وضع داكن
19-04-2024
Logo
أدعية مأثورة - الدرس : 15 - أدعية المعاناة وهموم الدنيا، اللهم آتِ نفسي ……
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

 الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين.

الدنيا مبنية على الابتلاء و المصائب نعم باطنة :

 أيها الأخوة الكرام: لا زلنا مع الدعاء ومع الدعاء والمعاناة، فهذه الدنيا مبنية على الابتلاء، وكأن المصائب فيما تشير إليه بعض الآيات نعم باطنة، ففي قوله تعالى:

﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً ﴾

[سورة لقمان]

 النعم الظاهرة معروفة بديهة أما الباطنة فهي المصائب، لأنها تلجئنا لباب الله وتحملنا على التوبة وتسوقنا إلى الجنة، وعجب ربك من قوم يساقون إلى الجنة بالسلاسل، فمن هذه الأدعية:

((اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا ))

[صحيح مسلم عَنْ زَيْدِ بْنِ أَرْقَمَ]

 وأنت في الفاتحة التي تقرأها في اليوم بضع عشرات من المرات تقول:

﴿إياك نعبد وإياك نستعين﴾

 أي نستعين على عبادتك بك، وقد ورد: ألا أنبئكم بمعنى لا حول ولا قوة إلا بالله؟ أي لا حول عن معصيته إلا به، ولا قوة على طاعته إلا به، وسيدنا يوسف عليه وعلى نبيه وعلى أفضل الصلاة والسلام يقول:

﴿ وَإِلَّا تَصْرِفْ عَنِّي كَيْدَهُنَّ أَصْبُ إِلَيْهِنَّ وَأَكُنْ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾

[سورة يوسف]

 فمن خلال هذه الآيات وتلك الأحاديث يتضح أنه حتى استقامتك تحتاج إلى معونة من الله.

 

الفرق بين تزكية الله وتزكية الذكاء والمصالح :

 "اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا...." أعني على أن أكون متقياً لك. "وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا...." النفس أحياناً تزكو في ظاهرها، وتزكو من قبل موقف ذكي، أما إذا زكاها الله عز وجل فهي الزكاة الأصيلة التي لا تتأثر بالحوادث، وهناك جهات كثيرة تبدو ذكية فيما يظهر للناس، أما حينما تستفز فتغدو متوحشة، والفرق بين تزكية الله وتزكية الذكاء والمصالح والرغبة في انتزاع إعجاب الناس فرق كبير، تزكية الله عز وجل أصيلة وثابتة ولا تتأثر بالحوادث، بينما تزكية المصالح وتزكية الذكاء هذه تتأثر بالمصالح، فلمجرد أن يستفز الإنسان أو يهدد في مصالحه ينقلب لوحش كاسر كما ترون وتسمعون كل يوم. "اللَّهُمَّ آتِ نَفْسِي تَقْوَاهَا وَزَكِّهَا أَنْتَ خَيْرُ مَنْ زَكَّاهَا...." أنت يا رب خير من يزكي هذه النفس. " أَنْتَ وَلِيُّهَا وَمَوْلَاهَا...." نستعين على طاعتك بك، ونسألك التزكية من عندك، التزكية التي لا تتأثر ولا تتبدل ولا تتطور ولا تتغير.

أيّ علم لا يسهم في تقريبك من الله عز وجل فهو علم لا ينفع :

