وضع داكن
29-03-2024
Logo
قراءات قرآنية - الدرس : 42 - من سورة الأحقاف ومحمد - الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

الحسن ما حسنه الشرع والقبيح ما قبحه الشرع :

 أيها الأخوة ؛ في العقيدة حقيقة ، أو مقولة هي : أن الحسن ما حسنه الشرع ، وأن القبيح ما قبحه الشرع ، وعقل الإنسان قاصر عن أن يعرف صالحه ، لكن الله سبحانه وتعالى الخبير به ، الذي خلقه هو الذي يعرف صالحه ، فمهما أراك عقلك أن هذا العمل فيه خير ، ما لم يكن متوافقاً مع الشرع ، لا بد من أن تكتشف بعد حين أنك كنت مخطئاً ، وأن الشرع هو المصيب ، فلذلك ربنا عز وجل في سورة الأحقاف قال :

﴿وَقَالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ﴾

[سورة النمل:19]

 فالعمل الصالح لا كما يتراءى لي ، لا كما أتخيل أنا ، أستمع من أناس كثيرين : أنا أحبّ هذا ، أنا أرى ذلك ، رأيك لا قيمة له أمام الشرع ، فلذلك مهما بدا لك ، مهما دلك عقلك على عمل تظنه صواباً ، ارجع إلى الشرع ، فإن أقره الشرع فافعله ، وإن لم يقره فأنت المخطئ ، والشرع هو الصواب ، فلذلك : الأعمال الصالحة في تربية الأولاد ، في كسب المال ، في إنفاق المال ، يقول لك : مشروع خيري مثلاً ، حفلة ، حفلة غنائية يرصد ريعها للعمل الخيري ، للأيتام ، لكذا . لا يتراءى لك العمل الصالح إلا كما قيده الله .
 في الإعراب الصفة قيد :

﴿وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحاً تَرْضَاهُ﴾

[سورة النمل:19]

 الجملة في محل نصب صفة ، والصفة قيد ، فالعمل الصالح لا يُقبل عند الله ، إلا إذا كان وفق منهج الله ، أنا أقول في الأعمال الصالحة ؛ دعك من السيئات ، دعك من المعاصي ، إذا أردت أن تعمل صالحاً وفق ما يتراءى لك ، وكان هذا العمل مخالفاً للشرع ، فأنت مخطئ ، والشرع مصيب ، ولا بد من أن يتبين لك بعد حين كيف أنك مخطئ ، وكيف أن الشرع مصيب ، فالحسن ما حسنه الشرع ، والقبيح ما قبحه الشرع ، وعقلك قد يكون قاصراً عن إدراك الحسن ، لأن ربنا عز وجل قال :

﴿وَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ﴾

[سورة البقرة الآية :216]

 مثلاً : إنسان يحب أن يهدي إنسانة ، إنسان ملتزم ، وفي عمله إنسانة ، يقول لك : أريد أن أهديها ، فلو أنه صار هناك اختلاط ، وأخذ وعطاء ، وسؤال وجواب ، وحديث ، أنت يتراءى لك أن هذا عمل صالح ، عملية هدى ، لكن هذه نهي عنها ، الهدى له أسلوب آخر ، يكون وفق منهج الله عز وجل ، ربما زلت القدم ، فدفعت الثمن باهظاً ، أي عمل صالح يتراءى لك أنه صالح ، ولم يقره الشرع ، فهو غير صالح ، والصالح هو الشرع .

 

من لوازم العبودية التأدب مع الله عز وجل :

 لما أمر الله عز وجل النبي أن يقول :

﴿وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ﴾

[سورة الأحقاف:9]

 معقول الله عز وجل أن يحبط عمل النبي عليه الصلاة والسلام ؟ لا ، غير معقول، الله عز وجل كامل ، وربنا عز وجل قال :

﴿إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾

[سورة هود:56]

 لكن ليس معقولاً أن يتألى الإنسان على الله ، أن يقول فلان إلى الجنة ، من أنت؟ فلان إلى النار ، من أنت حتى تقول ذلك ؟
 فمن لوازم العبودية أن تتأدب مع الله عز وجل ؛ فالنبي عليه الصلاة والسلام مع أنه سيد الخلق ، ومع أنه عرج إلى الله ، وبلغ سدرة المنتهى ، ومع أن الله أخبره أنه سيد الأنبياء والمرسلين ، ومع أن الله جعله خاتم النبيين ، ومع أن الله أوحى إليه ، ورفعه إلى أعلى عليين ، مع ذلك لما قالت امرأة لأبي السائب ، الذي توفاه الله : هنيئاً لك أبا السائب ، لقد أكرمك الله ، قال : لا ، من أدراك أن الله أكرمه ؟ قولي : أرجو الله أن يكرمه ، وأنا نبي مرسل ، لا أدري ما يفعل بي ولا بكم .
 من لوازم العبودية ألا تتألى على الله ، ألا تحكم على إنسان ؛ لا بالإيمان ، ولا بالكفر ، العمل الآن سيئ ، هذا العمل فيه معصية ، أما لعله يتوب ، ولعله يسبقك ، هذا العمل معصية لا شك به ، أما أن تقول : هذا مصيره إلى النار ، وهذا كافر ، وهذا مشرك ، و توزع الألقاب والتهم هكذا جزافاً من غير علم .
 إذا دخل إنسان بامتحان ، ينجح أو لا ينجح ، الله أعلم ، أما لو نجح فإلى الجنة ، لم ينجح إلى النار ، بارك الله بك .

 

للمؤمن معاملة خاصة عند الله عز وجل :

 النقطة الدقيقة :

﴿فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾

[سورة الأحقاف:35]

 ماذا يُفهم من صياغتها؟ :

﴿فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ﴾

[سورة الأحقاف:35]

 يوجد استفهام واستثناء ، ماذا ينتج من الاستفهام والاستثناء ؟ هذا استفهام إنكاري ، أي لا يهلك إلا القوم الفاسقون ، حصر ، هل هناك آية مشابهة لها ؟ مشابهة في أن الفاسقين وحدهم يهلكون :

﴿فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْماً فَاسِقِينَ﴾

[سورة الزخرف:54]

 هل يوجد أوضح من ذلك؟ :

﴿وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ﴾

[سورة سبا:17]

﴿فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾

[سورة الأحقاف:35]

 يوجد نظام عند الله عز وجل ، أخي البلاء يعم ، إذا سكت عن الخطأ ، إن لم تأمر بالمعروف ، ولم تنه عن المنكر ، البلاء يعم فعلاً ، أما إذا أنت كنت وقافاً عند حدود الله ، وأديت واجبك ، الله عز وجل لك منه معاملة خاصة :

﴿وَيُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفَازَتِهِمْ لَا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾

[سورة الزمر:61]

تعلق إرادة الله عز وجل بالحكمة المطلقة و الخير المطلق :

 إذاً :

﴿فَهَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الْفَاسِقُونَ﴾

[سورة الأحقاف:35]

 هذه تشير إلى عدالة الله عز وجل ، وأنه لا تزر وازرة وزر أخرى . إذاً :

﴿وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ﴾

[سورة الأحقاف:32]

 إنسان رفض الدين ، قال لك : هذا أفيون الشعوب ، قال لك : الدين سبب تخلفنا ، قال لك : الدين دليل ضعف الإنسان أمام قوى الطبيعة ، قال لك : الدين سلوك بدائي ، قال لك: الدين لا يوجد به شيء علمي .
 قال لي شخص يحمل دكتوراه والله ، قبل أشهر ، قال لي : القرآن غير علمي ، طرح غير علمي ، أي هو فوق ذلك ، إذا إنسان رفض الدين . قال :

﴿وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ ﴾

[سورة الأحقاف:32]

 ما استجاب :

﴿ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ﴾

[سورة الأحقاف:32]

 مصيره إلى الله عز وجل .
 قرأت هكذا مقالة ، إنسان أنا أعرفه ، هو بعيد عن الإيمان بالقيم الدينية طبعاً ، كلما تقدمت به السن ، ورأى أنه على مشارف الموت ، بدأ يبحث في الموت ، الإنسان في بداياته متحرك حركة عشوائية ، أما حينما يقترب من أجله ، يدرك الحقيقة ، لكن المؤمن وهو في شبابه أدرك هذه الحقيقة . قال :

﴿وَمَنْ لَا يُجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الْأَرْضِ وَلَيْسَ لَهُ مِنْ دُونِهِ أَولِيَاءُ أُولَئِكَ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ﴾

[سورة الأحقاف:32]

 حيثما وردت كلمة معجز للكافر ، أي لا يستطيع أن يتفلت من قبضة الله ، ولا يستطيع أن يفعل شيئاً ما أراده الله ، لذلك اعتقدوا جميعاً أن كل ما يفعله الكفار في العالم ، خططهم استوعبتها خطة الله عز وجل ، خططهم استوعبتها خطة الله ، ولا يستطيعون أن يفعلوا شيئاً إلا أراده ، أو سمح به ، ما شاء الله كان ، وما لم يشأ الله لم يكن ، كل شيء أراده الله وقع، وكل شيء وقع أراده الله ، وإرادته متعلقة بالحكمة المطلقة ، وحكمته المطلقة متعلقة بالخير المطلق .
 هذا الشيء يقيني .

 

الإيمان شيء مصيري بحياة المؤمن و يعصمه من الزلل :

 الآن لو أن الكافر حكيم ، وخبير ، وفهيم ، وفي قلبه رحمة ، وتصرفاته مضبوطة، ومتوازن ، ومنصف ، تجد الدين صار ليس له طعمة ، لكن إذا الإنسان ترك الدين ، يجب أن يرتكب حماقات مئة بالمئة على ذكائه الرفيع ، على شهاداته العليا ، على خبرته المتراكمة ، يجب أن يرتكب حماقة ، هذا شيء ملاحظ ، هل هناك آية تؤكد هذا المعنى ؟ الكافر يجب أن يرتكب حماقة ، يجب أن يفكر ، يفكر ، يفكر ، فإذا تدميره في تدبيره ، يفكر كثيراً ، ثم يجعل الله تدميره في تدبيره ، يجعل الدائرة تدور عليه ، هذا الشيء ملاحظ ، تعجب أنت من ذكائه ، ومن خبرته . عنده معلومات دقيقة ، لماذا ارتكب هذه الحماقة ؟ لأنه لو لم يرتكب حماقة ، الإيمان يصبح ليس له فائدة ، لكن الإيمان شيء مصيري ، وأساسي بحياتك ؛ الإيمان يعصمك من الزلل ، الإيمان يهبك الحكمة ، الإيمان يعطيك رؤية صحيحة ، الإيمان يعطيك عزيمة قوية، إذا لم تكن مؤمناً ؛ فلن تملك رؤية صحيحة ، ولا عزيمة قوية ، ولا إدراك صحيح .

الكافر أعمى لانعدام النور في قلبه :

 الآية :

﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾

[سورة آل عمران:54]

﴿وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ﴾

[سورة آل عمران:54]

 شيء جميل . هل هناك آية أوضح :

﴿الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ﴾

[سورة محمد:1]

 عمله ضال ، أولاً : لأنه أعمى ، حركته عشوائية ، أو أن عمله ما أوصله إلى السعادة ، هو هدفه السعادة ، لكنه لم يسعد ، كما ورد في الأثر القدسي :

(( عبدي خلقت لك ما في السموات والأرض ولم أعيَ بخلقهن أفيعييني رغيفٌ أسوقه لك في كل حين ؟ لي عليك فريضة ولك عليَّ رزق ، فإذا خالفتني في فريضتي لم أخالفك في رزقك ، وعزتي وجلالي إن لم ترضَ بما قسمته لك فلأسلطن عليك الدنيا ، تركض فيها ركض الوحش في البرية ثم لا ينالك منها إلا ما قسمته لك ولا أبالي ، وكنت عندي مذموماً ))

[ورد في الأثر]

 اعتقد اعتقاداً جازماً أن الكافر أعمى ، الكافر لا يوجد نور في قلبه ، الكافر لو كان ذكياً ، ربما كان تدميره في تدبيره :

﴿ إِنَّهُ فَكَّرَ وَقَدَّرَ* فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ* ثُمَّ نَظَرَ* ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ* ثُمَّ أَدْبَرَ وَاسْتَكْبَرَ * فَقَالَ إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ* إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ* سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ﴾

[ سورة المدثر: 1-26]

 فنحن بحاجة إلى الهدى ، فضلاً عن العقل الذي أكرمنا الله به .

 

المؤمن دائماً برعاية الله و حفظه :

 لما النبي قال : " أبو بكر في الجنة "، بعضهم قال : هو الآن في الجنة . هل هناك آية تؤكد هذا المعنى؟
 أي ممكن إنسان يكون في الدنيا في جنة ، فإذا كان في هذه الجنة ، استحق جنة الآخرة ؟
 هذا قال أحد العارفين : في الدنيا جنة من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة ، هذه قالها أحد العلماء ، فالمعنى موجود :

﴿تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا﴾

[سورة فصلت الآية :30]

 أوضح من هذا؟ :

﴿وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾

[سورة محمد:6]

 عرفوها في الدنيا ، الجنة هي القرب أحياناً ، إذا الإنسان ذاق طعم القرب ، ذابت نفسه سعادة ، الجنة من هذا النوع :

﴿وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ﴾

[سورة محمد:6]

 في الدنيا ، لذلك قالوا :

((في الدنيا جنة ، من لم يدخلها لم يدخل جنة الآخرة))

 هذه :

﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾

[سورة الرحمن:46]

 جنة الدنيا ، وجنة الآخرة ، أنا لا أعني بالجنة المال ، ولا الغنى ، ولا الصحة ، هذا قاسم مشترك بين المؤمن والكافر ، أعني بالجنة جنة القرب ، هذه الآية دقيقة :

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ﴾

[سورة محمد:11]

 أنت أحياناً تجد طفلين ؛ طفل له أب مقتدر ، غني ، حكيم ، حريص على مصلحته دائماً ؛ بالتوجيه ، والعناية ، والإكرام ، والملاحظة ، والمتابعة ، فتجد الابن أخلاقه عالية جداً ، علمه عال ، لان الأب يعتني به عناية بالغة ، وأحياناً تجد طفلاً ليس له أب ، لو يربه أحد ، يعيش في الأزقة ، كلامه بذيء ، انحرافه أخلاقي ، يسرق ، فهل يستوي هذا مع هذا ؟ المؤمن يربيه الله .
vإذا شخص شعر أن الله عز وجل يتولاه بالتربية ، هذا عطاء كبير شيء عظيم جداً:

﴿ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا ﴾

[سورة محمد:11]

 بذكر الله عز وجل ؛ يعاقب ، يهدد ، يخوفك بمنام ، يلوح لك شبح مصيبة ، أحياناً يسعدك ، ينزل على قلبك السكينة ، يطورك من حال إلى حال ، من سرور إلى قلق ، إلى خوف، إلى رجاء ، إلى عقاب ، معنى هذا أن الله مولاك :

﴿ وَأَنَّ الْكَافِرِينَ لَا مَوْلَى لَهُمْ﴾

[سورة محمد:11]

 أي كأبناء الأزقة : لا أحد يربيه ، إلى أن يلقى مصيره .

 

من علامة صدق الإنسان استيعابه لما يقال :

 آخر نقطة : الإنسان عندما يحضر مجلس علم ، وفيه أفكار دقيقة جداً ، ومترابطة، عندما يقول لك : والله ما تذكرت شيئاً ، والله هذه مشكلة ، دليل انصرافه عن هذا المجلس نفسياً دليل عدم تركيزه ، دليل عدم اهتمامه .
 أنت تستمع إلى تفسير آية ، تحل مشكلتك نهائياً ، يكون عندك مشكلة ، تجد هذه الآية حلت مشكلة ، وأحياناً : تجده ليس مهتماً ، ماذا تكلم ؟ والله لا أعرف ، لكن كنا مسرورين بالدرس ، ماذا تكلم ؟ والله لا أتذكر شيئاً ، هذه النقطة خطيرة جداً ، أي من علامة صدق الإنسان استيعابه لما يقال . قال :

﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذَا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قَالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ مَاذَا قَالَ آنِفاً أُولَئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾

[سورة محمد:16]

 الإنسان حضر الدرس ، وتكبد مشقة ، لا أقل من أن يستوعب ما قيل ، والأكمل يراجع ما قيل .
 إذا شخص ذهب إلى البيت ، أربع صفحات ، و هناك عدة نقاط شرحت ، فعليه أن يحاول أن يقرأهم مرة ثانية ليتذكر ما قيل ، و تترسخ المعلومات في ذهنه .
 مشكلة عند أخواننا طلاب العلم ، يسمع كثيراً ، لكن هذا الذي سمعه لا يملكه ، الدليل : عندما يريد أن يتحدث عنه لا يعرف ، لم يتذكره ، أما إذا الإنسان استوعب ، انتبه جيداً ، وأخذ نقاطاً ، وراجع الأمر ، ملك الحقائق ، إذا ملكها أفادته .
 أنت يجب أن تنتقل من التلقي إلى الإلقاء ، من التعلم إلى التعليم ، لأن النبي قال :

((خيرُكمْ من تعلّمَ القُرآنَ وعَلَّمَهُ))

[البخاري وأبو داود والترمذي عن عثمان بن عفان]

 لا يجب أن تبقى طوال عمرك تتعلم ، يكون هناك طور ، تنتقل إلى التعليم ، التعليم يحتاج إلى تركيز ، إلى مراجعة ، إلى مذاكرة ، فالإنسان يكفي أن يعود إلى البيت ، ويراجع في البيت ، ويكتب بعض المعاني ، لتثبت عنده ، إذا الآية لزمته حفظها ، وحفظ معناها .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور