تميط الأذى عن الطريق، أنا لا أتمنى على مؤمن أن يكون نظره قاصراً، عنده لونان أبيض وأسود، إما مؤمن أو يكفره ألا يوجد عندك حل وسط؟ مؤمن مقصر، مؤمن أخذ بشيء من الإيمان، وطبعاً هذا الإيمان لا ينجي، ذكرت البارحة أو قبل أيام، دائرة كل من قال بلسانه إن لهذا الكون إلهاً فهو مؤمن ولو لم يطبق شيئاً، هذا الإيمان لا ينجيه، ولكن اسمه مؤمن، قد لا تكون المرأة منضبطة ولكنها تصلي، لمن تصلي؟ ما الذي يحملها أن تصلي وحدها في البيت؟ تصلي لأنه يوجد عندها شيء من الإيمان، ولكن هذا الإيمان لا يكفي ما دامت غير محجبة، غير مستقيمة، غير محسنة، سوف تعذب، دقق في التقييم، فعلت شيئاً يدل على إيمانها فهي مؤمنة، قالت كلمة تدل على إيمانها فهي مؤمنة، إلا إذا كان هناك نفاق الكفر هذا موضوع ثان، يوجد دائرة ثانية إن حملك إيمانك على الطاعة فهذا الإيمان المنجي، الإيمان السابق غير منج، إبليس آمن أساساً، بمركز هذه الدائرة من قال: ليس لهذا الكون إله هذا كفر وإلحاد، فالإنسان بين الكفر والإلحاد وبين الإيمان غير المنجي وبين الإيمان المنجي وبين العصمة عصمة الأنبياء.
فلا يؤمن أحدكم يجب أن تحمل على كمال الإيمان، أي مؤمن ولكن إيمانه غير منج، إذا قلت: فلان ليس بإنسان، أي شخص له وزن، وله معدة، وأمعاء، ودماغ، وأعضاء، ويد، ورجل، وعين، وأذن، وسمع، وبصر، لكن ليس فيه أخلاق، قلبه قاس ليس عنده قيم، أنت لا تنفي أصل إنسانيته، تنفي كمال إنسانيته، فكلمة لا يؤمن أحدكم النبي ينفي كمال الإيمان، أو أن هذا الإيمان الذي يتصف به أحدكم وهو يحب لنفسه ما لا يحب لأخيه هذا الإيمان غير منج، وبعضهم قال: لا يدّعي أحدكم الإيمان إذا لم يحب لأخيه ما يحب لنفسه، وبعضهم قال في تفسير هذا الحديث: لا يكون المؤمن كاملاً إلا إذا أحب لأخيه ما يحب لنفسه.

 

أبشع انتماء أن ينتمي الإنسان لجماعة صغيرة جداً :

 من هو أخوك؟ أصحاب الجماعات الضيقة أخوه في الحلقة فقط، ترى شعوره أمام مؤمن آخر غريب هذا لا نعرفه، ولو أساء إليه هذا ليس من أخواننا، هذا أبشع انتماء أن تنتمي لجماعة صغيرة جداً، وتعتقد أنها على حق وحدها وما سواها على باطل، هذا العمل يفتت المسلمين، هذا تفسير شاذ لأخيه في الحلقة، في الجماعة، في المسجد، أما لأخيه في الإيمان فأي مؤمن، والتفسير الدقيق جداً لأخيه في الإنسانية لو لم يكن مؤمناً أترضى له جهنم؟ أترضى أن يموت كافراً؟ اعمل عملاً يقربه من الله ولو بكلمة، ولو بإحسان، أنت أمام إنسان ملحد بوذي يدّعي أن بوذا إله، يعبد غير الله، يعبد صنماً من دون الله، أنت تريد أن تعين عليه الشيطان، أن تعينه على الشيطان، عامله معاملة طيبة، فلعل هذه المعاملة تلفته إلى الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ ﴾

[ سورة المائدة:8]

 أي هذا الكافر الذي لا تحبونه عدوكم اللدود، اعدل معه، مثلاً إنسان ملحد أصيب بحادث جاء إلى المستشفى لإسعافه، يوجد طبيبان؛ طبيب يفهم الدين على حقيقته، وطبيب فهمه للدين سطحي، ظنوا أنه في غيبوبة، قال هذا الذي يفهم الدين فهماً سطحياً: دعه يموت، لماذا حياته؟ سمعها، اتق الله، هذا إنسان ينبغي أن ننقذه، كلمة الطبيب الثاني سبب توبته إلى الله، وكان ملحداً.
 يقولون: إن هناك رجلاً اسمه روجيه غارودي أعلن إسلامه وكان فرنسياً، زعيم اتجاه يساري في فرنسا، سبب إسلامه يعود إلى قبل ثلاثين سنة، كان هناك جندي مأسور في الحرب العالمية الثانية وصدر أمر بإطلاق النار عليه، هناك جندي مغربي امتنع عن أن يقتله خوفاً من الله، هذا الموقف قبل ثلاثين سنة تفاعل معه حتى حمله على الدين.

