وضع داكن
19-04-2024
Logo
حديث + موضوع علمي - الدرس : 08 - الإسلام دين التوحيد - السمك المولد للكهرباء.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، و الصلاة و السلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين، اللهم لا علم لنا إلا ما علمتنا، إنك أنت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علماً، و أرنا الحق حقاً و ارزقنا اتباعه، و أرنا الباطل باطلاً و ارزقنا اجتنابه، واجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون أحسنه، و أدخلنا برحمتك في عبادك الصالحين.

صفات من يستحق لعن الله عز وجل :

 أيها الأخوة الكرام؛ تربية الله عز وجل للإنسان تربية حكيمة، فالمسلمون والقرآن قرآنهم، ورد في هذا القرآن صفات بني إسرائيل، هذه الصفات هي التي استحقوا اللعن من أجلها، وهي التي استحقوا الهلاك من أجلها، فمن هذه الصفات مثلاً:

﴿ كَانُوا لَا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنْكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ ﴾

[ سورة المائدة :79]

 بعضهم يجامل بعضاً، حينما يدع الناس النهي عن المنكر يستحقون الهلاك، كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، يقابل ذلك قال تعالى:

﴿ وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾

[ سورة آل عمران :104]

 فصار هناك مقابلة، هذه الأمة استحقت الهلاك، واستحقت غضب الله عز وجل، ولعنته، لأنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلوه، فلو أن المسلمين فرضاً أصابهم مرض اليهود يستحقون غضب الله عز وجل، هذا أسلوب حكيم، هؤلاء يا عبادي أهلكتهم لأنهم فعلوا ذلك، وأنتم إذا فعلتم مثلهم تستحقون الهلاك، هذا مرض.

 

النهي عن تأليه الأشخاص :

 المرض الثاني، قال تعالى:

﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾

[ سورة التوبة :31]

 النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح الذي رواه الإمام البخاري يقول:

(( لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي ))

[ أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا]

 أي لا يوجد علاقة بين شخصين مهما سمت تصل إلى مستوى التأليه، أو العبادة من دون الله، وسيدنا الصديق حينما توفي النبي عليه الصلاة والسلام الناس اختل توازنهم واضطربوا، فقال: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.
 لا أعتقد في تاريخ البشر أن شخصين أحبا بعضهما بعضاً كحبّ الصديق لرسول الله، وكحبّ رسول الله للصديق، ومع ذلك النبي قال: " لو كنت متخذاً خليلاً لاتخذت أبا بكر ولكن أخ وصاحب في الله "، وسيدنا الصديق قال: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.
 النقطة الدقيقة أن الإنسان إذا اتخذ إنساناً رباً من دون الله، اتخذوا رهبانهم وأحبارهم أرباباً من دون الله، أي عبده من دون الله، أطاعه في معصية، اعتمد عليه، أشركه مع الله عز وجل بالحب والولاء.

(( لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي ))

[ أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا]

التوحيد أخطر شيء في الدين :

 أخواننا الكرام؛ أخطر شيء في الدين التوحيد، الإسلام دين التوحيد، و كلنا عباد لله عز وجل، والله هو وحده ربنا وإلهنا، أما أن يتخذ الناس بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله كأن يقيم الإنسان علاقة متينة جداً على حساب علاقته بالله، يأتمر بأمر لا يرضي الله، ينتهي عن شيء يغضب الله، ينسى أنه يعبد الله فإذا هو منزلق إلى عبادة إنسان مثله، فلا النبي الكريم جعل الصديق وجهةً، ولا الصديق قبل أن يكون النبي رباً من دون الله، مع أن هناك علاقة بينهما تفوق حدّ الخيال، إذاً الإسلام دين التوحيد، وما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
 سألني أخ كريم أن هذا الشرك الخفي ما مشكلته؟ قلت له: مشكلة المشاكل، لأن الله عز وجل يقول:

﴿ وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ ﴾

[ سورة يوسف : 106]

 قلت له: أصحاب النبي وهم على ما هم عليه من رفعة القدر عند الله عز وجل، وهم ما هم عليه من بذل وتضحية وإخلاصٍ زلت أقدامهم لفترة قصيرة جداً إلى الشرك الخفي، كيف؟ حينما قالوا بعد فتح مكة: لن نغلب من قلة، قال تعالى:

﴿ لَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ ﴾

[ سورة التوبة : 25]

 أصحاب النبي ولهم سوابق شهيرة في الجهاد وفيهم رسول الله ولأنهم قالوا هذه الكلمة استحقوا تأديب الله عز وجل.

