الإعجاز العلمي في القرآن الكريم وهذا ما سيحدثنا عنه فضيلة الأستاذ محمد راتب النابلسي والأستاذ كلكم تعرفونه وهو غني عن التعريف فليتفضل مشكوراً.
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الحمد رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد.
أشكر لكم هذه الدعوة الكريمة كما أشكر حضوركم المهم بهذه المحاضرة وأرجو الله سبحانه وتعالى أن أكون عند حسن ظنكم.
أيها الأخوة الكرام:
أحد أكبر أسس الدين صحة العقيدة ذلك أن كل خطأ في العقيدة ينعكس خطأ في السلوك، ولو تصورنا أن عقيدة ما ليس لها منعكس في السلوك اعتقد ما شئت، ولكن لأي خطأ في العقيدة منعكس خطير في السلوك، لذلك أن يعرف الإنسان سره وجوده وغاية وجوده أحد أكبر أسباب سلامته وسعادته، فالإنسان خلقه الله عز وجل ليسعده في الدنيا والآخرة وجعل الحياة الدنيا تمهيداً للآخرة، فحينما يلبي الإنسان الحاجة العلية فيه، الحاجة العلية طلب الحقيقة، فإذا شرد عنها أرسل الله النبيين ليرشدوه إلى سره وجوده وغاية وجوده، لكن الأنبياء والمرسلين معهم منهج قويم، وهذا المنهج يحد من حرية الإنسان أو من تفلت الإنسان فلذلك كل من حول هؤلاء المرسلين الأنبياء سيتهمونهم بأنهم كاذبون، ما الذي يؤكد لهؤلاء البشر أن هذا الإنسان الذي اصطفاه الله عز وجل وجعله نبياً أو رسولاً هو من عنده حقاً لا بد من معجزة، لا بد من خرق عادات ولا بد من خرق عادات فيما تفوق الناس به، لذلك كان معجزات الأنبياء السابقين معجزات حسية كعود الثقاب تتألق مرة ثم تنطفئ، يصدقها من يصدقها ويكذبها من يكذبها بعد أن أصبحت خبراً، إلا أن الله شرف نبينا عليه الصلاة والسلام لأنه خاتم الأنبياء، ولأن الله علم بسابق علمه أن سيكون تواصل بين الأمم والشعوب لذلك جعل الله رسالة النبي خاتمة الرسالات وجعل النبي عليه الصلاة والسلام خاتم الأنبياء، إذاً ينبغي أن تكون معجزته مستمرة إلى قيام الساعة، ما الذي يجعل هذه المعجزة مستمرة أن تكون المعجزة علمية.
إنها القرآن الكريم
أيها الأخوة الكرام:
بادئة ذي بدء الإنسان إذا عرف الآمر ثم عرف الأمر تفانَ في طاعة الآمر، أما إذا عرف الأمر ولم يعرف الآمر تفنن في التفلت من هذا الأمر، لذلك تكاد تكون هذه مشكلة المسلمين الأولى أنهم عرفوا الأمر لكن لم يتعمقوا في معرفة الآمر، لذلك تفلتوا من تطبيق هذا الأمر.
ورد عند بعض الصحابة الكرام أن أصل الدين: معرفة الله عز وجل، أنت قد تعرف أمره ولا تعرفه، وقد تعرف قوانين خلقه ولا تعرفه فجامعات العالم تعلمنا القوانين التي بني على أساسها الكون، وكليات الشريعة في العالم الإسلامي تعلمنا بشكل تفصيلي دقائق الأمر الإلهي الأمر التكليفي، لكن لا بد من باب كبير نحن في أمس الحاجة إليه هو: باب معرفة الله لأنك إذا عرفته تفانيت في طاعته وإن لم تعرفه تفننت في التفلت من هذا الأمر، وقد ورد إشارات إلى ذلك وهي قوله تعالى:
﴿إِنّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ (33)﴾
التركيز على كلمة عظيم، ما من واحد على وجه الأرض إلا قلة معتوهة تنكر وجود الخالق، لكن هؤلاء البشر يؤمنون بالله إيماناً إبليسياً ؛ بمعنى أن إبليس:﴿قَالَ رَبِّ﴾
﴿فَبِعِزَّتِكَ﴾
آمن به رباً وآمن به عزيزاً وأمن بالدار الآخرة قال:﴿فَأَنْظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (78)﴾
آمن به خالقاً قال:﴿خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (75)﴾
ومع ذلك عصا وتمرد واستكبر أن يطيع الله، فهذا الإيمان الذي لا يحملنا على طاعة الله إيمان لا جدوى منه ما الإيمان الذي يجدي هو الإيمان الذي يحملك على طاعة الله، هذا المعنى ورد في حديث صحيح عن زيد بن أرقم رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:((من قال: لا إله إلا الله مخلصاً دخل الجنة " قيل: وما إخلاصها ؟ قال: " أن تحجزه عن محارم الله ))
لا يكون الإيمان مجدياً ولا نافعاً ولا جيداً ولا مقبولاً إلا إذا حملك على طاعة الله وهذا مقياس دقيق أيها الأخوة، لذلك:﴿ إِنَّهُ كَانَ لَا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ الْعَظِيمِ ﴾
آمن بالله لكن لم يؤمن بالله العظيم، ورد في بعض الآثار القدسية:((أن يا رب أي عبادك أحب إليك حتى أحبه بحبك قال أحب عبادي إلي تقي القلب نقي اليدين لا يمشي إلى أحد بسوء، أحبني وأحب من أحبني وحببني إلى خلقي، قال يا ربي إنك تعلم أني أحبك وأحب من يحبك، فكيف أحببك إلى خلقك قال: ذكرهم بآلائي ونعمائي وبلائي، أي ذكرهم بآلائي كي يعظموني، وذكرهم بنعمائي كي يحبوني، وذكرهم ببلائي كي يخافوني ))
والحقيقة أن قلب المؤمن ينبغي أن يكون مفعماً بمحبة الله من خلال نعمه المتعددة والتي لا تحصى، وينبغي أن يكون مفعماً بالخوف من الله من خلال المصائب التي لا تحصى، وينبغي أن يكون مفعماً بتعظيم الله من خلال آلائه التي لا تحصى، إذاً في الأصل ينبغي أن يكون القلب مفعماً بمحبة الله والخوف منه وتعظيمه.﴿اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا﴾
﴿ لِتَعْلَمُوا ﴾
هذه لام التعليل، يعني علة خلق السماوات والأرض أي الكون:﴿لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْماً (12)﴾
اختار الله من بين أسمائه أسمين فقط، اسم العلم واسم القدرة لأنك إذا أيقنت أن علمه يطولك وأن قدرته تطولك لا بد من أن تستقيم على أمره، وهذا شيء بديهي في حياتنا، تركب مركبتك والإشارة حمراء والشرطي واقف والقوانين صارمة وأنت مواطن عادي ما لك ولا ميزة فلأن واضع قانون السير علمه يطولك من خلال هذا الشرطي، ولأن واضع قانون السير قدرته تطولك من خلال السجن وسحب الإجازة ومصادرة المركبة لا يمكن من أن تستقيم على أمره، إذاً:﴿ اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سماوات وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ يَتَنَزَّلُ الْأَمْرُ بَيْنَهُنَّ لِتَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ وَأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَحَاطَ بِكُلِّ شَيْءٍ عِلْمًا ﴾
الآن كيف أعرفه ؟ الحقيقة يمكن أن أعرفه من خلقه، ويمكن أن أعرفه من أفعاله ويمكن أن أعرفه من كلامه، فكلام الله ينبغي أن نتدبره، وخلق الله عز وجل ينبغي أن نتفكر فيه.﴿إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لَآَيَاتٍ لِأُولِي الْأَلْبَابِ (190) الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَى جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذَا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ (191)﴾
هذه الآية يقول عنها النبي صلى الله عليه وسلم: الويل لمن لم يفكر في هذه الآية إذاً في خلقه تتفكر، وبكلامه نتدبر، وأفعاله ننظر إليها، قل:﴿قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ ثُمَّ انْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ (11)﴾
ولكن المصيبة الكبرى أن تريد أن تعرف الله بدأً من أفعاله، لا تستطيع، إنه حقل ألغام، كما يجري الآن، قد لا تفهم ماذا يحدث، لماذا حدث ما حدث، لماذا تطورت الأمور هذا التطور، لماذا لم ينتصر المسلمون، لا يمكن أن تعرف الله من أفعاله إلا بعد أن تعرفه من خلقه وبعد أن تعرفه من كلامه، معرفتك بخلقه وبكلامه تعطيك نوراً تكشف به حكمة أفعاله، وأفعاله كل شيء وقع أراده الله، وكل شيء أراده الله وقع وهناك مداخلة لطيفة هي أن لكل واقع حكمة وقد يكون الموقع مجرماً قد يكون ليس حكيماً، لكن مادام الشيء الذي وقع قد وقع أراده الله لأنه لا يقبل ولا يعقل أن يقع في ملك الله ما لا يريد، فأنا أدعو من خلال القرآن الكريم إلى معرفة الله من خلال خلقه لأن الله عز وجل يقول:﴿وَفِي الْأَرْضِ آَيَاتٌ لِلْمُوقِنِينَ (20)﴾
﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
ثم أن تعرفه من خلال كلامه، وبعد أن تعرفه معرفة ما من خلال خلقه ومن خلال أفعاله يمكن أن يهديك الله إلى حكمة أفعاله.﴿فَلَا أُقْسِمُ بِمَوَاقِعِ النُّجُومِ (75)﴾
لو سمع هذه الآية عالم فلك لخر ساجداً، لو أن الله قال فلا أقسم بالمسافات بين النجوم ليس قرآناً، النجم متحرك، كان هذا النجم في هذا الموقع، وكلمة موقع لا تعني أن صاحب الموقع في الموقع، كان هذا النجم في هذا الموقع وانتقل، إذاً: الكون بأكمله من أجل أن نعرفه فالكون ثابت جاء النبي عليه الصلاة والسلام بهذا الكتاب، ما الذي يؤكد أنه كلام الله ؟ لمَ لا يكون كلام محمد عليه الصلاة والسلام ؟ كلام الله من خلال إعجازه، أقوى دليل مفحم قاطع على أن هذا القرآن كلامه إعجازه كيف أن الأنبياء السابقين، مثلاً جعلوا بضربة من عصاهم البحر طريقاً يبساً، كيف أن الأنبياء السابقين ألقوا في النار فلم تحرقهم، لذلك أيها الأخوة القرآن الكريم معجزة نبينا المستمرة إلى يوم القيامة.﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38)﴾
لا تجد في تفسير واحد ما يشفي غليلك إلا هذه الصورة، هذا معنى قول الإمام علي كرم الله وجه: في القرآن آيات لما تفسر بعد ولحكمة بالغة بالغة بالغة، لم يفسر النبي هذه الآيات أبداً، أحد آيات الأحكام فسرها بمئتين حديث، آية البيوع، لكن هذه الآيات التي تزيد عن ألف وثلاث مئة آية لم يفسرها النبي أطلاقاً، لما ؟ هنا الحكمة، إن تكلم فهو حكيم، وإن سكت فهو حكيم، إن فسرها تفسيراً بسيطاً يفهمه من حوله لأنكر عليه، وإن فسرها تفسيراً عميقاً نقبله نحن أنكر عليه أصحابه تركت هذه الآيات الكونية التي تقترب من ألف وثلاثة مئة آية، تركت لتكون كل آية في وقتها إعجازاً علمياً لهذا القرآن، هذه الآية مثلاً:﴿فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّمَاءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهَانِ (37) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (38) ﴾
في ندوة تلفزيونية عرضت هذه الصورة على المشاهدين شيء لا يصدق، نعم.﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21)﴾
هذه الآية الكونية القرآنية اكتشفت من خلال المركبات الفضائية حينما رصدوا سطح الأرض وجدوا تبايناً بين لونين لبحرين متصلين، كل بحر له لون، من خلال الفضاء الخارجي وأن هذا التباين يدل على أنه هناك حاجزاً بين البحرين فمياه كل بحر لم تختلط بمياه البحر الآخر جاء علماء البحار ونزلوا إلى بعض أماكن الاتصال باب المندب، قناة السويس مضيق جبل طارق، ووضعوا حاجات صغيرة سابحة في المياه كقطع ورق صغيرة والأمواج تتجه من مكان إلى مكان هذه الأوراق تعود فاكتشفوا بعد التحليل أن كل بحر له مياهه، ولك مقوماته، وله ملوحته وله كثافته، له كثافته، الآن البحر الأحمر كثافته ضعيفة، واضحة جداً وهو متصل بالبحر الأبيض.﴿مَرَجَ الْبَحْرَيْنِ يَلْتَقِيَانِ (19) بَيْنَهُمَا بَرْزَخٌ لَا يَبْغِيَانِ (20) فَبِأَيِّ آَلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ (21)﴾
قبل أن تكتشف أشعة الليزر، ليس هناك من وسيلة لقياس المسافة بدقة، لكن بعد اكتشاف هذه الأشعة يمكن أن نقيس المسافة بيننا وبين القمر على مستوى الملليمترات، ترسل هذه الأشعة وتعود، الآن مع الأخوة المهندسين جهاز قياس ليزري يقف هنا يرسل أشعة وتعود 13متر و54 سانتي و3 ميلي فوراً، فاقبل اكتشاف هذه الأشعة لم يكن يعلم أن غور فلسطين أعمق نقطة في الأرض كلها، كما أن خليج مريان أعمق نقطة في البحر، والتاريخ يؤكد أن المعركة التي جرت بين الروم والفرس في غور فلسطين وقد قال الله عز وجل:
﴿غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3) فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ﴾
نعم: وقد يقول قائل كيف غلب هؤلاء الروم وليسوا على حق مئة بالمئة، العلماء أجابوا على هذا السؤال، هناك نصر استحقاقي، وهناك نصر تفضلي، وإذا سألنا الله أن ينصرنا لعله ينصرنا نصراً تفضلياً إن لم نستحقه، إذاً:﴿ الم (1) غُلِبَتِ الرُّومُ (2) فِي أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ (3)﴾
هذه آية من آيات الإعجاز.﴿وَإِنَّ يَوْماً عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ (47)﴾
فالمسافة ما يقطعه القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام، لو قسمناه على الزمن، الزمن يوم، كم ثانية الزمن ؟ 60 × 60 × 24 = اليوم 24 ساعة، والساعة 60 دقيقة والدقيقة 60 ثانية، لو قسمنا المسافة التي يقطعه القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام على ثواني اليوم، يعني قسمنا المسافة على الزمن لكان الجواب صاعق، الجواب سرعة الضوء ليست التقريبة الدقيقة، 299752، أي أن ما يقطع القمر في رحلته حول الأرض في ألف عام يقطعه الضوء في يوم.﴿ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾
قد يعترض معترض في آية خمسين ألف سنة، تلك الآية ليس فيها مما تعدون، تلك سرعة الملائكة، حينما تعرج إلى السماء، أما مما تعدون أنتم أيها العرب تعدون السنة القمرية، إذاً هل يعقل أن تكون النظرية النسبية منطوية في آية واحدة.﴿ وَإِنَّ يَوْمًا عِنْدَ رَبِّكَ كَأَلْفِ سَنَةٍ مِمَّا تَعُدُّونَ ﴾
أيها الأخوة الكرام:﴿وَالسَّمَاءِ ذَاتِ الرَّجْعِ (11)﴾
فهمها بعض العلماء أن البخار يصعد إلى السماء فيرجع مطراً وفهمها علماء آخرون بالطبقة التي ترد الأمواج الكهرطيسية، طبقة الأثير لولا هذه الطبقة لما كان هناك تواصل إذاعي في العالم أطلاقاً، هذه الأمواج تبث إلى الفضاء الخارجي تردها طبقة الأثير فتعود إلى الأرض وأحياناً تضطرب هذه الطبقة فيقول لك المذيع نأسف لهذا الخلل الفني بسبب اضطراب في طبقة الأثير، فسرها بعض العلماء أنها طبقة الأثير التي ترجع الأمواج إلى الأرض، لكن التفسير الأخير أن كل نجم في الكون يدور حول نجم آخر ولولا هذه الحركة لجتمع الكون كله في كتلة واحدة بسبب قانون الجاذبية كل نجم، أو كل كتلة تجذب الكتلة الأخرى إن كانت أقل منها حجماً، فالتجاذب متعلق بالمسافة ومتعلق بالكتلة، فلولا حركة النجوم في الكون لما كان هناك كون كان هناك كتلة واحدة، لأن كل نجم يدور ينشأ من دورانه قوة نابذة تكافئ القوة الجاذبة، وأكبر آية أن الأرض حينما تدور حول الشمس، وهذا والله أيها الأخوة يخشع له القلب، مسارها حول الشمس إهليلجي، يعني شكل بيضوي، والبيضوي له قطران أصغر وأعظم، الأرض وهي في سيرها حول الشمس إذا وصلت إلى القطر الأصغر ترفع سرعتها، لماذا ؟ لما قلت المسافة هناك احتمال أن تجذبها الشمس إليها، حينما ترفع الأرض سرعتها ينشأ عن هذه السرعة الجديدة قوة نابذة جديدة تكافئ القوة الجاذبة الجديدة، فتبقى في مسارها أما حينما تصل الأرض إلى القطر الأطول تقلل من سرعتها، لو تابعت سرعتها العالية هناك لتفلتت من جاذبية الشمس وانتهت الحياة، ففي القطر الأطول تخفف السرعة، وفي القطر الأصغر ترفع السرعة، لكن لو رفعت هذه السرعة فجأة لا نهدم كل ما على الأرض، لا يكفي بنائين التجارة ينهدموا، ينهدم كل ما على الأرض، لذلك العلماء قالوا: إن تسارع الأرض بطيء وتباطؤها بطيء، كالسائق الماهر يركب معه الركاب فلا يشعرون بشيء، أما السائق الأرعن يستعمل المكبح فجأة فينقلبوا الركاب في السيارة، فلو أن الأرض رفعت سرعتها فجأة لا نهدم كل ما عليها، ولو أنها خفضت سرعتها فجأة لا نهدم كل ما عليها، هذه آية من آيات الله الدالة على عظمته، لو افتراضاً لو أن الأرض رفعت سرعتها فجأة، أو رفعت سرعتها وبقيت هذه السرعة عالية في قطرها الأطول لتفلتت من جاذبية الشمس ومشت في الفضاء الخارجي، لو أردنا أن نعيدها افتراضاً، وهذا مقال في كتاب لمؤلف ملحد والله، لو أردنا أن نعيدها إلى الشمس أو إلى جاذبية الشمس لاحتجنا إلى مليون مليون كبل فولاذ، كل كبل قطره خمسة أمتار، بالمناسبة أمتن عنصر في الكون الفولاذ المضفور، فالتلفريك مصنوع منه، والمصاعد مصنوعة منه.﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ﴾
اكتشف العلماء أن هذا الوهن اجتماعي، بيت خرب، الأم تأكل أولادها، وخلاف بين الزوج والزوجة مستمر، ضعف هذا البيت اجتماعي، أما كبيت أمتن من خيوط الفولاذ وفي ملمح لطيف حينما قال الله عز وجل:﴿إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ (183)﴾
متين ؛ مقاومة قوى الشد، أما الشيء القاسي مقاومة قوى الضغط أقسى عنصر في الكون الألماس، وبناء الأسنان تأتي بعد الألماس كمقاومة قوى ضغط، أما مقاومة قوى الشد امتن عنصر الفولاذ، فإذا قال الله عز وجل.﴿ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ ﴾
يعني الإنسان في قبضة الله مهما تكبر مهما تغطرس، مهما قال أنا ربكم الأعلى، مهما قال أنا أقوى قوة، في خطبة إذاعية قبل أسبوعين دعوت الله في نهاية الخطبة قلت يا رب إنهم يقولون من أشد منا قوة، وقد غفلوا أنك أشد منهم قوة، لأن عاد الأولى الوحيدة التي وصفها الله بأنهم قالوا:﴿مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً﴾
وما من قوم أهلكهم الله عز وجل إلا ذكرهم أنه أهلك من أشد منهم قوة، إلا عاد، قال:﴿وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾
يعني ما كان فوقهم إلا الله، ومع ذلك أهلكهم، فقلت يا رب إنهم يقولون من أشد منا قوة وقد غفلوا أنك أشد منهم قوة فأرنا قدرتك بتدميرهم يا رب.﴿اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَاوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا﴾
قال علماء التفسير أي بعمد لا ترونها، كنت مرة في كلية الطب في جامعة دمشق يعني عنا كان في امتحانات، كلية التربية إلى جانب هذه الكلية، فنتبادل القاعات في أثناء الامتحانات، وجدت كل عامود يعني مترين تقريباً قطره، لأن البناء 12 طابق، بناء ضخم، قلت هل في الأرض مهندس واحد، أو لو أن الدول كلها اجتمعت على أن تبني بناء لكن بلا أعمدة أطلاقاً، هيك بالهواء لفوق، مستحيل، هذا وضع الكون في قوى تمشي خلالها أنت.﴿ اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا ﴾
يعني بعمد لا ترونها، هذه قوى التجاذب.﴿وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ (10)﴾
أزمة علم فقط، الله عز وجل قال:﴿سَنُرِيهِمْ آَيَاتِنَا فِي الْآَفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ﴾
نحن في عنا في جسم الإنسان نظام العصبي على رأسه الدماغ فالدماغ ملك الجهاز العصبي، وفي عنا النظام الهرموني وعلى رأسه ملكة النظام الهرموني الغدة النخامية، وزنها نصف غرام فقط، ملكة النظام الهرموني، تفرز تسعة هرمونات، كل هرمون لو قل إفرازه لأصبحت حياة الإنسان جحيماً لا يطاق، هذه الغدة الذي لا يزيد وزنها عن نصف غرام مربوطة بالجسم بمئة وخمسين ألف عصب، هذه الغدة تفرز هرمون النمو، هرمون النمو مؤلف من مئة وثمانية وثمانين حمض أميني، وأعقد حمض في الكون الحمض الأميني، وقع تحت يدي كتاب مترجم إلى اللغة العربية مؤلفه من علماء الغرب، يقول إن ذرات الكون بأكملها لا تكفي لتشكيل ذرة واحدة من حمض أميني صدفة، هذا الهرمون مئة وثمانية وثماني حمض أميني تفرزه الغدة النخامية، يجب أن يكون في دم كل واحد منا عشر ميكرو غرام في كل لتر، إن قلت هذه النسبة تقزم الإنسان، وإن زادت تعملق الإنسان، هذا أول هرمون، هناك هرمون آخر، هرمون الكظر.﴿قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾
﴿ سَنُرِيهِمْ ءَايَاتِنَا فِي الْآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ ﴾
أخوانا الكرام:﴿ قُلِ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ ﴾
﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ (21)﴾
أيها الأخوة الكرام:﴿وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ﴾
شي دقيق جداً طيب كيف ؟ الإنسان وهو نائم له هيكل عظمي وهناك عضلات فوق الهيكل العظمي وعضلات تحتها، إذا نائم مستلقي على ظهره، الهيكل العظمي له وزن وفوقه اللحم ضاغط على اللحم الذي تحت الهيكل العظمي، من هذا الضغط في مراكز ضغط بالجسم تتحسس هذا الضغط تخبر الدماغ، مع الضغط ينشأ تضيق لمعت الأوعية يخدر الجسم، بقلك اخضرت رجلي، لو واحد جلس جلسة طويلة بحس بتنميل أو خضران هذا هو ضيق لمعة الأوعية، يقلب الواحد، تصور إنسان نائم قلب 38 مرة بالليلة، من محل لمحل، بس لو كان يقلب على اليمين على حل يقع من على التخت.﴿ وَنُقَلِّبُهُمْ ذَاتَ الْيَمِينِ وَذَاتَ الشِّمَالِ ﴾
هي من إعجاز القرآن العلمي، لو التقليب، لو لو التقليب لتفسخ أجساد أهل الكهف بأشهر، انتهوا بالتقليب، الآن في مرض ثباتي له فرشة غالية جداً تقلبه لحالها، فالإنسان يتقلب، في الليلة الواحدة من 30 إلى 40 مرة في اليوم حتى كل ما ضغط الجسم على الأوعية ينتقل إلى جهة أخرى.