 يوجد نقطة دقيقة جداً أوضح مثل لها أن غرفة فيها كتب من الأرض إلى السقف على جدرانها الأربعة، وعندنا امتحان بعد أيام في مادة في صف التخرج، ويعلق على هذا النجاح آمال كبيرة منها تسلم وظيفة ذات دخل كبير، وزواج، في هذين اليومين هل لك أن تقرأ من هذه المكتبة غير الكتاب المقرر؟ من الحمق والغباء أن تقرأ قصة أو مسرحية، لا بد أن تصطفي، فما كل علم نافع، هناك علوم ممتعة لكنها ليست نافعة.
 اعمل بقصيدة الإلياذة و الأوديسا لهوميروس، قصيدة مؤلفة من ستة عشر ألف بيت، حللها، وادرسها، ولاحظ منطلقات الشاعر، وعقيدة الشاعر، وشرك الشاعر، وتأليهه الأصنام، ماذا تستفيد؟ مليون علم لا ينفع، لابد من أن تصطفي، الوقت محدود، والوقت ثمين، والحياة قصيرة، هناك ملايين الموضوعات لا تنتفع بها إطلاقاً في الآخرة، لابد من أن تصطفي.
 لاحظ معظم الناس يمضون باليوم أربع أو خمس ساعات بسماع الأخبار والتحليلات، قضايا متعلقة بشرق آسيا، بجنوب أفريقيا، بشمال أمريكا اللاتينية، يتابع الأمر، وماذا بعد؟... مهما كونت رأياً من يسمعك؟ ومن يصدقك؟ اعمل بشيء تنتفع به بآخرتك، علم لا ينفع، تجد أشخاصاً عندهم تفوق باستيعاب الظروف عجيب! أما العمل فصفر، تعلّم علماً ينفعك، آلاف الأسئلة بالدين هل صحيح أن طول سيدنا آدم ستون متراً؟ لنفرض ستين متراً أو ستين سنتيمتراً ماذا يبنى على ذلك؟ لا شيء!
 زارني مرة طبيب والله أُجلّه قال: أؤلف كتاباً عن مرض وفاة النبي، قلت له: لا فائدة من كتابك أبداً، نبينا توفي، أما أنت فألّف كتاباً عن وصاياه الصحية لننتفع بها، خذ هذه القاعدة: أي علم لا يبنى عليه حكم شرعي لا قيمة له، يجب أن يبنى عليه حكم فلذلك: "اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع".
 لاحظ اهتماماتك قد تكون لا قيمة لها إطلاقاً في ميزان الشرع، قد تكون اهتماماتك العلمية لا وزن لها إطلاقاً في ميزان الربح والخسارة، قد تكون اهتماماتك العلمية لا تقدم ولا تؤخر، فاستعذ بالله من علم لا ينفع.
 أحياناً تقرأ مجلة، قصة، مسرحية، مقابلة، تحليلاً، فيها ثلاثون أو أربعون مقالة، مقالة واحدة تنتفع بها في آخرتك في موضوع علمي أو فقهي! ما سوى هذه الموضوعات تجد موضوعات متعلقة بالشعراء، وبقضايا الفن، و المسرح، والقصة، ومعارض الرسم، هذه الموضوعات ماذا تنتفع بها؟" اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع" ما دام الوقت محدوداً والمهمة كبيرة والموت على الأبواب، والآخرة إلى الأبد، فأي علم لا يسهم في تقريبك من الله فهو علم لا ينفع، وأي علم يسهم في تقريبك إلى الله هو علم ينفع.

الإسلام من دون حب وبكاء وحال مع الله وخشوع إسلام لا يساوي إلا ثقافة :

 " اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ، وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ......" قلب قاس، يقرأ القرآن فلا يتأثر، يذكر الله ويصلي فلا يتأثر، هذا الجانب الروحي، جانب الحب، وجانب الحال مع الله، وجانب الخشوع والبكاء، أين نسيه الناس؟ تجد إسلاماً مادياً، أدلة ونصوص وكتب، لكن لا يوجد حال ولا تأثر ولا دمعة تنهمر، من عين خاشعة، لا يوجد قلب يتحرك بمحبة الله، ولا جلد يقشعر من خشية الله، الجانب العاطفي جانب الحب وجانب الحال مع الله مفقود كلياً، صار الدين ثقافة، وأدلة، وانتقادات، لكن لا يوجد روحانية، ما كان هكذا أصحاب النبي، كان أصحابه يحبون الله.

(( والله يا رسول أصبحت أحبك أكثر من أهلي، وولدي، والناس، أجمعين، إلا نفسي التي بين جنبي، قال: يا عمر، لمَّا يكمل إيمانك، إلى أن جاءه مرةً ثانية فقال: والله يا رسول الله لأنت أحب إلي من أهلي وولدي ومالي، والناس أجمعين، حتى نفسي التي بين جنبي، قال: الآن يا عمر ))

[ البخاري عن عبد الله بن هشام ]

 الإسلام نصفه حب، أي إنسان يلغي الحب يلغي نصف الدين، ويجعله جثة هامدة! الإنسان إذا مات يطاق في البيت؟ لا، يقولون: إكرام الميت ترحيله، أب هو الذي عمّر البيت، هو فرشه، كل هذه النعم بسببه، لا يتركوه ساعة زيادة، يستعجلون به، لأنه بقي جثة، الجثة مخيفة، أولاده الذين كانوا ينطلقون لحضنه يخافون من الدخول لغرفته، أبوكم! يخافون، الإسلام من دون حب، وبكاء، وحال مع الله، وخشوع، ومن دون أن يقشعر جلدك، ويجل قلبك، هذا إسلام لا يساوي إلا ثقافة، الإسلام غير الثقافة، الثقافة معلومات، "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ..." الخشوع صفر.