 

التولي و التخلي :

 لذلك نريد من هذين النصين أنك في اليوم الواحد تمتحن عشرات المرات، حينما تعزو هذا الإنجاز إليك، إلى علمك، إلى خبرتك، إلى فهمك، إلى عقلك، إلى ذكائك، إلى منصبك، إلى قوتك، إلى من حولك، إلى أتباعك، فقد زلت قدمك إلى الشرك الخفي وأنت لا تشعر، وحينما تعزو الفضل إلى الله عز وجل، في النهاية دققوا في هذه الكلمة: أنت بين امتحانين كل يوم إما أن تكون كأهل بدر، وإما أن تكون كيوم حنين، في بدر قال تعالى:

﴿ وَلَقَدْ نَصَرَكُمُ اللَّهُ بِبَدْرٍ وَأَنْتُمْ أَذِلَّةٌ فَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾

[سورة آل عمران: 123]

 لأنهم افتقروا إلى الله، لذلك أي عمل تقدم عليه قل: اللهم إني تبرأت من حولي وقوتي والتجأت إلى حولك وقوتك يا ذا القوة المتين، أي إذا أردت النجاح المحقق، إذا أردت التفوق، إن أردت أن يكون الله معك، إن أردت أن تستعين بعلم الله، وبقدرة الله، وبغنى الله عز وجل، افتقر إلى الله، إن افتقرت إلى الغني فأنت أغنى الأغنياء، وإن افتقرت إلى القوي فأنت أقوى الأقوياء، وإن افتقرت إلى العليم فأنت أعلم العلماء، وإن اعتددت بعلمك فأنت جاهل، وإن اعتددت بمالك فأنت فقير، وإن اعتددت بقوتك فأنت ضعيف، فلذلك هذا الدين سره بالتوحيد، والتوحيد ما هو؟ أدب مع الله، هو أدب، وهو حقيقة، أنت قيامك بالله عز وجل في أي لحظة يأخذ منك كل شيء فلا معنى أن تقول: أنا، أي كلنا تحت رحمة الله، من منا يملك أن يعيش ساعةً؟ من منا يملك أن يبقى صحيحاً ساعة؟ الشيء الذي أقوله كثيراً: الإنسان وعظمته المتوهمة، وهيمنته، وجبروته، وقوته، تتوقف على واحد وربع ميلمتر في الشريان التاجي للقلب، أي إذا إنسان حجمه كبير، مادامت هذه الفتحة واحداً ونصف ميلمتر فهو مرتاح، فإذا ضاقت هناك متاعب كثيرة، أي كل راحتك في الدنيا مبنية على واحد وربع ميلمتر، فمن أنت؟ إذا ضاقت هذه اللمعة بدأت هذه المتاعب، كل عظمتك وهيمنتك وسيطرتك وجبروتك على سيولة الدم، فإذا تجمد الدم في العروق انتهت الحياة، يقول لك: سكتة قلبية، أي جلطة مفاجئة، وكل عظمة الإنسان وهيمنته وجبروته على ضبط نمو الخلايا، فإذا تفلتت لا يوجد دواء، في أي مكان يأتي هذا الورم؟ في الدماغ، في الجلد، في العقد اللمفاوية، ملوك يصابون بهذا المرض، أطباء العالم كلهم تحت أيديهم، والأموال كلها بين أيديهم، ومع ذلك لا يستطيعون خلاصاً من هذا المرض، فإذا الإنسان عظمته منوطة بميلمتر وربع لمعة شريان القلب التاجي، وإذا عظمته مبنية على السيولة، وعظمته مبنية على نمو الخلايا، فما هذا الإنسان الذي يقول أنا؟
 أنت بقدر ما تفتقر إلى الله عز وجل يرفعك، بقدر ما تقول: أنا، الله يذلك، أي شهدنا قبل أشهر كيف أن إنساناً أذله الله ذلاً ما بعده ذل وهو يتربع على أعظم منصب إداري في العالم، أذله الله ذلاً ما بعده ذل، فضحه الله فضيحةً ما بعدها فضيحة، الإنسان فقير، إذا قال: أنا، يكون أحمق، دقق سيدنا النبي لا يوجد إنسان خدمه، ولا يوجد إنسان أحبه، ولا يوجد إنسان أعطاه كل شيء، يا أبا بكر ماذا أبقيت لنفسك؟ قال: الله ورسوله، أعطاه كل ماله، زوجه ابنته، هاجر معه، ومع ذلك قال:

(( لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي ))

[ أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا]

 بالمقابل سيدنا الصديق لا يوجد إنسان أحبه كرسول الله، ولا يوجد إنسان أسعده كرسول الله، ومع ذلك لما توفي قال: من كان يعبد محمداً فإن محمداً قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت.

