وضع داكن
20-04-2024
Logo
قراءات قرآنية - الدرس : 36 - من سورة النساء والأحزاب - المحرمات من النساء.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين .

الفرق الكبير بين الزواج الشرعي و زواج المتعة :

 في سورة النساء الآية الثالثة والعشرون ، وهي قوله تعالى :

﴿ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالَاتُكُمْ وَبَنَاتُ الْأَخِ وَبَنَاتُ الْأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللَّاتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ مِنَ الرَّضَاعَةِ وَأُمَّهَاتُ نِسَائِكُمْ وَرَبَائِبُكُمُ اللَّاتِي فِي حُجُورِكُمْ مِنْ نِسَائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَإِنْ لَمْ تَكُونُوا دَخَلْتُمْ بِهِنَّ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ وَحَلَائِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلَابِكُمْ وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ إِلَّا مَا قَدْ سَلَفَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُوراً رَحِيماً﴾

[سورة النساء:23]

 وحُرم عليكم أيضاً

﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ﴾

 - امرأة متزوجة-

﴿إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ﴾

 -هذه المحرمات- :

﴿ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ﴾

[سورة النساء:24]

 أي الأم ، والبنت ، والأخت ، والعمة ، والخالة ، وبنت الأخ ، وبنت الأخت ، ومن كان مثلهن من الرضاعة ، والربيبة بنت الزوجة :

﴿وَأَنْ تَجْمَعُوا بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ﴾

[سورة النساء:23]

﴿وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ النِّسَاءِ إِلَّا مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَأُحِلَّ لَكُمْ مَا وَرَاءَ ذَلِكُمْ أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ﴾

 تتزوج امرأة بالمهر

﴿ مُحْصِنِينَ غَيْرَ مُسَافِحِينَ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ ﴾

 هذه الآية التي يُعتمد عليها في موضوع زواج المتعة :

﴿ فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ﴾

 سياق الآيات يبين أن هذا هو الزواج ، لكن كلمة أجورهن تثير التساؤل :

﴿ فَرِيضَةً وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا تَرَاضَيْتُمْ بِهِ مِنْ بَعْدِ الْفَرِيضَةِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ مِنْكُمْ طَوْلًا أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ فَمِنْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ مِنْ فَتَيَاتِكُمُ الْمُؤْمِنَاتِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِكُمْ ﴾

[سورة النساء:24-25]

 ماذا تعني كلمة الأجور بالدليل القطعي؟ المهر ، الدليل القطعي سورة الأحزاب :

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾

[سورة الأحزاب:50]

 أي هذه الآية الوحيدة التي يُعتمد عليها في تحليل زواج المتعة ، من كلمة أجورهن ، الأجر في الآية :

﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ اللَّاتِي آتَيْتَ أُجُورَهُنَّ﴾

[سورة الأحزاب:50]

 لذلك هناك فرق كبير بين الزواج الشرعي ، وبين زواج المتعة ، وحينما تُجر الآية جراً إلى هذا الحكم ، هناك آيات تنثني عليها ، فتبين مدلولها .
 من صفات القرآن الكريم أنه مثاني ؛ أي أن كل آية تنثني على أختها ، لتبين مدلولها .
 طبعاً هناك أربعة أدلة في القرآن ، أربع آيات تبين أن الأجر هو المهر حصراً ، لا يوجد عندنا زواج مؤقت ، تُعطى فيه المرأة أجراً ؛ لا إيجاب ، ولا قبول ، ولا موافقة الولي ، ولا نفقة .

