تفسير القرآن الكريم المرئي - سورة المطففين 83 - الدرس ( 4 ) : تفسير الآيات 7 – 14 ، معنى كلا والكتاب المرقوم والفرق بين ما أدراك وما يدريك وبين الإثم والعدوان والذنوب .
لفضيلة الدكتور محمد راتب النابلسي بتاريخ: 2016-07-03
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيّدنا محمّد ، وعلى آله وأصحابه الطيّبين الطاهرين ، أمناء دعوته ، وقادة ألوِيَتِه ، وارضَ عنّا وعنهم يا ربّ العالمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وُحول الشهوات إلى جنّات القربات .
من يؤمن بالله يرفع قدره و ذكره :
أيها الأخوة الكرام ؛ لا زلنا في تفسير الجزء الثلاثين من القرآن الكريم ومع سورة المطففين ، ووصلنا إلى قوله تعالى :
﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ﴾
[ سورة المطففين :7 ]
ماذا تعني كلمة كلا ؟ عندنا لا ، وعندنا كلا ، لو أن إنساناً سألك : هل أنت جائع ؟ تقول : لا، لا سمح الله ولا قدر أنت إنسان محترم جداً وسألك : هل أنت سارق ؟ تقول له : لا فقط ؟ تقول له : كلا ، كلا أداة ردع ونفي ، فكأن الله عز وجل إذا قال : كلا يردعنا أن نكون من هؤلاء ، يردعنا أن نكيل بمكيالين ، يردعنا أن نقيس بمقياسين ، قال تعالى :
﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ﴾
[ سورة المطففين :7 ]
أولاً : قال تعالى :
﴿ أُولَئِكَ عَلَى ﴾
[ سورة البقرة : 5]
على علو ، أنت إذا آمنت الله عز وجل يرفع قدرك ، يرفع ذكرك ، قال تعالى :
﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾
[ سورة الشرح : 4]
وهناك لفتة دقيقة جداً وهي مبشرة لنا ، كل خصائص الأنبياء للمؤمن منها نصيب بقدر إيمانه وإخلاصه ، لما ربنا عز وجل قال :
﴿ وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ ﴾
[ سورة الشرح : 4]
وأي مؤمن يستقيم على أمر الله يرفع الله ذكره ، له مكانته ، في الدنيا جنة وفي الآخرة جنة ، إذاً الإنسان أعقد آلة في الكون ، ولهذه الآلة بالغة التعقيد صانع عظيم ، ولهذا الصانع العظيم تعليمات التشغيل والصيانة ، فانطلاقاً من حبك لذاتك ، من حبك لسلامتك ، من حبك لسلامة وجودك ، من حبك لكمال وجودك ، من حبك لاستمرار وجودك ينبغي أن تطيع الله ، من حبك لسلامة وجودك ، من حبك لكمال وجودك ، من حبك لاستمرار وجودك ينبغي أن تطيع الله.
العمل الصالح علة وجود الإنسان في الدنيا :
سلامة الوجود بالاستقامة ، الاستقامة سلبية يقول لك : أنا ما أكلت مالاً حراماً ، أنا ما اغتبت ، أنا ما غششت ، أنا ما عصيت ، كلها فيها ماءات ، هذه الاستقامة ، والاستقامة عين الكرامة ، لكن أنت معك مركبة عندك هدف كبير وعلى هذا الطريق عقبات ؛ صخور ، الاستقامة إزالة هذه الصخور ، كل معصية عقبة ، فالاستقامة أن تزيح هذه العقبات من الطريق إلى الله ، أما العمل الصالح فهو الحركة على هذا الطريق ، قال تعالى :
﴿ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ ﴾
[ سورة فاطر: 10]
حجمك عند الله بحجم عملك الصالح ، علة وجودك في الدنيا العمل الصالح ، قال تعالى :
﴿ رَبِّ ارْجِعُونِ* لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا ﴾
[ سورة المؤمنون: 99-100]
العلة العمل الصالح ، والحجم العمل الصالح ، قال تعالى :
﴿ وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا ﴾
[ سورة الأنعام : 132]
كتاب الفجّار فيه كل أعمالهم إما كتابة أو صورة :
لذلك الإنسان له كتاب ، قال تعالى :
﴿ اقْرَأْ كِتَابَكَ ﴾
[ سورة الإسراء : 14]