 

كل البطولة في التوحيد وكل المنزلقات في الشرك :

 كل بطولتك في التوحيد، وكل المنزلقات في الشرك، أي ينبغي ألا ترى مع الله أحداً، ينبغي أن تعتقد أن الله وحده هو الذي يعطي، وهو الذي يمنع، وهو الذي يرفع، وهو الذي يخفض، وهو الذي يعز، وهو الذي يذل، وهو الذي يوفق، وهو الذي لا يوفق، وهو الذي ييسر وهو الذي لا ييسر، من هنا كان عليه الصلاة والسلام يقول:" اللهم لا سهل إلا ما جعلته سهلاً".
 أعرف شخصاً في أوج قوته، وفي أوج جبروته، وفي أوج غناه، مال، وتجارة رابحة، وشكل، ومكانة، غيّرَ مَوقِع قاطع كهربائي في البيت، كان في مكان مناسب رفعه إلى الأعلى، فلما رفعه صار بحاجة إلى كرسي كي يستعمله، وقف على الكرسي ففتل الكرسي ودخل في مقعده عدة أيام في المستشفى وافته المنية، في أوج قوته وغناه وسيطرته وتمتعه بالحياة وعلاقاته، وكان عنده شبكة علاقات، كله انتهى في بضعة أيام، ما تعلمت العبيد أفضل من التوحيد.
 لا سيدنا الصديق ما عبد النبي من دون الله، ولا النبي اتخذ أبا بكر خليلاً وصاحباً في الله، وهذا هو الدين، ومن علامات تخلف المسلمين أن يتخذ بعضهم بعضاً أرباباً من دون الله.
 أنا أضع بين أيديكم حقيقة؛ سيدنا الصديق ما طلعت شمس على رجل بعد نبي أفضل من أبي بكر ومع ذلك قال: أطيعوني ما أطعت الله فيكم فإن عصيته فلا طاعة لي عليكم، أي راقبوني بيننا كتاب الله إن أطعته فأطيعوني، وإن عصيته فلا تطيعوني، هل ترى أوضح من هذا الموقف؟ هل ترى إنساناً متواضعاً كهذا التواضع؟ هل ترى إنساناً موضوعياً كهذه الموضوعية؟ هل ترى إنساناً يجعل من الناس رقباء عليه؟ راقبوني بيننا الشرع، إن أطعت الله فأطيعوني، وإن عصيته فلا طاعة لي عليكم.
 آلاف المشايخ يقول لك: إن خالفت الشيخ انقطعت عن الله، هذا الكلام غير صحيح، لا يوجد إنسان مسموح له أن يعطيك أمراً من عنده في الأرض، ينقل لك أمر الله وأمر رسوله فقط، هو ناقل أمين، ولكن لا يوجد إنسان يعطي أمراً من عنده، لأنه لا يوجد إلا إنسان واحد مسموح لك أن تطيعه هو رسول الله، وما سواه يجب أن يأتيك بالدليل، هذا هو التوحيد، بهذه الطريقة يبقى الإسلام كما نزل.

خصائص الفرق الضالة :

 أما إذا ألّهنا بعضنا، واتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله، الفرق الضالة كلها ما خصائصها؟ لها أربع خصائص تنطبق على كل الفرق الضالة أول خصيصة تأليه الأشخاص:

﴿ اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ ﴾

[ سورة التوبة : 31]

 الصفة الثانية: تخفيف التكاليف، الصفة الثالثة: اعتماد نصوص ضعيفة أو موضوعة، الصفة الرابعة: النزعة العدوانية، فأية فرقة ألّهت أشخاصاً، وخففت التكاليف، واعتمدت نصوصاً موضوعةً أو ضعيفة، وكانت ذات نزعة عدوانية فهي فرقة ضالة.
 نحن في الإسلام نتبع ولا نبتدع، نتضع ولا نرتفع، أي محور الدرس: اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله، ولا يتخذ بعضكم بعضاً أرباباً من دون الله:

(( لَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا مِنْ أُمَّتِي خَلِيلاً لاتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ وَلَكِنْ أَخِي وَصَاحِبِي ))

[ أحمد عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِي اللَّه عَنْهمَا]

الإسلام منهج علمي :