 

الفرق بين الإسلام الثقافي الفكري وبين أي علم آخر :

 ما الفرق بين الإسلام الثقافي الفكري فقط وبين أي علم آخر؟ فلان مختص بالقانون الدولي، وفلان مختص بالشريعة الإسلامية، اختصاص! فلان مختص بعلم الأحياء، وفلان مختص بعلم المواريث، علم معلومات دقيقة محفوظة، عليها أدلة، وقضايا خلافية، تعرف وجهة نظر كل فريق، وأدلته، وكيف ردّ على خصومه، هل تعتقد أن الدين معلومات فقط؟ لا، نريد قلباً يخشع، وعيناً تدمع، وأذناً تسمع، وجلداً يقشعر، وقلباً يجل، وحباً في القلب.

﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ ﴾

[سورة المائدة]

 الذي يحب الله لا يمكن أن يرتد عن دينه، أساس علاقته الحب، لاحظ نفسك لك مناجاة مع الله، ولك ابتهال له، أحياناً تعتذر، تستغفر، تطلب السماح من الله، تستعين به، دائماً تفتقر إليه في حركتك، وعلمك، وحرفتك، ومهنتك، وعلاقاتك، وزواجك، هل تستعين به؟ هذا هو الدين، فإلغاء الجانب الانفعالي، إلغاء جانب الحب والإخلاص والتزكية هدر لنصف الدين، لا يوجد في ذهنه غير الأدلة، وإلى متى؟ أدلة والحديث ضعيف لا بل صحيح، لمتى؟ تحركوا، رجل عمل بعلم الحديث له شيخ صالح جداً قال: يا بني كفاك في علم المصطلح اقرأ الحديث واعمل به، نجد بلاغ منع تجول، فرضاً بلد لا يوجد فيه إذاعة فعلقوا بلاغ منع تجول تحت طائلة إطلاق الرصاص، ما هذا الورق؟ هذا لا يوجد منه! إنه مستورد! انتبه للورق والحرف، هذا حرف رائع جداً، انتبه للتوقيع، لكن لم ينتبه لمضمون البلاغ، جاءت رصاصة أردته قتيلاً، يجب أن تهتم بمضمون البلاغ قبل كل شيء، هناك اهتمام بشكل البلاغ.

﴿ هَذَا بَلَاغٌ لِلنَّاسِ ﴾

[سورة إبراهيم الآية: 52]

 القرآن بلاغ! ينبغي أن تهتم بادئ ذي بدء بمضمونه لا بشكله، فصار الاتجاه في الإسلام إلى الشكل فقط، لا يوجد في عقله إلا هذا سنة وهذا بدعة، هذا نص صحيح وهذا غير صحيح فقط، لابد من أن تتأكد من صحة الأحاديث أنا لست ضدها، لابد من أن تتأكد من صحة النصوص لأن الدين نقل، وأخطر ما في النقل صحته، لكن لا أن تكتفي بذلك، ينبغي أن تنتقل لمرحلة ثانية وهي العمل بهذه الأحاديث.
 هذا الدين فيه كلية فكرية، وكلية علمية، وسلوكية، وجمالية، لماذا نغفل الكلية السلوكية الجمالية هي أجمل ما في الدين؟
 هؤلاء الصحابة الذين ضحوا بحياتهم، جاهدوا مع رسول الله، بلغوا درجة من الحب تفوق حدّ الخيال، لو أنهم اعتنوا بالنصوص فقط، والبدع فقط، ما بلغوا ما بلغوا إليه، اعتنوا بقلوبهم، وبأحوالهم مع الله، وبإخلاصهم، وتزكية نفوسهم، وبالعلاقات الطيبة فيما بينهم.... أما أن ينقلب الإسلام إلى ثقافة فقط، لاشيء معه إطلاقاً، فهذا الذي أحذر أخوتنا الكرام من أن يقعوا به.

 

التحريش بين المؤمنين ورقة رابحة بيد الشيطان :

 "مِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ...."الشيطان أساساً يطمح أن يكفر الإنسان، فإذا رآه على إيمان يوسوس له بالشرك، فإذا رآه على توحيد يوسوس له بالبدع، فإذا رآه على سنة يوسوس له بالكبائر، فإذا رآه على طاعة يوسوس له بالصغائر، فإذا رآه على ورع يوسوس له بالمباحات، تجده كل حياته يعتني ببيته، ومركبته، وأثاث بيته، فإذا رآه على إيمان بالآخرة بقي مع الشيطان ورقة رابحة واحدة هي التحريش بين المؤمنين، يصبح بأسهم بينهم، يتمزقون، الأعداء يخططون لإبادة المسلمين واستئصالهم من آخرهم ونحن بأسنا بيننا، كل عمرنا بخلافات، طول الجلابية كم؟ لمتى؟ بأسنا بيننا، ونحن جميعاً مستهدفون، والله الغرب لا يفرق بين متشدد وبين متصوف، ولا بين سني ولا شيعي، الغرب يستهدف كل المسلمين بكل اتجاهاتهم، ومللهم، وانتماءاتهم، وأحزابهم، وطوائفهم، آن لنا أن نصحو.

الذين يعتدون على الناس لا يستجيب الله دعاءهم لأنه لا يحبهم :

 لذلك: "من قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ، وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ، وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا" الله عز وجل متى لا يستجيب؟ إذا كان الدخل حراماً.

((أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ اللَّهَ طَيِّبٌ لَا يَقْبَلُ إِلَّا طَيِّبًا وَإِنَّ اللَّهَ أَمَرَ الْمُؤْمِنِينَ بِمَا أَمَرَ بِهِ الْمُرْسَلِينَ فَقَالَ..... يَا رَبِّ يَا رَبِّ وَمَطْعَمُهُ حَرَامٌ وَمَشْرَبُهُ حَرَامٌ وَمَلْبَسُهُ حَرَامٌ وَغُذِيَ بِالْحَرَامِ فَأَنَّى يُسْتَجَابُ لِذَلِكَ ))

[صحيح مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ]

﴿ ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعاً وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ ﴾

[سورة الأعراف]

 المعتدون لن أستجيب لهم، تعتدي على أخيك وسمعته وماله وتخيفه وتدمره وتقول: يا رب بأفصح دعاء! هذه المشكلة.
 يقول أخ: أنا لست بحافظ لأدعية، أدعو الله باللغة العامية، قل له: يا رب ليس لي غيرك، الله يريد القلب الطاهر، المنير، المخلص، وليس فصاحة لسانك، لا تتفاصح على الله، دعاء مركز تماماً، لكن القلب غافل.
 فلذلك أيها الأخوة:" اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ عِلْمٍ لَا يَنْفَعُ وَمِنْ قَلْبٍ لَا يَخْشَعُ وَمِنْ نَفْسٍ لَا تَشْبَعُ وَمِنْ دَعْوَةٍ لَا يُسْتَجَابُ لَهَا". لهذا الحديث عدة روايات "من عين لا تدمع وأذن لا تسمع" لا يصغي لأهوائه وشهواته، هذا دعاء مهم جداً.

 

الإسلام حياة وسعادة وأحوال مع الله عز وجل :

 آخر دعاء:

((كَانَ مِنْ دُعَاءِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهم عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ ))

[صحيح مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ]

 فجأة فقد عمله! "وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ" فجأة فقد صحته! الإنسان أحياناً بثانية لم يبق به حركة، التوى فمه وفقد النطق وانشل نصفه بثانية من دون مقدمات، هذه الخثرة بالدماغ، "وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ". إذا وجد الإنسان أن الله يتابع نعمه عليه وهو يعصيه فليحذره، ليس كل يوم تستيقظ كالبارحة، فإذا لم يكن مستعداً للقاء الله عز وجل هناك مشكلة في حياته."اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ".
 أيها الأخوة: الإسلام متوازن، وسلوك، وعلم، وجمال، وسعادة، وأحوال مع الله، الأحوال يحكمها العلم، يوجد أحوال شيطانية، لكن لابد أن تكون لك حالة مع الله، لابد من أن تكون سعيداً بالله، وهناك صلة بينك وبين الله، وقلب يجل في محبة الله، ومن جلد يقشعر من خشية الله، ولابد من مناجاة لله، أما تأخذ الجانب المادي فقط في الدين؟ الجانب النصي فقط؟ جانب الأدلة في الدين؟ جانب السنة في الدين؟ وتدع الجوانب الأخرى؟

((قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا إِذَا رَأَيْنَاكَ رَقَّتْ قُلُوبُنَا وَكُنَّا مِنْ أَهْلِ الْآخِرَةِ وَإِذَا فَارَقْنَاكَ أَعْجَبَتْنَا الدُّنْيَا وَشَمَمْنَا النِّسَاءَ وَالْأَوْلَادَ قَالَ لَوْ تَكُونُونَ أَوْ قَالَ لَوْ أَنَّكُمْ تَكُونُونَ عَلَى كُلِّ حَالٍ عَلَى الْحَالِ الَّتِي أَنْتُمْ عَلَيْهَا عِنْدِي لَصَافَحَتْكُمُ الْمَلَائِكَةُ بِأَكُفِّهِمْ وَلَزَارَتْكُمْ فِي بُيُوتِكُمْ...... *))

[مسند الإمام أحمد عن أبي هريرة]

 أخواننا الكرام: الإسلام ثلاثة خطوط، خط علمي وخط سلوكي وخط جمالي، إن اكتفيت بخط واحد فأنت أعرج! لابد من أن تعتمد الخطوط كلها كي تتفوق، وإلا تتطرف، وأكبر شيء يهز المسلمين التطرف، أن تأخذ جانباً واحداً وتضخمه وتأخذ الجوانب الأخرى.

 

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور