وضع داكن
29-03-2024
Logo
تأملات قرآنية - الدرس : 34 - من سورة سبأ - القصص القرآنية.
   
 
 
 بسـم اللـه الرحمـن الرحيـم  
 

أطيب كسب يكسبه الإنسان ما كان من كدّ يمينه وعرق جبينه :

 ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:

(( مَا أَكَلَ أَحَدٌ طَعَامًا قَطُّ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَأْكُلَ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ، وَإِنَّ نَبِيَّ اللَّهِ دَاوُدَ عَلَيْهِ السَّلام كَانَ يَأْكُلُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ ))

[البخاري عَنِ الْمِقْدَامِ]

 رحم الله أخي داود كان يأكل من عمل يده، وإن خير كسب الرجل أن يأكل من عمل يده.
 أصحاب الحرف، أصحاب المهن هذا الحديث بشرى لهم، إن أطيب كسب يكسبه الإنسان أن يأكل من عمل يده، من كد يمينه، وعرق جبينه كما يقولون، وأراد الله سبحانه وتعالى أن يجعل نبياً كريماً يأكل من عمل يده، نبي كريم دخل السجن، فلو دخل المؤمن إلى السجن لحكمة أرادها الله فله في سيدنا يوسف أسوة حسنة، نبي كريم كان ابنه كافراً، فلو لم يوفق واحد من المؤمنين بولد صالح، فهذه القصة قصة سيدنا نوح تسلية له وتخفيف، امرأة صدّيقة زوجة أكفر كفار الأرض.. فرعون..

﴿رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِنْ فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ﴾

[سورة التحريم: 11]

 هذه القصة تخفيف وتسلية لكل امرأة تعاني من انحراف زوجها، نبي كريم كان أبوه كافراً سيدنا إبراهيم. هذه قصة تخفف عن كل شاب مؤمن يلقى من أهله العنت، نبي كريم زوجته كافرة:

﴿ ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا لِلَّذِينَ كَفَرُوا اِمْرَأَةَ نُوحٍ وَامْرَأَةَ لُوطٍ كَانَتَا تَحْتَ عَبْدَيْنِ مِنْ عِبَادِنَا صَالِحَيْنِ ﴾

[سورة التحريم: 10]

 هذه القصة تخفف عن كل زوج يعاني من سوء أخلاق امرأته.
 لو درستم قصص الأنبياء لوجدتم أن لكل نبي قصة تعد أسوة صالحة، السيدة عائشة قال عنها الناس ما قالوا، وكان من الممكن ألا يكون حديث الإفك، ولكن الله أراده تسلية وتخفيفاً لكل امرأة مؤمنة طاهرة حصانٍ، تكلم الناس في عرضها، هؤلاء الأنبياء وهؤلاء الصدّيقون مثل عليا، وقدوة لنا جميعاً، ومن كان يعمل عملاً شاقاً يعمل من كسب يده، يعاني ما يعاني، يبذل جهداً كبيراً:

(( من بات كالاً في طلب الحلال بات مغفوراً له))

[ ابن عساكر بن أنس]

 ولحكمة أرادها الله عزّ وجل جعل كسب المال صعباً، وجعل كسب المال الحرام سهلاً، لأنه لو أن الأمر على عكس ذلك لأقبل الناس على الحلال لأنه سهل، لا حباً بالله، ولا طاعة له، وتعبداً له.
 أيها الأخوة؛ نبي كريم كان يأكل من عمل يده، كان بإمكانه أن يأكل أطيب الطعام، بلا جهد جهيد، شرف الإنسان عمله.

الله وحده من يعلم الغيب :

 شيء آخر؛ القرآن الكريم كلام رب العالمين، فأية قصة تناقض القرآن الكريم بإمكانك أن تركلها بقدمك، هذه الآية سيدنا سليمان عُلّم منطق الطير، وسُخرت له الجن، و توفاه الله عزّ وجل بطريقة حكيمة، كان متكئاً على عصا، وتوفاه الله عزّ وجل، وقد كلّف الجن بأعمال شاقة، قال تعالى في سورة سبأ:

﴿فَلَمَّا قَضَيْنَا عَلَيْهِ الْمَوْتَ مَا دَلَّهُمْ عَلَى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾

[سورة سبأ: 14]

 فلما قضينا عليه الموت ما دلهم على موته إلا دابة الأرض – أي السوس - تأكل منسأته - أي عصاه - فلما خرَ تبينت الجن أن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين .
 إذاً لك أن تنفي مليون قصة تفيد أن فلاناً يعلم الغيب، لا يعلم الغيب إلا الله، بل إن سيد الخلق وحبيب الحق لا يعلم الغيب، قل لا أعلم الغيب، الغيب لا يعلمه إلا الله، كل محاولات البشر، وكل إيهامات البشر، وكل أخطاء البشر هي مرفوضة من هذه الآية:

﴿ فَلَمَّا خَرَّ تَبَيَّنَتِ الْجِنُّ أَنْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ الْغَيْبَ مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾

 الذي كلفهم به. أي لازلنا في آيات الكلمات، آيات القوانين.