حدثني أخ كريم في بعض الدول المتقدمة علمياً قال : الإنسان عندما يرتكب ذنباً ويؤتى به ليعترف لا يعترف ، هناك من يعذبه حتى يعترف ، الآن هناك طريقة حديثة يعرضون عليه فيلماً بخطئه ، انتهى ، تقديم الصورة الناطقة الملونة أكبر دليل :
﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ ﴾
[ سورة المطففين :7 -9]
بعض البلاد تكلف التجار بدفتر حسابات ، هذا الدفتر مرقم ، وكل صفحة مختومة يكتب حساباته ، لا يستطيع أن يزيل صفحة ، كتاب مرقوم مرقم ، سحب صفحة مستحيل ، إلغاء صفحة مستحيل ، تمزيق صفحة مستحيل ، كتاب مرقوم ، هذا من الرقم ، مرقوم من الرقم، ومرقوم من رقم الصورة ، تعطى الصورة ، الآن مخالفات السير صورة سيارته والسرعة أو طريق ممنوع و هو يمشي فيه ، الصورة مسكتة ، لذلك قال تعالى :
﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ﴾
[ سورة المطففين :7 ]
إياك أن تقيس بمقياسين لا في بيتك ، ولا في عملك ، ولا في أي نشاط آخر ، قال تعالى:
﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ﴾
[ سورة المطففين :7 ]
أي هذا العمل قد يقود إلى السجن ، قد يقود إلى فقد الحرية ، قد يقود إلى الكآبة ، مرة سألوا إنساناً باستبيان : لمَ لا تخون زوجتك ؟ سؤال وزعوه على خمسة آلاف إنسان في بلاد بعيدة ، هناك أجوبة كثيرة بعض هذه الأجوبة : لا أستطيع ، تعمل معه مراقبة دائمة ، الجواب الآخر : لا أحتمل الشعور بالذنب ، هناك جواب أرقى : لا أحب الخيانة أساساً ، فهناك مستويات ، لذلك هذا الكتاب كتاب الفجار فيه كل أعمالهم إما كتابة أو صورة ، قال تعالى :
﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ ﴾
[ سورة المطففين :7 -10]
التشاؤم ليس من صفة المؤمنين :
بالمناسبة بالقرآن تأتي آيات كثيرة : وما أدراك ، وما يدريك ، قال العلماء : وما أدراك أي أن هذا الشيء لولا أن الله أخبرك به لا تعلمه ، لكن وما يدريك أراد الله بهذا الموضوع أن يكون من علم الغيب لا من علم الشهود ، لا يعلم الغيب إلا الله ، عالم الشهادة عالمنا ، عالم الغيب ، الغيب لا يعلمه إلا الله ، لذلك كل المنجمين والمشعوذين والدجالين :
(( من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد))
[أبو داود وأحمد والحاكم عن أبي هريرة]
((من أتى عرافاً فسأله عن شيء فصدقه بما يقول لم تقبل له صلاة أربعين يوماً))
[مسلم عَنْ حفصة رضي الله عنها ]
فهناك أساليب حظك هذا الأسبوع من أي برج أنت ، هذا كله تحت قدمك يتناقض مع الإيمان ، وهذا التشاؤم ليس من صفة المؤمنين إطلاقاً ، يتشاءم من يوم معين ، من رقم معين ، هذا التشاؤم مرفوض كلياً ، لا يوجد إلا الله عز وجل .
رؤية الإنسان يوم القيامة شريط حياته و كل مخالفاته و نشاطاته :
إذاً :
﴿ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ﴾
[ سورة المطففين : 9]
صفحاته مرقمة لا تستطيع نزع صفحة منها ، أو المخالفة مع الصورة ، مرة سائق ارتكب مخالفة أقسم بكل شيء مُعظّم أنه ما كان في هذا الشارع ، قدموا له الصورة سيارته ورقمها والشارع ، فالإنسان يكون دقيقاً جداً ، حلف بدينه وبنبيه وحلف وحلف بعد ذلك أطلعوه على الصورة ، إذاً :
﴿ كِتَابٌ مَرْقُومٌ ﴾
[ سورة المطففين : 9]
كأن الإنسان يوم القيامة يرى شريط حياته ، كل مخالفاته ، كل نشاطه ، هذا شيء مخيف جداً ، قال تعالى :
﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ﴾
[ سورة المطففين :7 ]
هناك موقف لا أخلاقي سجل عليك ، كلام غير صحيح كتب عليك ، قال تعالى :
﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ ﴾
[ سورة المطففين :7 ]
كتاب الأعمال قد يقودهم إلى السجن ، أو يقودهم إلى الكآبة .
السعادة الكبرى التي تنتاب الإنسان بعد إيمانه بالله أنه اصطلح مع نفسه :
عندنا مرض خطير هو الكآبة ، حدثنا دكتور في الجامعة من كبار علماء النفس قال: نسب الكآبة في العالم الغربي مئة واثنان وخمسون بالمئة ، هذا رقم عجيب ، قال : مئة شخص معهم كآبة واثنان وخمسون معهم كآبتان ، الكآبة عقاب النفس لذاتها ، لأن هناك تطابقاً بين منهج الله وبين فطرة الإنسان والدليل قال تعالى :
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْه ﴾
[ سورة الروم : 30]
أنت مبرمج ، مفطور ، مولف على طاعة الله ، فإذا خرجت عن طاعة الله تشعر بالكآبة ، لذلك السعادة الكبرى التي تنتاب الإنسان بعد إيمانه بالله أنه اصطلح مع نفسه .
الفرق بين الإثم و العدوان :
ثم قال تعالى :
﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ ﴾
[ سورة المطففين : 8- 11]
دققوا يا أخوان ؛ إذا كذب بيوم الدين كأنه أطلق لنفسه العنان ، قال تعالى :
﴿ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ ﴾
[ سورة المطففين : 12]
عندنا عدوان وعندنا إثم ، ما هو الإثم ؟ معصية بينك وبين الله ، فاتك فرض صلاة ، أطلقت عينك بالحرام ، الإثم معصية بينك وبين الله ، والعدوان معصية تنال إنساناً آخر ، يوجد إثم لم تتكلم كلمة ولا حرفاً و لم تؤذ إنساناً فقط أهملت الصلاة ، أو أطلقت البصر فيما لا يجوز، هذا إثم ، العدوان أن تصل المعصية إلى إنسان ، تشتم إنساناً ، تضرب إنساناً ، لذلك الذين يكذبون بيوم الدين ما يكذب به إلا كل معتد أثيم ، لذلك قالوا : هناك ذنب يغفر ، وذنب لا يترك، وذنب لا يغفر ، أما الذنب الذي يغفر فما كان بينك وبين الله ، هذا أهون ذنب ، يا ربي لقد تبت إليك ، كأن الله يلقي في روعك : ويا عبدي أنا قبلت .
لكن بالمناسبة التوبة من الذنب المرة الثانية أصعب والثالثة أصعب وأصعب ، فكلما تكرر الذنب صعبت التوبة منه ، فأنا ماذا أقترح ؟ ادعم توبتك بصدقة ، ذنب تكرر أول مرة تبت بسهولة ، الثانية أصعب ادعم التوبة بصدقة ، وذنب لا يغفر هو الشرك بالله ، أنت في مرض وهذا المرض يحتاج إلى مستشفى ، أنت بحاجة إلى عمل جراحي ، تخدير ، جراح ، أما المكان الجميل فهو للإنسان الذي لا يشكو من شيء ، ذنب الشرك لا يغفر ، إلا أن يتوب منه قبل الموت ، أما إذا مات على الذنب فهذا الذنب لا يغفر ، قال تعالى :
﴿ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾
[ سورة المطففين : 12-13]
التأويل والتفسير أحد مآخذ الإنسان الذي يصر على معصية الله :
أخواننا الكرام ؛ دائماً عند الإنسان عقل باطن ، عندما يكون مقيماً على معصية ومتعلقاً بها الآن يسفه قول الآخرين ، أو يسفه من يحدثه بهذا الكلام ، أو يعتقد خلاف ذلك ، أنت تعقدها الله قال : لا تأكلوا الربا أضعافاً مضاعفة ، ما نهانا عن الضعف الواحد ، أنا آكل ضعفاً واحداً ، يؤول كما يشتهي ، التأويل والتفسير أحد مآخذ الإنسان الذي يصر على معصية الله عز وجل ، قال تعالى :
﴿ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾
[ سورة المطففين : 12-13]
هذه تقاليد وعادات نحن تجاوزناها ، هذه حالة نفسية تصيب الإنسان الضعيف ، أنت أخلاقي لأنك ضعيف ، أنت ضعيف لأنك أخلاقي ، والله هذه الكلمة سمّ ، هذه الكلمات سمّ زعاف ، الإنسان يجب ألا يلقي السمع إلى الآخرين المتفلتين ، أحياناً قد تقنع ببعض الكلمات فتهبط عند الله عز وجل .
(( لا تُصَاحِبْ إِلا مُؤْمِنا ، ولا يأكُلْ طَعَامَكَ إِلا تَقِيّ ))
[أبو داود والترمذي عن أبي سعيد الخدري]
العمل السيئ حجاب بين العبد و ربه :
﴿ وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة المطففين : 12-14]
عمله السيئ جعل بينه وبين الله حجاباً ، والحجب كثيفة جداً ، والله هناك عقاب أنا لا أرى أصعب منه ، قال تعالى :
﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾
[ سورة المطففين : 15]
الحجاب أكبر عقاب إلهي للمؤمن ، أي إذا أب محسن له أولاد ، قال لأحد أولاده : لا تكلمني ، اخرج ، الابن البار يموت من الألم ، فكلما ارتقى مقامك عند الله تتأثر بأقل عقوبة من الله ، العقوبة قال تعالى :
﴿ كَلَّا إِنَّهُمْ عَنْ رَبِّهِمْ يَوْمَئِذٍ لَمَحْجُوبُونَ ﴾
[ سورة المطففين : 15]
مادام هناك خط ساخن مع الله ، ما دام هناك اتصال مع الله كل شيء يهون .
معصية الله تولّد خللاً نفسياً للإنسان :
قال تعالى :
﴿ إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ ﴾
[ سورة المطففين : 13]
دائماً يبخس من قيمة الدين ، يبخس من رجال الدين ، يبخس من الحق ، لأنه يتوازن، والأصح من ذلك الإنسان جبل على منهج الله ، أي شيء أمرك الله به أنت جبلت على محبته ، أي شيء نهاك عنه أنت جبلت على كراهيته ، هذا الأصل ، الدليل قال تعالى :
﴿ فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَةَ اللَّهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْه ﴾
[ سورة الروم : 30]
أنت هكذا برمجت ، فالإنسان إذا أكل مالاً حراماً شعر بكآبة ، إذا اعتدى على الآخرين شعر بكآبة ، هذه الكآبة متى تزول ؟ بالعودة إلى الله بالتوبة ، أما لو تطاولت على أهل العلم فيسمونه رد فعل غير صحيح ، أنت حاولت أن تستعيد توازنك النفسي ، يأتي التوازن من طاعة الله ، فلما عصيته اختل توازنك ، هناك شخص يرد على الوضع المرضي بالتوبة ، هذا ممتاز ، هناك إنسان يرد بالطعن برجال الدين ، سهل جداً أن تأخذ جزئية بالدين وتكبرها ، أن تفعلها وتهمل كل الجزئيات الأخرى ، فلذلك الإنسان عنده عقل باطن ، وعنده عقل واع ، الإنسان الذي يحاول أن يبرر لنفسه ، هذا يكون عنده حالة خلل نفسي يقوم بتسفيه الدعاة إلى الله ، أو رجال الدين، أو بتزيين المعصية ، قال تعالى :
﴿ كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الْفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ * وَمَا أَدْرَاكَ مَا سِجِّينٌ * كِتَابٌ مَرْقُومٌ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ * الَّذِينَ يُكَذِّبُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ * وَمَا يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ * إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِ آَيَاتُنَا قَالَ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ * كَلَّا بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِمْ مَا كَانُوا يَكْسِبُونَ ﴾
[ سورة المطففين :7 – 14]
والحمد لله رب العالمين