 أحد أكبر العلماء ابن القيم الجوزية يقول عن شيخه: والله ما على وجه الأرض رجل أحبّ إليّ منه ولكن الله أحبّ إليّ منه، أي لو أنه ورد عن شيخه توجيه يخالف أمر الله لم يعبأ بأمر شيخه ويأخذ أمر الله عز وجل، انظروا إلى الحرية، هكذا ربانا النبي عليه الصلاة والسلام، النبي ربانا على منهج علمي، ما ربانا على منهج مزاجي، في الإسلام لا يوجد مزاجية، يوجد منهج واضح، حتى العلماء قالوا: هؤلاء الذين عصوا رسول الله في أحد صلى عليهم، لما صلى عليهم قال: لأنهم عصوا أمر تنظيمياً ولم يعصوا أمراً تشريعياً، أي هذا اجتهاد بشر، أمر تنظيمي وليس أمراً تشريعياً، الشي المقدس هو الأمر التشريعي الذي شرعه الله عز وجل، الحلال والحرام بيد الله عز وجل، نحن نتعاون وننظم أمورنا، فإذا رجل قال لك أمر تنظيمي ما كفر، اجتهد أحياناً لأن المشرع هو الله، وما جاء به النبي بأمر من عند الله عز وجل، قال تعالى:

﴿ مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ وَمَنْ تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظاً ﴾

[ سورة النساء : 80]

 فهذه هي محور الدرس اتخذوا أربابهم وأحبارهم أرباباً، ولا يتخذ بعضكم بعضاً أرباباً من دون الله، يقابل ذلك الله وحده فوق الخلق، الله عز وجل وحده فوق الخلق، ونحن كلنا عبيد، حتى إذا إنسان دعا إلى الله ينقل لك أمر الله فقط، وأنت إذا أطعته تطيع النبي لا تطيعه هو، تطيع الرسول فقط، بهذه الطريقة الإسلام يستمر كما بدأ، ويبقى كما بدأ، أما إذا اتخذ بعضنا بعضاً أرباباً من دون الله صار الإسلام طوائف، وفرقاً، ومللاً، ونحلاً، وكل واحد له مزاج.
 ثلاث نصائح تكتب على ظفر: اتبع لا تبتدع، اتضع لا ترتفع، الورع لا يتسع.

* * *

السمك المولد للكهرباء :

 يوجد عندنا في البحار أسماك تولد تيارات كهربائية تزيد شدتها عن مئتين وعشرين فولت، وهذه الأسماك تدافع عن نفسها عن طريق إرسال صعقة كهربائية تميت خصمها، بعض الأسماك تزيد شدة التيار الذي تولده من جنبيها عن ستمئة فولت، وقد أخذت بعض هذه الأسماك ووضعت في أحواض ووضع معها مصابيح كهربائية، فاستطاعت السمكة الواحدة أن تجعل ستة مصابيح كهربائية تتألق لعدة ثوان، من عجائب خلق الله عز وجل، في البحر يوجد عجائب.
 بعض هذه الأسماك على جنبيها مواسير سداسية، هي بمثابة الخلايا الكهربائية، فعن طريق هذه المواسير تتولد هذه الطاقة، وتفرغ هذه الكهرباء في خصمها فيموت فوراً، أي ستمئة فولت ليس شيئاً سهلاً لسمكة واحدة تولد كهرباء شدته ستمئة فولت.
 قال: لو أن سمكةً أرسلت لسابح - إنسان يسبح - هذه الصعقة أماتته فوراً، لو جئنا بسمكة كهربائية وضعناها على قماش مبلل، وثمانية رجال أمسكوا بعضهم بعضاً، والأول أمسك هذا القماش لاضطربوا جميعاً وانتفضوا جميعاً من صعقة هذه السمكة الكهربائية.
 العلماء قالوا: إنه يوجد في البحر أكثر من مليون نوع من السمك، وأضخم غواصة على عمق مائتين متر تتحطم، وجدوا أسماكاً في خليج مريانة في أعماق المحيط الهادي على عمق اثني عشر ألف متر، أسماك مرتاحة جداً تحت هذا الضغط، غواصة من الفولاذ بعد مئتي متر تتحطم من شدة الضغط، وأسماك أنواع منوعة في خليج مريانة في المحيط الهادي تعيش في راحة تامة، والسبب أنه يوجد توازن بين أجوافها.
 إذا الإنسان سمع صوتاً شديداً جداً وأغلق فمه ينثقب غشاء الطبل فوراً، أما إذا فتح فمه فلا يصيبه شيء، لأنه يوجد قناة مفتوحة بين الفم والأذن، فإذا جاء الضغط من الفم ومن الأذن توازنوا، فهذه الأسماك هكذا مبدأ عيشها في أعماق المحيطات، في أجوافها توازن من خلال هذا التوازن تعيش، أما إذا كان الإله صممها كالأسماك العلوية فتموت فوراً من شدة الضغط.

تحميل النص

إخفاء الصور