 

على الإنسان أن يحب لنفسه ما يحب لأخيه في الإنسانية :

 فإذا فهمنا الحديث على أنه أن يحب لأخيه في الإنسانية، إنسان لا يوجد فيه دين، ملحد، كافر، يجب أنت أن تأكل ماله؟! يجب أن تغشه؟! لا، أره أن المؤمن إنسان، الإنسان له فطرة ثابتة، ولو كان ملحداً الإنسان يحب الكمال، يحب الرحمة، ارحم إنساناً ولو كان ملحداً يميل إلى الإسلام، أنا أقول ملحداً أي يؤمن أن هذا الكون ليس له إله أبداً، مهمة المؤمن إذا كان هناك إنسان ملحد ولكن عنده رواسب إيمانية مهمته أن يزيل عنه هذه الرواسب، صار معه مرض شديد ولا يملك ثمن المعالجة، فإنسان دله على جامع في دمشق، قال له: هنا يجمعون لك، وهذه القصة قديمة جداً، عندما كان جمع المال مسموحاً لكل من يريد، أما الآن فالأمور مضبوطة جداً، الجمع للمساجد أو الجمعيات الخيرية، وفي ذلك الوقت لم يكن هناك هذا التدقيق، فخطيب المسجد لا يعرف هذا الرجل قال للناس: إن هذا إنسان مريض فعطفوا عليه، قال عدداً من الكلمات فجمع له ستين أو سبعين ألفاً في صلاة جمعة، ذهب إلى بلد أجنبي وأجرى عملية ونجحت، ما ترك الجامع وصار أحد خدام المسجد.
 على قدر ما كان الإنسان بعيداً عندما تحسن له يميل نحوك، حتى يحب لأخيه افهموها فهماً واسعاً جداً لأخيه في الإنسانية، الله خلق الإنسان ولكن هو شارد الآن، هؤلاء الذين أساؤوا إلى النبي، أساؤوا إليه إساءةً بالغة في الكفر به، والسخرية منه، بل في ضربه في الطائف، قال: " اللهم اهد قومي إنهم لا يعلمون، لعل الله يخرج من أصلابهم من يوحده " عندما تفهم الحديث فهماً أصولياً، المطلق على إطلاقه، أوسع معنى لأخيك هو الإنسانية، المعنى المقبول أيضاً: أخوك في الإيمان، ولكن في الإيمان تفعل صدمة، لا أخوك في الإنسانية، لا تغش أحداً، النبي قال:

(( عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَرَّ عَلَى صُبْرَةِ طَعَامٍ فَأَدْخَلَ يَدَهُ فِيهَا فَنَالَتْ أَصَابِعُهُ بَلَلًا فَقَالَ: مَا هَذَا يَا صَاحِبَ الطَّعَامِ؟ قَالَ: أَصَابَتْهُ السَّمَاءُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: أَفَلا جَعَلْتَهُ فَوْقَ الطَّعَامِ كَيْ يَرَاهُ النَّاسُ مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنِّي ))

[ الترمذي عن أبي هريرة]

 ويوجد حديث: من غشنا، ولكن يوجد حديث من غش مطلقاً.

 

النهي عن الإساءة لغير المؤمنين :

 يوجد إنسان يسيء لغير المؤمنين إساءة بالغة، أي إذا إنسان سافر إلى بلد أجنبي يقول لك: هؤلاء كفار، صحيح، ويقول: مالهم حلال وصار يسرق، يوجد إنسان كان في بلد عربي، وتعلم تعليماً خطأ أن الكفار مالهم مباح، قام بعمل تخريبي وهو جالس في السجن قرأ السيرة النبوية، أن النبي صلى الله عليه معه أموال المشركين، فلما هاجر أبقى سيدنا علي في بيته ليرد أموال المشركين إليهم، فلو كان كلام الناس أن هؤلاء الكفار أموالهم مباحة فالنبي ما أرجعهم أخذهم، من هنا انتبه أنه يسير بشكل خاطئ، لو كان مال الكافر مباحاً سهلة جداً النبي يجب أن يكون قدوة لنا، يحمل هذا المال ويمشي، مهاجر مهاجر، يوجد قدسية للملكية، إنسان ذهب إلى بلد أجنبي فقال: إن هؤلاء كفار، أخذ بطاقة يشتري بها حاجات فاشترى بها حاجات بخمسة آلاف دولار، وعاد إلى بلده، واعتبر أنه قضى عملاً جيداً، أنت شوهت سمعة المسلمين كلهم، مادام هناك تمثيل دبلوماسي لا يوجد حرب، هذا يؤمن أنهم كفار، وهذا مشكلة وخطأ كبير، مادام هناك سفارة لفرنسا في دمشق، وسفارة سورية في فرنسا، هذا ليست حالة حرب، هذه حالة اسمها معاهدة، فكل إنسان يتوهم أن مالهم مباح، ووسائلهم مباحة، هذا إنسان في حضيض الجهل، حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه، كن أنت مستقيماً والحرام حرام مع المؤمن ومع الكافر، والحرام حرام في بلد المسلمين وفي بلد الكفار، الحرام لا يتأثر بالمكان ولا بالزمان ولا بالأشخاص، هذا السلوك فيه حرمة، حرام في بلاد المسلمين وحرام في بلاد الكفار، إلا في حالة حرب معلنة فهذا موضوع آخر، يوجد عندنا في بلاد الإسلام ديار حرب وديار أمان، كل العالم بلاد أمان طالما يوجد علاقات دبلوماسية، وتمثيل دبلوماسي، ومعاهدات إلى آخره، أي هذه بلاد أمان، وأن تأكل مالاً حراماً ممنوع أساساً، هذا إنسان إذا عرف أن هذا المسلم أكل له ماله، أو اشترى ولم يدفع، أو لعب عليه، يقول لك: هؤلاء كفار، نأخذ سيارة وندّعي أنها فقدت، يأخذ في اليوم الثاني سيارة مقابلها، والأولى تباع بسعر زهيد لأنها مسروقة، يستغل بعض الأنظمة في الدول الأجنبية هذا السلوك والفهم السقيم الذي جعل المسلمين في الحضيض، وفي مؤخرة الأمم، مال الكفار مباح في حالة الحرب المعلنة، والاشتباك، وهذه اسمها غنائم، أما في حالة السلم فهذه كلها دول معاهدة، ولها سفارات، وممنوع أن تعمل شيئاً.

((لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ))

[ مسلم عن أنس]

على الإنسان أن يحب لأخيه ما يحب لنفسه من خيري الدنيا و الآخرة :

 أوسع معنى في الإنسانية حتى يحب لأخيه في الإنسانية ما يحب لنفسه، يحب لها ماذا؟ قال: من خيري الدنيا والآخرة، إذا إنسان أحب لنفسه الانحراف يقول: اشتهيت لك هذا الفيلم، لا، هذا ليس له علاقة بالحديث، يجب أن تحب له الخير، خير الدنيا والآخرة، تحب له أن يشتري بيتاً، أن يتزوج، أن يكون عنده محل تجاري، أن يكون له دخل جيد، هذه أمور مباحة، تحب له أن يكون مؤمناً، وفاهماً لكتاب الله، ومطبقاً للدين، وله أعمال طيبة، والله أجرى على يده الخير، وأن تحب له من مباحات الدنيا المشروعة، ومن أعمال الخير في الدنيا والآخرة ما تحب لنفسك، لأن الطبع يحب التميز، يجب أنت أن تكون متميزاً، يجب أن تكون صنعتك لا أحد يعرفها، يبعث لك ابنه كي تعلمه الصنعة، تستخدمه خادماً فقط، وعند فك المحرك تقول له: اخرج إلى الخارج، هذا مجرم، بعث لك ابنه من دون أجرة لتعلمه، فما علمه شيئاً أبداً، شغله بتنظيف المحل، وإحضار الأغراض، وإرساله للبيت، واعتبر نفسه ذكياً، ويقول: أنا لا أعلم أحد:

((لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ))

[ مسلم عن أنس]

 الإنسان بالأساس أناني طبعه، قال تعالى:

﴿ إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً ﴾

[ سورة المعارج: 19-21]

 أناني يحب التميز، التكليف عكس ذلك، يجب أن تحب له ما تحب لنفسك، إذاً من خيري الدنيا والآخرة، والعلماء قالوا ومن الإيمان أيضاً أن يبغض لأخيه ما يبغض لنفسه، مثلاً شيء أنت لا تأكله لا تبعه، شيء لا تأكله أنت وتعرف أنه غير جيد، أما إذا كان قماشاً لا يؤذي ولكنه رخيص ممكن أن تبيعه بسعر رخيص جداً، يوجد قماش متره بألف، ويوجد قماش بخمسين ليرة، طبعاً الخمسون غير الألف، ممكن أن تبيع قماشاً عادياً درجة ثالثة، أما بالطعام والشراب فإذا كان الشيء يؤذي، أو يسرطن لكنه رائج، ممكن أن تبيع حاجة مسرطنة من أجل أن تربح، أو بضاعة منته مفعولها، فبذلك لن تكون مؤمناً، صار هناك جريمة في الأمر، هؤلاء الذين يصلون ويعتبرون أن الدين فقط في المسجد، إذا له معمل يضع مواداً مسرطنة، يضع مواداً ويقول: لا تدقق، لا يوجد نظافة، لا يوجد ترتيب، هذه مشكلة كبيرة جداً، هذا الحديث ومع أنه معروف، ويمكن لا يوجد حديث أوضح من هذا الحديث، مألوف لكنه خطير، لا يُؤْمِنُ أي لا تدّعي الإيمان إن لم تفعل ذلك، أو لا تعد كامل الإيمان، إذا قال إنسان: أنا مؤمن، أما هكذا فلا أفعل، نقول له: الشيطان مؤمن، إبليس اللعين مؤمن قال: ربي فبعزتك لأغوينهم أجمعين، آمن به خالقاً، آمن به عزيزاً، أمهلني إلى يوم يبعثون، آمن بالآخرة، آمن أنه خالق، وآمن أنه عزيز، وآمن أنه رب، وهو إبليس فلا تفرح إذا أنت مؤمن ولكن لا تحب لأخيك ما تحب لنفسك، هذا الإيمان غير منج، لا ننفي عنه أصل الإيمان ولكن ننفي عنه الإيمان الذي يجدي والذي ينفع.
 إذا إنسان دخل امتحان الثانوية وخرج راسباً، ولكن أخذ في التاريخ علامة تامة، خير إن شاء الله، أخذ بمادة علامة جيدة ولكن لم ينجح، هذه العلامة لم تفعل معك شيئاً، في المحصلة ما نجحت، رسبت، لن تأخذ شهادة ثانوية إلا بنجاح تام بالمواد كلها، إذا كنت تصلي أنت ولكنك غيور وحسود، لا تدع أحداً أفضل منك، تحطم كل من حولك، هذا سلوك قد يكون في العقل الباطن، هو محور العالم، وهو الفهيم وحده، يبحث عن عيوب الناس، قناص، أنا أسميه قناص زبالة، أين يوجد تنكة زبالة يأخذها، أين يوجد غلط يشيعه ويكبره، هذا إنسان مريض، يبحث عن عيوب الناس فقط، إذا بحثت عن عيوبهم هذا سلوك شائك، ابحث عن ميزاتهم، عن مكارم أخلاقهم، لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، لا تدّعي الإيمان، ولن تكون مؤمناً كاملاً إلا إذا أحببت للخلق جميعاً ما تحبه لنفسك، إذا أحببت أن يكون الناس كلهم مؤمنين، عاملهم معاملة طيبة، أنا أقرأ قصصاً كثيرة، إنسان يقود سيارة فخمة جداً، وهو شارد عن الله، تعطلت في مكان، جاء إنسان وأصلح له السيارة فكان سبب إيمانه.
 يوجد قصة مشهورة بمصر أحد أكبر الدعاة أساسه كان شارداً، تعطلت سيارته مرّ شخص وأصلح له السيارة بلا مقابل، لفت نظره، أحياناً عمل طيب يكون سبب إيمانه، قلت لكم مرة فراشاً في بلد عربي رجل قدم له كأساً من الشاي، قرع الجرس فقدم له هذا الكأس من الشاي، فقال له: لماذا أنت قدمت لي هذا الكأس من الشاي؟ طبعاً قال له: لأنك أحد أفراد الأسرة في المدرسة، فقال له: ليس صحيحاً هذا الكلام، أنا هنا منذ سنتين و لم يسلم عليّ أحد، والفراش من بلد بعيد من بلاد آسيا الفقيرة دعاه إلى البيت، وأحضر له موسوعة ودائرة معارف بالإنكليزية، فكان يعرف هذا العلم، خلال عدة جلسات أسلم، ممكن كأس شاي يجعله يسلم؟ ممكن، ممكن سلام حار يجعله يسلم، ممكن أن تكون صادقاً معه.
 لي أخ جاء لعنده إنسان غير مسلم ليصلح سيارته، يبدو أنه شاهده صادق ومستقيم، أحبه وأعطاه عدداً من الأشرطة، تقريباً أعطاه مئتي شريط سمعهم قرب إلى الإسلام، أنت عامل الناس كلهم بالإحسان.

((لا يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ حَتَّى يُحِبَّ لأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ ))

[ مسلم عن أنس]

 أما هذه النظرة الضيقة فتعمل عداوات، وأحقاد، وتجعل المسلم مجرماً، المسلم إنسان.

 

تحميل النص

إخفاء الصور