ضرورة معرفة كل فصول القصة قبل أن تروى :

 آية أخرى من سورة سبأ:

﴿ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾

[سورة سبأ: 17]

 أي هل يعقل أن يستقيم الإنسان على أمر الله وأن يخلص لله وأن يلقى العنت؟ وأن يخيب الله ظنه؟ وأن يدمره الله؟ لذلك ما كل قصة تروى الإنسان محاسب.
 أحياناً قصة يبدو في ظاهرها ظلم شديد، هناك أشخاص دون علم، أو دون قصد يروجون هذه القصص، هذه القصص إن لم تعرف كل فصولها تصاب بخيبة أمل، تصاب باضطراب في العقيدة، أيعقل كل هذا الصلاح، وكل هذا الدين، وكل هذا الإخلاص، وكل هذا الورع وقد دمره الله عزّ وجل؟ الإنسان يفقد المصداقية بعد ذلك.
 فالقصة التي لا تعرف كل فصولها لا تروها، كفى بالمرء إثماً أن يحدّث بكل ما سمع، أنت لست ناقلاً آلياً، أنت إنسان، المسجلة كل شيء دخل عليها تعيده عليك، هذه مسجلة أما أنت فإنسان، يوجد عندك ضابط، يوجد عندك موازين، يوجد عندك قيم، قصة يفوح منها الظلم الذي لا يحتمل حينما ترويها أنت تساهم في ترسيخ الباطل، تساهم بالشرك، أي إنسان يفعل ما يشاء، تثني على ماله، وعلى ذكائه، وعلى قوته، وترى أن كل شيء أراده يفعله، أين الله إذاً؟
 أقول لكم هذه الكلمة: أي إنسان مهما بدا قوياً، أية جهة، أية أمة إذا توهمت أنها تخطط لمصلحتها، وسوف تنفذ كل خططها إلى ما لا نهاية ولن يقف في وجهها إنسان، أنت جعلتها إلهاً وأنت لا تدري، أين الله؟ لو أن أمة ظالمة كهذا الذي نراه بأعيننا في بلاد الغرب، لو أن أمة ظالمة بنت مجدها على أنقاض البشر، بنت أمنها على خوف البشر، رفهت شعبها فقط، وأقامت الحروب، ولم تنهها بين البشر، لو أن هذه الأمة القوية الظالمة الباغية تابعت خططها إلى ما لا نهاية هذا يتناقض مع وجود الله، لا أقول مع عدله، مع وجوده، عرفت الله من نقض العزائم. فليست كل قصة تروى.
 أيها الأخوة؛ القصة التي تعمق الإيمان اروها، أما القصة التي لا تعرف كل فصولها، أنا مرة استوقفني إنسان في أحد أسواق دمشق وقال لي: - بعض من كلامه تهكم، وبعض من كلامه إحراج - أن فلاناً جاء ليكسب رزق أطفاله الصغار، وفتح دكانه في أحد أسواق دمشق القديمة، فنشبت مشاجرة بين شخصين، فجاءته رصاصة في عموده الفقري فجعلته مشلولاً. قال لي: هذا ما ذنبه؟ أين العدل؟ أين الرحمة؟ جاء ليكسب قوت أولاده، فتح دكانه الساعة التاسعة صباحاً، سمع إطلاق رصاص، مدّ رأسه فجاءت رصاصة في عموده الفقري وأصابته بالشلل فوراً، وكأنه بهذه القصة أقام الحجة على الله، قلت: والله أنا لا أعلم خلفيات هذه القصة، القصة لها عشرة فصول قد يتاح لك الفصل الأخير، قد يتاح لك الفصل قبل الأخير، قد يتاح لك تسعة فصول منها ويغيب عنك الفصل الأخير- تجد حكمه غير صحيح - والله أخ كريم من أخوتنا وهو معنا الآن فيما أذكر يسكن في أحد أحياء دمشق القديمة، قال لي بعد عشرين يوم: لي جار مغتصب حق أولاد أخوته اليتامى، وقد طالبوه سنوات طويلة، والمبلغ يزيد عن ثمن بيت لهم، احتكموا إلى الشيخ حسين الخطاب رحمه الله تعالى. الجماعة هم في بيته امتنع العم عن أداء ما عليه، امتنع بوقاحة، فقال لهم الشيخ حسين: يا أولادي هذا عمكم لا تشكوه إلى القضاء هذا لا يليق بكم، اشكوه إلى الله عزّ وجل، قال لي هذا الأخ الكريم: في اليوم التالي له دكان في أحد أسواق دمشق - هو لا يدري القصة الأولى - سمع صوت مشاجرة بين شخصين، مدّ رأسه فجاءته رصاصة شلته فوراً، جاء الجواب، لحكمة أرادها الله اعترض الأخ قبل عشرين يوماً على حكم الله عزّ وجل، وبعد عشرين يوماً جاءت القصة بتفاصيلها وحدها، وعلى هذا فقس، كل شيء تراه عينك محض عدلٍ، محض فضلٍ، محض رحمة، محض حكمة، هذا فعل الله عزّ وجل، بل لا يليق بالله إلا أن تكون أفعاله هكذا، فلا ترو قصة لا تعرف كل فصولها، قل: لا أعلم، لا تزكي على الله أحداً.
 الناس بشكل لاشعوري يقولون لك: تقى، صلاح، ورع، استقامة، بناته حافظات لكتاب الله، ثم دُمر. يريد أن يحطم مبادئ الدين، كل هذه الاستقامة، وكل هذا الحرص، وكل هذا الورع، وكل هذه التقوى ثم دمره الله، وكأنه أعقل من المؤمنين، هو لا يستقيم لئلا يدمر، هكذا يتوهم:

﴿ إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ ﴾

[سورة التوبة: 50]

 فالنقطة الدقيقة:

﴿ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾

[سورة سبأ: 17]

 هذا استفهام إنكاري وهو من أبلغ أنواع الإنكار:

﴿ وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾

.

محافظة الإنسان على حياته بطاعة الله و الابتعاد عن معصيته :

 أيها الأخوة الكرام؛ آية ثالثة ذكرتها لكم من قبل وهي من سورة سبأ أيضاً:

﴿ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْقُرَى الَّتِي بَارَكْنَا فِيهَا قُرًى ظَاهِرَةً وَقَدَّرْنَا فِيهَا السَّيْرَ سِيرُوا فِيهَا لَيَالِيَ وَأَيَّاماً آمِنِينَ*فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ وَمَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ﴾

[سورة سبأ:18-19]

﴿ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا ﴾

 أحياناً تذهب إلى بلد تقول: العمار متصل، الآن انتقل مثلاً من شتورا إلى بيروت العمار متصل، المحلات متصلة، يوجد بلاد غنية جداً لا يوجد حدود بين المدن والقرى إطلاقاً، كلها خدمات، وفنادق، ومحلات جميلة، ووكالات، وأبنية فخمة، وفلل، وطرقات معبدة، كل شيء فيها، ليس هناك مباعدة بين الأسفار، إذاً أيعقل أن يعيش شعب في رخاء كبير وفي بحبوحة وبلاده كلها خضراء وكلها ينابيع وكلها أنهار وكلها بيوت ولا يوجد سفر؟ الإنسان إذا كان يمشي في طريق كله أبنية، وكله محلات، وكله مطاعم، وكله خدمات، أينما كان يوجد هاتف، أينما كان يوجد مشفى، أينما كان يوجد صيدلية، هذا لا يعد سفراً.

﴿ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا ﴾

 أي يا رب دمرنا، يا رب هدم بيوتنا، يا رب امحق أمطارنا، يا رب غيّر هذا الحال الرائع، هذا شيء غير معقول لا يقوله عاقل. يا رب دمرني، يا رب أفقرني، اجعل بيتي خراباً، اجعل بستاني يابساً، من يقول هذا الكلام؟
 إلا أن بعض المفسرين قالوا: الذي يعصي الله عزّ وجل جهاراً، ولا يفكر أن يتوب إلى الله، والذي يقيم على معاصي الله، لسان حاله يقول: يا ربي دمرني، الآن شخص يدخن، سمع أول درس، وثاني درس، وقرأ كتاباً، وسمع شريطاً، وسمع بالخطبة، والناس نصحوه أن الدخان يسبب الجلطة، النيكوتين بالدخان له فعل مفرز الكظر تماماً يضيق الشرايين، يزيد لزوجة الدم، إلى آخره، الموضوع طويل لن نعيده، فالنتيجة الحتمية للمدخن أنه على وشك أن يصاب بجلطة، إذاً إذا شخص دخن بالنهار علبتين ماذا يقول لسان حاله؟ يا رب أمرضني، أنا آخذ بأسباب المرض، هو يقول هكذا، يا رب أنا أفعل أسباب المرض أمرضني. الآن إنسان يمشي على المئة و الثمانين، والطريق غير واضح، وهناك ضباب مثلاً، أحياناً الإنسان يسافر يقول لك: أريد أن أصل بسرعة، قد لا تصل، هذا الذي يسرع كأنه يقول: يا رب دمرني، هذا الذي يزني كأنه يقول: يا رب اجعل أهلي ينحرفون. كل إنسان يفعل معصية جهاراً لسان حاله يقول: يا رب دمرني.

﴿ رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا ﴾

 وقد باعد بين أسفارهم، وقد محق البركة في حياتهم، وقد أذهب كل الخير الذي كانوا فيه، إذا إنسان في بحبوحة، في عز، في مكانة ليحافظ عليها بطاعة الله، أحياناً أنا يحلو لي أن أفسر تفسيراً مختصراً.
 آية كريمة أفسرها لكم بكلمات باللغة الدارجة:

﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِم ْ﴾

[سورة الرعد: 11]

 إذا كنت في بحبوحة، وفي صحة، وفي مكانة لا تغير فلا يغير، وإذا كنت في ضائقة، وفي مشكلة، وفي مصيبة غير فسيغير، أبداً، لا تغير لا يغير، غير حتى يغير. إن كانت حياتك تعجبك فلا تغير، كن متواضعاً، كن شاكراً، تأدب مع الناس، اجعل نفسك في خدمة الناس، لا تستعل على أحد، لا تقل كلمة كبيرة لست في مستواها، وإذا كنت في ضائقة، في مشكلة كبيرة، الله كريم وقوي وغني، لكن هذا الذي أنت فيه لحكمة بالغة غير فسيغير .

﴿ ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُورَ ﴾

[سورة سبأ: 17]

الموت ينهي كل شيء :

﴿ فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا وَظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ ﴾

[ سورة سبأ : 19]

 أحياناً تجد تاجراً ملء السمع والبصر، تاجر كبير، مكانة، ورفاه، ومكاتب، وسيارات، وألف مليون، هكذا أسمع أحياناً، أسمع أرقاماً لا أصدقها، والله يموت في ثوان، قال له: معك ساعتين لتكون في اللاذقية، عنده تخليص بضاعة، بعد عشر دقائق كان منته، فجعلناهم أحاديث .
 الإنسان يكون شخصاً فيصبح خبراً، يكون شخصاً فيصبح نعوة على الحائط، يكون شخصاً فيصبح قصة، لذلك من الأدعية التي تأثرت بها:" يا رب لا تجعلني عبرة لأحد من خلقك، يا رب أعوذ بك أن أتزين للناس بشيء يشينني عندك، أعوذ بك أن يكون أحد أسعد بما علمتني مني، أعوذ بك أن أقول قولاً فيه رضاك ألتمس به أحداً سواك".

التحلي بأدب الحوار مع من تريد إقناعه بالدين :

 آخر آية من سور سبأ:

﴿قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾

[ سورة سبأ:25 ]

 دققوا في أدب الحوار بين أهل الدين والكفار؛ قل – يا محمد لهم - لا تسألون عما أجرمنا ولا نسأل عما تعملون، معقول النبي مجرم؟! وهؤلاء الكفار المجرمون يعملون؟! أنت قد تقول: لِمَ لم يقل لا تسألون عما نعمل ولا نُسأل عما تجرمون؟ ماذا قال النبي؟ ماذا أُمر أن يقول:

﴿قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾

 أي أنت إذا كنت تريد أن تخاطب إنساناً لا يمكن أن تقنعه وأنت مستعل عليه، لا يمكن أن تقنعه وأنت فوقه، لا يمكن أن تقنعه وأنت تملي عليه، أما إذا أنت تواضعت له، وجعلت مبدئياً نفسك وهو نداً لند، بإمكانك أن تقنعه، بإمكانك أن تؤثر فيه، أما إذا استعليت عليه انتهى، لن يخضع لك، تصبح قضية تحدّ، إن كنت حريصاً على هدايته فتواضع له، أما إذا كنت تريد أن تعرض عضلاتك أمامه فاستعل عليه، ائته من مكان عالٍ، أما الإنسان أحياناً حينما يخاطب أهل الدنيا عليه ألا يبدو أمامهم مستكبراً متعالياً عندئذٍ لا يعبؤون بكلامه:

﴿قُلْ لَا تُسْأَلُونَ عَمَّا أَجْرَمْنَا وَلَا نُسْأَلُ عَمَّا تَعْمَلُونَ﴾

الاستماع للدرس

00:00/00:00

تحميل النص

إخفاء الصور