 

المؤمن يستحيل أن يتردد في قضية قطع بها القرآن :

 الآية الأولى اليوم :

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾

[سورة الأحزاب:36]

 أي أنت تعرف إيمانك من هذه الآية ، عندك قضايا غير قابلة للنقاش إطلاقاً ، الإنسان عقله يزول بأشياء كثيرة ، لكن هل عندك إمكانية أن تناقش أمراً إلهياً وتقول : لست مقتنعاً به ، أو أنا مقتنع به ، هذا الأمر ليس لهذا الزمان ، أو لهذا الزمان ، يا أخي هذا الأمر فوق طاقتنا ، هذا غير معقول ، غير واقعي ، إذا كان عندك هذه الإمكانية أن تأتي بأمر إلهي قطعي الدلالة ، أن تضعه على بساط البحث ، وأن تفنده ، وأن تبدي رأياً إيجابياً أو سلبياً فيه ، إذاً بينك وبين الإيمان مراحل فسيحة :

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ﴾

[سورة الأحزاب:36]

 هذه الصيغة أشدّ أنواع النفي على الإطلاق ، الكون المنفي ، لأن الكون المنفي ينفي الشأن ، ولا ينفي الحدث .
 أي يستحيل في حق المؤمن أن يتردد في قضية قطع بها القرآن ، والحقيقة أعلى درجات العبادة عندما يكون عندك يقين أن الله سبحانه وتعالى هو خالق السموات والأرض ، وخالق البشر ، وأن أية مخالفة لأمره تحجبك عنه ، صار الأمر الإلهي مقدساً جداً .
 أنا لست مضطراً أن أقول لك ما الحكمة من تحريم لحم الخنزير ، حتى لا تأكله ، عندما نبحث عن الحكمة هناك ألف دليل ؛ لكن بالأصل الله جلّ جلاله حينما حرمه انتهى الأمر ، الخالق حرمه ، ألست واثقاً من عظمة الله عز وجل ؟ ومن خبرته القديمة ؟ ومن علمه ؟ ومن رحمته ؟ ومن عدالته ؟ ومن حرصه ؟

 

الإنسان مخير في المباحات :

 لذلك أخواننا الكرام : أنت مخير ، لكنك مخير بالمباحات ، لكن لست مخيراً بالأوامر والنواهي ، إذا كنت مؤمناً ، التغى هنا اختيارك :

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾

[سورة الأحزاب:36]

 أي قضى ، حكم . قال :

﴿يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبَا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ﴾

[سورة البقرة:276]

 نحن يوجد عندنا ربا استهلاكي ، وربا استثماري ، وهذا القرض لإنشاء مشروع ، وهو راض ، والمال لا يتجمد ، عندما ندخل عقولنا في تفنيد الأمر الإلهي ، معنى ذلك أننا نحن عندنا قاعدة ؛ أنت عندك أمر ، الأمر في شيئين ؛ مضمونه ، والآمر ، كلما كان مضمونه واضحاً جداً ، ولمصلحتك ، تنطلق لتطبيقه بدافع مصلحتك ، هنا تقل نسبة العبودية لله ، وكلما كان الأمر غير واضح ، فقط لأن الآمر عظيم ، وأنت اندفعت إلى تطبيقه ، هنا تقل نسبة المصلحة الشخصية ، وترتفع نسبة العبودية لله عز وجل ، والله عز وجل شاءت حكمته أن تكون هناك أوامر واضحة وضوح الشمس ، فاندفاعنا إليها لدافع مصالحنا . الله قال :

﴿وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ﴾

[سورة النور:32]

 هناك أمر بالزواج ، كل إنسان ليس له زوجة ، أو كل فتاة ليس لها زوج ، هناك أمر إلهي أن نزوجها ، أو أن نزوجه ، لكن هذا الأمر واضح جداً ؛ لأن الأسرة قوام المجتمع ، والأسرة حالة صحية في المجتمع ، والزنا حالة مرضية ، فإذا الإنسان انطلق لتطبيق هذا الأمر ، ترتفع هنا مصلحته الشخصية ، وتنخفض عبوديته لله عز وجل ، والدليل : الناس كلهم ؛ مؤمنهم وكافرهم ينطلق إلى الزواج ، أما حينما يأتيك أمر فعليك أن تنطلق لتنفيذه .
 أي أنت ترى أن هذا المال يجب ألا يتجمد ، لكن من هو الآمر ؟ هو الله ، فكلما انخفضت معقولية الأمر ، ارتفعت العبودية لله عز وجل ، وكلما ارتفعت مصلحة المنفذ للأمر ، انخفضت العبودية لله عز وجل .
 الآن : أحياناً الدول عندما يتحاورون ، يعملون مؤتمرات ، يقول لك : هذه القضايا غير قابلة للبحث ، انتهى ، والمؤمن عنده مجموعة قضايا هي : الأوامر والنواهي ، هذه الأوامر والنواهي ليست قابلة للبحث إطلاقاً ، تختار المباحات ؛ سفر أو عدم سفر ، زواج أو عدم زواج، الزواج من فلانة أو من فلانة ، الإقامة أو السفر ، شراء هذا البيت أو هذا البيت ، هذه خياراتك أنت ، أما الغيبة فحرام ، هذه حرام ؛ الصلاة فرض ، الصيام فرض ، فراقب نفسك ، ممكن أن تدخل في قضية قضى فيها الشرع ، تدخلها إلى حيز المناقشة ، حيز التردد ، حيز الترجيح ، إن دخلتها إلى الترجيح ، والمناقشة ، والتردد ، معنى ذلك لا يوجد إيمان ، لأنه :

﴿وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْراً أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ﴾

[سورة الأحزاب:36]

 وأنت مخير ، لاشك أنك مخير ، لكنك إذا عرفت الله ، فقدت اختيارك ، صار اختيارك أمره ، كنت مخيراً قبل أن تعرفه ، بعد أن عرفت عظمته ، وعرفت أمره ونهيه ، ورأيت ما عنده من إكرام ، وما عنده من عقاب ، خيارك انتهى ، أصبح خيارك شرعه ، أصبح خيارك أمره ونهيه ، لكن يبقى الاختيار بالمباحات ؛ يوجد عندنا فرض ، وعندنا حرام ، وعندنا مندوب ، وعندنا مكروه ، وعندنا مباح ، المباح لك أن تفعله ولا شيء عليك ، ولك أن تمتنع عن فعله ولا شيء عليك ، هذا معنى المباح ، شيء إن فعلته لست آثماً ، وإن تركته لست آثماً ، صار مباحاً.
 فأنت كإنسان مخير في المباحات ، أما في الأوامر والنواهي فلست مخيراً إذا كنت مؤمناً ، أما الآن أنت اجلس مع إنسان غير مؤمن ، كل قضية فيها حكم شرعي ، فيها أمر غاب عن البحث ؛ اقتنعنا ، ولم نقتنع ، ورأيي ، وموقفي ، قال : يقولون هذا عندنا غير جائز ، قال لهم الشاعر : فمن أنتم حتى يكون لكم عندُ !؟ المؤمن الصادق ما عنده عندنا ، يريد ما عند الله ، أما غير المؤمن فصار له رأي شخصي ، صار له عيد ، أما المؤمن فليس له رأي شخصي يدلي به في موضوع أدلى به الشرع .
 مرة عملوا ندوة عن تعدد الزوجات ، فسألوا بالهاتف امرأة مثقفة : ما رأيك في التعدد؟ أما أنا سمعت إجابة أعجبتني ، قالت : ليس لي رأي بالموضوع ، وقد أدلى الشرع برأيه.
 أنا ليس لي رأي ، ما دام الله أباحه ، أنا ليس لي رأي ، هذا كلام فيه علم ، على أن الجواب مختصر ، لكنه عميق ، أنا أدلي برأيي في موضوع سمح الله به !؟ مع أنها أنثى، فلذلك : هذا الموقف الكامل ، كلما ازداد إيمانك بالله عز وجل يتقلص اختيارك في الأمر والنهي.

 

الحكمة من زواج النبي الكريم من زوجة متبناه :

 هناك نقطة ثانية أن النبي الكريم يمشي في الطريق ، هناك باب مفتوح ، نظر إلى امرأة تغتسل ، شعرها طويل ، وقعت في نفسه ، قال : سبحان الله ! فالله سبحانه وتعالى أمر زوجها أن يطلقها ليزوجها للنبي عليه الصلاة والسلام .
 هذه القصة أيها الأخوة والله لا أصل لها ، باطلة بطلاناً واضحاً كالشمس ، مقام النبوة فوق هذا المقام ، بألوف ملايين المرات ، هذه نبوة ، إلا أنه جرت العادة في الجاهلية على أن يتبنى الإنسان ابناً . وكان سيدنا زيد - اسمه زيد بن محمد - وله زوجة اسمها زينب بنت عم النبي ، فالله جل جلاله أمر النبي - وفي هذا الأمر حرج شديد- أن يتزوج زوجة متبناه لينسف الله سبحانه وتعالى هذه العادة الجاهلية .
 الآن يقول لك : سنتبنى هذا الولد ، أو هذه البنت ، هذه الفتاة أجنبية ، هذه تُشتهى من قبل من تبناها ، تشتهى من أولاد من تبناها ، تقع مشكلات ، اختلاط أنساب ، تقع فتن ، فهذه عادة سيئة جداً ، العوام يقولون : مثل أخي إن شاء الله ، لا ليس مثل أخيك ، أخوك غير هذا ؛ مثل أخي لا يوجد ، مثل أمي لا يوجد ، مثل أختي لا يوجد ، هذا كله كلام فيه دجل ، وفيه كذب ، الزوجة زوجة ، والأم أم ، والبنت بنت ، والقضية علمية أن الإنسان لا يشتهي محارمه بفطرته ، ولا يتصور الإنسان لو نظر لأخته .
 الآن بأوروبا صار هناك أناس غير أسوياء ، صار زنا المحارم ، والآن منتشر انتشاراً كبيراً جداً ، ومن خمس سنوات كان بالمئة ثلاثون ، إذا أخذنا مئة حالة زنا بأمريكا ، ثلاثون حالة زنا محارم ، والأمر يتوسع ، هؤلاء الآن أصبحوا كالوحوش بكل شيء ، والله وحوش أما نحن فنتحدث عن الإنسان السوي ، الإنسان العادي ، لا يمكن أن يخطر في باله إذا نظر إلى أخته النظرة الأخرى التي تخطر في بال إنسان نظر إلى امرأة أجنبية ، هذا الإنسان السوي ، فأما إذا كان هناك متبناة بالبيت ، أو متبنى ، وله أخت ، بنت من تبنى هذه تشتهى ؛ بيت واحد، غرفة واحدة أحياناً ، مرافق واحدة ، يقع فساد كبير ، فالله سبحانه وتعالى هذه عادة في الجاهلية راسخة ، وقوية جداً ، ومبعث فساد كبير ، فلكي تستأصل هذه العادة الجاهلية أمر النبي -عليه الصلاة والسلام- أن يتزوج امرأة متبناه ، فالله عز وجل قال له :

﴿وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِي أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللَّهَ وَتُخْفِي فِي نَفْسِكَ مَا اللَّهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشَاهُ ﴾

[سورة الأحزاب:37]

 قضية فيها حرج كبير أمام البيئة والمجتمع ، ومع ذلك قال له :

﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ﴾

[سورة الأحزاب:37]

 انظر التعليل ما أوضحه ! :

﴿ لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ﴾

[سورة الأحزاب:37]

 أي ليست قضية نظر إليها فأحبها ، التعليل ينفي هذه القصة ، وأكثر التفاسير تقول: هذه القصة لا أصل لها . هذه القصة كذب على النبي عليه الصلاة والسلام . وكلكم يعلم أن الشعوبيين أعداء الدين في العصور السالفة وصلوا إلى إرواء غيظهم بالدس ، فكلما وجدوا كتاباً دسوا فيه ، الآن الكتاب مطبوع أما كله سابقاً فمخطوط ، كتاب مخطوط ، يضاف له قصة بفراغ من الصفحة .
 إنسان استأجر بيتاً ، وكتب وصلاً فوق ، ووقع تحت ، و لم يعد يدفع ، المستأجر أقام دعوى عليه ، فأثبت أنه يدفع كل الأجرة ، وهناك توقيع تحت السطر الثاني ، القسط الثاني، القسط الثالث ، الرابع ، الخامس ، أنا دافع ، وهذا توقيعه ، التوقيع صحيح ، أما إذا كان الإنسان عنده إلمام بالقضاء فيضع خطاً مائلاً ، أو يجعل التوقيع تحت الرقم تماماً ، حتى لا يضاف شيء .
 لو فرضنا بكتاب مخطوط هناك نصف صفحة فارغة ، يوضع قصة فيها ، وإذا كان الناقل جاهلاً أصبحت القصة هذه داخلة بالتفاسير ، يأتي الناس في آخر الزمان ، لا يدققون ، أخي هذه واردة بالكتب ، والكتب فيها أشياء غير مقبولة ، وغير معقولة أساساً .
 أنا مرة قلت لكم ببعض التفاسير - طبعاً هذه مدسوسة- أن امرأة حسناء صلت مع الصحابة ، بعضهم صلى أمامها ، وبعضهم صلى خلفها ، ليرى محاسنها أثناء ركوعها وسجودها . هؤلاء صحابة هؤلاء !؟ :

﴿وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَقْدِمِينَ مِنْكُمْ وَلَقَدْ عَلِمْنَا الْمُسْتَأْخِرِينَ﴾

[سورة الحجر:24]

 هذه أسباب نزول الآية ، هذه غير معقولة ، هذا الشيء مستحيل ، أساساً لو أن امرأة كانت تقف بمحاذاة الرجال كانت صلاتهم باطلة ؛ لو كانت أختك ، لو كانت زوجتك ، محاذاة المرأة في صف الصلاة تبطل صلاة الرجال ، هذا شيء بديهي بالشرع ، فكيف تدخل امرأة حسناء وضيئة إلى صفوف الصحابة تصلي بالوسط !؟ أين بقي الحكم الشرعي !؟
 فهناك أشياء غير مقبولة .
 إذاً :

﴿فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِنْهَا وَطَراً زَوَّجْنَاكَهَا لِكَيْ لَا يَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِي أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَراً وَكَانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولاً﴾

[سورة الأحزاب:37]

﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا ﴾

[سورة الأحزاب:58]

 الإنسان يعد للمليون قبل أن يؤذي مؤمناً بريئاً .
 أحياناً هناك شخص رئيس دائرة ، رئيس مخفر ، مدير مستشفى ، قبل أن تؤذي مؤمناً بريئاً ، تحط عليه ، الله كبير ، المؤمن غال على الله إذا كان بريئاً :

﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَاناً وَإِثْماً مُبِيناً﴾

[سورة الأحزاب:58]

الأمر الإلهي للمؤمن بكثرة ذكر الله :

 الآية الأخيرة :

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْراً كَثِيراً﴾

[سورة الأحزاب:41]

 الأمر لا على الذكر ، بل على الذكر الكثير ، لأنه برئ من النفاق من أكثر من ذكر الله . والمنافق يذكر الله ؛ لكن :

﴿وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلاً﴾

[سورة النساء:142]

 المنافق إذا قام إلى الصلاة قام كسولاً :

﴿ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلَاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاءُونَ النَّاسَ وَلَا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلَّا قَلِيلًا﴾

[سورة النساء:142]

﴿وَلَا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ﴾

[سورة التوبة:54]

 فلذلك الأمر الإلهي للمؤمن بكثرة ذكر الله . برئ من النفاق من أكثر من ذكر الله ، وبرئ من الشح من أدى زكاة ماله ، وبرئ من الكبر من حمل حاجته بيده .

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور